
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد الخامس
الحلقة (388)
سُورَةُ النُّورِ
صـ 363 إلى صـ 370
[ ص: 363 ] قوله تعالى : أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ، الاستفهام في قوله : أفحسبتم للإنكار ، والحسبان هنا معناه : الظن ، يعني : أظننتم أنا خلقناكم عبثا لا لحكمة ، وأنكم لا ترجعون إلينا يوم القيامة ، فنجازيكم على أعمالكم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، ثم نزه - جل وعلا - نفسه ، عن أن يكون خلقهم عبثا ، وأنهم لا يرجعون إليه للحساب والجزاء .
وقوله : فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم أي تعاظم وتقدس ، وتنزه عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله ، ومنه خلقكم عبثا سبحانه وتعالى ، عن ذلك علوا كبيرا .
وما تضمنته هذه الآية من إنكار الظن المذكور جاء موضحا في غير هذا الموضع كقوله تعالى : وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار [ 38 \ 27 ] وقوله تعالى : وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق [ 44 \ 38 - 39 ] وقوله تعالى : أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى [ 75 \ 36 - 39 ] وقوله : سدى ، أي : مهملا لا يحاسب ولا يجازى ، وهو محل إنكار ظن ذلك في قوله : أيحسب الإنسان أن يترك سدى وقوله : عبثا : يجوز إعرابه حالا ، لأنه مصدر منكر ، أي : إنما خلقناكم في حال كوننا عابثين ، ويجوز أن يعرب مفعولا من أجله ، أي : إنما خلقناكم ; لأجل العبث لا لحكمة اقتضت خلقنا إياكم ، وأعربه بعضهم مفعولا مطلقا ، وليس بظاهر . قال القرطبي عبثا : أي مهملين ، والعبث في اللغة : اللعب ، ويدل على تفسيره في الآية باللعب قوله تعالى : وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين [ 44 \ 38 ] وقوله : الملك الحق [ 23 \ 161 ] ، قال بعضهم : أي : الذي يحق له الملك ; لأن كل شيء منه وإليه ، وقال بعضهم : الملك الحق : الثابت الذي لا يزول ملكه ، كما قدمنا إيضاحه في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى : وله الدين واصبا [ 16 \ 52 ] وإنما وصف عرشه بالكرم لعظمته وكبر شأنه والظاهر أن قوله : وأنكم إلينا لا ترجعون معطوف على قوله : أنما خلقناكم عبثا خلافا لمن قال : إنه معطوف على قوله : عبثا ; لأن الأول أظهر منه والعلم عند الله تعالى .
[ ص: 364 ] قوله تعالى : ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون .
البرهان : الدليل الذي لا يترك في الحق لبسا ، وقوله : لا برهان له به كقوله ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا الآية [ 22 \ 71 ] ، والسلطان : هو الحجة الواضحة وهو بمعنى : البرهان ، وقوله في هذه الآية الكريمة فإنما حسابه عند ربه قد بين أن حسابه الذي عند ربه ، لا فلاح له فيه بقوله بعده إنه لا يفلح الكافرون وأعظم الكافرين كفرا هو من يدعو مع الله إلها آخر ، لا برهان له به ، ونفي الفلاح عنه يدل على هلاكه وأنه من أهل النار ، وقد حذر الله من دعاء إله معه في آيات كثيرة كقوله : ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين [ 51 \ 51 ] وقوله : ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون [ 28 \ 88 ] وقوله تعالى : لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا [ 17 \ 22 ] والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا ، ولا خلاف بين أهل العلم أن قوله هنا : لا برهان له به لا مفهوم مخالفة له ، فلا يصح لأحد أن يقول : أما من عبد معه إلها آخر له برهان به فلا مانع من ذلك ; لاستحالة وجود برهان على عبادة إله آخر معه ، بل البراهين القطعية المتواترة ، دالة على أنه هو المعبود وحده - جل وعلا - ولا يمكن أن يوجد دليل على عبادة غيره ألبتة .
وقد تقرر في فن الأصول أن من موانع اعتبار مفهوم المخالفة ، كون تخصيص الوصف بالذكر لموافقته للواقع فيرد النص ذاكرا لوصف الموافق للواقع ليطبق عليه الحكم ، فتخصيصه بالذكر إذا ليس لإخراج المفهوم عن حكم المنطوق ، بل لتخصيص الوصف بالذكر لموافقته للواقع .
ومن أمثلته في القرآن هذه الآية ; لأن قوله : لا برهان له به وصف مطابق للواقع ; لأنهم يدعون معه غيره بلا برهان ، فذكر الوصف لموافقته الواقع ، لا لإخراج المفهوم عن حكم المنطوق .
ومن أمثلته في القرآن أيضا قوله تعالى : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين [ 3 \ 28 ] ; لأنه نزل في قوم والوا اليهود دون المؤمنين ، فقوله من دون المؤمنين ذكر لموافقته للواقع لا لإخراج المفهوم ، عن حكم المنطوق ومعلوم أن اتخاذ [ ص: 365 ] المؤمنين الكافرين أولياء ، ممنوع على كل حال ، وإلى هذا أشار في مراقي السعود في ذكره موانع اعتبار مفهوم المخالفة بقوله :
أو امتنان أو وفاق الواقع والجهل والتأكيد عند السامع
وقوله تعالى في خاتمة هذه السورة الكريمة : وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين فيه الدليل على أن ذلك الفريق ، الذين كانوا يقولون : ( ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ) . موفقون في دعائهم ذلك ولذا أثنى الله عليهم به ، وأمر به نبيه - صلى الله عليه وسلم - لتقتدي به أمته في ذلك ، ومعمول اغفر وارحم حذف هنا ، لدلالة ما تقدم عليه في قوله : فاغفر لنا وارحمنا [ 7 \ 155 ] والمغفرة : ستر الذنوب بعفو الله وحلمه حتى لا يظهر لها أثر يتضرر به صاحبها ، والرحمة صفة الله التي اشتق لنفسه منها اسمه الرحمن ، واسمه الرحيم ، وهي صفة تظهر آثارها في خلقه الذين يرحمهم ، وصيغة التفضيل في قوله : وأنت خير الراحمين ; لأن المخلوقين قد يرحم بعضهم بعضا ، ولا شك أن رحمة الله تخالف رحمة خلقه ، كمخالفة ذاته وسائر صفاته لذواتهم ، وصفاتهم كما أوضحناه في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى : ثم استوى على العرش [ 7 \ 54 ] والعلم عند الله تعالى .
[ ص: 366 ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ النُّورِ
قَوْلُهُ تَعَالَى : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ كُلَّ زَانِيَةٍ وَكُلَّ زَانٍ يَجِبُ جَلْدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ; لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي قَوْلِهِ : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ، إِنْ قُلْنَا : إِنَّهُمَا مَوْصُولٌ وَصِلَتُهُمَا الْوَصْفُ الَّذِي هُوَ اسْمُ الْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ، فَالْمَوْصُولَاتُ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ .
وَإِنْ قُلْنَا : إِنَّهُمَا لِلتَّعْرِيفِ لِتَنَاسِي الْوَصْفِيَّةِ ، وَأَنَّ مُرْتَكِبَ تِلْكَ الْفَاحِشَةِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الزَّانِي ، كَإِطْلَاقِ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ الِاسْتِغْرَاقَ ، فَالْعُمُومُ الشَّامِلُ لِكُلِّ زَانِيَةٍ وَكُلِّ زَانٍ ، هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ ، عَلَى جَمِيعِ الِاحْتِمَالَاتِ .
وَظَاهِرُ هَذَا الْعُمُومِ شُمُولُهُ لِلْعَبْدِ ، وَالْحُرِّ ، وَالْأَمَةِ ، وَالْحُرَّةِ ، وَالْبِكْرِ ، وَالْمُحْصَنِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ .
وَظَاهِرُهُ أَيْضًا : أَنَّهُ لَا تُغَرَّبُ الزَّانِيَةُ ، وَلَا الزَّانِي عَامًا مَعَ الْجَلْدِ ، وَلَكِنَّ بَعْضَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ عُمُومَ الزَّانِيَةِ يُخَصَّصُ مَرَّتَيْنِ .
إِحْدَاهُمَا : تَخْصِيصُ حُكْمِ جَلْدِهَا مِائَةً بِكَوْنِهَا حُرَّةً ، أَمَّا إِنْ كَانَتْ أَمَةً ، فَإِنَّهَا تُجْلَدُ نِصْفَ الْمِائَةِ وَهُوَ خَمْسُونَ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْإِمَاءِ : فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [ 4 \ 25 ] ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ هُنَا : الْحَرَائِرُ وَالْعَذَابُ الْجَلْدُ ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحُرَّةِ الزَّانِيَةِ : مِائَةُ جَلْدَةٍ وَالْأَمَةُ عَلَيْهَا نِصْفُهُ بِنَصِّ آيَةِ " النِّسَاءِ " هَذِهِ ، وَهُوَ خَمْسُونَ ; فَآيَةُ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [ 4 \ 25 ] ، مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ، بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّانِيَةِ الْأُنْثَى .
وَأَمَّا التَّخْصِيصُ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ لِعُمُومِ الزَّانِيَةِ فِي آيَةِ " النُّورِ " هَذِهِ فَهُوَ بِآيَةٍ مَنْسُوخَةِ التِّلَاوَةِ ، بَاقِيَةِ الْحُكْمِ ، تَقْتَضِي أَنَّ عُمُومَ الزَّانِيَةِ هُنَا مُخَصَّصٌ بِكَوْنِهَا بِكْرًا .
[ ص: 367 ] أَمَّا إِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً ، بِمَعْنَى أَنَّهَا قَدْ تَزَوَّجَتْ مِنْ قَبْلِ الزِّنَى ، وَجَامَعَهَا زَوْجُهَا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَإِنَّهَا تُرْجَمُ .
وَالْآيَةُ الَّتِي خَصَصَتْهَا بِهَذَا الْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا مَنْسُوخَةُ التِّلَاوَةِ بَاقِيَةُ الْحُكْمِ ، هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .
وَهَذَا التَّخْصِيصُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ : لَا يُجْمَعُ لِلزَّانِي الْمُحْصَنِ ، بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ ، وَإِنَّمَا يُرْجَمُ فَقَطْ بِدُونِ جَلْدٍ .
أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فَلَا تَخْصِيصَ ، وَإِنَّمَا فِي آيَةِ الرَّجْمِ زِيَادَتُهُ عَلَى الْجَلْدِ ، فَكِلْتَا الْآيَتَيْنِ أَثْبَتَتْ حُكْمًا لَمْ تُثْبِتْهُ الْأُخْرَى ، وَسَيَأْتِي إِيضَاحُ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَيْرَ بَعِيدٍ وَأَقْوَالُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ وَمُنَاقَشَةُ أَدِلَّتِهِمْ .
أَمَّا الزَّانِي الذَّكَرُ فَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا ، أَنَّهَا مَنْسُوخَةُ التِّلَاوَةِ بَاقِيَةُ الْحُكْمِ عَلَى تَخْصِيصِ عُمُومِهِ ، وَأَنَّ الَّذِي يُجْلَدُ الْمِائَةَ مِنَ الذُّكُورِ ، إِنَّمَا هُوَ الزَّانِي الْبِكْرُ ، وَأَمَّا الْمُحْصَنُ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ ، وَهَذَا التَّخْصِيصُ فِي الذَّكَرِ أَيْضًا إِنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى الْجَمْعَ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ ; كَمَا أَوْضَحْنَاهُ قَرِيبًا فِي الْأُنْثَى .
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فَلَا تَخْصِيصَ ، بَلْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْآيَتَيْنِ أَثْبَتَتْ حُكْمًا لَمْ تُثْبِتْهُ الْأُخْرَى .
وَعُمُومُ الزَّانِي فِي آيَةِ " النُّورِ " هَذِهِ ، مُخَصَّصٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَيْضًا مَرَّةً أُخْرَى ، بِكَوْنِ جَلْدِ الْمِائَةِ خَاصًّا بِالزَّانِي الْحُرِّ ، أَمَّا الزَّانِي الذَّكَرُ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ نِصْفَ الْمِائَةِ ، وَهُوَ الْخَمْسُونَ .
وَوَجْهُ هَذَا التَّخْصِيصِ : إِلْحَاقُ الْعَبْدِ بِالْأَمَةِ فِي تَشْطِيرِ حَدِّ الزِّنَى بِالرِّقِّ ; لِأَنَّ مَنَاطَ التَّشْطِيرِ الرِّقُّ بِلَا شَكٍّ ; لِأَنَّ الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحُدُودِ وَصْفَانِ طَرْدِيَّانِ ، لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا حُكْمٌ ، فَدَلَّ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةِ " النِّسَاءِ " فِي الْإِمَاءِ : فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [ 4 \ 25 ] ، أَنَّ الرِّقَّ مَنَاطُ تَشْطِيرِ حَدِّ الزِّنَى ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي الْحُدُودِ ، فَالْمُخَصِّصُ لِعُمُومِ الزَّانِي فِي الْحَقِيقَةِ ، هُوَ مَا أَفَادَتْهُ آيَةُ : فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ، وَإِنْ سَمَّاهُ الْأُصُولِيُّونَ تَخْصِيصًا بِالْقِيَاسِ ، فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَخْصِيصُ آيَةٍ بِمَا فُهِمَ مِنْ آيَةٍ أُخْرَى .
[ ص: 368 ] مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّ رَجْمَ الزَّانِيَيْنِ الْمُحْصَنَيْنِ دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَتَانِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، إِحْدَاهُمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا ، وَبَقِيَ حُكْمُهَا ، وَالثَّانِيَةُ : بَاقِيَةُ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ ، أَمَّا الَّتِي نُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا ، وَبَقِيَ حُكْمُهَا فَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ ) إِلَى آخِرِهَا ; كَمَا سَيَأْتِي ، وَكَوْنُ الرَّجْمِ ثَابِتًا بِالْقُرْآنِ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ .
قَالَ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ : فِي بَابِ رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَى إِذَا أَحْصَنَتْ :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى ، وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا ، إِذْ رَجَعَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ : لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَلْ لَكَ فِي فُلَانٍ يَقُولُ : لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فَلْتَةً فَتَمَّتْ ، فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ : إِنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ .
وَفِيهِ : إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الرَّجْمِ ، فَقَرَأْنَاهَا ، وَعَقَلْنَاهَا ، وَوَعَيْنَاهَا ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى ، إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ ، انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ .
وَفِيهِ : أَنَّ الرَّجْمَ نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، وَكَوْنُهَا لَمْ تُقْرَأْ فِي الصُّحُفِ ، يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ تِلَاوَتِهَا ، مَعَ بَقَاءِ حُكْمِهَا ; كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ .
وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ : لَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، أَلَا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى ، وَقَدْ أَحْصَنَ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَمْلُ ، أَوْ الِاعْتِرَافُ .
قَالَ سُفْيَانُ : كَذَا حَفِظْتُ : أَلَا وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ .
[ ص: 369 ] وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " فَتْحِ الْبَارِي " ، فِي شَرْحِهِ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ ، فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ : أَوْ الِاعْتِرَافُ ، وَقَدْ قَرَأْنَاهَا : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ ) ، وَقَدْ رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِهِ : وَقَدْ قَرَأْنَاهَا إِلَى قَوْلِهِ : الْبَتَّةَ ، وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ هُوَ الَّذِي حَذَفَ ذَلِكَ عَمْدًا ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ سُفْيَانَ كَرِوَايَةِ جَعْفَرٍ ، ثُمَّ قَالَ : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ . . . ) غَيْرَ سُفْيَانَ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَهِمَ فِي ذَلِكَ .
قُلْتُ : وَقَدْ أَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ ، وَيُونُسَ ، وَمَعْمَرٍ ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، وَعَقِيلٍ ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنِ الزُّهْرِيِّ .
وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ : لَمَّا صَدَرَ عُمَرُ مِنَ الْحَجِّ ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، قَدْ سُنَّتْ لَكُمُ السُّنَنُ ، وَفُرِضَتْ لَكُمُ الْفَرَائِضُ ، وَتُرِكْتُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ ، ثُمَّ قَالَ : إِيَّاكُمْ أَنْ تَهْلِكُوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ ، أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : لَا نَجِدُ حَدَّيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، فَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَمْنَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا بِيَدِي : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ ) ، قَالَ مَالِكٌ : الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ : الثَّيِّبُ وَالثَّيِّبَةُ .
وَوَقَعَ فِي الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ عُمَرَ : لَكَتَبْتُهَا فِي آخِرِ الْقُرْآنِ .
وَوَقَعَتْ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي رِوَايَةِ أَبِي مَعْشَرٍ الْآتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا ، فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ فَقَالَ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ : قَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، وَلَوْلَا أَنْ يَقُولُوا : كَتَبَ عُمَرُ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، لَكَتَبْتُهُ قَدْ قَرَأْنَا : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .
وَأَخْرَجَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ ، مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : وَلَقَدْ كَانَ فِيهَا ، أَيْ سُورَةِ " الْأَحْزَابِ " ، آيَةُ الرَّجْمِ : ( الشَّيْخُ ) ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ .
[ ص: 370 ] وَمِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ " مِثْلَهُ ، إِلَى قَوْلِهِ : " الْبَتَّةَ " .
وَمِنْ رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّ خَالَتَهُ أَخْبَرَتْهُ ، قَالَتْ : لَقَدْ أَقْرَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آيَةَ الرَّجْمِ ، فَذَكَرَهُ إِلَى قَوْلِهِ : " الْبَتَّةَ " ، وَزَادَ " بِمَا قَضَيَا مِنَ اللَّذَّةِ " .
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ أَيْضًا أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ قَالَ لِزَيْدٍ : أَلَا تَكْتُبْهَا فِي الْمُصْحَفِ ؟ قَالَ : لَا أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّابَّيْنِ الثَّيِّبَيْنِ يُرْجَمَانِ وَلَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَنَا أَكْفِيكُمْ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَكْتِبْنِي آيَةَ الرَّجْمِ ، فَقَالَ : " لَا أَسْتَطِيعُ " .
وَرُوِّينَا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ لِابْنِ الضُّرَيْسِ مِنْ طَرِيقِ يَعْلَى وَهُوَ ابْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ : لَا تَشُكُّوا فِي الرَّجْمِ فَإِنَّهُ حَقٌّ ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَكْتُبَهُ فِي الْمُصْحَفِ ، فَسَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ أَتَيْتَنِي ، وَأَنَا أَسْتَقْرِئُهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَدَفَعْتَ فِي صَدْرِي ، وَقُلْتَ : اسْتَقْرِئْهُ آيَةَ الرَّجْمِ ، وَهُمْ يَتَسَافَدُونَ تَسَافُدَ الْحُمُرِ ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى بَيَانِ السَّبَبِ فِي رَفْعِ تِلَاوَتِهَا ، وَهُوَ الِاخْتِلَافُ .
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ ، قَالَ : كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ يَكْتُبَانِ فِي الْمُصْحَفِ ، فَمَرَّا عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَالَ زَيْدٌ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ " ، فَقَالَ عُمَرُ : لَمَّا نَزَلَتْ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقُلْتُ : أَكْتُبُهَا ؟ فَكَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْخَ إِذَا زَنَى ، وَلَمْ يُحْصِنْ جُلِدَ ، وَأَنَّ الشَّابَّ إِذَا زَنَى وَقَدْ أَحْصَنَ رُجِمَ .
فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ السَّبَبُ فِي نَسْخِ تِلَاوَتِهَا لِكَوْنِ الْعَمَلِ عَلَى غَيْرِ الظَّاهِرِ مِنْ عُمُومِهَا ، انْتَهَى بِطُولِهِ مِنْ فَتْحِ الْبَارِي .
وَفِيهِ الدَّلَالَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ آيَةَ الرَّجْمِ مَنْسُوخَةُ التِّلَاوَةِ ، بَاقِيَةُ الْحُكْمِ ، وَأَنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِآيَةِ الْجَلْدِ ، عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الرَّجْمِ وَالْجَلَدِ ، كَمَا تَقَدَّمَ .
