رد: مع اللغويين في المراد من كلمتي الحمام واليمام
مع اللغويين في المراد من كلمتي الحمام واليمام
د. خليل محمد أيوب
وممَّن أخذ برأي الكسائيِّ أبو هلالٍ العسكريُّ، يقول: ((والحمامُ عندَ العربِ ذواتُ الأطواقِ. فأمَّا الَّتي تكونُ فِي البيوتِ فتسمِّيها العربُ اليمامَ الواحدةُ يمامةٌ.))[57] أي أنَّ الحمامَ هو البرِّيُّ ذو الطّوقِ.
وأمَّا ابنُ سيده فيبدو من خلال جمع النُّصوص الّتي تكلَّم فيها على الحمام واليمام أنَّه كان مضطربًا غيرَ ثابت على رأي، وليس متابعًا للكسائيِّ كما يُفْهَمُ من نقل ابن منظور[58] عنه، فهو تارةً يأخذ برأي الكسائيِّ نصًّا، يقول: ((الحَمامُ مِنَ الطَّيْرِ: البَرّيُّ الَّذِي لَا يأْلَف الْبُيُوتَ.))[59]ويقول: ((والمطوَّقُ منَ الحمام: مَا كَانَ لَهُ طوقٌ))[60]وتارةً يعرض أقوال العلماء في المسألة من غير أن ينتصرَ لقولٍ، يقول: ((واليَمامُ: طائِرٌ، قِيلَ: هُوَ أَعَمُّ من الحمامِ، وقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ منه، وقيلَ: اليمامُ الّذي يُسْتَفْرَخُ، والحمامُ هو البَرِّيُّ الّذي لا يَأْلَفُ البُيُوتَ، وقِيلَ: اليَمَامُ: البَرِّيُّ من الحمامِ الّذي لا طَوْقَ لَهُ، والحَمَامُ: كُلُّ مُطَوَّقِ كالقُمْرِيِّ والدُّبْسِيِّ والفَاخِتَةِ.))[61] وتارةً ثالثةً يأخذ بقول أبي حاتم السجستانيِّ في الفرْق بين الحمام واليمام، يقول: ((اليَمام واحدتُها يَمامَةٌ، وَهِي كالحَمامَةِ إِلَّا أَنه لَيْسَ فوقَ ذُناباه بَياضٌ، وذَلِكَ الَّذي يَفصِلُ بَين الحَمامِ واليمام، وحمامُ مَكةَ أجمعُ يَمَامٌ. قَالُوا: والحَمامُ والدُّبْسيُّ والقُمْريُّ والفَاخِتَةُ والأُنَنُ -والجميع الإنَّان- واليَمَامُ كلُّ هَؤُلاء حمام، والوَرَاشِينُ وساقُ حُرٍّ. قَالُوا: واليَمامةُ بِعظَم الحَمامَة كَدْرَاءُ اللَّونِ بَين القَصِيرة والطَّويلة، ضَخْمَةُ الرَّأْس تكون فِي الشَّجَر والصَّحَاري، تَبِيضُ بَيْضًا عِظَامًا رُقْشًا مثلَ بَيْضِ الحُبارَى.))[62]
أمَّا الفيروزآباديُّ فكان يرى أنَّ قول الأصمعيّ لا يمكن أن يلتقيَ بقول الكسائيّ، ولهذا عرَّف الحمامَ بقوله: ((طائرٌ بَرّيٌّ لا يألَفُ البُيوتَ، أو كُلُّ ذي طَوْقٍ))[63] فحرْفُ العطف (أو) يُفْهَمُ منه أنَّ المعنيين الَّلذين ذكرهما الفيروز لا يمكن أن يلتقيا، والمعنى الأوّل أخذه عن الكسائيّ والثّانيَ عن الأصمعيّ.
وفي رأيي أنّ ذلك مردُّه إلى عدم تدقيق الفيروز فيما قاله الكسائيُّ والأصمعيُّ، وقد ظهر للدِّراسة أنَّ الكسائيَّ يشترط صفة الطَّوْق في الحمام، وأنَّه يلتقي بالأصمعيِّ في أنَّ الطَّير البرِّيَّ المطوَّقَ مِنَ الحمامِ، لا من اليمامِ.
3- القول الثّالث: الحمام هو ما عبَّ وهدر، أي: ما شرب نَفَسًا نَفَسًا، ورجّع في صوته: وهو قول الشَّافِعيِّ رحمه الله، يقول: ((والْحَمامُ: كُلُّ ما هَدَرَ وَعَبَّ في المَاءِ، والعرب تُسَمِّيهِ أَسْماءَ جَمَاعَةِ الْحَمَامِ، وَتَفَرَّق بِهِ بَعْدُ أَسْماءٌ، وهِيَ الحَمَامُ واليَمامُ والدَّباسِيُّ والقَمارِيُّ والفَواخِتُ وَغَيْرُهُ مِمَّا هَدَرَ.))[64] فالحمام عند الشافعيِّ هو ما عبّ وهدَرَ، وقد يكون مطوّقًا، وقد لا يكون، وقد يكون أهليًّا أو وحشيًّا.
وهذا الذي ذهب إليه الشافعيُّ لا يكاد يختلف عمّا ذهب إليه الجاحظ سوى أنَّ الجاحظ اقتصرَ على معنى الهدرِ صفةً للحمامِ، يقول: ((الحمامُ وحشيٌّ، وأهليٌّ، وبيوتيٌّ، وطُورانيٌّ، وكلُّ طائر يُعْرَفُ بالزِّواج، وبحسن الصَّوْت، والهديل، والدُّعاء، والتَّرجيع فهو حمامٌ، وإن خالفَ بعضُه بعضًا في بعض الصّوت واللّون، وفي بعض القدِّ. ولَحْنِ الهديل...والقُمْرِيُّ حمامٌ، والفاخِتَةُ حمامٌ، والوَرَشانُ حمامٌ. والشَّفنينُ حمامٌ، وكذلك اليمامُ واليعقوبُ، وضروبٌ أخرى كلُّها حمامٌ. ومفاخرُها الَّتي فيها تَرْجِعُ إلى الحمام الَّتي لا تُعْرَفُ إلّا بهذا الاسمِ.))[65] فالحمامُ عند الجاحظ بريٌّ ووحشيٌّ، وقد يكون مطوَّقًا، وقد لا يكون، والحدُّ في ذلك حسنُ الصّوت، والهديل، والدُّعاء، والتَّرجيع، وكلُّ أولئك ألفاظ لا تعني غير الهدير.
وقد روى الأزهريُّ رأي الشافعيِّ في مسألة اليمام والحمام، ثمَّ روته عنه العديدُ من معاجم اللُّغة، يقول: ((وأَخْبرني عبدُ الْملك، عَن الرّبيع، عَنِ الشّافعيِّ أَنّه قَالَ: كلُّ ما عَبَّ، وهَدَر فَهُوَ حَمامٌ، يدخلُ فيهِ القَمَاريُّ والدَّباسيُّ والفَواخِتُ سَواء كَانَ مُطَوَّقَةً أَو غيرَ مُطَوَّقَةٍ، آلفةً أَو وحْشِيّةً.
قلت: جعل الشّافعيُّ اسْمَ الحمام وَاقعًا على ما عبَّ وهَدَرَ، لا على ما كانَ ذا طَوْقٍ، فيدخُلُ فِيها الوُرْقُ الأهْلِيَّة والمُطَوّقَةُ الوَحْشِيَّةُ. وَمعنى عَبَّ أَي: شَرِبَ نَفَسًا نَفَسًا حَتَّى يَرْوَى، وَلم يَنْقُرِ الماءَ نقراً كما يَفْعَله سَائِرُ الطَّير. والهديرُ: صَوتُ الحمامِ كلِّه.))[66]
والنَّاظر المدقِّق فيما رواه الأزهريُّ عن الشّافعيِّ، يواجه شيئين مُشْكِلَين، وإن كانا لا يؤثران في مُراد الشَّافعيِّ:
أوّلًا: إنَّ الأنواع التي ذكرها الخبر المرويُّ عن الشَّافعيِّ مثالًا على ما يعبُّ ويهدِر، ((القَمَارِيُّ والدَّباسيُّ والفَواخِتُ)) كلُّها وحشيَّةٌ مطوَّقةٌ، وعليه فلا معنى لأن يقال بعد ذكرها ((سَوَاءٌ كانَ مُطَوَّقَةً أَو غيرَ مُطَوَّقَةٍ، آلفةً أَو وحْشِيّةً.)) وهذا يعني أن من روى الخبر للأزهريِّ لم يروه بلفظه، بل رواه بمعناه، وكان اهتمامُه منصبًّا على شرح مراد الشافعيِّ.
ولكنِّي وجدت الأزهريَّ في كتابٍ آخر[67] عن ألفاظ الشّافعيّ يذكر خبر الشافعيِّ كما ورد في كتاب الأمِّ، وكأنَّ الأزهريَّ لم يقتصر في هذا الكتاب على رواية خبر الشافعيِّ اعتمادًا على من رواه له من قبلُ، وإنّما عاد إلى كتاب الأمِّ، فاستلَّ منه رأي الشافعيِّ كما خطَّه الشافعيُّ.
ثانيًا: إنَّ القول المرويَّ عن الشّافعيِّ عند الأزهريِّ: ((سَوَاء كَانَ مُطَوَّقَةً أَو غيرَ مُطَوَّقَةٍ آلفةً أَو وحْشِيّةً )) يفهم منه أنَّ ثمَّة حمامًا غيرَ مطوَّقٍ يهدِر، وأنَّ منه الوحشيَّ والإنسيَّ، وهو قول ردَّه الأزهري نفسه في كتاب آخرَ؛ فقد قال: ((وقال الأصمعيُّ: كلُّ ما كان ذا طوقٍ، مثلُ: القُمْرِيُ والفاختهُ وأشباهُها فهو حمامٌ. قال الأزهريُّ: ولا يهدِر إلَّا هذه المطَوَّقاتُ...وأمَّا عبُّ الحمام، فإن البريَّ والأهليَّ من الحمام يعُبُّ إذا شرب.))[68] فقوله: لا يهدر إلّا هذه المطوَّقاتُ تعليقٌ على الأمثلة التي ذكرها الأصمعيُّ، وهو يحتمل أحد معنيين: أنَّ هذه المطوَّقاتِ التي ذكرها الأصمعيُّ وأشباهها هي الّتي تهدِر، وأنَّ هناك مطوقاتٍ أخرى لم يذكرها الأصمعيُّ لا تهدِر، وهذا معنى غير مراد؛ لأن كل ذي طوق ممّا يهدِر. المعنى الثَّاني: أنَّه لا يهدِر إلّا ما كان ذا طوق. وهو رأي غير صحيح، جانب فيه الأزهريُّ الصّوابَ؛ إذ ثمَّة طيورُ حمامٍ تعبُّ وتهدِر، ولا طوقَ لها.
وقد استحسن الرَّافعيُّ قولَ الشَّافعيِّ، فقال(المشهورُ أنَّ اسم الحمام يقع على كلِّ ما عبَّ وهدَرَ، فمنه صِغارٌ وكبارٌ، ويدخل فيه اليمامُ -وهي الّتي تألف البيوت- والقُمْرِيُّ والفاختةُ والدَّاس والفاسُ والقطا...))[69]وواضح أنّ اليمام عند الرافعي الّذي يألف البيوت، وهو قول الكسائيِّ، لكنّه ذكر أنّ العلماء لو اقتصروا في تفسير الحمام على العبِّ لكفاهم؛ لأنّ: ((ماله عبٌّ فله هديرٌ... يدلُّ عليه نصُّ الشّافعيِّ-رضى الله عنه- في عيون المسائل، قال: وما عبَّ في الماء عبًّا فهو حمامٌ، وما شَرِبَ قطْرَةً قطرةً كالدَّجاج فليس بحمامٍ.))[70]وتعقَّب الدّميريّ قولة الرّافعيِّ، فقال: ((وفيما قاله الرّافعيُّ نظر؛ لأنَّه لا يلزم من العبِّ الهدير قال الشّاعر:
عَلِقَ حَوْضِي نُغَرٌ مُكِبُّ *** إِذا غَفِلْتُ غَفْلَةً يَعُبُّ
وحُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُ[71]
وصف النُّغَرَ بالعبِّ، مع أنَّه لا يهدِر، وإلَّا كان حمامًا، والنُّغَرُ نوع من العصفور.))[72]
والحقُّ أنَّه ليس لاعتراض الرّافعيّ على من قَرَنَ العبَّ بالهدْر محلٌّ؛ فلو أنّه رجع إلى الأم لوجد الشّافعيَّ ينصُّ على لفظي العبِّ والهدْر، والذي أوقعه في هذا الاعتراض، وأوقع الإمامَ النّوويّ؛[73] إذ قال بمثل ما قال أنّهما لم يستقصيا المسألة في كتاب الأمّ، وإنّما أخذاها عن كتاب عيون المسائل لأبي بكر الفارسيِّ[74] الذي ضاع فيما ضاع من كتبنا، واكتفى فيه الفارسيُّ على ما يبدو بنقل نصِّ من الأمّ، اقتصر فيه الشافعيُّ على لفظ العبِّ، وهذا النصُّ هو: ((وعامَّةُ الحَمامِ ما وَصَفْت، ما عَبَّ في الماءِ عَبًّا مِنْ الطَّائِرِ فَهُوَ حَمامٌ، وما شَرِبَهُ قَطْرَةً قَطْرَةً كَشُرْبِ الدَّجاجِ فَلَيْسَ بِحَمامٍ.))[75] والشّافعيّ وإنِ اقتصر هنا على العبِّ، فقد قرنه في موضع آخرَ بالهدْر، ولعلّ اقتصاره على العبّ في هذا الموضع مرجعه إلى أنّ الهدْر صفةٌ تكاد تكون مطَّردةً للَّذي يعبُّ من الطَّير، وقلَّ أن تجد طيرًا يعبُّ، ولا يهدِر.
ولكن لماذا لم يأخذِ الشَّافعيُّ بقول الأصمعيِّ أو الكسائيِّ، ولماذا اخترع وصفًا جديدًا رأى أنَّه الأدلُّ على لفظي الحمام واليمام؟ وقبل الإجابة عن هذا السّؤالين يحسن أن أقرِّر أمرين مهمَّين:
الأوّل: أنّ الشّافعيَّ –كما قلت من قبلُ- حين عرض لمعنى الحمام لم يكن الجانبُ اللُّغويُّ مقصدَه وغايتَه، بل كان الفقهُ؛ إذ كان يريد تحديدَ مناطِ الحكم الشّرعيّ -وهو فِدْيةُ قتل الحمامة في الحرَم- وتنزيلَه على الواقع. وهذا معناه أنَّ الشّافعيَّ بذل أقصى الوُسْعِ في تحرير دِلالة لفظ الحمام؛ لأنَّ المسألة عنده مسألةُ دين.
الثاني: لا شك أنَّ الشَّافعيَّ اطَّلع على الخلاف النّاشب في المسألة بين أهل اللّغة - ولا سيِّما بين الأصمعيّ والكسائيّ- إذ هو من الخلاف المشهور المعلوم، ونظرَ فيه، وأدامَ النَّظر، فرأى أنَّ كلا الرَّأيين لم يهتدِ إلى الصَّواب في المسألة، فجادَ خاطرُه بصفتي العبِّ والهدْر حدًّا للحمام بعدَ طُول تأمُّلٍ وتفكيرٍ ومناقشةٍ.
ولكن كيف اهتدى الشَّافعيُّ إلى هذين الوصفين؟ والَّذي يظهر لي من بعد التّدقيق أنّ الشّافعيّ اهتدى إلى هذين الوصفين من خلال تأمّله الحمامَ والشاءَ، لكون الشاء فدية القتل المحرّم للحمامِ، فلحظ بينهما وجهَ شبهٍ يجمعهما، وذلك الشّبهُ هو العبُّ والهدْر، وعندها رأى أن يجعل هذه المشابهة حدًّا يحيط بلفظ الحمام، فصار الحمامُ عنده يشملُ المطوّق وغير المطوّق والبريّ والأهليّ.
وقد نبَّه غيرُ فقيهٍ على ملاحظة الشّافعيّ هذه المشابهة بين الحمام والشّاةِ، يقول السّرخسيُّ من أصحاب أبي حنيفةَ: ((وقال الشّافعيُّ - رحمه الله تعالى- في الحمامة شاةٌ، وهو قولُ ابن أبي ليلى، وزعم أنَّ بينهما مشابهةً من حيثُ إنَّ كلَّ واحد منهما يعبُّ، ويهدِر.))[76]وقال النَّوويُّ من أصحاب الشَّافعيِّ: ((وإن كان الصيد طائرًا، نظرت، فإن كان حمامًا، وهو الذى يعبُّ ويهدِر...فإنَّه يجب فيه شاةٌ؛ لأنَّه رُوِيَ ذلك عن عمرَ وعثمانَ ونافعِ بنِ عبد الحرث وابنِ عبّاس رضى الله عنهم، ولأنَّ الحمام يشبهُ الغنم؛ لأنّه يعبُّ ويهدِر.))[77]
4- القول الرّابع: الدّواجنُ: وهو قول العامّة: قال الجوهريُّ في ((...وعند العامّة أنّها الدّواجن فقط، وقال الأُمويُّ: الدّواجنُ: التي تُسْتَفْرَخُ في البيوت حَمامٌ أيضًا.))[78] وردَّ ابن قتيبةَ ذلك بالقول: ((وأمَّا الدّواجنُ في البيوت، فهي وما أشبهَها من طيرِ الصّحراء اليمامُ.))[79] وابن قتيبةَ محقٌّ في ردِّه؛ فهذه الدّواجنُ ليست من ذوات الطّوق، وهو – كما علمت- يشترط صفة الطّوق للحمام، ولا يختلف معنى الحمام عنده عن معنى الحمام عند الأصمعيّ؛ إذ بعضه بريٌّ مطوّقٌ، وبعضه أهليٌّ مطوٌّق.
رابعًا: الخاتمة:
وبعد كلّ الّذي عرضناه، واستقصيناه، وناقشناه أوجزُ أهمَّ ما اهتديت إليه في الدّراسة من نتائجَ:
♦ بيّنتِ الدّراسة أنّ تناول اللُّغويِّين للمراد من لفظي الحمام واليمام، سلك طرقًا عدّة فبعضُها لم يتعرّض للخلاف، وبعضُها أخذ برأي دون رأي، ثمّ عرض للخلاف بإجمال، وبعضُها فصَّل في الخلاف من دون ترجيح وجهٍ على وجهٍ، وبعضُها تناول الموضوع لغرض فقهيٍّ لا لغويٍّ، وذلك لتنزيل الحكم الشّرعيّ على الواقع.
♦ كشفتِ الدّراسة أنّ تناول اللّغويِّين لم يكن تناولًا شاملًا كاملًا، بل شابَه شيءٌ من الاضطراب والخلط وعدم التّدقيق؛ وأنّ هذه المصادر أغفلت ما بين هذه الأقوال من تلاقٍ، وعرضت المسألة على أنَّها نزاع لا هوادةَ فيه بين الأصمعيّ والكسائيّ.
♦ كشفتِ الدّراسة أنّ للحمام عند الأصمعيّ، ومن سار على دربه معنيين، معنى عامٌّ: وفيه يشْمَل الحمام اليمام، ومعنى خاصٌّ: لا يدخل فيه إلَّا ذو الطّوق، سواء أكان بريًّا أم أهليًّا.
♦ بيّنتِ الدّراسة أنّ الكسائيّ وافق على صفة الطّوق التي قال بها الأصمعيّ، وأنّ الحمام عنده هو البريُّ المطوّق، وليس كلُّ بريٍّ كما تروي عنه الكتب والمعاجم.
♦ بيّنتِ الدّراسة أنّ الحمام واليمام عند أبي حاتم هو البرّيُّ المطوّق، وأنّ الفرق بين الحمام واليمام كائن في بياض الذّنب أو عدمه، وأنّه لا يلتقي بالأصمعيّ والكسائيّ إلّا في القول بأنّ البرّيّ المطوّق حمامٌ، وأنّه يختلف معهما فيما وراءَ ذلك.
♦ بيّنتِ الدّراسة أنّ ابن سيده كان مضطربَ الرّأي في تعيين المراد من الحمام واليمام، وليس متابِعًا للكسائيّ كما يُفْهَم من نقْل ابن منظور عنه، فهو تارةً يأخذ برأي الكسائيّ نصًّا، وتارةً يعرض لأقوال العلماء في المسألة من غير أن ينتصرَ لقولٍ، وتارةً ثالثةً يأخذ بقول أبي حاتم السّجستانيّ في الفرق بين الحمام واليمام.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 28-11-2022 الساعة 05:32 AM.
|