عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-09-2022, 09:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,063
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات مع سورة العصر: في رحاب سورة العصر

عن بعض السلف: تعلَّمتُ معنى السورةِ من بائع ثلج؛ كان يصيح ويقول: ارحموا مَن يذوبُ رأسُ مالِه، ارحموا مَن يذوبُ رأسُ مالِه، فقلتُ: هذا معنى ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [العصر: 2]، يمرُّ به العصرُ فيمضي عمرُه ولا يكتسب، فإذا هو خاسر[4].
وَأَرَى الزَّمَانَ سَفِينَةً تَجْرِي بِنَا
نَحْوَ الْمَنُونِ وَلَا نَرَى حَرَكَاتِهِ


قال قتادةُ: فأدُّوا إلى اللَّه من أعمالِكُم خيرًا في هذا الليلِ والنَّهارِ، فإنَّهما مطيَّتانِ تُقْحمانِ الناسَ إلى آجالِهِم، يقرِّبان كلَّ بعيد، ويُبليانِ كلَّ جديد، ويَجِيئانِ بكلِّ موعودٍ إلى يوم القيامة[5].

وكَانَ الحَسَنُ يَقُول: ابْنَ آدَم، إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ، كُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُك[6].

وقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: كما أنَّ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ يَعْمَلَانِ فِيكَ، فَاعْمَلْ فِيهِمَا[7].
إِذا كانَ رَأْسُ الْمالِ عُمْرَكَ فاحْتَرِزْ
عَلَيْهِ مِنَ الإِنْفاقِ فِي غَيْرِ واجِبِ
فَبَيْنَ اخْتِلافِ اللَّيلِ وَالصُّبْحِ مَعْركٌ
يَكِرُّ عَلَيْنا جَيْشُهُ بِالْعَجائِبِ


وعَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا كَانَ أَحَدُهُمْ أَشَحَّ عَلَى عُمْرِهِ مِنْهُ عَلَى دِرْهَمِهِ وَدِينَارِهِ[8]، وكان بعضهم يقول:

لِقَاءُ النَّاسِ لَيْسَ يُفِيدُ شَيْئًا
سِوى الإِكْثَارِ مِنْ قِيلٍ وَقَالِ
فَأَقْلِلْ مِنْ لِقَاءِ النَّاسِ إِلَّا
لِكَسْبِ الْعِلْمِ أَوْ إِصْلاحِ حَالِ[9]


وقديمًا قيل: الأيامُ ثَلاثَةٌ: أَمْسِ قَدْ مَضَى بِمَا فِيهِ، وغدًا لعلك لا تُدْرِكُه، وإنما هو يومُك هذا فاجتهدْ فيه، فلِلَّهِ دَرُّ مَنْ تَنَبَّهَ لِنَفْسِهِ، وَتَزَوَّدَ لِرَمْسِه، وَاسْتَدْرَكَ مَا مَضَى مِنْ أمْسِه قبلَ طُولِ حَبْسِه [10].
يقُولُونَ إنَّ الدَّهرَ يَومَانِ كُلَّهُ
فَيومٌ مَسَرَّاتٌ ويومٌ مكَارِهُ
وما صَدَقُوا والدَّهْرُ يومٌ مسَرَّةٌ
وأَيَّامُ مَكْرُوهٍ كَثِيرُ البَدَائِهِ


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [يونس: 45].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم وأستغفر الله، فاستغفروه ثم توبوا إليه إنه هو الغفور التواب الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي لا خيرَ إلا منه، ولا فضلَ إلا من لدُنه، أحمدُه حمدًا لا انقطاعَ لراتِبِه، ولا إقلاعَ لسحائبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، سميعٌ لمن يُنادِيه، قريبٌ ممن يُناجِيه، وأشهد أن نبيَّنا وحبيبنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والسائرين على ذلك السبيل، وسائر المُنتمين إلى ذلك القَبيل، وبعـد:
قال رجلٌ لدَاوُد الطَّائِيِّ: أَوْصِنِي، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَخِي، إِنَّمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مَرَاحِلُ يَنْزِلُهَا النَّاسُ مَرْحَلَةً مَرْحَلَةً، حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهِمْ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ سَفَرِهِمْ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُقَدِّمَ كُلَّ يومٍ زَادًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْك فَافْعَلْ، فَإِنَّ انْقِطَاعَ السَّفَرِ عَنْ قَرِيبٍ، وَالأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَتَزَوَّدْ لِنَفْسِكَ وَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ[11].

وقال يحيى بن معاذ: الفوتُ أشدُّ من الموت؛ لأن الفوتَ انقطاعٌ عن الحق، والموتُ انقطاعٌ عن الخلْق[12].

ورحم اللهُ الوزيرَ ابنَ هبيرةَ، إذ يقول:
والوقْتُ أَنْفَسُ ما عُنِيتَ بِحِفْظِهِ
وَأَرَاهُ أسْهَلَ ما عليكَ يَضِيعُ[13]


قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ما ندمتُ على شيءٍ ندمي على يومٍ غرَبَتْ شمسُه، نقصَ فيه أجلي، ولم يزِد فيه عملي[14].
إِذَا مَضَتِ الأَوْقَاتُ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ
وَلَمْ تَكُ مَحْزُوْنًا فَذَا أعْظَمُ الخَطْبِ
عَلامَةُ مَوْتِ الْقَلْبِ أَنْ لا تَرَى بِهِ
حَرَاكًا إِلى التَّقْوَى ومَيْلًا عَنِ الذَّنْبِ


لَمَّا عَلِمَ الصَّالِحُون قِصَرَ العُمرِ، وحثَّهُم حادِي ﴿ وَسَارِعُوا ﴾ [آل عمران: 133]؛ طَوَوْا مَرَاحِلَ اللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ انْتِهَابًا لِلأَوْقَاتِ.
دَقَّاتُ قَلْبِ المَرْءِ قائِلَةٌ لَهُ
إنَّ الحَيَاةَ دَقَائِقٌ وَثَوَانِي
فَارْفَعْ لِنَفْسِكَ بَعدْ مَوْتِكَ ذِكْرَهَا
فَالذِّكْرُ لِلإِنْسَانِ عُمْرٌ ثَانِي



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.50 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.97%)]