عرض مشاركة واحدة
  #186  
قديم 15-12-2022, 11:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [096]
الحلقة (127)

شرح سنن أبي داود [096]


حرص الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم على معرفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم حرصاً بالغاً، وروي عنهم عدة من الأحاديث في بيان صفتها، ومن جملة من حكى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أبو حميد الساعدي في حديث عظيم نقل فيه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً كثيراً من أركانها وواجباتها وسننها.

افتتاح الصلاة


شرح حديث ( أتيت النبي في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب افتتاح الصلاة. حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن شريك عن عاصم بن كليب عن علقمة بن وائل عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب افتتاح الصلاة ]. والترجمة السابقة العامة هي [ تفريع أبواب استفتاح الصلاة ] والمقصود من ذلك هو بيان الأمور التي تتعلق بأول الصلاة، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك؛ لأنه يشمل ذلك ويشمل غيره، وسيأتي بعد هذه الترجمة تفريع أبواب الركوع والسجود، وقد اشتملت هذه التراجم التي أوردها أبو داود في تفريع أبواب استفتاح الصلاة على ما يتعلق بالركوع والسجود وغير ذلك، ولكن المقصود هو ما يكون في أول الصلاة، وقد يسوق الحديث وهو مشتمل على ذلك وعلى غيره، فلا يلزم أن يكون كل ما فيه مقصوراً على استفتاح الصلاة، لكن ما فيه مشتمل على استفتاح الصلاة، وقد يكون مع استفتاح الصلاة أشياء أخرى من أفعال الصلاة غير استفتاح الصلاة، فيكون تبعاً في هذه الترجمة. وقد أورد أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه أنه قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة). يعني أنهم عندما يكبرون تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه يحركون أيديهم ويرفعونها وهي داخل الثياب، والمقصود من ذلك أن الصلاة تفتتح بالتكبير ويكون التكبير على حسب الحال، سواء أكانت اليدان داخل الثياب أم خارج الثياب.
تراجم رجال إسناد حديث ( أتيت النبي في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم)

قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري ، صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شريك ]. هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عاصم بن كليب ]. هو عاصم بن كليب بن شهاب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن علقمة بن وائل ]. هو علقمة بن وائل بن حجر ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين و مسلم و أصحاب السنن. [ عن وائل بن حجر ] هو وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن.
شرح حديث ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ، ح: وحدثنا مسدد حدثنا يحيى -وهذا حديث أحمد - قال: أخبرنا عبد الحميد -يعني ابن جعفر - أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي رضي الله عنه في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة رضي الله عنه، قال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم. قالوا: فلم؟! فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعةً ولا أقدمنا له صحبة. قال: بلى، قالوا: فاعرض. قال: (كان رسول الله صلى الله عليه و آله سلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ، ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع، ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده. ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلاً، ثم يقول: الله أكبر. ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه، ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد، ويسجد ثم يقول: الله أكبر. ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك، ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر. قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه و آله وسلم) ].
توجيه مدح أبي حميد الساعدي نفسه ودلالته

أورد أبو داود حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنه كان في جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرهم عشرة أشخاص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا فيه جواز مدح الإنسان نفسه ليؤخذ عنه العلم وليحرص على أخذ ما عنده، هذا هو مقصود أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر مثل هذا الكلام، وأنهم يريدون أن يؤخذ ما عندهم، وأن يهتم بأخذ ما عندهم حتى يعرف الآخذون عنهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعملون بها، وفي ذلك تحقيق وتطبيق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (نضرَّ الله امرأً سمع مقالتي فوعاها و أداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه). فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم حريصين على الأخذ من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانوا -أيضاً- حريصين على أن يؤخذ عنهم العلم وأن تتلقى عنهم السنن، ويأتون بالكلام الذي يرغب في ذلك ويحفز الهمم على تلقي الحديث عنهم، كما فعل أبو حميد رضي الله عنه حيث قال: [ أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ]. يريد من ذلك أن يعتنى بأخذ ما عنده؛ لأنه يتحدث عن علم وعن بصيرة وعن معرفة تامة، حيث قال: [ أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فلم يكن من الحاضرين إلا أن قالوا: ولم ذلك؟ لست أكثرنا له صحبة ولا أكثرنا له اتباعاً. ثم قالوا: اعرض علينا ما عندك. فعرض عليهم صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقروا له بذلك، وقالوا: إن هذه هي كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح ألفاظ الحديث


قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وآله سلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه) ]. يعني: عند التكبير حال الدخول في الصلاة. قوله: [ (ثم يكبر) ]. يعني أنه عند هذه الهيئة يحصل منه التكبير وهو رافع يديه، وليس معنى ذلك أنه يرفع يديه ثم ينزلهما ثم يكبر، وإنما يكون التكبير مع رفع اليدين مصاحباً لهما، فيكبر تكبيرة الإحرام التي يكون بها تحريم الصلاة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم). قوله: (حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ) ]. يعني أنه يكبر وقد رفع يديه ثم يضعهما حتى يقر كل عظم في موضعه، ثم يبدأ بالقراءة، فعندما يرفع ثم يضع يديه ويكون قد استقر كل عظم على ما هو عليه عند ذلك يبدأ بالقراءة. قوله: [ (ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه) ]. يعني أنه يقرأ الفاتحة وما تسير من القرآن، ثم بعد ذلك يرفع يديه ويكبر وهو يهوي إلى الركوع، فيكون معنى هذا أنه عند تكبيرة الإحرام يرفع يديه، وكذلك عند الركوع يرفع يديه. قوله: [ (ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه) ]. يعني: في حال ركوعه يضع راحتيه على ركبتيه. قوله: [ (ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع) ]. معنى: [ (ثم يعتدل) ] أي: في ركوعه [ (فلا يصب رأسه) ] يعني: لا يخفضه [ (ولا يقنع) ] أي: لا يرفعه. وقيل: إن ذلك -أيضاً- يأتي بمعنى الخفض، فتقنيع الرأس يطلق على الرفع وعلى الخفض، وأما قوله: [ (يصب رأسه) ] أو (يصوب رأسه) -كما جاء في بعض الألفاظ- فإن المقصود به الخفض، ومعنى ذلك أن رأسه مع امتداد ظهره ليس نازلاً ولا مرتفعاً، وإنما هو مع امتداد ظهره صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده. ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا) ]. أي أنه يرفع من الركوع ويقول: (سمع الله لمن حمده) ويرفع يديه مع ذلك عندما يقوم، فيكون بهذا جاء الرفع في ثلاثة مواضع: في تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه. قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر. ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه) ]. أي: أنه يكبر عند السجود، وقوله: (فيجافي يديه عن جنبيه) يعني: لا يلصقهما بجنبه، وإنما يجافيهما بحيث يكون معتمداً عليهما، ولا يكون معتمداً على فخذه، وإنما يعتمد على يديه مجافياً لهما عن فخذيه وعن جنبه. قوله: [ (ثم يرفع رأسه ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها) ]. هذا الذي يسمى الافتراش في الصلاة، يعني أنه يفترش رجله اليسرى، وافتراش الرجل اليسرى يكون بين السجدتين ويكون في التشهد الأول، أما التشهد الأخير ففيه تورك، وهو الجلوس على وركه وإخراج رجله اليسرى من تحت ساقه اليمنى، ونصب قدمه اليمنى مستقبلاً بأصابعها القبلة.. قوله: [ (ويفتح أصابع رجليه إذا سجد) ]. يعني أنه يلينها إذا سجد، بحيث تكون أطرافها إلى القبلة. قوله: [ (ويسجد ثم يقول: الله أكبر. ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه) ]. معناه أنه يطمئن في جلوسه، ويعتدل في جلوسه، لا أنه يجلس ثم يترك الجلوس بسرعة، وإنما لا بد من الاطمئنان، فيطمئن جالسا. قوله: [ (ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك) ]. يعني بذلك السجود، أي: سجد في الأخرى مثل ذلك. قوله: [ (ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة) ]. هذا فيه الموضع الرابع من مواضع رفع اليدين في الصلاة، وهو عند القيام من التشهد الأول؛ لقوله: [ (ثم إذا قام من الركعتين) ] ومعناه: إذا قام التشهد الأول. قوله: [ (ثم يصنع ذلك في بقية صلاته) ]. أي: مثلما عمل فيما مضى يعمل في بقية صلاته كذلك. قوله: [ (حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر) ]. يعني بذلك الثلاثية أو الرباعية؛ لأنه ذكر أنه يقوم من الركعتين و يكبر. فالصلاة الثنائية كالفجر ليس فيها إلا الافتراش، وكذلك النوافل ليس فيها إلا الافتراش، ولكن الصلاة الرباعية أو الثلاثية التشهد الأول منها فيه افتراش والتشهد الأخير فيه تورك، فلهذا ذكر القيام من التشهد الأول، والقيام من الركعتين، وأنه يرفع يديه عندما يقوم، وأنه يفعل في صلاته مثلما فعل في الأول، ثم إذا قام من السجدة التي بعدها السلام في الثلاثية أو الرباعية فإنه يتورك، أي: يخرج رجله اليسرى من تحت ساقه اليمنى ويجعل وركه على الأرض، بخلاف ما مضى فإنه يفترش رجله ويجلس عليها، فلا يجلس على الأرض وإنما يجلس على رجله، أما التورك فهو الاعتماد بالورك على الأرض، والافتراش هو الجلوس على القدم مفترشاً لها، والتورك إنما يكون في الصلاة الثلاثية أو الرباعية في التشهد الأخير، كما جاء في حديث أبي حميد الساعدي هذا. قوله: [ (حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر) ]. قوله: [ (أخر رجله اليسرى) ] معناه أنه قدمها، فبدلاً من أن يجلس عليها مثل التشهد الأول وما بين السجدتين أخرها إلى جهة اليسار بحيث تخرج من تحت ساقه، ويجلس على وركه معتمداً عليه. قوله: [ (قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم) ]. يعني: أقروا له بأن هذا الذي حكاه موافق للشيء الذي يعلمونه ويعرفونه من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فهذه الكيفية جاءت عن أبي حميد ، وكذلك أقره جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن هذه الكيفية هي كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن أصحابه الكرام.

تراجم رجال إسناد حديث ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه ... )


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ]. أبو عاصم الضحاك بن مخلد هو أبو عاصم النبيل ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو من كبار شيوخ البخاري ، ويروي عنه البخاري جملة من الثلاثيات؛ لأنه من أتباع التابعين. [ ح: وحدثنا مسدد ]. قوله: (ح) هو للتحول من إسناد إلى إسناد. ومسدد هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو ابن سعيد القطان البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ وهذا حديث أحمد ]. يعني: هذا السياق حديث أحمد ، أي: في الإسناد الأول. قوله: [ قال: أخبرنا عبد الحميد -يعني ابن جعفر - ]. عبد الحميد بن جعفر صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء ]. محمد بن عمرو بن عطاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت أبا حميد الساعدي هو عبد الرحمن بن سعد بن المنذر رضي الله تعالى عنه، وقد اختلف في اسمه, أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث ( ... فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن يزيد -يعني ابن أبي حبيب - عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو العامري أنه قال: كنت في مجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فتذاكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، فقال: أبو حميد رضي الله عنه... فذكر بعض هذا الحديث وقال (فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه، ثم هصر ظهره غير مقنع رأسه ولا صافح بخده، وقال: فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي حميد من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه أخصر مما تقدم. قوله: [ (فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه) ] يعني أنَّه وضع كفيه على ركبتيه وفرج بين أصابعه. قوله: [ (ثم هصر ظهره) ]. يعني أنه خفضه حتى يكون مساوياً لرأسه. قوله: [ (غير مقنع رأسه) ] يعني: غير رافع له، ولفظ (مقنع) يصلح للرفع وللخفض؛ لأنه من المشترك المتضاد. [ (ولا صافح بخده) ] معناه أنه غير مبين لصفحته، والمراد أن رأسه مستقيم ليس مائلاً بحيث تكون صفحة منه نازلة وصفحة مرتفعة. قوله: [ وقال: (فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى) ]. يعني: في التشهد الأول، أي: جلس مفترشاً. قوله: [ (فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة) ]. يعني الركعة الرابعة، فإنه يفضي بقدمه اليسرى إلى جهة يمينه ويعتمد على وركه، وتصير الرجلان كلتاهما من جهة اليمين، فاليمنى هي في الأصل من جهة اليمين، واليسرى -أيضاً- صارت من جهة اليمين؛ لأنها خرجت من تحت الساق اليمنى؛ لأنه إذا كان جالساً عليها صارت تحته، ولكن إذا جلس على وركه أخرها إلى جهة اليمين حتى تخرج من تحت الساق اليمنى.

تراجم رجال إسناد حديث ( ... فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعيه ... )


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن لهيعة ] هو ابن لهيعة عبد الله بن لهيعة المصري ، وهو صدوق اختلط لما احترقت كتبه ، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة. أما النسائي فما كان يحدث عنه. وقد روى عنه قتيبة بن سعيد ، وقتيبة كان من المعمرين فأدركه إدراكاً بيناً، وذكر الشيخ الألباني في السلسلة أن قتيبة روى عن ابن لهيعة قبل الاختلاط. فعلى هذا تكون رواية ابن لهيعة هنا ليس فيها شيء. [ عن يزيد -يعني ابن أبي حبيب - ]. يزيد بن أبي حبيب ثقة يرسل ويدلس، وحديث أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عمرو بن حلحلة ]. محمد بن عمرو بن حلحلة ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن محمد بن عمرو العامري ]. محمد بن عمرو العامري هو محمد بن عمرو بن عطاء الذي مر في الإسناد الذي قبل هذا عن أبي حميد .

شرح حديث ( ... فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما .... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد عن يزيد بن محمد القرشي و يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء نحو هذا، قال: (فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة) ]. أورد هنا حديث أبي حميد من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم إلا أنه ذكره مختصراً. قوله: [ (إذا سجد وضع يديه غير مفترش) ]. يعني: (وضع يديه) على الأرض معتمداً عليهما غير مفترش لهما، بمعنى أنه لا يفرشهما على الأرض مثل افتراش الكلب الذي جاء النهي عنه، فالمصلي لا يفترش يديه، وإنما يضعهما على الأرض معتمداً عليهما مع مجافاتهما عن جنبيه بحيث يكون معتمداً عليهما. قوله: [ (ولا قابضهما) ]. يعني: ليس مفترشاً ولا قابضاً لهما، ويمكن أن يكون المراد بالقبض أنَّه يقبض يديه بدلاً من أن يبسطهما، أو أنه يقبضهما إلى جنبه. فعلى الساجد أن يجافي بينهما وبين جنبيه، بحيث يكون معتمداً عليهما، أي: معتمداً على الكفين لا على الكفين والذراعين، وهي هيئة افتراش الكلب. قوله: [ (واستقبل بأطراف أصابعه القبلة) ]. يعني أصابع اليدين، فعند سجوده تكون أطرافهما مستقبلة القبلة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.77%)]