عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 08-03-2023, 05:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,759
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية

حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية (5)
خصائص حقوق الإنسان في الفقه الإسلامي ومميزاتها



إن الإسلام عقيدة وشريعة، هو دين الله الحق الذي ارتضاه لعباده المؤمنين فهو نظام دين ودنيا، ينظم علاقة المسلم بربه، وبمجتمعه، وينظم حال الجماعة المسلمة بما يصلح حالها، ويضمن الاستقرار اللازم لها لقيام مجتمع آمن يلتزم أفراده فيه بأمر ربها، ولقد كان الإسلام سباقًا إلى تقرير حقوق الإنسان، وشرع تشريعات تعلي من قيمة الإنسان وحقوقه المتمثلة في المساواة والحرية والعدل؛ لذلك نستعرض في هذه السلسلة حقوق الإنسان التي أقرتها الشريعة الإسلامية وسبقت بها الأمم كافة، وكنا قد تكلمنا في المقال السابق مفهوم الحقوق في القرآن الكريم.
إن الإسلام -عقيدة وشريعة- هو دين الله الحق الذي ارتضاه لعباده المؤمنين؛ فهو نظام دين ودنيا، ينظم علاقة المسلم بربه، وبمجتمعه، وينظم حال الجماعة المسلمة بما يصلح حالها ويضمن الاستقرار اللازم لها لقيام مجتمع آمن يلتزم أفراده فيه بأمر ربه، ولقد كان الإسلام سباقًا إلى تقرير حقوق الإنسان، وشرع تشريعات تعلي من قيمة الإنسان وحقوقه المتمثلة في المساواة والحرية والعدل؛ لذلك نستعرض في هذه السلسلة حقوق الإنسان التي أقرتها الشريعة الإسلامية وسبقت بها الأمم كافة، وكنا قد تكلمنا في المقال السابق عن أبرز ضمانات حقوق الإنسان في الفقه الإسلامي، واليوم نتكلم عن خصائص حقوق الإنسان في الفقه الإسلامي ومميزاتها.
لقد سبق الإسلام المواثيق الدولية والقوانين الوضعية كافة في الاعتراف بحقوق الإنسان، وشدد على ضرورة حمايتها وحفظها ورعايتها على مفهوم: الشريعة أساس الحق، وليس الحق أساس الشريعة، وقرر ذلك جليا قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، كما بين الإسلام مقاصد الشريعة الإسلامية بأنها تقوم على حماية حياة الإنسان ودينه وعقله وماله وأسرته.
حقوقٌ أصيلة
فحقوق الإنسان في الإسلام هي حقوقٌ أصيلة تثبت للإنسان بمجرّد خروجه وليداً إلى هذه الحياة الدّنيا، وبصفته إنساناً، ومن ثم هي ليست حقوقا مكتسبة، بمعنى أنّ الإنسان يكتسبها بسبب لونه، أو جنسه، أو عرقه، أو دينه، فلكلّ النّاس حقوقهم المعتبرة والأصيلة في الحياة والكسب الطيب، والحريّة الشّخصيّة، وحقّ التّملك والتّصرف في الأموال والأملاك وغير ذلك من الحقوق.
واقعنا المعاصر
بينما نرى في واقعنا المعاصر أنّ كثيراً من الدّول التي تبنّت مواثيق حقوق الإنسان قد ظلمت الإنسان كثيراً في تاريخها حينما حرمته من أبسط حقوقه في الحياة، وما الوثائق والصكوك الدولية التي يتباهى بها الغرب حول حقوق الإنسان إلا وليدة هذه العصور الحديثة، وكان أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي لم يصدر إلا في 10/12/1948م، ومثال على الظلم والتعسف، في واقعنا المعاصر استعباد الغرب لذوي الأصول الإفريقيّة عندما دخلوا تلك البلاد مستعمرين.
خصائص حقوق الإنسان في الإسلام ومميزاتها
لحقوق الإنسان في الإسلام خصائص ومميزات لا توجد في الاتفاقيات والصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومن أهم هذه الخصائص ما يأتي:
أولاً: منح إلهية منحها الله لخلقه
إن حقوق الإنسان في الإسلام منح إلهية منحها الله لخلقه، فهي ليست منحة من مخلوق لمخلوق مثله، يمن بها عليه ويسلبها منه متى شاء، أو قرار صادرا عن سلطة أو منظمة دولية، بل هي حقوق ملزمة، قررها الله للإنسان، فلا تقبل الحذف ولا النسخ ولا التعطيل، ولا يسمح بالاعتداء عليها، ولا يجوز التنازل عنها.
ثانياً: حقوق تنبثق من العقيدة الإسلامية
إن حقوق الإنسان في الإسلام تنبعُ- أصلاً- من العقيدة، ولا سيما من عقيدة التوحيد، ومبدأ التوحيد القائم على (شهادة أن لا إله إلا الله) هو منطلقُ كل الحقوق والحريات؛ لأن الله تعالى الواحد الأحد الفرد الصمد- خلق الناس أحراراً، ويريدهم أن يكونوا أحراراً، ويأمرهم بالمحافظة على الحقوق التي شرعها والحرص على الالتزام بها، ثم كلفهم- شرعاً- بالجهاد في سبيلها والدفاع عنها، ومنع الاعتداء عليها وهذا ما تكرَّر في القرآن الكريم في آيات القتال والجهاد، قال -تعالى-:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة: ١٩٠ ).
ثالثا: حقوق شاملة لكل أنواع الحقوق
إن حُقُوق الإنسان في الإسلام شاملة لكل أنواع الحقوق الدينية والبدنية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما أن هذه الحقوق عامة لكل الناس، دون تمييز بينهم بسبب اللون أو الجنس أو اللغة، وكلها قائمة على العدل والحكمة، والمصلحة والرحمة.
رابعا: حقوق ثابتة
لا تقبل الإلغاء
أو التبديل أو التعطيل
من خصائص حقوق الإنسان في الإسلام أنها كاملة وغير قابلة للإلغاء أو التبديل مع تغير الزمان وتبدل الظروف والأحوال؛ لأنها جزء من الشريعة الإسلامية، فإن وثائق البشر قابلة للتعديل والإلغاء مهما جرى تحصينها بالنصوص، والجمود الذي فرض على الدساتير لم يحمها من التعديل بالأغلبية الخاصة، وقضى الله أن يكون دينه خاتم الأديان وأن يكون رسول الله خاتم النبيين؛ ومن ثم فما جاء في كتاب الله وسنة رسوله فهو باق ما دامت السماوات والأرض.
خامسا: حقوق مقيدة بعدم التعارض مع الشريعة
ومن خصائص حقوق الإنسان في الإسلام أنها ليست مطلقة، بل مقيدة بعدم التعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية، ومن ثم بعدم الإضرار بمصالح الجماعة التي يعد الإنسان فرداً من أفراده.
سادسا: مقدّمة على حقوق بقيّة المخلوقات
لقد أولت الشّريعة الإسلاميّة الإنسان الاهتمام الكبير باعتباره أهمّ مخلوقٍ على وجه هذه الأرض، فهو المستخلف الشّرعي فيها، وهو مناط التّكليف، وهو منفّذ حكم الله -تعالى- في الأرض، وقد أكّد القرآن الكريم على هذه الحقيقة في قوله -تعالى-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلً} (الإسراء: ٧٠).
سابعا: حقوق الغاية منها تكريم للإنسان
الشريعة الإسلامية لم تحافظ على حقوق الإنسان فحسب، بل تجاوزتها إلى ما هو أهم وأسمى، وأعظم إكراماً للإنسان وأكثر إعزازًا له، ألا وهو تقرير كرامة الإنسان، وتفضيله على سائر الحيوان، وإسباغ النعم عليه، وتسخير ما في السماوات والأرض له، يقول -تعالى-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلً} (الإسراء:٧٠).
إذا فحقوق الإنسان في الإسلام تنبع من التكريم الإلهي للإنسان بالنصوص الصريحة، وهو جزء من التصور الإسلامي والعبودية لله -تعالى- وفطرة الإنسان التي فطره الله عليها.
وحقوق الإنسان في الإسلام تقوم على مبدأين أساسيين هما، مبدأ المساواة بين كل بني الإنسان، ومبدأ الحرية لكل البشر، ويؤسس مبدأ المساواة على قاعدتي وحدة الأصل البشري، وشمول الكرامة الإنسانية لكل البشر.


محمد مالك درامي

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]