عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 11-02-2023, 12:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الشرق والغرب منطلقات العلاقات ومحدداتها

الشرق والغرب
منطلقات العلاقات ومحدداتها
أ. د. علي بن إبراهيم النملة




(اليهودية - العهود)
في العدد (13610) من السنة الخامسة والأربعين لجريدة عكاظ السعودية الصادر يوم الاثنين 7 شوال 1424هـ الموافق 1 ديسمبر 2003م،وفي الصفحة السابعة (زاوية ثقافة)، نشرت الجريدة مقالًا مطولًا (شغل الصفحة كلها) عن المفكر العربي الفلسطيني إدوارد سعيد الذي: "نافح عن قضايا الأمة بلغة يفهمها الغرب"، كما تقول الصحيفة،والمقال لم يكن لكاتب واحد، إلا أن المحرر الأستاذ جمال المجايدة استعرض أقوال مجموعة من المفكرين العرب، أمثال الأستاذ شفيق الحوت والدكتور محسن الموسوي والدكتور يوسف الحسن والأستاذ فواز الطرابلسي والأستاذة عائشة إبراهيم سلطان وغيرهم، وذلك بمناسبة الاحتفاء بالمفكر العربي الراحل إدوارد سعيد.
ولقد كانت لي سياحة فكرية مع المفكر الراحل إدوارد سعيد في هذه الوقفات تحت محدد: الاستشراق، عرضت فيها سيرته الذاتية التي كتبها بأسلوبه المعتاد بعنوان خارج المكان،وقد ترجمت سيرتُه شعورَه بأنه لم يكن يقيم في أمريكا إلا بصفته لاجئًا يقيم خارج موطنه الذي عاد إليه، لا بصفته منتصرًا، ولكن أيضًا بصفته لاجئًا في بلده الأصلي.
ولا إطالة في هذا، فقد كُتب عن الرجل من الكتابات الصحفية والفكرية ما يستحقه من الإشادة، وسيُكتب عنه كذلك كتابات فكرية وعلمية ناقدة؛لأن الرجل قد أكد أننا أقوياء إذا وثقنا بأنفسنا، كما يقول فواز الطرابلسي[1].
وربما يُترك الخوض في هذا الموضوع إلى الصفحة نفسها التي نشر فيها الاستطلاع والتحقيق الصحفي؛ إذ برز في أسفل الصفحة من جريدة عكاظ صورتان، صورة لقبة الصخرة في القدس الشريف، ويعبر بها عادة عن المسجد الأقصى، وليست هي المسجد الأقصى.
والصورة الثانية التي تسترعي التوقف طويلا جدًّا والتأمل والاعتبار، والتي لا يقل وقعها عن وقع الصورة الحية لمقتل الصبي محمد الدرة - غفر الله له - من حيث شناعة المنظر، والإساءة إلى حق من حقوق الإنسان، وهو الحياة أو النفس التي نعدها إحدى الضرورات الخمس:
الصورة كما وردت في الجريدة تمثل امرأة مسلمة فلسطينية عليها الحجاب الأبيض بين مجموعة من اليهود الجنود، وامرأة أخرى خلفها لا يبدو أنها مسلمة، بل ربما كانت يهودية، تسحب حجاب المرأة الفلسطينية من الخلف، بينما يقوم طفلٌ (صبي) يهودي يلبَس غطاء الرأس المميز لليهود بركل المرأة المسلمة من خلفها، وجنود يهودَ واقفون يتفرجون، وأقرب اعتذار لهم لمن أراد أن يعتذر لهم أن حالهم يقول: "لم أُرِدْها ولم تَسُؤْني"؛ ذلك أنهم مطالبون أمام آلات التصوير بالحفاظ على الأمن من وجهة نظرهم، ولكنهم على ما يبدو يحافظون عليه فعلًا من وجهة نظرهم التي تسمح لهم بالإساءة إلى كرامة الإنسان أي إنسان.
تلك المحافظة التي سمحت لهم أن يبول أحدهم على رأس أسير فلسطيني في أحد السجون اليهودية أمام آلة التصوير المتحرك، من دون أن يكون لهذا الفعل رد فعل على أي صعيد من الصُّعُد، ولو على صعيد منظمات حقوق الإنسان، وحقوق أسرى الحرب، على اعتبار أن الفلسطينيين يعدون في حال حرب مع اليهود منذ أن اغتصب اليهود أرضهم.
والصورة ليست جديدة في حق المرأة المسلمة؛ فقد اعتدى عليها يهود بني قينقاع في سوقهم، مما أدى إلى نشوب حربٍ انتصارًا للمرأة المسلمة، وربما كانت سببًا من أسباب إجلاء اليهود عن المدينة المنورة[2]،وأهينت امرأة في العصر العباسي (القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي) أيام الخليفة المعتصم، فاستنجدت به: "وامعتصماه"، فما كان منه إلا أن نجدها في معركة عَمُّورية التي قال فيها أبو تمام قصيدته المشهورة التي مطلعها:
السيفُ أصدقُ إنباءً مِن الكُتُبِ
في حدِّه الحدُّ بين الجِدِّ واللعِبِ

وبالتالي فإنه أصبح لزامًا على جميع المسلمين الانتصار بأي لغة مناسبة غير لغة العنف والإرهاب، لأي شخص، ذكرًا كان أم أنثى، يتعرض للإهانة في كرامته من قبل أعداء الأمة.
ولعل في تصور الصورة مع هذه الوقفة ما يكفي عن المزيد من التعليق الذي قد يساء فهمه، في وقت نحن في أمس الحاجة فيه إلى عدم ترك أي مجال لسوء الفهم، الذي قد يوظف ضد القضية التي نحن بصددها، وهي الانتصار لكل من يتعرض للإساءة، بسبب هويته الدينية أو الثقافية.
ولا يظهر أن هذه الصورة المعبرة لا تستحق قدرًا من العناية والاهتمام لدى المَعْنيين المخوَّلين القادرين على العمل على تلافي الصورة أو الصور المتكررة بحسب معطيات الزمان والظروف.



[1] عقد الباحث ملحقًا عن إدوارد سعيد - ص 121 - 129 - في كتاب بعنوان: الالتفاف على الاستشراق: محاولة التنصل من المصطلح - الرياض: مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، 1426هـ/ 2005م - ص 182.
[2] انظر: محمد بن فارس الجميل،الهجرة إلى الحبشة: دراسة مقارنة للروايات،ط 2 .- الرياض: دار الفيصل الثقافية، 1425هـ/ 2004م - ص 70 - 80.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.77 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]