عرض مشاركة واحدة
  #144  
قديم 22-01-2023, 04:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,590
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد



المحرر في أسباب نزول القرآن

المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الثانى

سورة عبس

من صــ 1058 الى صـ 1070
(الحلقة 144)

سورة النازعات
192 - قال اللَّه تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج النَّسَائِي عن طارق بن شهاب أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يزال يذكر من شأن الساعة حتى نزلت: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا) الآية كلها.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في شأن هذه الآية. وقد ذكر هذا الحديث الطبري فقط، أما سائر المفسرين فلم يذكروا هذا الحديث بنصه، لكن ذكروا أن المشركين سألوه عن ذلك.
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يسألك يا محمد هؤلاء المكذبون بالبعث عن الساعة التي تبعث فيها الموتى من قبورهم متى قيامها وظهورها) اهـ. بتصرف يسير.
وقال ابن عطية: (نزلت بسبب أن قريشاً كانت تلح في البحث عن وقت الساعة التي كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخبرهم بها ويتوعدهم بها ويكثر من ذلك) اهـ.
وقال القرطبي: (قال ابن عبَّاسٍ: سأل مشركو مكة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متى تكون الساعة استهزاء فأنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - الآية) اهـ.
وقال السعدي: (أي يسألك المتعنتون المكذبون بالبعث عن الساعة متى وقوعها فأجابهم اللَّه بقوله: (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا) أي: ما الفائدة لك ولهم في ذكرها ومعرفة وقت مجيئها فليس تحت ذلك نتيجة، ولهذا لما كان علم العباد للساعة ليس لهم فيه مصلحة دينية ولا دنيوية بل المصلحة في إخفائه عليهم طوى علم ذلك عن جميع الخلق واستأثر بعلمه) اهـ.
وقال ابن عاشور: (استئناف بياني منشؤه أن المشركين كانوا يسألون عن وقت حلول الساعة التي يتوعدهم بها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما حكاه الله عنهم غير مرة في القرآن كقوله: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
وعندي - والله أعلم - أن الحديث المذكور ليس سببًا لنزول الآيات الكريمة لأن سياقه لا يوافق سياق الآية، وبيان ذلك أن الآية دلت على وجود سؤال بقوله: (يَسْأَلُونَكَ) بينما الحديث خلا من ذكر السؤال، وفي الحديث أنه كان لا يزال يذكر من شأن الساعة، بينما خلت الآية من بيان ذلك.
ولعل هذا هو السبب الذي حمل المفسرين على الإعراض عن ذكره، ولو كان مناسبًا لذلك ما تركوه كما هو شأنهم في كثير من الأسباب.
والأمر المؤكد هو ما ذكره المفسرون من أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يُسأل عن الساعة لأن الله أخبرنا عن ذلك بقوله: (يَسْأَلُونَكَ) لكن قصة السؤال هنا لم يروها أحد من أصحاب الكتب التسعة التي يدور عليها نطاق البحث والله أعلم.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور ليس سببًا لنزول الآية الكريمة لمخالفة سياقه لسياق القرآن، وإعراض المفسرين عنه، والكلام الذي في سنده واللَّه أعلم.
* * * * *
سورة عبس
193 - قال الله تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج الترمذي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: أُنزل (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في ابن أم مكتوم الأعمى أتى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجعل يقول: يا رسول اللَّه أرشدني، وعند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول: (أترى بما أقول بأساً؟) فيقول: لا. ففي هذا أُنزل.
ورواه مالك عن عروة بن الزبير.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآيات الكريمة. وقد ذكر جمهور المفسرين أن الآية نزلت في ابن أم مكتوم، وإن كان سياقهم للأحاديث مختلفاً قال الطبري: (وذُكر أن الأعمى الذي ذكره اللَّه في هذه الآية هو ابن أم مكتوم، عوتب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسببه) اهـ.
وقال البغوي: (أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى) هو ابن أم مكتوم وذلك أنه أتى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يناجي عتبة بن ربيعة وغيره فقال يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك اللَّه فجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مقبل على غيره حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقطعه كلامه فعبس وجهه وأعرض عنه وأقبل على القوم الذين يكلمهم فأنزل اللَّه هذه الآية) اهـ. بتصرف.
وقال ابن العربي: (لا خلاف أنها نزلت في ابن أم مكتوم الأعمى وقد روي في الصحيح) اهـ.
وقال القرطبي: (فروى أهل التفسير أجمع أن قومًا من أشراف قريش كانوا عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد طمع في إسلامهم فأقبل عبد الله بن أم مكتوم فكره رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يقطع عبد اللَّه عليه كلامه فأعرض عنه ففيه نزلت هذه الآية) اهـ.
وقال ابن كثير: (ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يومًا يخاطب بعض عظماء قريش، وقد طمع في إسلامه فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم، وكان ممن أسلم قديمًا، فجعل يسأل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن شيء ويلح عليه وود النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لو كف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعًا ورغبةً في هدايته وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه وأقبل على الآخر فأنزل الله تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّى .. ) اهـ.
وقال السعدي: (سبب نزول هذه الآيات الكريمات أنه جاء رجل من المؤمنين أعمى يسأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويتعلم منه، وجاءه رجل من الأغنياء وكان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حريصًا على هداية الخلق، فمال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصغى إلى الغني، وصد عن الأعمى الفقير رجاءً لهداية ذلك الغني، وطمعًا في تزكيته فعاتبه اللَّه بهذا العتاب اللطيف) اهـ.
وقال ابن عاشور: (وهذا الحادث سبب نزول هذه الآيات من أولها إلى قوله: (بَرَرَةٍ) اهـ.
وبهذه الأقوال المتقدمة للمفسرين يتبين أن الحديث وإن كان ضعيفاً إلا أنهم مجموعون على ما دلّ عليه في قصة ابن أم مكتوم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا سبب نزول الآية الكريمة لمطابقته لسياق القرآن، واحتجاج المفسرين به، والله أعلم.
* * * * *

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.27 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.97%)]