كلمات في الطريق (139)
أ. محمد خير رمضان يوسف
الأستاذ "محمد قطب" رحمهُ الله كان مفكرًا إسلاميًّا عاليَ الثقافة،
ومن علماءِ النفسِ الكبارِ أيضًا،
يعرفُ هذا من قرأ كتبه:
"الإنسان بين المادية والإسلام"،
و"دراسات في النفس الإنسانية"،
و"في النفس والمجتمع".
وقد جمعني به لقاءٌ في أوائل هذا القرنِ الهجري،
فطرحتُ عليه فكرةَ إنشاء مصحَّاتٍ نفسيةٍ إسلامية،
يتعالجُ فيها المرضَى النفسانيون من المسلمين،
بما يتناسبُ عقائدهم وسلوكياتهم وبيئاتهم الإسلامية،
بدلَ أن يرتادوا عياداتٍ نفسيةً لا اهتمامَ لأصحابها بالجوانبِ الإسلاميةِ من النفسِ البشرية،
فدراستهم وثقافتهم كلها من كتبٍ وأفكارٍ أجنبيةٍ لا ذكرَ للإسلامِ فيها،
ويُبنَى على ذلك معالجاتهم المبتسرةَ للمرضَى المسلمين.
ولكنهُ رحمَهُ الله لم يتشجَّعْ لذلك،
وذكرَ أن المساجدَ موجودةٌ وهي كافية.
وربما قصدَ تثبيتَ وتفعيلَ جهدِ العلماءِ والدعاةِ في ذلك،
وليبقَى دورهم راسخًا في المجتمع،
فهم أطباؤهُ ومُسعفوه.
وما زلتُ عند رأيي،
فليس كلُّ العلماءِ على علمٍ وثقافةٍ بالنفسِ البشريةِ وأدوائها وعللها،
وخاصةً ما يعاني منه الشبابُ وغيرهم من الآثارِ الضارَّةِ للمدنيةِ الغربية،
ومشكلاتهم الناجمةِ عن الظلمِ والفقرِ والذلِّ والهوانِ في بلادهم.
وتبقَى الحاجةُ إلى من يجمعُ بين الثقافتين الإسلامية والنفسية.
وقد وُجدت مراكزُ ومشافٍ للعلاجِ النفسي الإسلامي،
ونجحَ بعضها بفضلِ الله،
على قلَّتها.