عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-09-2022, 12:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي شعر صالح الشاعر.. قراءة نقدية

شعر صالح الشاعر.. قراءة نقدية


محمد الشحات أبو ستيت




مقدمة.
طبيعة التجربة الشعرية.
اللغة.
التناص.
الموسيقا.





الشعر وميضٌ من النبض الإنساني، مشترك بين الناس جميعًا، من مبدِعين أو دارسين أو نقَّاد، وعلى أيدي النُّقاد والدارسين تتألق جذوة الشعر، وتتضح خوافيه، وتتعطر مسيرته إلى جميع الناس، فإذا كان الشاعرُ هو صاحبَ قارورة العطر فإن الدارس والناقد هو الذي ينزع عن هذا العطر الغِطاء، ويتيح لأريجه الانتشار.



والواقع أن الدراسة الأسلوبية تركِّز على دراسة الظواهر اللغوية، وبيانِ ما تؤديه من معانٍ بلاغية، ومقاصدَ أسلوبية؛ وذلك من خلال المستويات الصوتية، والصرفية، والمعجمية، التي تهدف إلى إيضاح العلاقة بين اللفظة المفردة، وتأثيرها في الشعور النفسي للمتلقِّي، مع سماحها بالوقوف على دراسة التركيب من خلال دراسة الأساليب الإنشائية، وما يُعاونها من أساليبَ تكشف براعةَ التركيب ودقةَ الأسلوب، ومن خلالها نُدرك الصِّلة الوثيقة بين النظرية والتطبيق.



إن التطبيقات في المنهج الأسلوبي ليست بالأمر الهين؛ حيث يتبين من خلالها قدرةُ الدارس، ومدى فَهمه للمنهج الأسلوبي وكيفية تطبيقه، وكيفية تحليل النصوص، والوقوف على بلاغتها، وإبراز محاسن صياغتها ونظمها.



والشاعر صالح عبدالعظيم فتحي خليل الشاعر، أحد الشعراء المعاصرين، شاعر ولغوي، وردَت ترجمته في الطبعة الثالثة من معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، المجلد الثامن عام 2014م[2]، وترجمَت له الموسوعة الكبرى للشعراء العرب (1956 - 2006 م)، الصادرة في الرِّباط عن دار التوحيدي للنشر والتوزيع، عام 2012م، وهو عضوُ حركة شعراء العالم في أمريكا اللاتينيَّة، وعضو الاتحاد العالمي للشعراء.



بالإضافة إلى الشعر فهو لغوي نحوي، له دراسة نحويَّة نصية في شعر محمد مهدي الجواهري، حصَل بها على درجة الدكتوراه، ودراسة نحوية دلالية في شعر حسن كامل الصيرفي، شاعر (أبوللو) الرومانسي، حصل بها على درجة الماجستير، وله تحقيق ديوان الإمام الشافعي، وتحقيق الكافية والشافية لابن الحاجب، وله كذلك كتاب "المختارات الشعرية" للإمام أبي حامد الغزالي، وعددٌ من البحوث المحكمة، مثل: الزحاف والعلة في شعر التفعيلة، والتصريع في وسط القصيدة، مما يدل على وعيه بالشعر وعُمقِ تجربته لدَيه.



لصالح الشاعر أربعةُ دواوينَ شعرية منشورة، هي: (من قلبي 2003م دار نوبار - الزمن الضائع 2004م دار نوبار - همس الروح 2006م مكتبة الآداب - حقائق الأشياء 2010م مكتبة مدبولي الصغير)، وتقع في ثلاثمائة وثلاثين صفحة من الحجم الصغير، وتشتمل على خمس وسبعين قصيدة، تنوَّعَت ما بين الشعر العمودي، وشعر التفعيلة، وصولاً إلى فنِّ البند[3]في قصيدة (نعيم) من ديوان حقائق الأشياء.



تتنوع قصائده العمودية بين البحور: (البسيط والخفيف والهزج والوافر والكامل والرمل والرجز والسريع والمجتث والمتقارب والمتدارك)، كما جاءت قصائدُ التفعيلة في شعره على تفعيلات: (الكامل، والرجز، والوافر، والرمل، والمتقارب، والخبب)، ولغة الديوان العربيةُ الفصحى، الملتزمةُ بالسهولة والسلاسة، والخالية من التعقيد والمعاظَلة، لغةٌ تَستلهم التراث الشعريَّ العربي، وتسترفد لغة القرآن الكريم، وتنأى عن الغريب والنادر.



وهي تجربة شعرية قوامها 75 قصيدة، احتوت على ألف ومائتين وثلاثة وسبعين بيتًا (1273)، وجاءت على صورٍ كثيرة من بحور الخليل العَروضية، بالإضافة إلى الشكل الحديث من قصيدة التفعيلة، وفن البند، وتعدد القوافي، ولزوم ما لا يَلزم، وتقسيم القصيدة إلى مَقاطع، وكلها صورٌ من التجديد في الموسيقا.





طبيعة التجربة الشعرية عند صالح الشاعر:

استولَت القصائد الوجدانية وقصائد الحب على شعر صالح الشاعر، ولكن بالإضافة إلى ذلك برَز غرضان كان لهما وجود في بعض دواوينه، فظهر الشعرُ الوطني في ديوان الزمن الضائع بكثافة.



في ديوان (من قلبي) يَظهر الطابع الوجداني في العديد من القصائد، منها قصيدة: (بعد السفر)، التي يقول فيها:

علَّمتِني قبل السفرْ

أن أهزم الأحزان بالألحانِ..

في لعب الوتَرْ

أن أختبي من أدمعي..

بين الخميلة والزَّهَرْ

لكنَّني ما عدتُ مبتهجًا بها..

بعد السفرْ

بل صرتُ أحيا في همومٍ..

مِلء قلبي المنكسِرْ

بعد السفرْ..

لم أستطع وحدي..

مواجهة القَدَرْ

بعد السفرْ..

غابت نجوم الليلِ..

وارتحل القمرْ

ذبلت زهوري..

ماتت الألحانُ..

وانقطع الوتر!



إن الأشياء تَفقد قيمتها عند الشاعر بسبب السفر والتَّرحال، فلا يجد إلا أن يعبر عن ذلك في نَغم راقٍ، يملؤه الشجن والحزن، وإذا كانت الأشياء تفقد قيمتها بالسفر لدى الشاعر؛ فإن زمان الوفاء قد ولَّى، وما عاد للوفاء مكانٌ في قلوب الأصدقاء، بل تبدل إلى نكران للجميل، مما حَدا بالشاعر أن يبكي الزمن في: (زمان الوفاء):



بقلبي سطورٌ.. تريد الفَناءْ

كتبتُ عليها.. زمان الوفاءْ




وفي الصدر ركنٌ عَرَاه الظلامُ

تمرُّ عليه بقايا ضياءْ




وأسألُ قلبي عليكِ فيبكي

يحارُ القنوطُ به والرجاءْ




نهاري ظلام.. وليلي قَتَام

وبين الكرى وعيوني عداءْ




ثلاث سنين.. وقلبي حزينٌ

وما للحزين لديَّ دواءْ




فأنتِ الدواءُ.. ولو تعلمينَ

لجئتِ تزيلين كلَّ العناءْ





إن الشاعر لا يجد حبيبًا يبث إليه شكواه، ولا صديقًا يُعرِب له عن بلواه، ولا يجد مَن يؤنسه إلا البدر، فيحاكيه ويبثُّه، ورغم ذلك يغيب البدر اللياليَ الطِّوال، فيعده الشاعر بأن يستغني عنه ويداوي نفسه بنفسه، وجروحَه بروحه، ولا يرجع إلى تلك المناجاة مرة أخرى، في قصيدة (أنا والبدر) من ديوان الزمن الضائع:



ظللتُ يا بدرُ دهرًا

أشكو إليك همومي




ظننتُ أنَّك حِبِّي

وصاحبي ونديمي




مسامرٌ ذو بهاءٍ

تختالُ بين النجومِ




دومًا تجيء بوجهٍ

مستبشرٍ ووسيمِ




لكنْ عجبتُ لشيءٍ

يحتاج للتفهيمِ




في وجهكَ المتلالي

آثار جرحٍ قديمِ

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.77 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.57%)]