
07-09-2022, 03:37 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,304
الدولة :
|
|
رد: نظرة عامة حول مفهومي العلاقات الإنسانية والصحة النفسية
نظرة عامة حول مفهومي العلاقات الإنسانية والصحة النفسية
أحلام يحيى
6- دور الإدارة في تحسين العلاقات الإنسانية:
لا يمكن للإدارة أن تقوم بدور إيجابي في تحسين العلاقات الإنسانية إلا إذا توافر لديها أولاً أساسٌ مِن العلم والمعرفة بأسُس ونظريات العلاقات الإنسانية، ويُمكنها بهذا العلم وهذه المعرفة أن تضع الخطط وترسم السياسات وتنفِّذ البرامج التي تؤدِّي إلى تحسين العلاقات الإنسانية، وفيما يلي مجموعة من الأدوار يُمكن للإدارة القيام بها حتى تستطيع تحسين العلاقات الإنسانية بين عامليها، هي كالتالي: (الحربي، 2007، (ص: 66- 67).
1- الاتصال الفعال: وهو انتقال أو تبادل الخبرة والأخبار والأفكار والبيانات والدوافع والحقائق والآراء والمفاهيم والاتجاهات بين اثنين أو أكثر، فهو يساعد في مجال تقويم الأداء، وتحديد المعايير، والتنسيق بين الوحدات، وربط مختلف الأقسام في وحدة مُتكامِلة.
2- المشاركة: وهي العمل كوحدة اجتماعية بروح الفريق، وهي عملية نفسية تساعد في تحقيق الحاجة إلى التقدير الاجتماعي وتحقيق الذات، ولا تعني الاشتراك جسميًّا في إدارة العمل أو مجرد حضور الاجتماعات؛ وإنما المساهمة بفعالية في العمليات الإدارية، سواء الاستشارية أو التنفيذية.
3- التشاور: وهو العمل الفعلي للمُشاركة، وله أثر كبير في تَحسين العلاقات الإنسانية بين العاملين ورئيس العمل، أو بين العاملين فيما بينَهم، وهو يُساعد الأفراد على الفهم ودراسة جوانب الموضوعات كل على حِدَة، وعلى التأنِّي في إصدار الأحكام قبل الدراسة الكاملة.
4- الاهتمام بالنواحي الاجتماعية: ويَشمل ذلك الاهتمام بشؤون الأُسرة، وعلاج كثير من المشكلات الاجتماعيَّة التي تَعوق إنتاجية الفرد، أو رضاه عن العمل، أو تكيفه في جوِّ العمل، وهذا مِن شأنه تدعيم العلاقات التلقائية التي توضِّح الميول والاتجاهات الحقيقيَّة للناس أكثر من اللقاء في العمل والاتصال الرسمي؛ مثل: الحفلات.
5- الاهتمام بالنواحي النفسية: وهو دليل لحسْن العلاقات الإنسانية، فلا بدَّ مِن الاهتمام بالنواحي الشخصية والنفسية للفرد، حتى يتمَّ الاهتمام به ككل؛ وذلك بقصد بثِّ الطُّمأنينة والثقة بالنفس، ورفع الروح النفسية، وتحسين قنوات الاتصال بين رئيس العمل والأفراد بما يزيل التوتُّر والانفعال.
ثانيًا- الصحة النفسية:
1- مفهوم الصحة النفسية:
أصبح مصطلح الصحة النفسية شائعًا بين عامة الناس، شأنه في ذلك شأن غيره من مصطلحات علم النفس؛ كالعُقد النفسيَّة، والهستيريا؛ إذ نجد الكثير منهم يستخدمها- بمناسبة وبغير مناسبة- في معانٍ لا تتفق مع المفهوم العلمي لهذه المصطلحات، وفيما يلي سنحاول تقديم بعض المفاهيم للصحة النفسية؛ حتى يستطيع القارئ فهم معناها [أبو العمرين، 2008، (ص: 9- 11)]:
أ- المفهوم الفلسفي: ما يزال مفهوم الصحة النفسية غامضًا ويُثير الكثير مِن الجدل؛ وذلك لأن هذا المفهوم يستند إلى مسلَّمة فلسفية أساسها المُخالَفة بين الجسد والعقل، وفي إطار هذه المسلَّمة نجد العديد من الآراء المختلفة التي ناقشت مفهوم الصحة النفسية؛ ومنها: العبيدي [أبو العمرين، 2008، (ص: 9)]، والذي عرفها بأنها: "الشخصية بين السَّواءِ والمرض؛ وذلك لأنَّ مفهوم الشخصية لا يضطرب إلا باضطراب مفهوم الصحة النفسية"، وهذا يعني أن الفرد إذا كان يعاني من صحة نفسية مضطربة، هذا يؤدي به لا محالة إلى اضطراب الشخصية، وبالتالي إلى المرض النفسي.
ب- المفهوم الطبي: هذا المفهوم يتناول الصحَّة النفسية مِن جانبَين؛ هما:
• أن الصحة النفسية قد قيست على أساس الصحة الجسمية؛ بحيث إذا كانت الصحة الجسمية هي خلوَّ الفرد مِن الأمراض الجسمية؛ فإن الصحة النفسية هي خلوُّ الفرد من الأمراض النفسية والعقلية.
• أنها تركز على الفرد؛ فهو المُسنَد إليه دائمًا في صورة الفاعل.
جـ- المفهوم الإيكولوجي: الإيكولوجيا فرع من البيولوجيا الذي يَتناول علاقات الكائنات العضوية، وفي حالة الإيكولوجيا الإنسانية فتعني: دراسة النواحي الخاصة في علاقات تعايش الكائنات البشرية مع نظمها الإنسانيَّة، والمفهوم الإيكولوجي لا ينظر إلى المرض النفسي على أنه نتيجة لأسلوب غير متلائم للشخصية، بل على أنه ناشئ نتيجة لتعرُّض الأفراد إلى سلسلة مِن المشكلات الحياتية والأحداث الموقفيَّة التي لا تَحتمل الإهمال وترك أمرها للصدفة، بل تتطلَّب حلولاً عملية وسريعة.
د- المفهوم النفسي: حيث يشير سامر جميل رضوان (2007) حول المفهوم النفسي للصحة النفسية إلى أن فرويد قد أجاب عن السؤال حول معيار الصحة النفسية بقوله: "إنها القدرة على الحب والحياة"، فالإنسان السليم نفسيًّا هو الإنسان الذي تَمتلك الأنا لديه قدرتها الكاملة على التنظيم والإنجاز، وتمتلك مدخلاً لجميع أجزاء الهُوَ، ويستطيع ممارسة تأثيره عليه، ولا يوجد هناك عداء طبيعي بين الأنا والهُوَ، بل ينتميان لبعضهما البعض، ولا يُمكن فصلهما عمليًّا عن بعضهما في حالة الصحة؛ [رضوان، 2007، (ص: 35)].
2- تعريف الصحة النفسية:
اختلف الباحثون في ميدان العلوم الإنسانية في تحديد مفهوم للصحَّة النفسية؛ وذلك وفقًا لخلفياتهم وتخصُّصاتهم العلمية ومذاهبهم الفكرية، وهو ما جعل الإجماع على تعريف واحد لمفهوم الصحة النفسية أمرًا صعبًا، وفيما يلي سنقوم بذكر بعض التعاريف المُختلفة لتَقريب الفهم لكل مَن يقرأ.
عرَّفها حاتم محمد آدم (2005) فقال: "هي قدرة الفرد على إزالة العقبات التي تواجهه بسلوك سوي يتميَّز بالمرونة التي تَكفل له التكيُّف مع هذه العقبات في حالة عجزِه عن إزالتها نهائيًّا، والنتيجة التلقائية لذلك هي: الاتزان النفسي، والذي يُعتبَر المؤشر الجيد للصحة النفسية"؛ [آدم، 2005، (ص: 69)].
هذا، وعرفها مصطفى فهمي (1995) على أنها: "عِلم التكيُّف أو التوافق النفسي الذي يهدف إلى تماسك الشخصية ووحدتها، وتقبُّل الفرد لذاته، وتقبُّل الآخرين له؛ بحيث يترتَّب على هذا كله شعوره بالسعادة والراحة النفسية"؛ [فهمي، 1995، (ص: 18)].
كما عرفها عبدالعزيز القوصي (1952) على أنها: "تكيُّف الفرد مع بيئته المادية والاجتماعية"؛ [القوصي، 1952، (ص: 3)].
في حين عرَّفها كيلاندر بأنها: "مدى قدرة الفرد على التأثير في بيئته، وقدرته على التكيُّف مع الحياة؛ مما يؤدي بصاحبه إلى قدر معقول من الإشباع الشخصي والكفاءة والسعادة"؛ [المطيري، 2005، (ص: 25)].
كما قامت منظَّمة الصحة العالمية بتقديم تعريف للصحة النفسية على أنها: "حالة من العافية التي يحقِّق فيها الفرد قدراته، ويُمكن أن يتغلَّب على الإجهادات العادية في الحياة، ويمكن أن يعمل بإنتاجية مُثمرة، ويكون قادرًا على المساهمة في مجتمعه"؛ [منظمة الصحة العالمية، 2004، (ص: 6)].
من خلال عرض هذه التعاريف نستخلص الأفكار التالية التي تأتي بمثابة أهمية للصحة النفسية:
• القُدرة على إزالة العقبات أو التكيُّف معها.
• إن الصحة النفسية تهدف إلى تماسُك الشخصيَّة ووحدتها، وبالتالي تماسُك المجتمع.
• إنها تهدف إلى تقبُّل الفرد لذاته، وتقبُّل الآخرين له؛ مما يؤدِّي إلى زيادة التعاون بين أفراد المجتمع.
• إنها تتضمَّن مفهومي الشعور بالسَّعادة والراحة النفسية التي تدعَم الصحَّة البدنيَّة.
• القُدرة على التأثير في البيئة المادية والاجتماعية والتكيُّف معها.
• تؤدِّي إلى زيادة الإنتاجية.
وهذا يوصلنا إلى فكرة مفادها أن الصحة النفسية لا تعني فقط خلوَّ الفرد مِن أعراض الاضطراب النفسي؛ وإنما يمتدُّ مفهومها ليشمل العديد مِن الجوانب المتعلِّقة بشخصية الفرد واتجاهاتِه.
3- مناهج الصحة النفسيَّة:
أشار أشرف محمد عبدالغني في كتابه: "المدخل إلى الصحة النفسية" إلى أن هناك ثلاثة مناهج للصحة النفسية؛ هي: [عبدالغني، 2001، (ص: 24- 28)].
1- المنهج النمائي: وهو طريقة بنائية تُستخدم مع الأسوياء، وصولاً بهم إلى أقصى درجة ممكنة- بالنسبة إلى كل منهم- من الصحة النفسية، بما يتضمنه هذا المنهج من السعادة والكفاءة والرضا عن الذات والآخَرين؛ وذلك من خلال الدراسة العلمية الدقيقة لإمكانيات الأفراد وجوانب تفوُّقهم، والعمل على تنميتِها.
2- المنهج الوقائي: تعني الوقاية -بوجه عام- مجموع الجهود المبذولة للتحكم في حدوث الاضطراب أو المرض والسيطرة عليهما، أو التقليل من شدة ظاهرةٍ غيرِ مَرغوبة؛ كالمرض العقلي، أو الجنوح، أو الجريمة، وللمنهج الوقائي مستويات ثلاثة: وقاية أوليَّة: تهدف إلى اتخاذ إجراءات مُسبقة لمنع حدوث المرض، ووقاية ثانوية: الغاية منها إنقاص شدَّة المرض والتقليل منه، ووقاية من الدرجة الثالثة: تهدف بدورها إلى خفْض العجز الناتج عن المرض العقلي.
3- المنهج العلاجي: ويهدف إلى العمل على علاج حالات سوء التوافُق وعدم السَّواء؛ للعودة بهم إلى حالة التوافق والسواء؛ عن طريق تقديم الخدمة العلاجية المناسبة لكافة أنواع المرضى.
4- نسبية الصحة النفسيَّة:
إنَّ نسبية الصحة النفسية تجعل من السواء واللاسواء يقعان على درجات سلم التوزيع الاعتدالي بين مَن يتمتَّع بالصحة النفسية بدرجة عالية والذين يتمتعون بها بدرجة ضعيفة، في حين تقع المستويات الأخرى بين هذين القطبين، ويرجع ذلك إلى عدم وجود حدٍّ فاصل بين الصحة النفسية والمرض النفسي، وتتمثَّل نسبية هذه الأخيرة فيما يلي: [عبدالغني، 2001، (ص: 15- 19)]
أ- نسبيتها من فرد لآخَر: كما يَختلف الناس عن بعضهم البعض في كلٍّ مِن الطول والوزن، فإنهم يختلفون كذلك في درجة الصحة النفسية؛ لأنها نسبية، ولا تتبع قانون الكل أو لا شيء.
ب- نسبيَّتها لدى الفرد الواحد من وقت لآخر: وهذا راجع إلى التأثُّر بمواقف الحياة المتغيِّرة.
ج- نسبيَّتها تبعًا لمَراحلِ النمو: إنَّ الحكم على سلوك معين بأنه دليل على الصحة النفسية يَرتبِط ارتباطًا وثيقًا بمرحلة النمو التي يمرُّ بها الفرد؛ لذا فإن الصحة النفسية من هذا المنظور أمر نسبي.
د- نسبيَّتها تبعًا لمتغير الزمان: ونقصد بالزمان هنا الحقبة التاريخية، والأمثلة على ذلك كثيرة؛ فقد كان اللص مثلاً في "إسبرطة" لا يُعاقب؛ إذ كان يُنظَر إلى سلوكه هذا على أنه دليل ذكاء وفِطنة.
هـ- نسبيَّتها تبعًا لمتغيِّر المجتمعات: تختلف معايير السلوك الدال على الصحة النفسية باختِلاف عادات وتقاليد المُجتمَعات؛ حيث نلاحظ أن للقيم المادية والاقتصادية أهميةً قصوى في المجتمع الصناعي الغربي في العصر الحالي، في حين ما يزال يوجد اهتمام بالقيم الروحية والدينية لدى عدد أكبر مِن سكان المُجتمَعات الشرقية حاليًّا بالمقارنة بالمجتمعات الغربية.
وفي الأخير نستطيع أن تستخلص من خلال النماذج المذكورة أنَّ الحكْم على الصحة النفسية يختلف تبعًا لعوامل شتى؛ أهمها: الزمان والمكان ومراحل النمو؛ لذا يتعيَّن أن تُراعي مثل هذه الأحكام مختلفَ المتغيرات التي تؤثِّر في الصحة النفسية، والتي تعدُّ إلى حدٍّ كبير نسبيَّةً.
5- مؤشِّرات الصحة النفسية:
هناك بعض المؤشرات التي يمكن من خلالها الاستدلال على الصحة النفسية لفرد ما، هي: [المطيري، 2005، (ص: 32- 38)].
• تقبُّل الفرد الواقعي لحدود إمكاناته: الإنسان السوي هو الذي يُدرِك حدود إمكاناته وقدراته، وفهم نفسه تمام الفهم.
• المرونة والاستفادة من الخبرات السابقة؛ حيث يعدل الفرد سلوكه استنادًا إلى خبراته السابقة، مع الحرص على عدم تكرار السلوكيات الفاشلة السابقة.
• التوافق الذاتي؛ أي أن يتقبَّل الفرد ذاته كما هي بكل جوانبها، وأن يكون لديه مفهوم إيجابي عن ذاته، وهذا الأخير يتكوَّن وينمو من خلال الممارسات الوالدية داخل الأسرة.
• التوافق الاجتماعي: ويشمَل التوافُق الأسري والمدرسي والمِهني، والتوافق الاجتماعي بمعناه الواسع.
• الشُّعور بالسعادة: ويتضمَّن الشعور بالسعادة مع النفس ومع الآخرين، والتكامل الاجتماعي، والصداقات الاجتماعية.
• تحقيق الذات واستقلال القدرات: ويتضمَّن فهم النفس، والتقييم الواقعي الموضوعي للقدرات، وتقبُّل مبدأ الفروق الفردية واحترامها.
• الاتزان الانفعالي: يتمثَّل في قدرة الفرد على التحكُّم في ذاته، وضبط نفسه، مع التعبير المناسب عن انفعالاته.
• القدرة على مواجَهة الإحباط: ونعني به: قدرة الفرد على التعامل مع إحباطات الحياة اليومية، مع بذل الجهد للتغلُّب على تلك الإحباطات، مع مراعاة عدم المبالغة في استخدام الحِيَل الدفاعيَّة.
• التكيُّف للمَطالِب أو الحاجات الداخلية والخارجية: حيث يجب أن تتوفَّر في البيئة التي يَعيش فيها الإنسان الطرقُ المناسبة لإشباع حاجاته المتنوعة؛ حيث يعتبر هذا الشرط مِن أهم الشروط التي تُحقِّق الصحة النفسية.
• القُدرة على العمل والإنتاج الملائم: حيث نستطيع أن نستدلَّ على الصحة النفسية للفرد من خلال ما يُمكن أن يقوم به مِن إصلاحات في مجتمعه، وإحداث تغييرات في بيئتِه.
هذا، وتضيف المطيري أن محمَّد عودة استقى مِن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف بعض المؤشرات التي تدلُّ على الصحة النفسية؛ حيث اتفقت مع النظرة الشمولية للإنسان من حيث اهتمامها بالجوانب الروحية والنفسية والاجتماعية والبيولوجية، وتتضمَّن هذه القائمة: [المطيري، 2005، (ص: 39)].
• الجانب الروحي: الإيمان بالله، وأداء العبادات، والقبول بقضاء الله وقدَرِه، والإحساس الدائم بالقرب من الله، وإشباع الحاجات بالحَلال، والمداوَمَة على ذِكر الله.
• الجانب النفسي: الصدق مع النفس، سلامة الصدر من الحقد والحسد والكُرْه، قَبول الذات والقدرة على تحمُّل الإحباط والقلَق، الابتعاد عما يؤذي النفس مِن كبرياء وغرور.
• الجانب الاجتماعي: حبُّ الوالدين، حب شريكة الحياة، حب الأولاد، مُساعَدة المحتاجين، الأمانة، الجرأة في قول الحق.
• الجانب البيولوجي: سلامة الجسم مِن الأمراض والعيوب الخلقية، تكوين مفهوم إيجابي نحو الجسم، العناية الصحية.
6- مظاهر الصحة النفسية:
هناك علامات تُعطي انطباعًا بأنَّ الفرد يتمتع بصحة نفسية سليمة، وهي تتنوَّع في شدتها وأثرها من إنسان لآخر وفقًا لبعض المُعطيات الخاصة، ولقد ذكرتْ "معصومة المطيري" عددًا من العلامات هي كالتالي: [المطيري، 2005، (ص: 40- 47)].
• الإيجابية: وتتمثَّل في قدرة الإنسان على بذل الجهد في أي مجال، وعدم خضوعه للعقبات التي قد تقف أمامه؛ فهو لا يشعر بالعجز أمامها، بل يسعى دائمًا إلى استِخدام كافَّة السبُل والوسائل اللازمة لتخطِّيها.
• التفاؤل: إن الإنسان الذي يتمتَّع بالصحة النفسية لا بدَّ وأن يتَّصف بالنظرة المتفائلة للأمور، ولكن هذا التفاؤل لا بدَّ له مِن حُدود واقعية.
• تعرُّف الفرد على إمكاناته وقدراته: وبهذا يُدرك الفردُ هنا حقيقة الفروق الفردية بين الناس، ويعي تمامًا حدود إمكاناته وقدراته.
• القدرة على إقامة علاقات اجتماعية ناجحة: تُعتبَر العلاقات الاجتماعية إحدى الركائز الهامة للصحَّة النفسية؛ فالشخص الذي لديه القدرة على إقامة علاقات اجتماعيَّة مَتينة مع الآخرين يتمتَّع بصحَّة نفسية سليمة.
• القدرة على ضبط الذات: وتتمثل في: تقدير الفرد لعواقب الأمور، وتَنبُّئه مسبقًا بالنتائج المترتبة على أفعاله، وقدرته على ضبْط نفسِه، والتحكُّم في سلوكياته من خلال إرجاء إشباع بعض حاجاته أو التنازل عن بعضها من أجلِ دوافعَ أهم.
• نجاح الفرد في عمله ورضاه عنه: وهذا لا يتحقَّق إلا عندما يكون هذا العمل مرغوبًا لدى الفرد ومُتَناسبًا مع إمكاناته.
• القدرة على تحمُّل المسؤولية: إن تمتُّع الفرد بالصحة النفسية يَرتبط ارتباطًا مباشرًا بمدى قدرة الفرد على تحمُّل المسؤولية.
هذا، بالإضافة إلى مظاهر أخرى كثيرة تتمثَّل في: ثبات الانفعالات، وثَبات السلوك، والنُّضج الانفعالي، والاتزان الانفعالي، وكذا ثَبات اتجاهات الفرد، والراحة النفسية، والقُدرة على التضحية، وخدمة الآخرين، والصحة الجسمية أيضًا؛ لأن أيَّ خللٍ فيها قد يَحول دون تحقيق الفرد لبعض أهدافه وطموحاته.
7- السواء واللاسواء:
يُشير حامد زهران إلى أن السواء هو: "القدرة على توافق الفرد مع نفسه، ومع بيئته، والشعور بالسعادة، وتحديد أهداف وفلسفة سليمة للحياة يسعى لتحقيقها"، أما اللاسواء، فهو: "الانحراف عما هو عاديٌّ، والشذوذ عما هو سويٌّ، كما أنه حالة مرَضية فيها خطر على الفرد نفسه أو على المجتمع، ويتطلَّب التدخُّل لحماية الفرد وحماية المجتمع منه" [زهران، 2004، (ص: 10- 11)].
ويعتبر السلوك سويًّا أو غير ذلك وفقًا للمعايير التالية:
[السفاسفة وعربيات، 2005، (ص: 24- 30)]
1- المعيار المثالي؛ حيث يعتبر السوية هي المثالية أو الكمال أو ما يقرب منه، واللاسوية هي الانحراف عن المثَل الأعلى أو الكمال.
2- المعيار الذاتي؛ حيث يتخذ الفرد من ذاته إطارًا مرجعيًّا يرجع إليه في الحكم على السلوك بالسوية واللاسوية.
3- المعيار الاجتماعي؛ حيث يتخذ مِن مُسايرة المعايير الاجتماعية أساسًا للحكم على السلوك بالسوية واللاسوية؛ فالسويُّ هو المتوافق اجتماعيًّا، أو اللاسوي هو غير المتوافق اجتماعيًّا.
4- المعيار الإحصائي؛ حيث يتخذ المتوسِّط أو الطبيعي أو الشائع معيارًا يمثِّل السوية، وتكون اللاسوية هي الانحراف عن هذا المتوسِّط بالزائد أو الناقص.
5- المعيار الوظيفي؛ حيث يتمُّ افتراض وجود علاقة وظيفية بين وضع الفرد ونشاطه الهادف.
6- المعيار الطبيعي؛ إن سلوك الكائنات الحية يخضع لقانون يهدف إلى المحافظة على بقاء وتناسل الكائنات الحية، ومنها الإنسان، فإذا كان سلوك الإنسان لا يتَّفق مع أسس الحفاظ على بقائه، فإنه عندئذٍ يكون غير سويٍّ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|