
08-12-2022, 04:29 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,240
الدولة :
|
|
رد: التكامل في الاختلاف وأدبه بين الصحابة (عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد أنموذج)
من أدب الاختلاف وثمراته:
انعكس هذا الأدب بين الصحابة في جميع حالات اختلاف الرأي، وبرز هذا في آثار ونتائج عـزل خالد على الطرفين بأخلاقيات حسنةٍ عالية تجاهلتها الروايات المغرضة والتفسيرات المنحرفة من قبل المستشرقين وتلاميذهم.
ففيما يتعلق بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد ورد أن عمر قال لخالد: «يا خالد والله! إنك عليََّ لكريم وإنك إليَّ لحبيب، ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء»[26].
وورد عن تقدير عمر رضي الله عنه لمهارة وخبرة خالد وحرصه عليه ما يجب أن نقف عنده، حيث كتب عمر إلى أبي عبيدة رضي الله عنه عندما ولاَّه إمارة جند الشام بدل خالد رضي الله عنه «ومن احتجت إليه في حصـارك فاحتبسه، وليكـن فيمن يُحتبَس خالد بن الوليد فإنه لا غنى بك عنه»[27]، وفي هذا الأثر الذي عليه مدار التعليق قال ابن سعد: «لما بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه موت خالد بن الوليد رضي الله عنه استرجع مراراً ونكَّس وأكثر الترحم عليه وقال: «كان والله سدَّاداً لنحور العدو ميمون النقيبة»[28]. وقال في إحدى الروايات: «فوالله ما نقمت على خالد في شيء إلا إعطائه المال، والله ليته بقي ما بقي بالجماء حجر»[29]، والجماء جبيل من المدينة على ثلاثة أميال من ناحية العقيق إلى الجرف، فهو يتمنى زيادة بقائه. وفي الأثر عنـد ابن سعد قال عمر بن الخطاب حين بلغـه وفاة خالد رضي الله عن الجميع: «قد ثُلم في الإسلام ثلمة لا تُرْتَق»[30] .
وبالرغم من قول عمر رضي الله عنه وفعله المخالف لرأي أبي بكر رضي الله عنه إلا أن عمر قال: «يرحم الله أبا بكر، كان أعلم بالرجال مني، والله إني لم أعزله عن ريبة، ولكن خشيت أن يوكل الناس إليه»[31]، وكما أن هذا القول يعكس أدب الصحابة واحترامهم الرأي المخالف في الاختلاف فإنه يكشف عن التكامل كذلك فيما بينهم.
وأما ما يتعلق بخالد تجاه عمر رضي الله عنهما فقد ورد في ترجمة خالد في طبقات ابن سعد، ما يكشف عن رؤية خالد لعمر، وفيه قال خالد لأبي الدرداء رضي الله عنهما: «نِعْم العون هو [أي عمر] على الإسلام، والله يا أبا الدرداء! لئن مات عمر لترينَّ أموراً تنكرها...» إلى أن قال خالد: «كنت وَجَدتُ عليه في نفسي أموراً لَـمَّا تدبرتها في مرضي هذا وحضرني من الله حاضر، عرفتُ أن عمـر كان يريد الله بكـل ما فعل». إلى أن قال: «فرأيته فعل ذلك بغيـري من أهل السابقة ومَن شهد بدراً، وكان يُغلظُ عليَّ، وكانت غلظته على غيري نحواً من غلظته عليَّ، وكنت أُدِل عليه بقرابة، فرأيته لا يبالي قريباً، ولا لوم لائم في غير الله، فذلك الذي أَذهبَ ما كنتُ أجد عليه». وقد توَّج خالد رضي الله عنه هذه العلاقة والمحبة والمودة مع من عزله بقوله: «وقد جعلت وصيتي وتَرِكَتي وإنفاذَ عهدي إلى عمر بن الخطاب»[32].
والأمر المهم في هذا أن عمر رضي الله عنه لا يريد إلا الله بكل ما فعل كما قال خالد رضي الله عنه، وهذا هو المنطلق والميزان في التغيير والتبديل والتولية والعزل. وخالد يُحسن الظن ويُصرِّح لأبي الدرداء بما أراده عمر رضي الله عنه رغم أنه قد وَجَدَ في نفسه عليه بطبيعته البشرية التي لم تتعد دائرة الوجْد عليه لفترة محدودة مع حسن الظن، فلم يمنعه هذا الوجد من قول الحق؛ فرضي الله عن الجميع.
والخلاصة في أمر عزل خالد بن الوليد رضي الله عنه: أنَّ من أهم الأسباب والدروس هي: حماية جانب الإخلاص لدى خالد وعند الأمة المسلمة والخوف عليهم من الفتنة، وكذلك استيعاب الصحابة لمسائل الاختلاف الفطري البشري، والتعاطي مع هذه بأنها من مسائل الاجتهاد، وفي كل هذا تقدير اختلاف الطباع والجِبِلاََّت البشرية، وقد تربى الصحابة على أن العمل لله وحده قائداً كان أو جندياً متحولاً من القيادة؛ ففي الأمرين كليهما مجال للعبادة والطاعة بإخلاص، وإضافة إلى هذا فإن من فوائد هذا العزل الذي كان لخالد أنه كَشَف الطاقات الكامنة وأظهرها، وفي هذا ما يحقق التوازن والريادة في رصيد الأمة من القيادات جيلاً إثر جيل، ولَتربية الأمة على أن المبادئ والمنهج والمصلحة العامة للأمة الإسلامية أهم وأثمن، ومن ثَمَّ فهذه مما تُقدَّم على غيرها من الاعتبارات أيّاً كان الشخص المعني.
كما أن من الدروس أهميةً تربية الأمة بأن الانتصار على الأعداء في شتى الميادين مرتبط بأسباب أكثر وأعم من مهارة قائد أو والٍ، وهي سياسات تُؤدي إلى ميلاد المهارات في دماء جديدة وطاقات أخرى ملتزمة بالإخلاص كذلك، فتملأ الساحات المسلمة من أرصدتها المكنونة وطاقاتها المغمورة!
ومن الخلاصة: أن الحدث ونتائجه ليس خاصاً بخالد رضي الله عنه فحسب؛ وإنما على مرِّ التاريخ فكانت قيـادات أمة الإسلام تتغير ويصحبها النصر، لأن السر في سلامة المنهج في هذا الشأن، وليس في منهج السلامة، وكم هي الدروس والعبر في هذه الحادثة التاريخية تحـديداً؛ فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يرسم به منهجاً للأمة؛ إذ اختلف مع خالد على مسألة أو مسائل، لكن لم يهضمه حقه، فقد أوصى عمر به خيراً وأن يستفيد منه القائد الجديد «فإنه [أي خالد] لا غنى لك عنه»، ثم عبارات الثنـاء والقول العدل عن خالد حيّاً وميتاً. وقد مرَّ ذكر بعضها، وأعظم من ذلك أن خالداً المعزول قد قال عن عمر رضي الله عنه ما يجب أن يفهمه أرباب التسيد وطلاب المجد والشهرة «كان [أي عمر] يريد الله بكل ما فعل»، وقال: «لئن مات عمر لترين أموراً تنكرها». وقد التمس لنفسه العزاء ولغيره العذر من طبيعة عمر حينما قدَّرها حق قدرها فقال: «فرأيته [أي عمر] فعل ذك بغيري من أهل السابقة ومن شهد بدراً، وكانت غلظتـه على غيري نحواً من غلظته عليَّ» إلى غير ذلك مما سبقت الإشارة إليه في حوار خالد مع أبي الدرداء عن عمر، رضي الله عن الجميع، ويختم حيـاته مودِّعاً دار الدنيا إلى دار الآخرة بأن جَعَلَ وصيته وتَرِكتَه وإنفاذ عهده إلى أعزَّ الناس وأقربهم إليه وهو عمر بن الخطاب، فرضي الله عن هؤلاء الصحابة الذين نسوا أنفسهم أمام عقيدتهم ومبادئهم.
ومن الخلاصة كذلك: أن عمر وخالداً وغيرهما رضي الله عنهم أدركوا أجمعين أن هذا الدين قد انتصر - بحمد الله - حينما أخذوا بأسباب النصر سواء بخالد أم بغيره، وكل واحد يمثل حلقة ضمن سلسلة طويلة من قافلة طائفة الحق المنصورة، والكل محتاج إلى هذه القافلة قائداً أو جندياً، وميدان العمل واسع ورحب، والخاسر الحقيقي من يتخلى عن الثغرات كبيرها وصغيرها بمزاعم الإعفاء من البشر! أو كثرة التحـديات والعوائق، دون أن يعلم أن الله لا يكلف عباده بأمر ويَسُدُّ جميع أبوابه، فخدمة دين الله وعبادته والدعوة إليه تتحقق للقائد والمقود في العسر واليسر والمنشط والمكره. وإغلاق باب خير لا يعني انقفـال الأبواب الأخرى، لكن هذا الابتلاء مرهون بمجاهدة النفس المسلمة وتحمُّلها أمر هذا الدين وتشريعاته والدعوة إليه والصبر عليه كما قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْـجَنَّةَ وَلَـمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، كما أن التوفيق بالهداية يتلازم مع مجاهدة النفس كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإنَّ اللَّهَ لَـمَعَ الْـمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، ثم بعد هذا يأتي اليقين بأن الله ناصـر دينه {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]، {إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: 51]، وأمر الله نافذ بِقَدَره وحده سبحانه {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً} [الأحزاب: ٨٣]، وقطار الحق ماضٍ وسينتصر - بإذن اللَهَ - كلما أخذت الأمة المسلمة بأسبابه، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لا تزال طائفة من أمتـي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة»[33]، وبهذه المفاهيم والمعاني عن النصر يتأكد لكل مسلم بأن النصر من عنـد الله، وأن المخلوقين إنما هم أسباب وأدوات لهذا النصر، كما أن الخَلْق ليسوا بأغير على دينه منه سبحانه وتعالى.
وكفى أن يعلم القارئ والمهتم أن المسلمين يعتقدون بأن الصحـابة بشر يُصيبون ويُخطئون، وأنهم ليسوا ملائكة معصومين من زلل الاجتهاد بالرغم من إيمان المؤمنين بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم «عليكم بسُنَّتي وسنَّةَ الخلفاءِ الرَّاشدينَ المهديِّينَ من بَعدي»[34].
ومع وجوب السمع والطاعة للخلفاء من الصحابة والاقتداء بهم فإن ما ورد في مجمل الأحاديث والآثار في هذا الموضوع يكشف بوضوح كبير عن حق إبداء الرأي المختلف وحق التشاور السائد بين الصحابة أنفسهم مع الخليفة أو ولي أمر المسلمين آنذاك. كما كان هذا سائداً من الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحداث كثيرة شهدت الاعتراض وإبداء الرأي المختلف بحرية مسؤولة وبقضايا كبيرة وصغيرة، لكن بما ليس عليه دليل قطعي من الكتاب والسنة، وذلك تعزيزاً للتفكير المستقل والرأي الحر والشعور بمسؤولية الجميع وشراكتهم تجاه قضايا الأمة التي هي حق للجميع.
وتزخر الأحاديث النبوية وكتب السيرة بأمثلة كثيرة من التسامح والاحترام والأخذ برأي الآخرين، بل تقديم رأيهم - أحياناً - على رأي نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم بكل أدب وتقـدير، ومن الأمثلة على ذلك ما حدث في غزوة الأحزاب: «فقد أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يَفُتَّ في عضد الأحزاب ويُفرِّق شملهم ليخفف عن أهل المدينة ضَنَك الحصار، بأن يصالح كبير غطفان عيينة بن حصن على سهم من ثمر المدينة لينسحب بمن معه من غطفان وهوازن ويخذل الأحزاب، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الأمر سَيِّديْ الأوس والخزرج من الأنصار: سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، فاستشارهما في ذلك، فقالا: يا رسول الله! إن كنتَ أُمِرتَ بشيء فافعله وامض له، وإن كان غير ذلك فوالله لا نعطيهم إلا السيف.
فقال صلى الله عليه وسلم : «لم أُؤمر بشيء، ولو أُمرت بشيء ما شاورتكما.. بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردتُ أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما». وسُرَّ صلى الله عليه وسلم بقولهما، فقال لعيينة بن حصن، ورفع صوته بها «ارجع، فليس بيننا وبينكم إلا السيف»[35].
ومن الأحداث المشهورة عن التكامل في اختلاف الآراء ما ورد في السيرة النبوية حول قصة حفر الخندق وما فيها من احترام الرأي والمشورة، وفي الرواية: «أشار سلمان الفارسي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب بحفر خندق حول المدينة، وقبل الرسول صلى الله عليه وسلم مشورته وأمر بحفر الخندق، وكان النصر للمسلمين»[36].
وبهذا يتضح نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأي الصحابة مُغيِّراً رأيه أحيـاناً أو متنازلاً عنه حيناً بلغة العصر، فاحترام الرأي المعترض بما ليس عليه دليل لدى الصحابة أمر مشهود ومعلوم في قضايا كبيرة وصغيرة، وقد قررَّ هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع أصحابه حينما قال لهم: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بأَمْرِ دُنْيَاكُمْ»[37]، وهذا من أدبيات تقدير الآراء والتكامل في الاختلاف، وأخلاقيات التسامح بين المسلمين، وقيم السماحة في الإسلام، بل إن عدالة الخلافة الراشدة قامت على هذا من بعد عهد النبوة.
ومن المهم معرفة أن سياسة عزل الولاة والقـادة والاختلاف أحياناً؛ أمر معتاد بين الخلفـاء والولاة في أحداث مشهودة في التاريخ الإسلامي، وهي إيجابية وأفعال حسنة كما سبق إيضاحه حول تكامل القدرات والكفاءات، حتى قيل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنه لا يولِّي أحداً بأكثر من أربع سنوات، وهذا النهج الإداري هو ما تتشدق فيه بعض الأنظمة الإدارية الحديثة وقوانين الديمقراطية! وهذا مما ذُكر عن عمر من سياسات المحاسبة وتبادل الكفاءات «لقد هممتُ ألا أدع والياً أكثر من أربع سنين، إن كان عدلاً ملَّه الناس، وإن كان جائراً كفـاهم من جوره أربع سنين»، وبالرغم من عدم وصولي إلى مصدر يُوثِّق هذه المقولة إلا أن ابن حجر علَّق في فتح الباري، قائلاً: «مذهب عمر أنه لا يستمر بالعامل أكثر من أربع سنين»[38] .
ومما يَحْسُن التنبيه إليه: أن كتـابات بعض المستشرقين أو كثير منهم فيها محاولات حثيثة لتشويه التاريخ الإسلامي بتضخيم بعض الروايات، أو تشويه بعض الأحداث التاريخية بتفسيرات خاطئة مما لا يتناسب ذكره مع موضوع هذا المقال، ولكن دوافع معظم هذه الكتـابات أغراض فاسدة في محـاولات تشويه النماذج الحيَّة والتطبيقات الناجحة من أعمال هذه الأمة وقياداتها؛ إذ كثير من التصريحات أو التلميحات والإيحاءات بنقل الروايات الضعيفـة والموضـوعة، وبالذات في كتابات المستشرقين، وهو ما يترك انطباعاً لدى القارئ بأن التطبيـق العملي لشعائر هذا الدين وأخلاقياته وقيمه غير ممكنة حتى عند الصحابة رضي الله عنهم؛ فكيف بمن جاء بعدهم؟ ولسنا هنا بصدد الرد على تلك الافتراءات فلذلك موضع آخر عند غيري من المتخصصين مشكورين مأجورين. وفي رأيي أن هذه المرحلة الاستشراقية المتصفة بالانهزامية الثقافية قد انتهت إلى غير رجعـة بإذن الله، فقد تجاوزتها أمـة الإسلام بصحوتها العلمية، ويقظتها الفكرية والثقافية، وباعتزازها بدينها، وثقتها بتاريخها المدوَّن بالأسانيد. ويمكن الرجوع - مثلاً - إلى ما كتبه الأستاذ محمد الصادق عرجون رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وذلك لمن أراد معرفة مدى افتراء المستشرقين والردود عليهم[39].
هذا ما أحسبه الصواب حول التكامل في الاختلاف وأدبه بين الصحابة وما يرتبط به من مسائل[40]، وهو ما يجب أن يكون فيمن بعدهم. وأسأل الله أن يحفظ علينا ديننا بحفظ ألسنتنا وأقلامنا من الوقوع في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن يكرمنا وإخواننا المسلمين بالاستفادة من هذه الكنوز العلمية والمعرفية في تاريخنا الإسلامي.
ويبقى أن أقول: إن هذا التقصي العلمي المتواضع إن كان صواباً فهو توفيق من الله ساقه ومَنَحَه، وإن كان خطأً فحسبي أنني أردت به الخير واجتهدت في الاستفادة محاولاً الإفادة مبتغياً مرضاة الله بكل ذلك، فأسأله - سبحانه - أن لا يحرمني أجره ونفعه.
[1] الفرق بين الخلاف وبين الاختلاف في الاصطلاح ذكرها أبو البقاء الكفوي في كلياته على أربعة وجوه: فالاختلاف: هو أن يكون الطريق مختلفاً والمقصود واحداً، وهو ما يستند إلى دليل، والاختلاف من آثار الرحمة، والمراد فيه اختلاف الاجتهاد، لا اختلاف الناس في الهمم، ولو حَكَم به القاضي لا يجوز فسخه من غيره، أما الخلاف: فهو أن يكون كلاهما مختلفاً، وهو ما لا يستند إلى دليل، والخلاف من آثار البدعة. ولو حكم به القاضي يجوز فسخه (الكليات لأبو البقاء الكفوي: ص61).
[2] طبقات ابن سعد:3/384.
[3] تاريخ دمشق: 5/557، مختصر تاريخ دمشق: 8/20.
[4] تاريخ دمشق: 5/775، سير أعلام النبلاء: 4/378.
[5] تاريخ دمشق: 5/561، الكامل لابن الأثير: 2/537، البداية والنهاية: 7/116، تاريخ الطبري: 4/68.
[6] البداية والنهاية: 7/76.
[7] البداية والنهاية: 6/322.
[8] البخاري: 7189.
[9] البداية والنهاية: 6/323.
[10] سير أعلام النبلاء: 1/372.
[11] صحيح ابن حبان: 7091، مختصر تاريخ دمشق: 8/15.
[12] طبقات ابن سعد: 5/42-43، مختصر تاريخ دمشق: 8/26.
[13] طبقات ابن سعد: 5/43.
[14] الإصابة: 2/255، تاريخ دمشق: 5/558، سير أعلام النبلاء: 1/397،
[15] تاريخ الطبري: 4/67.
[16] السنن الكبرى كتاب المناقب: 5/77، تاريخ دمشق: 5/559، التاريخ الكبير للبخاري: 54، مسند الإمام أحمد: 3/476، المعجم الكبير للطبراني: 22/298، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/350.
[17] طبقات ابن سعد: 5/42، مختصر تاريخ دمشق: 8/25.
[18] السياسة الشرعية لابن تيمية: ص30.
[19] المنتقى من منهاج الاعتدال: ص362.
[20] صحيح مسلم: 1826.
[21] سنن الترمذي: 3801.
[22] السياسة الشرعية: ص16.
[23] كتاب خالد بن الوليد: ص318.
[24] صحيح البخاري: 3/1356، تاريخ الخلفاء الراشدين لمحمد أبا الخيل: ص168-170.
[25] العدالة الاجتماعية في الإسلام: ص131 - 132.
[26] تاريخ الطبري: 4/68، تاريخ دمشق: 5/560، الكامل لابن الأثير: 2/537، سير أعلام النبلاء: 1/380.
[27] تاريخ دمشق: 2/126.
[28] طبقات ابن سعد: 5/42.
[29] طبقات ابن سعد: 5/43.
[30] طبقات ابن سعد: 5/43، وقال عمر أيضاً من رواية ابن سعد كذلك: «يرحم الله أبا سليمان لقد كنا نظن به أموراً ما كانت» طبقات ابن سعد: 5/43، مختصر تاريخ دمشق: 8/27.
[31] البداية والنهاية: 4/71.
[32] طبقات ابن سعد: 5/42.
[33] سلسلة الأحاديث الصحيحة: 1/478.
[34] أبو داود: 4607، الترمذي: 266.
[35] سيرة ابن هشام: ٣/٢٣٤، تاريخ الطبري: 2/٥٧٣، الاستيعاب: 2/32.
[36] ابن هشام: 3/175، تاريخ الطبري: 2/566.
[37] صحيح مسلم: 2363.
[38] فتح الباري: 2/755.
[39] خصص عرجون - مأجوراً إن شاء الله - الفصول الثلاثة الأخيرة من كتابه: (خالد بن الوليد) للرد على هذه الافتراءات حيث قدَّم دراسة وافية من حيث الاستنباط والاستنتاج وتفسير بعض الروايات التاريخية، ولم تكن كذلك من حيث منهجية دراسة الأسانيد وجمعها - فجزاه الله خيراً على هذا العمل في دحض الشبهات عن التاريخ.
[40] كُتبت هذه الورقات عن هذه المسألة التاريخية زمن البحث في طبقات ابن سعد في دراسة الدكتوراه حوالي عام 1410هـ ولم تُنشَر، وكانت ترجمة خالد بن الوليد رضي الله عنه ضمن تراجم الطبقة الناقصة من المطبوع من طبقات ابن سعد، وقد تم مؤخراً مراجعتها علمياً، فكانت إضافات يسيرة عليها.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|