عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-09-2022, 05:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,225
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حتى لا تملأ نفسك إحباطا

حتى لا تملأ نفسك إحباطا


أ. حسام الحفناوي





وقد شَهِد رجلٌ عند عمر بن الخطَّاب رضي اللَّه تعالى عنه بشهادة, فقال له عمر: لستُ أَعرفُك, ولا يَضُرُّك أَلَّا أَعْرِفَك, ائْتِ بمَنْ يَعْرِفُك, فقال له رجلٌ من القوم: أنا أعرفُه, قال: فبأيِّ شيء تعرفُه؟ قال: بالعَدالَة والفضل, قال: فهو جارُك الأَدْنَى الذي تعرف ليلَه ونهارَه ومُدْخَلَه ومُخْرَجَه؟ قال: لا, قال: فمُعامِلُك بِالدِّينار والدِّرْهم اللَّذَيْن بهما يُسْتَدَلُّ على الوَرَع؟ قال: لا, قال: فرَفِيقُك في السَّفَر الذي يُسْتَدَلُّ به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا, قال: لستَ تَعْرفُه, ثم قال للرجل: ائْتِ بمَنْ يَعْرِفُك.[15]

فلا تَعْجَل في تَقييم الناس قبل وَزْنهم، ولا تُفْرط في رسم صورة ذِهْنِيَّة - سَلْبِيَّةٍ كانت أو إيجابية - قبل مُعاشَرتهم؛ فإنك إن عَجِلْتَ أو أَفْرَطْتَ، أَفْجَعْتَ نفسَك لا مَحالة، وجعلتَها عُرْضَةً لتوالي الصَّدَمات، مما يَمْلأ نفسَك إحْباطًا، ويُفْقِدُك الثقةَ بالناس جُمْلَةً، ويُشْعِرُك بخُلُو زمانك ممن يَصْلُح أن يرتقي لمَرْتبة الاقْتِداء والتَّأَسِّي.


[1] هي جمع أُسْوة، قال حريث بن زيد الخيل:
ولولا الأُسا ما عِشْتُ في الناس ساعةً ولكن إذا ما شئتُ جاوَبَنِي مِثْلي
ويجوز الكسر فيها، فيُقال: إسوة، وتُجمع على إِسًا. انظر: تاج العروس للزبيدي (37 / 76،75).

[2] أخرجه البخاري، كتاب: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب: فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (برقم3651)، ومسلم، كتاب: فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم (برقم 2533) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

[3] أي وجهًا لوجه.

[4] رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (11/ 415)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 306)، وانظر: تهذيب الكمال للمزي (20/ 359)، والبيتان قالهما أبو الطيب المتنبي في قصيدة له في مدح علي ابن أحمد بن عامر الأنطاكي، مع اختلاف في الشطر الأول في البيت الأول، فلعله اقتبسهما إن صحت رواية الخطيب إلى الإمامين؛ لكونهما متقدمان عليه زمنيًا، وقد ذكر عدد من الأدباء أنه اقتبس معنى البيت الثاني من البيتين المنسوبين لأبي تمام الواردين بعده أعلاه، وذكر العميدي أن المتنبي أخذ معنى البيتين من قول عبيد الله بن طاهر:
قد بَلْوناه مرة بعد أخرى
فوجدناه صالحَ الآثار

واختبرنا منه خَلائقَ زُهْرًا
صَغَّرَت ما أتى على الأخبار


وقول بشار بن برد:
وإني لقادتني إليه محبتي
ورغبته في الشكر يحويه والحمدِ

فما جئتُه حتى رأيتُ خَلائقًا
يُداوى بها المرضى ألذَّ من الشَّهْد

وصَغَّر في عيني اختبارُ خِصاله
محاسنَ أخبار أتتني على البُعْد

فكم نِعْمةٍ أُلْبِسْتُها بعد نِعْمةٍ
وكم نَفْحَةٍ في جُوْده حَصُلَت عندي


انظر: الوساطة بين المتنبي وخصومه لأبي الحسن الجرجاني (ص133)، والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لضياء الدين ابن الأثير (3/ 261،260)، وصبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي (2/ 336)، والصبح المُنْبِي عن حيثية المتنبي ليوسف البديعي الدمشقي (1/ 306)، والإبانة عن سرقات المتنبي لفظًا ومعنى لأبي سعد العميدي (ص135).

[5] رواه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (2/ 577)، ومن طريق ابن إسحاق رواه الطبري في تاريخه (3/ 145)، والبيهقي في دلائل النبوة (5/ 337)، وفي الإسناد جهالة وإرسال إن لكن إعضال. ورواه ابن سعد في الطبقات (1/ 243) عن شيخه الواقدي ـ وهو متروك الحديث ـ بإسنادين، في أحدهما هشام الكلبي ـ وهو متروك أيضًا ـ وكلا الإسنادان مُعْضَلٌ أيضًا. وإنما أوردت الخبر لتوضيح المعنى المراد، لا ليُنسب للنبي عليه الصلاة والسلام؛ لما في أسانيده من ضعف شديد.

[6] روي البيتان بألفاظ أخرى، وهما منسوبان لأبي تمام، قال ابن خلكان في وفيات الأعيان (1/ 362): والناس يروون هذين البيتين لأبي تمام في القاضي أحمد بن أبي دواد، وهو غلط، لأن البيتين ليسا لأبي تمام، وهم يروونهما عن أحمد بن دواد، وهو ليس بابن دواد، بل ابن أبي دواد، ولو قال ذلك، لما استقام الوزن. وقد اقتبس ابن هانئ الأندلسي هذين البيتين، وقالهما في جعفر بن رباح الكتامي، أحد قادة المعز لدين الله العبيدي، انظر: شرح ديوان المتنبي لأبي البقاء العكبري (2/ 155)، وتاريخ دمشق لابن عساكر (72/ 143)، والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لضياء الدين ابن الأثير (3/ 261،260)، وصبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي (2/ 336).

[7] مثل مشهور عند العرب، يُضْرَبُ لمن له ذِكْرٌ في الناس كبير، ولكن ليس له جسمٌ يملأ عينَ الناظر إليه، فلا يوحي مظهره الذي قد يُزْدَرَى بخبره ذائع الصيت، وقد يسبق المثل بأن، أو بلأن، ويروى أيضًا: تسمع بالمعيدي، لا أن تراه، والمعيدي تصغير معدي، نسبة إلى معد بن عدنان، وأصله بتشديد الدال، ثم خُفِّفت عند التصغير، كراهية اجتماع الساكنين، ويقال: بتشديد الدال. وقد اشتهر أن قائله النعمان بن المنذر، أو المنذر بن ماء السماء، وهما من ملوك العرب بالحيرة في الجاهلية، قاله في شقة بن ضمرة التميمي، وكان فاتكًا، يُغِيْر على مال النعمان بن المنذر، فيأخذه، ولا يقدرون، فأُعجب به النعمان لشجاعته وإقدامه، فأَمَّنَه، فلما حضر بين يديه، ورآه، استزرى مرآته؛ لأنه كان دميم الخِلْقة، فلما قال ما قال، مُستنكرًا أن توافق هيئتُه شهرتَه، رد عليه شقة بعبارة أخرى، طارت مثلًا في العرب، وهي قوله: إنما المرء بأَصْغَريه، قلبه، ولسانه، قال: إن نطق، نطق ببيان، وإن قاتل، قاتل بجنان، فقال: صدقت، لله درك، وكان بينهما محاورة، ثم جعله النعمان من خواصه. وقيل: إنه قاله في الصقعب بن عمرو النهدي، وكان رجلًا قصيرًا دميمًا، تقتحمه العين، ولكنه كان شريفًا. انظر: جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري (1/ 267،266)، ومجمع الأمثال للميداني (1/ 130،129)، والمستقصى في أمثال العرب (1/ 371،370)، وربيع الأبرار (2/ 201،200)، وكلاهما للزمخشري، وزهر الأكم في الأمثال والحكم لليوسي (3/ 176-178).

[8] الأبيات من قصيدة لكُثَيِّر عزة. انظر: أمالي القالي (1/ 47،46)، وزهر الآداب وثمر الألباب للحصري القيرواني (2/ 411،410)، والبداية والنهاية (9/ 279)، وزهر الأكم في الأمثال والحكم لليوسي (3/ 107).

[9] انظر: تهذيب الكمال للمزي (16/ 32)، والبعرة هي ما يخرج من بطون الإبل، والشاء، والبقر الوحشي، والأرانب، وغيرها. انظر: تاج العروس للزبيدي (10/ 218).

[10] أخرجه البزار في مسنده كما في البحر الزخار (10/ 40)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 358)، وأبو الشيخ الأصبهاني في أمثال الحديث (ص155)، وغيرهم مرفوعًا، قال البزار: والحديث منكر مرفوع، وأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص61) موقوفًا بإسناد منقطع، والحديث كل طرقه ضعيفة، انظر: المقاصد الحسنة للسخاوي (ص69،68)، والسلسلة الضعيفة للألباني (5/ 129،128).

[11] انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين ابن الأثير (4/ 106،105).


[12] انظر: المستقصى من أمثال العرب (1/ 93). وانظر للمزيد: جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري (1/ 106،105)، ومجمع الأمثال لأبي الفضل الميداني (2/ 363).


[13] انظر: تهذيب الكمال للمزي (31/ 339).

[14] البيت الثاني للشاعر ابن لنكك، وقد ذكر البيتين معًا المؤيد بالله يحيى بن حمزة في الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز (1/ 219). وانظر: ثمار القلوب في المضاف والمنسوب لعبد الملك الثعالبي (ص592)، وأسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني (ص116).

[15] أخرجه الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية (ص83)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (14/ 237).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.44 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]