
18-09-2022, 07:01 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة :
|
|
كيف تصبح إنسانا فعالا وناجحا؟
كيف تصبح إنسانا فعالا وناجحا؟
عبدالمجيد قناوي
منذ أقدم العصور والإنسان يبحث عن مقياس دقيق يقيس به نفسه بين الناس؛ حتى يكون على بيِّنة من اختيار صحبه، أو شريكة حياته، أو دائرة عمله.
ولو رجعنا إلى علماء النفس المعاصرين، لما وجدنا عندهم مقياسًا لتلك الأعراض أدق من مقياس ما يُسمى بـ: "الكياسة" أو"السلوك الذكي".
يقول دكتور اسمه "ويليام راملي":
الجميع يريدون النجاح والظفر في الحياة؛ البعض ينجحون، والأكثرية تفشل، فلماذا ينجح هؤلاء ويفشل أولئك؟
والشخص الكيِّس هو الذي يستطيع بسلوكه في بيئة معينة أن يحُلَّ المشاكل التي تعترضه في تلك البيئة.
والباحثون في دراسة البيئات وأسباب فشل الناس في حلِّها، خرجوا من دراساتهم الطويلة بأن الكياسة تقوم على ثلاث دعائم أساسية؛ وهي:
الأولى: رغبة الشخص في حل المشكلة.
الثانية: قابليته لحلِّها.
الثالثة: كفاءته لعلاج العلاقات الإنسانية المتصلة بتلك المشكلة، على تشابك تلك العلاقات وتعقيدها.
والإنسان منذ طفولته إلى مماته مولع بمقارنة نفسه والحكم عليها بسواه من البشر، وحتى يتسنى لك أن تفهم الناس من حولك في بيئة معينة؛ لا بد أن تحسن فَهمك لهم عامَّة؛ لأن طريقة فهمك للناس:
1- هي التي تُعيِّن وتُقرر مدى نجاحك في عملك مثلًا؛ وهل نحسن اختيار الإنسان المسؤول الذي يدفعنا إلى الأمام، أم نظل خاضعين للإنسان الذي يَكبِت ويميت المواهب، ويخمد جذوة الفلاح فيهم، ويدَّعي لنفسه كل ما يؤدونه من خير، ويفزعهم من العزل عند أقل هفوة؟
2- هي التي تُعيِّن وتُقرر مدى توفيقك في اختيار شريك حياتك، وتمتعك بحياة سعيدة؛ أم أنت من وَقود مَحاكِم الأحوال الشخصية الذين لا يُرجى لهم وفاق زوجي مهما بدلوا من أزواج؟
3- هي التي تُعيِّن وتُقرر مدى فلاحك في تخيُّر الصديق الذي يعينك على التقدم والتوفيق في بلوغ غاياتك من الحياة؛ أم أنت لا تختار إلا أصدقاء السرَّاء الذين تختفي آثارهم عند أول نكبة تُبتلَى بها؟
فعلى الإنسان أن يفكر؛ لأن التفكير هو طريق الفهم والتعلم.
الطريق إلى النجاح:
بالفقر أم بالغنى؟!
إن غريزة الاقتناء وحب الثراء أو الإثراء شيءٌ فطري في الإنسان، ولكن القِيَم الخلقية والعقائدية والتقاليد الإيجابية في الماضي كانت محافظة على جلالها وقدسيتها، وكان أكثر الناس يضعونها في مرتبة أعلى من المال؛ فلا يُضحُّون بها أو يَخرجون عليها مهما قَوِيت عوامل الإغراء، أو بلغت بهم الحاجة.
كان فلاسفة الشرق يميلون إلى تقديس النواحي الرُّوحية وعدم الاهتمام بالماديات الدنيوية، حتى جاءت حضارة الغرب تتغلغل، وانتشرت في جميع بلدان العالم حاملة معها التبشير بتقديس المادة ووضعها فوق كل اعتبار.
وفلسفة الزهد وعدم المبالاة بمطالب الحياة تضرُّ بالفرد والمجتمع، وتؤدي بهم إلى شلِّ الإنتاج، بل تجعلهم يموتون موتًا بطيئًا وهم مُسْتكِينون راضون، لا يفكرون في إصلاح حالهم، وتحسين بيئتهم وظروفهم، ورفع مستوى معيشتهم.
ولا شك أن الإسراف في تقديس المطامع المادية وعبادة المال من أهم عوامل الشقاء للفرد والأسرة والمجتمع، بل هو مبعث أغلب المشاكل الخطيرة التي يعانيها الإنسان؛ لأنها تهبط به إلى مستوى قريب جدًّا من الحيوان.
أما الفقر، فهو يبلِّد العقل، ويذل النفس، ويضعف الجسم (البدن)، والغنى يتيح الفرصة أمام المرء للنضوج والسُّمو والاستمتاع بالمساهمة في الخدمات الاجتماعية.
وهناك من يرى: "أنه من يُولد وفي فمه مِلعقة من ذهب، وحوله أكداس منه (الذهب)، فلا يُطلَب منه أدنى جهد لكي يعيش - يلقى عناءً كبيرًا في سبيل نمو شخصيته ونضوج عواطفه"؛ لأن نمو الشخصية يستلزم مواجهة الصعاب والتمرُّس بالمسؤوليات؛ ليصبح لديه "حاسَّة الحُكم" الصحيح على الأشياء بما يلزمها، وهذا يؤدي به إلى القيام بواجباته ومسؤولياته في البيت والعمل، ومواجهة الطوارئ والمفاجآت التي لا بد من لقائها من حين لآخر، مهما طال عمر الإنسان.
صحيح أن المال على الرغم من كل مساهماته الرائعة في حياة الإنسان، فإنه يستطيع أن يخيب الآمال إلى حدٍّ بعيد.
هذا الاستنتاج يتنافر مباشرة مع أحد أهم المبادئ المحورية التي تواجه سلوك البشر؛ وهو المبدأ القائل: "إننا كلَّما جمعنا مالًا أكثر، زادَتْ سعادتُنا".
والمُحزِن في الأمر أن الأشخاص الذين يفرطون في التخطيط لتحسين أوضاعهم المادية يعرِّضون أنفسهم للاستغلال والمذلَّة والانحراف؛ سعيًا وراء المال.
ومن البديهي أيضًا أن تؤدي بهم توقعاتُهم - وخاصة إذا كانت غير واقعية حول ما يمكن أن يوفِّره لهم المال - إلى الإحساس بمشاعر سلبية؛ مثل: الحسد، والحرمان، وخيبة الأمل.
وفي بعض الحالات القصوى يمكن أن يُودِي السعيُ وراء المال بحياة الكثير من الأشخاص، فهؤلاء الناس ينسون معنى:
الاسترخاء، والضحك والاستمتاع بالحياة، حتى ولو توصَّلوا إلى جمع الثروات؛ فـ:
يستطيع المال أن يكون أي شيء تريدُه، لكن ذلك يتوقف على شخصيتك وطريقة تفكيرك؛ من الممكن أن يصبح المال أصل كل الشرور، أو حلًّا لكل المشاكل، أو جمرة تحرق جيبك فتثقبه، أو وسيلة للتحرر.
إن "برنارد شو"[1]كان - فكريًّا - من اللادينيين المتسامحين مع الأديان، مِن أشهر مَن رفض جائزة نوبل حين قُدِّمت له؛ حيث قال: "إن هذا طوق نجاة يُلقى به إلى رجل وصل فعلًا إلى بر الأمان، ولم يعد عليه مِن خطر".
وقال: "إنني أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت، لكنني لا أغفر له أنه اخترع جائزة نوبل".
ويقول أيضًا: "إن النظرة العالمية إلى المال هي الحقيقة الوحيدة المُتفائلة في حضارتنا، المال هو أهم ما في الدنيا، إنه يُمثِّل الصحة والقوة والشرف والكرم والجمال، وأهم فضائله هي أنه يُحطِّم الإنسان الذليل تمامًا كما يرفع مقام الإنسان النبيل ويُقويه".
أما عن النجاح، فيقول:
ولقد عبَّر العلماء عن النجاح الحقيقي للمرء بأنه ليس فيما يبلغه دخله من عمله، أو مقدار رصيده في البنوك، وما يملك من عقارات، وعلَّلوا ذلك بأن عنصر الحظ يلعب دورًا هامًّا في كسب المال، وقد يكون على حساب الشرف والكرامة والأخلاق، بل أكَّدوا بأن:
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|