عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25-09-2022, 10:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكاية الشعرية: حكايات أحمد شوقي نموذجا

أن للثعلب دينا

أنا أتساءل، وربما القارئ تساءل أيضاً: مَن هذا الثعلب؟ ومن الديك؟.

قصة رمزية جميلة الصياغة، جميلة النسج القصصي، زاد عنصر التشويق من جمالها، والبيت الأخير غدا مثلاُ يجري مع الأمثال، يضرب للمحتال، هل أقول: لا وجود لهم في هذا العصر؟:
مخطئ من ظن يوماً ♦♦♦ أن للثعلب دينا

البيت الأخير بيت المفاجأة على حد تعبير عمر أبي ريشة، فقد كان يصرف نصف جهده في القصيدة على البيت الأخير، وشوقي كان يصرف نصف جهده في القصيدة على المطلع.

ولم ينظم شوقي أقاصيصه على بحر واحد بل نظم على بحور مختلفة، وقد كثر في نظمه مجازيء البحور؛ فالنص السابق مجزوء بحر الرمل:
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن: جعله شوقي مجزوءًا
برز الثعلب يوماً: فاعلاتن فعلاتن.

وقد يأتي ببحر الرجز، ويسمى هذا البحر: حمار الشعر، وبعضهم لا يعده من البحور الشعرية وتفعيلاته:
مستفعلن مستفعلن مستفعلن ...

وقد كثر الرجز في الشعر العربي القديم، وظهر شعراء أطلق عليهم اسم الرُّجاز، وصلتنا منهم أسماء منها: العجَّاج وابنه رؤبة، وأبو النجم العجلي... وبعض الشعراء وعلماء الشعر كان يحفظ آلاف القصائد من شعر الرجز، وهذا البحر قليل في عصرنا هذا.

نظم شوقي على هذا البحر أكثر من حكاية من ذلك الحكاية التالية:
أنت وأنا
يحكون أن رجلاً كرديا
كان عظيم الجسم همشريا

وكان يلقي الرعب في القلوب
بكثرة السلاح في الجيوب

ويُفزع اليهود والنصارى
ويرعب الكبار والصغارا

وكلما مر هناك وهنا
يصيح بالناس: أنا؟ أنا! أنا!

نمى حديثه إلى صبي
صغير جسم بطل قوي

لا يعرف الناس له الفتوة
وليس ممن يدعون القوه

فقال للقوم: سأدريكم به
فتعلمون صدقه من كذبه

وسار نحو الهمشري في عجل
والناس مما سيكون في وجل

ومد نحوه يميناً قاسيه
بضربة كادت تكون القاضيه

فلم يحرك ساكناً ولا ارتبك
ولا انتهى عن زعمه ولا ترك

بل قال للغالب قولاً لينا:
الآن صرنا اثنين: أنت وأنا

فهل هذه الحكاية واقعية؟ هل يوجد في مجتمع ما مثل هذا الهمشري المدعي القوة؟ الحكاية تقول: كان عظيم الجسم، ومن كانت هذه صفته فالأرجح أنه قوي، ولكنه جبان، وفي أمثال العرب:
( الشجاع موقَّى ) [1] وشرحه بقوله: وذلك أنه قل من يرغب في مبارزته خوفاً على نفسه، وهذا كما يقال: احرص على الموت توهب لك الحياة.

وقد أضيف إلى المثل السابق العبارة: والجبان ملقَّى، فأصبح المثلان مثلاً واحداً هو: الشجاع موقى، والجبان ملقى.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.36 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]