عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 03-09-2022, 01:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,267
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبيات في مدح الشيب

أبيات في مدح الشيب
محمد حمادة إمام








سبحان ربي العظيم! شتان بين صورة هذا - في مشيبه - وصورته في شبابه، بعيدا عن هدي ربه - سبحانه وتعالى - وسنة حبيبه - صلى الله عليه وسلم، طالبا ممن عكف على وعظه، الإقلاع عن نصحه، فهو مستمر في غيه، ويأبى أن يكون مروضا - وهو الجامح الشرس - عن صيده. يقول: [70][ من البسيط]





لا ترتجوا رَجْعَتي باللومِ عن غرضي

وَلْتَتْركُوني وصَيْدي فُرْصة الخُلَسِ




طلبتمُ رَدّ قَلْبي عَنْ صَبَابَته

ومن يَرُدَّ عِنانَ الجَامح الشَّرِسِ












لقد امتاز الأندلسيون برقة القلب، ورهافة الحس والظرف، فسلبت الحسان ألبابهم، واستولت على أفئدتهم، فعز رد كثير منهم إلى الجادة، ومفارقة اللهو والمجون.








ولأبي الفضل، جعفر بن الأعلم [71]، " عندما شارف الكهولة، واستأنف قطع صرة كانت موصولة، عند فراق الصبا والصبوة، واكتهال نبت الكهولة، وشد عقد التوبة بانحلال ما كان للحوبة من الحبوة... قوله: [72] [من الكامل]





أمّا أنَا فقد ارعويتُ عَنِ الصِّبا

وعَضَضْتُ مِنْ نَدَمٍ عليه بناني




وأَطَعْتُ نُصّاحي ورُبَّ نصيحةٍ

جَاءُوا بِها فَلَجَجْتُ في العِصْيانِ




أيّام أَحْيا بالغَواني والغِنا

وأمُوتُ بَيْنَ الرّاح والرّيحانِ




وأُجِلُّ كَاسي أَنْ تُرَى موضوعة

فعلى يَدي أو في يَدَيْ ندماني




في فتيةٍ فَرَضَوا اتصال هواهُمُ

بِمُنَاهُمُ دينا مِن الأَدْيانِ












أقول: قد هز عطف طربي هذا المعني، وانتشيت لما انتشقت هذا النسيم الذي يبل به المعنى. "



صور الشاعر بأبياته هذه رجوعه عن غيه، وندمه على تصابيه، ولهوه، من هيام بحب الغناء والغواني، وإزهاق الروح بين الخمر والريحان والحسان معظما كأسه، مستعظما أن ترى مطروحة عن يديه أو يدي من فرضوا هواهم شرعة ومنهاجا.



إذا زاد المجون، أو اللهو عن حده انقلب إلى ضده من زهد، ورزانة، وصلاح، فيتمنى المرء إذًا، أن لو بكر الحلم في أوان الشباب قبل مداهمة المشيب بأشجانه وآلامه، فيقول " يحيى بن مجبر " [73]: [74] [من البسيط]





لَيْتَ الشَّبابَ الذي وَلَّتْ غَضَارتُهُ

أعطاني الحِلْمَ فيما كانَ أعطاني




فَلمْ تَكُنْ مِنّهٌ للشَّيْب أَحْمِلُها

وَلَمْ يَكُن مِن سُرُوري بعض أحزاني












" ولأبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله " [75] أبيات يصور فيها حاله في أخريات حياته وقد استجاب الله -تعالى- دعاءه، وحقق أمنياته ورغباته [76].



وهذا " أبو بكر بن زهر " [77] ينكر على نفسه، وينفي ضم عيوب المجون والتصابي إلى بياض المشيب، فلا يمكن بأي حال أن يجتمعا، طالبًا من الساقي العدول عنه بالشراب، فقد هجر المعايب، والرذائل. يقول: [78] [من البسيط]





لاحَ المَشِيبُ عَلَى رأسي فقلتُ له

الشَّيْبُ والعيبُ لا واللهِ ما اجْتَمعَا




يا ساقيَ الكأسِ لا تَعْدِلْ إليّ بها

فَقَدْ هَجَرْتُ الحُمَيّا والحَمِيمَ مَعَا











يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.68 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]