رد: القصة الشعرية في العصر الجاهلي
أما الأبيات التي نحن مقبلون عليها الآن، وهي للملك الضليل أيضًا، فتتوسع في الحديث عن نزوله هو وأصحابه في بعض الطريق بغية الأكل والاستراحة، حيث نصبوا لأنفسهم ما يشبه الخيمة يستترون بها، ثم راحوا بعد ذلك يتناولون ما أعدوه من شواء لم يجدوا بدًّا حين انتهوا منه من مسح أيديهم في أعراف خيولهم؛ لعدم وجود مناديل معهم، كذلك لم يفت الشاعر التلفت حوله وتسجيل ما كان يراه من حيوان وحشي يقف على مقربة منهم ويتطلع إليهم بعيونه التي تشبه حبات الجَزع غير المثقوب، كما يقول، والجَزع حجر كريم تتخذ منه العقود التي تزين نحور الجميلات، وهو تشبيه عجيب، وهناك كلمة ليست شائعة الاستعمال في الأدب العربي، حتى في القديم منه، هي كلمة "نمش"، ولها علوق بالقلب رغم ذلك، وهي قريبة من "نمس"، وإن لم يقتصر معناها على مجرد المس، بل تضم إليه أيضًا معنى مسح اليد في شيء خشن بغية إزالة ما علق بها من دسم، وهذه هي الأبيات:
وقلت لفتيان كرام: ألا انزلوا 
فعالوا علينا فضلَ ثوبٍ مطنَّب 
وأوتاده مازيَّة، وعماده 
رُديْنيَّة فيها أسنَّة قُعْضب 
وأطنابه أشطانُ خوصٍ نجائبٍ 
وصهوتُه مِن أتحميٍّ مُشَرْعب 
فلمَّا دخَلْناه أضفنا ظهورَنا 
إلى كلِّ حاريٍّ جديدٍ مُشَطَّب 
فظلَّ لنا يومٌ لذيذ ونَعمة 
فقُلْ في مقيلٍ نحسُه متغيِّب 
كأنَّ عيونَ الوحش حول خبائِنا 
وأرْحُلنا الجَزْعُ الذي لم يُثقَّبِ 
نمشُّ بأعرافِ الجياد أكُفَّنا 
إذا نحن قُمْنا عن شواءٍ مُضهَّب 
إلى أن تروَّحْنا بلا متعنّت 
عليه كسيِّدِ الرَّدهةِ المتأوِّب 
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 22-11-2022 الساعة 10:21 PM.
|