قصة العالم في الخارج.. ( الطفولة المتأخرة)
حكى ان رجلين شديدا المرض كانا يتشاركان غرفة واحدة في مستشفى، كان الاول يعاني من مرض عضال جعله يرقد على ظهره ولا يستطيع الحراك الا قليلا.
اما الثاني والذي كان يرقد بجانب النافذة فقد كان يجلس على سريره لبضع الساعات في النهار وذلك حتى يساعده على التخلص من الماء الذي قد تجمع في رئتيه وكتم انفاسه.
لم يكن لهما من زوار فقضيا الساعات الطوال يتجاذبان أطراف الحديث ويسترجعان ذكريات شبابهما الماضي.
في كل نهار كان الرجل الذي بجانب النافذة يصف لزميل وحدته ما يراه في الخارج. يصف له حركة الناس جيئة وذهابا ، يتحدث عن البط في تلك البحيرة الجميلة التي تمتد على جانبيها الورود الملونة، يرسم له بالكلمات تلك الاشجار الخضراء الباسقة ويصور له الاطفال الذين يتراكضون فرحا في تلك الحديقة. كان هو عيون ذلك الرجل المستلقي على ظهره بلا حراك بعيدا عن النافذة. نقله الى العالم في الخارج وجعله يعيشه في مخيلته . وصف له يوما فرقة موسيقية تعبر الشارع فجعله يعيش مع الحشود وجعله يسمع موسيقاهم تصدح في أذنيه رغم ان الغرفة كانت معزولة صوتيا ولا ينفذ إليها ضجيج الشارع
مرت الايام والشهور وهم على تلك الحالة، وذات صباح وعندما جاءت الممرضة لتقوم بالفحوصات اليومية للرجل الجالس بجانب النافذة وجدته قد اسلم روحه أثناء نومه بسلام وهدوء. حزن الرجل الآخر واجهش في البكاء، فقد خسر صديق ايامه الماضية وأنيس روحه ووحدته. وبعد فترة من الوقت طلب من الممرضة وضعه بجانب النافذة عله يروح عن نفسه، وما ان وضع هناك حتى تحامل على نفسه ورفع جسده الثقيل الذي انهكه الرقاد الطويل طوال السنين حتى وصل بنظره الى الخارج. وإذ بالنافذة تطل على جدار لعمارة مجاورة تحجب كل شيء(!!!!) . دهش الرجل وألقى بنفسه على سريره واخذ يصرخ مناديا على الممرضة" ما الذي حدث ؟ وكيف اصبح الجدار هنا؟" فردت عليه قائلة: " هذه النافذة لم تطل يوما على غير هذا الجدار!" فأخذ يقول " وكيف كان صاحبي يصف لي الناس والبحيرة والحديقة والاشجار والفرقة في الخارج؟؟؟؟" فقالت :" كان صاحبك اعمى ولم يكن ليرى شيئا أبدا ,, ولربما قال لك كل تلك الاشياء ليخفف عنك"