عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-09-2022, 04:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,472
الدولة : Egypt
افتراضي (تعالوا) بفتح اللام و(تعالوا) بضمها

(تعالوا) بفتح اللام و(تعالوا) بضمها
د. أحمد عيد عبدالفتاح حسن





من دقائق العربية










6- (تَعَالَوْا) بفتح اللام و(تَعَالُوا) بضمها







سألني أحدُ الإخوة الفضلاءِ عن الفرق بين الفعلين (تَعَالَوا) بفتح اللام و(تَعَالُوا) بضمها، قائلًا:



ما الفرق بين (تَعَالَوْا) بفتح اللام وضمها؟



الإجابة:



فتح اللامِ قبل واوِ الجماعةِ هو الأفصحُ المنتشرُ في استعمالِ الفصحاءِ، وعلى ألسنةِ البلغاءِ، وهو الذي عَجَّت به النصوصُ العربيةُ الفصيحةُ عَجًّا أو عَجِيجًا.



وأمَّا ضمُّها، فعربيٌّ لا يُمكن إنكارُه، وإنْ قلَّ استعمالُه في كلام الفصحاءِ، وعزَّ نوالُه فيما رُوِيَ عنهم.







ومعنى الفعلين واحدٌ، ودونك البيان:



أولًا - (التَّعَالِي):



(التَّعَالِي): مصدرٌ على وزن (التَّفَاعُل)، ومعناه: الارتفاع، وأصله: (التَّعَالُو)، فاقتضى القياس الصرفيُّ إبدال ضَّمةِ الحرف الرابع كَسرةً في المصدر وجوبًا، فصار إلى (التَّعَالِو)، واقتضى - أيضًا - قلب الواو ياءً؛ لتطرُّفها إثر كسرةٍ، فصار إلى: (التَّعَالِي).



وقد حدث فيه وفيما أشبَهَه من المصادر المعتلة اللام كـ(التداني، والتغالي) - هذا التغييرُ؛ إذ لو بقيت الواو على أصلها لأدى ذلك إلى عدم النظير في اللغة العربية؛ لأنه لا يوجد فيها اسمٌ معربٌ آخره واو قبلها ضمةٌ أصلية[1].



فـ(التعالي) مصدرُ الفعلِ غير الثلاثي، وهو مأخوذٌ من مصدر الثلاثي المجرد، وهو (العُلوُّ)، ووزنه: (الفُعُول)، فلام الكلمة واوٌ.



ولا يُعنى بهذا التغيير المذكور إلا المتخصصون في ضوابط العربية، ومحبُّوها من غيرهم.







ثانيًا - الفعل المسؤول عنه:



من الأفعال الدالة على طلب الإقبال: (تَعَالَ)، فإِذا أردت إقبال خالدٍ عليك قُلْتَ: (تَعَالَ يا خالدُ)،كما حكى نصر بن علي عن أبيه قال: قال لي سيبويه حين أراد أن يضعَ كتابه: تَعَالَ حتى نتعاونَ على إحياء علم الخليل[2].



والفعلُ في قولك وفي حكاية نصر بن عليٍّ مبنيٌّ على حذف حرفِ العلة، وهو الألفُ المبدلةُ من الواو، وفتحة اللام دليلٌ عليها.



ويراد به: (أَقْبِلْ، أو جِئْ، أو هَلُمَّ)، وهو حينئذٍ ملازم لصيغة الأمر "فعلٌ جامدٌ، لَا مضارعَ له ولا ماضيَ، حَتَّى توهم بَعضُهم أنه اسْمُ فعل"[3].








وَأَصْلُهُ قبل أن يصيرَ بهذا المعنى: أنَّ الرَّجلَ العَاليَ - أي: الموجود في مكان مرتفعٍ - كَانَ يُنَادِي السَّافِلَ - أي: الموجود في مكان مستفلٍ - فَيَقُولُ: (تَعَالَ)؛ أي: (اعْلُ: من العُلُوِّ، أو: ارتفع)، ثُمَّ كَثُرَ في كلامِهِمْ واتسع حتَّى صار في استعمالهم بمَنزِلَة (أَقبِلْ)، أو بِمَعْنَى (هَلُمَّ) مُطلقًا، سوَاءٌ كان مَوضِعُ المدعُوِّ أعلَى، أَوْ أسفلَ، أو مساوِيًا، فهو في الأصل لمَعنًى خَاصٍّ، ثُمَّ استُعمِلَ في مَعْنًى عَامٍّ[4].








ثالثًا - اتصال الضمائر بهذا الفعل:



تَتَّصِلُ به الضَّمائرُ باقيًا على فَتحِ لامِهِ؛ فَـ:



يُقَالُ عند إسناده إلى واو الجماعة: (تَعَالَوْا)، والأصل فيه: (تَعَالَوُوا)؛ لِأَنَّهُ منَ العُلُوِّ؛ فَاقتضت العربيةُ وجوبَ قلب الوَاو يَاءً؛ لوُقُوعِهَا رابعةً متطرفةً تطرفًا حُكميًّا، فصار إلى (تَعَالَيُوا)؛ فاقتضت - أيضًا - قلب الياء ألفًا وجوبًا؛ لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، فصار إلى (تَعَالَاوا)؛ فأوجبت حذفَ الألف؛ للتخلص من التقاء الساكنين: (الألف، وواو الجماعة)، وبقاءَ فتحة اللام قبلها دليلًا عليها[5].








ويقال عند إسناده إلى ألف الاثنين والاثنتين: (تَعَالَيَا)، والأصل فيه: (تَعَالَوَا)؛ فأوجبت العربيةُ قلب الواو يَاءً؛ لوُقُوعِهَا رَابِعَةً متطرفةً تطرفًا حكميًّا، فصار إلى (تَعَالَيَا).







ويقال عند إسناده إلى ياء المخاطَبة: (تَعَالَيْ)، والأصل فيه: (تَعَالَوِي)؛ لِأَنَّهُ - كما سبق - مِنَ العُلُوِّ؛ فَاقتضت العربيةُ قلب الوَاو يَاءً؛ لِوُقُوعِهَا رَابعةً متطرفةً تطرفًا حكميًّا، فصار إلى (تَعَالَيِي)؛ فاقتضت - أيضًا - قلب الياء ألفًا؛ لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، فصار إلى (تَعَالَاي)؛ فأوجبت حذفَ الألف؛ للتخلص من التقاء الساكنين: (الألف، وياء المخاطبة)، وبقاءَ فتحة اللام قبلها دليلًا عليها.



انتبه: الفعل مع الضمائر الثلاثة السابقة مبنيٌّ على حذف النون؛ لأنَّ بناء فعلِ الأمر على ما يُجزَم به مضارعُه.







ويقالُ عند إسناده إلى نون النسوةِ: (تَعَالَيْنَ)، والأصل فيه: (تَعَالَوْنَ)؛ فأوجبت العربيةُ قلب الوَاو يَاءً؛ لِوُقُوعِهَا رابعةً متطرفةً تطرفًا حكميًّا، فصار إلى (تَعَالَيْنَ)، والفعل المضارع إذا اتصلت به نونُ الإناث يُبنى على السكون.







ولعلك لحظت:



أنَّ لام الفعل محذوفةٌ قبل واوِ الجماعة وياءِ المخاطَبة؛ للتخلص من التقاء الساكنين بعد التغيير الذي اعتراها، وأنَّها ثابتةٌ قبل ألف الاثنين مفتوحةً، وباقيةٌ قبل نون الإناث ساكنةً؛ إذ لا يوجد مقتضٍ لحذفها.







ولا تنسَ أنَّ هذا هو المسلك العربيُّ المُطَّرِد في توظيف هذا الفعل بمعناه المذكور في الكلام، وهو القياس الذي تقتضيه قواعد العربية، وبه جاء الذكر الحكيم، ومنه:



قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ [آل عمران: 61].







وقوله جل جلاله: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64].







وقوله جل وعلا: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النساء: 61].







وقوله جل شأنه: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ [الأنعام: 151]، ومعناه في الآيات: أقْبِلُوا، أو تَقَدَّمُوا، قال الخازن: "تَعَالَ: من الخاص الذي صار عامًّا، وأصله أن يقولَه من كان في مكان عالٍ لمن هو أسفل منه، ثم كثُر، واتُّسِعَ فيه حتى عمَّ"[6].







وقوله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب: 28] ومعنى تعالين: أقبلن بإرادتكنَّ واختياركنَّ.







رابعًا - (تَعَالُوا) بضم اللام، و(تَعَالِي) بكسرها:



هذا مسلكٌ نادرُ الورود عن العرب بالنسبة للمسلك الأول، وما زال له وجود على ألسنة بعضنا في هذا الزمان، وضابطه: "ضَمُّ اللام من (تَعَالَ) عند إسناده إلى واو الجماعة، يقولون: (تَعَالُوا يا شبابُ)، وكسرها عند إسناده إلى ياء المخاطبة، يقولون: (تَعَالِي يا مَيُّ)..."[7].







نصيبُه من السماع محدودٌ، ومع ذلك هو مسلكٌ فصيحٌ مقبولٌ؛ للأمور الآتية:



أنَّهُ قراءةُ الحسن البصري وأبي السَّمَّال العدوي وأبي واقد الليثي وغيرهم للفعل (تَعَالَ) المسند إلى واو الجماعة؛ فقد قرؤوا: "تَعَالُوا" بضم اللام في الآيات الكريمات السابقة الذكر[8].



عزا جارُ الله الزمخشريُّ كسرَ اللام قبل ياء المخاطَبة إلى



أهل مكة؛ حيث قال: "ومنه قول أهل مكة: (تعالِي) بكسر اللام، للمرأة"[9]، وقرَّر أبو حيان أنَّ في مقولته هذه احتمالين؛ فقال: "وَقَوْلُ الزَّمخشَريِّ: قولُ أهلِ مكةَ (تَعَالِي) يحتملُ أن تكونَ عربيةً قديمةً، ويحتملُ أن يكونَ ذلك مما غيَّرته عن وجهه العربي فلا يكونُ عربيًّا"[10].








النَّصُّ على كونه لغةً؛ فقد قال الصَّغَاني: "(تَعالُوا): لغةٌ في (تَعالَوْا)، أُلقِيَتْ ضَمةُ الواوِ على اللام، وقرأَ تُبَيْح، والجراح، وأبو واقِد: ﴿ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ ﴾ [آل عمران: 64]"[11].







أنه جاء في شعر أبي فراس الحَمَداني، حين قال وقد سَمِعَ حمامةً تنوح على شجرة عالية، وهو في الأسر: [من الطويل]



أَيَا جَارتَا ما أنصَفَ الدَّهرُ بينَنَا ♦♦♦ تَعَالي أُقَاسِمْكِ الهمومَ تَعالِي[12]







وهو ممن يُستأنس بشعره، ولا يُستشهد به؛ لكونه من المُوَلَّدِينَ، وقد جاء به على لغة العامة في رأي ابن هشام الأنصاري، فقد قال: "والعامة تقول: (تَعَالِي) بكَسر اللام، وعليه قول بعض المُحْدَثِينَ:



تَعَالي أُقَاسِمْكِ الهُمُومَ تَعَالِي"[13].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.47 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.41%)]