قلت: وهذا الكلام عليه مؤاخذتان:
المؤاخذة الأولى: قول الشيخ حفظه الله: «ولا تُعِلُّ إحدى الروايتين الأخرى؛ لا سيما والذي وصل ثقة حافظ من رجال الشيخين».
قلت: بل تُعِلُّ إحداهما الأخرى؛ حيث قد خالف هذا الثقة من هم أوثق منه، وأكثر منه عددًا؛ ولا سيما والإسناد المُوصِلُ إليه فيه من هو متصف بالإغراب.
المؤاخذة الثانية: قول الشيخ حفظه الله: «وترجيح الموصول على المرسل هو المذهب السائد عند جمهور أهل الحديث».
قلت: بل الأمر عند المحدِّثين على خلاف ذلك.
قال الحافظ ابن الصلاح رحمه الله في «مقدمته» (ص71، 72): «الحديث الذي رواه بعض الثقات مرسلًا، وبعضهم متصلًا؛ اختلف أهل الحديث في أنه ملحق بقبيل الموصول أو بقبيل المرسل.
فحكى الخطيب الحافظ أن أكثر أصحاب الحديث يرون الحكم في هذا وأشباهه للمرسل.
وعن بعضهم: أن الحكم للأكثر.
وعن بعضهم: أن الحكم للأحفظ؛ فإذا كان من أرسله أحفظ ممن وصله فالحكم لمن أرسله، ثم لا يقدح ذلك في عدالة مَن وصله وأهليته.
ومنهم من قال: الحكم لمن أسنده؛ إذا كان عدلًا ضابطًا، فيُقْبَل خبره؛ وإن خالفه غيره؛ سواء كان المخالف له واحدًا أو جماعة.
قال الخطيب: «هذا القول هو الصحيح».
قلت: وما صححه هو الصحيح في الفقه وأصوله» انتهى كلام العلامة ابن الصلاح مختصرًا.
قلت: فتبيَّن من هذا الكلام أنَّ الجمهور إنما يرجحون المرسلة على الموصولة، لا الموصولة على المرسلة.
ثم إنَّ الناظر في صنيع أئمة الحديث يجدهم لا يعتمدون على قاعدة مضطردة في هذا الباب؛ بل لهم في كل حديث نقد خاص؛ بحسب المرجحات والقرائن؛ فتارة يُرَجِّحون الموصولة، وتارة يُرَجِّحون المرسلة.
فالقول بأنَّ المذهب عند جمهور المُحَدِّثين: ترجيح الموصول على المرسل؛ هكذا مطلقًا؛ غير صحيح؛ ومن نظر في كتب العلل يجد الأئمة كثيرًا ما يُرَجِّحون المرسل على الموصول.
بل قال الإمام الحاكم رحمه الله في «المدخل إلى الإكليل» (ص47): «القسم الثالث من الصحيح المختلف فيه: خبرٌ يرويه ثقة من الثقات، عن إمام من أئمة المسلمين، فيسنده، ثم يرويه عنه جماعة من الثقات، فيرسلونه.
وهذا القسم مما يكثر، فهذه الأخبار صحيحة على مذهب الفقهاء؛ فإنَّ القول عندهم فيها قول من زاد في الإسناد أو المتن؛ إذا كان ثقة.
فأما أئمة الحديث؛ فإن القول فيها عندهم قول الجمهور الذي أرسلوه؛ لما يُخْشى من الوهَم على هذا الواحد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد» انتهى كلام الإمام الحاكم.
وقال العلامة ابن الصلاح في «علوم الحديث» (ص90، 91): «وكثيرًا ما يعللون الموصول بالمرسل؛ مثل: أن يجيء الحديث بإسناد موصول، ويجيء أيضًا بإسناد منقطع أقوى من إسناد الموصول؛ ولهذا اشتملت كتب علل الحديث على جمع طرقه.
قال الخطيب أبو بكر: «السبيل إلى معرفة علة الحديث: أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط». ورُوِي عن علي بن المديني، قال: «الباب إذا لم تُجْمَع طرقه لم يتبيَّن خطؤه». انتهى كلام العلامة ابن الصلاح.
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في «شرح علل الترمذي» (1/ 426- 429): «وقد تكرَّر في هذا الكتاب ذِكْرُ الاختلاف في الوصل والإرسال، والوقف والرفع؛ وكلام أحمد وغيره من الحفاظ يدور على اعتبار قول الأوثق في ذلك، والأحفظ أيضًا.
وقد قال أحمد في حديث أسنده حماد بن سلمة: أي شيء ينفع وغيره يرسله؟
وذكر في الكفاية، حكاية عن البخاري، أنه سئل عن حديث أبي إسحاق في النكاح بلا ولي، قال: الزيادة من الثقة مقبولة، وإسرائيل ثقة.
وهذه الحكاية إن صحَّت؛ فإنما مراده الزيادة في هذا الحديث؛ وإلا فمن تأمَّل كتاب تاريخ البخاري تبيَّن له قطعًا أنه لم يكن يرى أن زيادة كل ثقة في الإسناد مقبولة.
وهكذا الدارقطني يذكر في بعض المواضع أن الزيادة من الثقة مقبولة، ثم يرُدُّ في أكثر المواضع زيادات كثيرة من الثقات، ويُرَجِّح الإرسالَ على الإسناد؛ فدَلَّ على أن مرادهم: زيادة الثقة في مثل تلك المواضع الخاصة؛ وهي إذا كان الثقة مُبَرَّزًا في الحفظ.
وقال الدارقطني في حديث زاد في إسناده رجلان ثقتان رجلًا، وخالفهما الثوري فَلَمْ يذكره؛ قال: «لولا أن الثوري خالف لكان القول قول من زاد فيه؛ لأن زيادة الثقة مقبولة»؛ وهذا تصريح بأنه إنما يَقْبَل زيادة الثقة إذا لم يخالفه من هو أحفظ عنه». انتهى كلام الحافظ ابن رجب.
قلت: وقد رُوِيَ الحديث متصلًا من طرق أخرى:
الطريق الأول: أخرجه أبو الشيخ (525)، عن محمد بن شعيب، عن يعقوب بن إسحاق الدشتكي، عن محمد بن القاسم الأسدي، عن محمد بن عبيد الله، عن صفوان بن سليم، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كحل أسود، إذا أوى إلى فراشه، كحل في هذا العين ثلاثًا، وفي هذا العين ثلاثًا.
وهذا إسناد تالف.
• محمد بن شعيب، هو أبو عبد الله التاجر.
قال أبو الشيخ في «طبقاته» (4/ 43): «حدَّث عن الرازيين بما لم نجده في الري».
وقال أبو نعيم في «أخبار أصبهان» (2/ 252): «يروي عن الرازيين بغرائب».
قلت: وهذا منه.
وقال الهيثمي في «المجمع» (1/ 265): «لم أعرفه».
• ويعقوب بن إسحاق الدشتكي الرازي.
ترجمه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
• ومحمد بن القاسم الأسدي.
قال عباس الدوري في «التاريخ» (3082): «سمعت يحيى يقول، وذكر محمد بن القاسم الأسدي، فلم يرضه، قال: ومذهب يحيى عندي في محمد بن القاسم: أن محمد بن القاسم رجل لم يكن من أصحاب الحديث، ولم يكن له تيقظ أصحاب الحديث»اهـ.
وقال فيه النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (ص95): «متروك الحديث».
وفي «التهذيب» (26/ 303): «قال الترمذي: قد تكلم فيه أحمد بن حنبل، وضعفه.
وقال النسائي: ليس بثقة، كذَّبه أحمد بن حنبل.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: ثقة، وقد كتبت عنه.
وقال أبو حاتم: ليس بقوي، ولا يعجبني حديثه.
وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن محمد بن القاسم الأسدي، فقال: غير ثقة، ولا مأمون، أحاديثه موضوعة.
وقال أبو أحمد بن عدي: وعامة حديثه لا يتابع عليه»اهـ.
• ومحمد بن عبيد الله، هو ابن أبي سليمان العرزمي، متروك[4].
• وصفوان بن سليم، ثقة مشهور.
الطريق الثاني: أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (8/ 252)، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن المسيب، عن عبد الله بن خُبَيق، عن يوسف بن أسباط، عن العرزمي، عن صفوان بن سليم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الكي والطعام الحار، ويقول: «عَلَيْكُمْ بِالْبَارِدِ؛ فَإِنَّهُ ذُو بَرَكَةٍ؛ أَلَا وَإِنَّ الْحَارَّ لَا بَرَكَةَ فِيهِ»، وكانت له مكحلة يكتحل منها عند النوم ثلاثًا ثلاثًا.
قال أبو نعيم: «غريب من حديث صفوان، لم نكتبه إلا من حديث يوسف».
قلت: وهذا إسناد لا يثبت، والعرزمي متروك، كما تقدم.
• وإبراهيم بن محمد، هو ابن يحيى أبو إسحاق النيسابوري المُزَكِّي.
قال الخطيب في «تاريخ بغداد» (7/ 105): «كان ثقة ثبتًا مكثرًا».
• وعبد الله بن خبيق.
ترجمه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/ 46)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
• ويوسف بن أسباط.
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 218): «سمعت أبي يقول كان رجلًا عابدًا، دفن كتبه، وهو يغلط كثيرًا، وهو رجل صالح، لا يُحتج بحديثه.
قال يحيى بن معين: ثقة».
وقال البخاري في «التاريخ الكبير»: «كان قد دفن كتبه، فكان لا يجيء بحديثه كما ينبغي».
وقد تابع العرزميَّ على هذا الحديث: سفيانُ الثوري؛ وهو:
الطريق الثالث: أخرجه أبو سعيد النقاش في «فوائد العراقيين» (7)، عن أبي الحسن سهل بن عبد الله بن حفص التستري، عن أبي يحيى زكريا بن يحيى بن درست، عن عبد الله بن خُبَيق، عن يوسف بن أسباط، عن محمد بن عبيد الله، وسفيان الثوري، عن صفوان بن سليم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، بنفس اللفظ السابق.
قلت: وهذه المتابعة لا تثبت.
• أبو يحيى زكريا بن يحيى بن دُرُستَ، مجهول، ذكره ابن عساكر في «تاريخه»، كما في «المختصر» لابن منظور، ولَمْ أجد له ترجمة في غيره من الكتب، ولَمْ يذكره أحد من الأئمة بجرح ولا تعديل.
• وعبد الله بن خبيق، مجهول الحال.
• ويوسف بن أسباط، ضعيف، لا يُحتج بحديثه؛ كما تقدم.
الشاهد الثامن: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اشتكت عيني، أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: «نَعَمْ».
قلت: وهذا منكر.
أخرجه الترمذي (726)، عن عبد الأعلى بن واصل، عن الحسن بن عطية، عن أبي العاتكة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، به.
قال الترمذي: «ليس إسناده بالقوي، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء، وأبو عاتكة يضعف».
وقال ابن عبد الهادي في «التنقيح» (3/ 247): «وقد انفرد به الترمذي، وإسناده واهٍ جدًّا، وأبو عاتكة مجمع على ضعفه».
قلت: وأبو عاتكة، هو طريف بن سلمان.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 357): «منكر الحديث».
وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (4/ 494): «ذاهب الحديث، ضعيف الحديث».
وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (319): «ليس بثقة».
• والحسن بن عطية، هو القرشي، صدوق.
• وعبد الأعلى بن واصل، ثقة.
الشاهد التاسع: عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ، فَإِنَّهُ مَنْبَتَةٌ لِلشَّعَرِ، مَذْهَبَةٌ لِلْقَذَى، مَصْفَاةٌ لِلْبَصَرِ».
قلت: وهذا ضعيف.
أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 412)، والطبري في «تهذيب الآثار» (769)، والطبراني في «الكبير» (1/ 109) (183)، وفي «الأوسط» (1064) و(3334)، وأبو نعيم في «الحلية» (3/ 178)، وفي «معرفة الصحابة» (4948)، وفي «الطب النبوي» (260)، والضياء في «المختارة» (726)، من طرق، عن أبي جعفر النفيلي، عن يونس بن راشد، عن عون بن محمد بن الحنفية، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه، به.
قال الطبراني في «الأوسط»: «لا يروى هذا الحديث عن عليٍّ إلا بهذا الإسناد، تفرد به النفيلي».
وقال المنذري في «الترغيب والترهيب» (3/ 89): «رواه الطبراني بإسناد حسن»، ووافقه الألباني في «الصحيحة» (2/ 270).
قلت: وليس كما قالا؛ لجهالة عون بن محمد بن الحنفية.
فقد ترجم له ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وسكت عنه البخاري في «التاريخ الكبير»، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وابن حبان يذكر في كتابه المجهولين.
• وأبوجعفر النفيلي، ثقة.
• ويونس بن راشد، صدوق.
الشاهد العاشر:عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ، فَإِنَّهُ يُنْبِتُ الشَّعَرَ، وَيَجْلُو الْبَصَرَ».
قلت: وهذا ضعيف.
أخرجه الترمذي في «العلل الكبير» (530)، وفي «الشمائل» (54)، وابن ماجه (3495)، والطبري في «تهذيب الآثار» (768)، والحاكم في «المستدرك» (7462)، من طريق أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، عن عثمان بن عبد الملك، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر رضي الله عنهما، به.
قال الترمذي في «العلل»: «سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال:
«إنما روى هذا الحديث عن سالم: عثمان بن عبد الملك»؛ ولم يعرفه من حديث غيره».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه».
قلت: وليس كما قال.
• فعثمان بن عبد الملك.
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 158): «عن أحمد بن حنبل: مستقيم بن عبد الملك، اسمه عثمان بن عبد الملك، مستقيم لقبه، حديثه ليس بذاك.
قرئ على العباس بن محمد الدوري، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مستقيم بن عبد الملك رجل من أهل مكة، وليس به بأس، ما رأينا أحدًا يحدِّث عنه إلا محمد بن ربيعة ورجل آخر.
سألت أبي عنه، فقال: منكر الحديث»اهـ.
وقال ابن حجر في «التقريب»: «ليِّن الحديث».
الشاهد الحادي عشر: ما أخرجه أبو طاهر ابن فِيل في «جزئه» (2)، وابن حبان في «المجروحين» (1/ 402)، من طريق سعيد بن زيد، قال: حدثني عمرو بن خالد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه مملوءتان من الكحل من الإثمد، وذلك في رمضان، كحلته أم سلمة، وكان ينهى عن كل كحل له طعم.
وعند ابن فيل، ذكر عمرو بن خالد إسنادًا آخر؛ فقال: عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده.
وعند ابن فيل: قال سعيد: «فلا أدري هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول محمد بن علي؟».
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» (7/ 569)، من طريق سعيد بن زيد، قال: حدثنا عمرو بن خالد القرشي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر، وعن محمد بن علي، عن ابن عمر، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت حفصة وقد اكتحل بالإثمد في رمضان.
قلت: هذا موضوع.
قال الدارقطني في «أطراف الغرائب والأفراد» (3/ 445): «غريب من حديث حبيب بن ثابت، عن نافع، عن ابن عمر، تفرد به عمرو بن خالد عنه، ولا نعلم حدَّث به غير سعيد بن زيد؛ وهو أخو حماد بن زيد»اهـ.
وأورده ابن عدي في ترجمة عمرو بن خالد، وعدَّه من مناكيره مع أحاديث أخر، وقال: «وهذه الأحاديث التي يرويها عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت ليست هي بمحفوظة، ولا يرويها غيره، وهو المتهم فيها»اهـ.
وقد أورده ابن حبان في ترجمة سعيد بن زيد، وقال: «كان صدوقًا حافظًا ممن كان يخطئ في الأخبار ويهم في الآثار، حتى لا يُحتج به إذا انفرد»اهـ.
قلت: سعيد بن زيد مختلف فيه، وقد قال ابن حجر في «التقريب»: «صدوق له أوهام».
• وعمرو بن خالد؛ هو أبو خالد الكوفي الواسطي.
قال ابن معين في رواية الدارمي (568): «عمرو بن خالد الذي يروي عنه أبو حفص الأبار، شيخ كوفي كذاب يروي عن زيد بن علي عن آبائه عن علي».
وقال ابن معين في رواية ابن مرثد (21): «أبو خالد كذاب، ليس بشيء».
وفي «الضعفاء الكبير» (4/ 303): «قال أبو عوانة: كان عمرو بن خالد ليس بشيء، متروك الحديث».
وفيه أيضًا، «قال عبد الله بن أحمد، قال أبي: عمرو بن خالد ليس يسوى حديثه شيئًا، ليس بشيء».
وفيه أيضًا، «قال أبو عبد الله: عمرو بن خالد الواسطي، كذاب، قلت له: الذي يروي عنه إسرائيل؟ قال: نعم، الذي يروي حديث الزندين، ويروي عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة، يكذب»اهـ.
وفي «الكامل» (7/ 561): قال وكيع: «كان عمرو بن خالد في جوارنا يضع الحديث، فلما فطن به تحول إلى واسط».
وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 230): «عن إسحاق بن راهويه، قال: كان عمرو بن خالد الواسطي يضع الحديث.
سألت أبي عن عمرو بن خالد، فقال: متروك الحديث، ذاهب الحديث، لا يشتغل به.
سألت أبا زرعة عن عمرو بن خالد الواسطي، فقال: كان واسطيًّا، وكان يضع الحديث، ولم يقرأ علينا حديثه، وقال: اضربوا عليه».
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 328): «منكر الحديث».
وقال ابن عدي في «الكامل» (7/ 570)، بعدما أورد له عدة أحاديث: «ولعمرو بن خالد غير ما ذكرت من الحديث، وعامة ما يرويه موضوعات».
الشاهد الثاني عشر:عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة الأنصاري، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالإثمد المُرَوَّح عند النوم.
وفي لفظ: وقال: «لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ».
قلت: هذا منكر.
أخرجه أحمد (16072)، وأبو داود (2377)، والطبري في «تهذيب الآثار» (750) و(751)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (3/ 94) و(3/ 206)، والطبراني في «المعجم الكبير» (2/ 341) (802)، وأبو نعيم في «الطب النبوي» (206).
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (7/ 398)، والدارمي في «سننه» (1774)، والبيهقي في «الكبير» (8260)، من نفس الطريق: عبد الرحمن بن النعمان الأنصاري، عن أبيه، عن جده؛ وكان جده أتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح على رأسه، وقال: «لَا تَكْتَحِلْ وأَنتَ صائِمٌ، اكْتَحِلْ لَيلًا؛ الْإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ، ويُنبِتُ الشَّعَرَ».
وأخرجه أحمد (15906)، بلفظ: «اكْتَحِلُوا بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ، فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعَرَ».
والنعمان بن معبد بن هوذة، مجهول؛ كما في «التقريب».
قال أبو داود عقب روايته للحديث: «قال لي يحيى بن معين: هو حديث منكر؛ يعني: حديث الكحل».
وقال في مسائل أحمد (ص399): «قلت لأحمد: عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة، فقال: «هذا حديث منكر»؛ يعني: هذا الحديث: عن عبد الرحمن بن النعمان، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإثمد المروح عند النوم».
وقال الألباني في «الإرواء» (4/ 85): «منكر».
الشاهد الثالث عشر:عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اكْتَحِلُوا بِالْإِثْمِدِ؛ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُثَبِّتُ الشَّعَرَ».
قلت: هذا منكر.
أخرجه البزار في «مسنده» (130)، عن أحمد بن منصور، عن الحسن بن عثمان، عن الوليد بن محمد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، به.
قال البزار: «هذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها؛ إلا الوليد بن محمد؛ وهو ليِّن الحديث، يُعْرَف بالمُوَقَّري».
قلت: الوليد بن محمد منكر الحديث.
قال عبد الله في «العلل ومعرفة الرجال» (2/ 72): «قلت له: المُوقَّري يجيء عن الزهري بالعجائب؟ قال: آه ليس ذاك بشيء».
وقال الدوري في «التاريخ» (18): «سمعت يحيى بن معين، وسئل عن الموقري الوليد بن محمد، فقال: ليس بشيء».
وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 15): «عن ابن معين: الموقري كذاب.
سألت أبي عن الوليد بن محمد الموقري، فقال: ضعيف الحديث، كان لا يقرأ من كتابه، فإذا دفع إليه كتاب قرأه.
سئل أبو زرعة عن الوليد بن محمد الموقري، فقال: لين الحديث»اهـ.
وقال ابن أبي شيبة في «سؤالاته لابن المديني» (151): «سمعت عليًّا يقول: الوليد بن محمد الموقري ضعيف ليس بشيء، وكان قد روى عن الزهري، ولا نروي عنه شيئًا».
وقال ابن المديني كما في «الكامل» (10/ 259): «الموقري ضعيف، لا يكتب حديثه».
وفيه أيضًا، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، قال: «الموقري ما أراه ثقة. ولم يحمده».
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 155)، وفي «الضعفاء الصغير» (404): «في حديثه مناكير. قال علي بن حجر: وكان لا يقرأ من كتابه، وإذا دُفع إليه كتاب قرأه».
وفي «الكامل» (10/ 259) «قال النسائي: الوليد بن محمد، متروك الحديث».
وفي «التهذيب» (31/ 80): «قال النسائي: ليس بثقة، منكر الحديث».
وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 418): «كان ممن لا يبالي ما دُفع إليه قرأه، روى عن الزهري أشياء موضوعة لم يحدِّث بها الزهري قط كما روى عنه، وكان يرفع المراسيل ويسند الموقوف، لا يجوز الاحتجاج به بحال»اهـ.
يتبع