عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 29-08-2022, 05:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دراسة نقدية لتحقيق كتاب (شرح ديوان أبي تمام للأعلم الشنتمري)

دراسة نقدية لتحقيق كتاب (شرح ديوان أبي تمام للأعلم الشنتمري)


د. محمد نور رمضان يوسف



8-
نسبةُ (المحقّق) أقوال أبي العلاء المعري التي نقلها التبريزيّ في شرحه إلى التبريزيّ نفسِه مع أنّه صرّح بنسبتها إليه، نحو ما فعل في هوامش 1/ 221ﻫ2، 261ﻫ4، 315ﻫ4، 2/ 133ﻫ1، 181ﻫ5، 422ﻫ1...



9- إغفالُ (المحقّق) توثيق الجزء والصفحة في إحالاته على شرْحَي الصُّوليّ والتبريزيّ مع أنه لا يكاد هامشُ صفحة من صفحات شرح الأعلم يخلو من ذكرهما.

10- تسميةُ (المحقّق) البيت من الرجز شطرًا، خلافًا لمصطلحات القوم في علم العَروض والقوافي، انظر هوامش 1/ 276ﻫ6، 277ﻫ1، 278ﻫ4،ﻫ5، 280ﻫ1[سمَّى بيتًا من الرجز صدرًا وآخر عَجُزًا]، 282ﻫ1...

11- نسبةُ (المحقّق) روايات غير صحيحة للتبريزي، انظر هوامش 1/ 515ﻫ3، 2/ 322ﻫ3، 357ﻫ6...

12- نفيُ (المحقّق) وجود أبيات في شرحَي الصُّوليّ والتبريزي أو شرح أحدِهما، والصَّواب خلافه، ففي (1/ 273ﻫ1) ادّعى عدم ورود بيتين في شرح التبريزي، والصَّواب أنهما وردا فيه في (4/ 507)، ونفى في (2/ 105ﻫ1)، ورود قصيدة في شرحَي الصُّوليّ والتبريزي، والصواب أن ستة أبيات منها وردت في كلٍّ منهما، وهي في شرح الصُّوليّ (3/ 463) وشرح التبريزي (4/ 259)، وزعم في (2/ 163ﻫ3) عدم ورود بيت في شرح الصُّوليّ، والصواب أنه ورد فيه في (3/ 488)، ونفى في (2/ 237ﻫ1) ورود قصيدة من سبعة وثلاثين بيتًا في شرح الصُّوليّ، مع أن القصيدة كلَّها مثبتةٌ فيه في (3/ 563-569)!

13- اعتمادُه في تشطير أبيات أبي تَمَّامٍ وتدويرها على محقّقِ شرح التبريزي د.محمد عبده عزام، ومحقّقِ شرح الصُّوليّ د.خلف رشيد نعمان الذي قلّد عزامًا في ذلك...فكان هذا (المحقّق) يحاكيهما في تحديد آخر الشطر الأول وبَدْء الشطر الثاني -ولاسيّما في الأبيات المدوّرة- من غير تثبّت، لذلك تكررت أخطاء التشطير في الشرحين المذكورين في شرح الأعلم. من ذلك الخطأ في تشطير ثمانية أبيات من قصيدة من بحر الخفيف في شرح الأعلم (2/ 144-148) تَبِع فيه (المحقق) إبراهيم نادن ما ورد في شرح التبريزي (1/ 357-368) وشرح الصُّوليّ (1/ 375-379) وهذه صورتها بخطئها في الشروح الثلاثة:[الخفيف]
شَابَ رَأْسِي وَمَا رَأَيْتُ مَشِيبَ الرَّأْ سِ إلاَّ مِن فَضْلِ شَيْبِ الفُؤَادِ
طَالَ إِنْكَارِيَ البَيَاضَ وَإِنْ عُمِّرْ تُ شَيْئًا أَنْكَرْتُ لَوْنَ السَّوَادِ
غَيْرَ أَنَّ الرُّبَى إِلَى سَبَلِ الأَنْوَا ءِ أَدْنَى والحَظُّ حَظُّ الوِهَادِ
مِنْ أَحَادِيثَ حِينَ دَوَّخْتَهَا بالرَّأْ يِ كَانَتْ ضَعِيفَةَ الإِسْنَادِ
كُلُّ شَيْءٍ غَثٌّ إِذَا عَادَ والْـ ـمَعْرُوفُ غَثٌّ مَا كَانَ غَيْرَ مُعَادِ
بِأَحَاظِي الجُدُودِ لاَ بَلْ بِوَشْـ ـكِ ا لجِدِّ لاَ بَلْ بِسُؤْدَدِ الأَجْدَادِ
عِنْدَهُمْ فُرْجَةُ اللَّهِيفِ وَتَصْ دِيقُ ظُنُونِ الرُّوَّادِ وَالوُرَّادِ
فَإِذَا ضَلَّتِ السُّيوفُ غَدَاةَ الرَّوْ عِ كَانَتْ هَوَادِيًا لِلْهَوَادِي



وصواب تشطيرها وتدويرها هو: (الرْ/ رَأسِ، عُمْـ/ ـمِرْتُ، الأَنْـ/ ـوَاءِ، بِالرْ/ رَأْيِ، وَالمَعْـ/ ـرُوفُ، بِوَشْكِ الـْ/ ـجِدِّ، وَتَصْدِيـ/ ـقُ، الـرْ/ رَوْعِ)، وكانت أخطاؤه تزيد عندما كان يعتمد على نفسه في تشطير الأبيات في القصائد غير الواردة في شَرْحَي الصُّوليّ والتبريزي، أو ما لَمْ يَعْثر عليه فيهما، ففي إحدى القصائد (2/ 105-109)، أخطأَ في تشطير خمسةَ عشرَ بيتًا، أرقامُها هي: (8-17، 21، 29، 33، 39، 46).


14- تغيير (المحقّق) رواية الأعلم لشعر أبي تَمَّامٍ في بعض الأبيات متأثّرًا برواية شَرْحَي الصُّوليّ والتبريزي في غفلة عن ألفاظ الأعلم الواردة في شرح تلك الأبيات التي تؤكّد مخالفة روايته لما أثبته (المحقق) في المتن، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها قول أبي تَمَّامٍ في أرجوزة يصف فيها غيثًا (1/ 277-278): [الرجَز]
وَقَامَ فِيهَا الرَّعْدُ كَالخَطِيبِ

وَحَنَّتِ الرِّيحُ حَنِينَ النِّيبِ



قال الأعلم في شرح البيت الثاني: «وشبَّه حنين الريح بحنين (النُّوبِ)، وهي النَّحل، سُمِّيت بذلك لأنّها تَسْرحُ ثم تَؤوبُ إِلى مَوْضِع تَعْسِيلها. وقيل: سمّيت بذلك لسوادها تشبيهًا بالسودان. ويُروى: (حنين النِّيب)، وهي المُسِنَّة من الإِبِلِ، وَحَنِينُها: صَوتُها». إنّ تفسيرَ الأعلم لفظةَ (النُّوب) أوّلًا، وشرحَها بإسهاب، وقولَه بعد ذلك: (ويروى:...) يدلّ دلالة قاطعة على أنَّ رواية الأعلم لآخِرِ لفظة في البيت الثاني هي (النُّوب) بالواو لا بالياء كما أثبتها (المحقّق) محاكاةً لرواية الصُّوليّ (3/ 549) ورواية التبريزيّ (4/ 502).

ومن ذلك أيضًا تغييرُ (المحقق) رواية الأعلم لمَطلع إحدى القصائد المدحية لأبي تَمَّامٍ، فقد أثبت الرواية الآتية (2/ 185): [الطويل]
أَأَطْلاَلَ هِنْدٍ سَاءَ مَا اعْتَضْتِ مِنْ هِنْدِ أَقَايَضْتِ حُورَ العِينِ بِالعُونِ وَالرُّبْدِ؟!


قال الأعلم في شرحه:
«(المقايضة): المُعاوضة. يقول للأطلال الخالية من أهلها: تبدلتِ من النساءِ الحورِ العينِ بالغربانِ (العُورِ) والنَّعام الرُّبْد، و(الرُّبْدة): سواد يَضْرِبُ إلى الغُبْرَة، ويُقال للغُراب (أَعْور) تطيّرًا له لِصِحَّةِ بَصَرِهِ». فقوله: (بالغِربان العور)، وقوله: (ويقال للغُراب: أعور...) يَدلاّن على أنَّ رواية الأعلم (بالعُور) بالراء وليس بالنون، خلافًا لما أثبته (المحقّق) ناقلًا رواية شرح الصُّوليّ (1/ 455) وشرح التبريزي (2/ 59)، غافلًا عن مخالفة ما أثبتَه لألفاظ الشرح ومعناه، ولو كانت رواية الأعلم (بِالعُونِ) لذَكَرَ معنى هذه اللفظة، كما فعل الصُّوليّ والتبريزي، قال الأول: «و(العُون) وهي جمعُ عَانة، يريد: قَطيعَ الحُمُر»، ويؤكّد أنَّ رواية الأعلم بالراء أن محقّق التبريزي أثبتها في الهامش، ووثَقها من نسخة (س) من ديوان أبي تَمَّامٍ، ورواية هذه النسخة -وهي نسخة الإسكوريال- موافقة لرواية الأعلم موافقة شبه تامة، لأنها منقولة من رواية أبي علي القالي نفسِها التي اعتمد عليها الأعلم، وأشار إليها في مقدمة شرحه لديوان أبي تَمَّامٍ.

وأَعُدُّ هذه الملاحظة المتعلّقة بالأمانة العلمية إحدى أخطر العيوب والأخطاء التي وقع فيها هذا (المحقّق)؛ لأنها تُزعزعُ الثقّةَ برواية الأعلم الفريدة لشعر أبي تَمَّامٍ.

وانظر أمثلة أخرى على هذا العبَث برواية الأعلم في (1/ 281 البيت8، 2/ 182 البيت 15، 224 البيت8، 242 البيت4، 287 البيت2، 288 البيت12...).

15- أخطاء (المحقّق) إبراهيم نادن اللغوية بأشكالها وصورها المختلفة كثيرة جدًّا في قسم التحقيق من شرح الأعلم، لا تكاد صفحة منه تخلو منها، ولاسيما أخطاء التصحيف والتحريف، ولن أتوسَّع في ضرب الأمثلة عليها كما فعلت في ملاحظاتي اللغوية على قسم الدراسة في بحثي الآخر: (شرح ديوان أبي تَمَّامٍ للأَعْلَمِ الشَّنْتَمَرِيّ: نقد الدّراسة وتقويمها)، لكن ينبغي عرضُ بعضها؛ ليقف القارئ على نماذج منها، وينبغي أن أشير هنا إلى أن كثيرًا من هذه الأخطاء ليس عائدًا إلى الطباعة... وللبيان سأضع خطًّا تحت الخطأ، وأُتبِعُه بصوابه بعد علامة التساوي(=).

من أمثلة الأخطاء النحوية: 1/ 274: انظر لهذه البرق وتعجّب منه=لهذا، 287: فإِذا لَقِيَ الحادثات لم يَلقها أعزلًا=أعزلَ، 289: كأنّهم هاماتٌ أُطْعِمَتْ صَيدًا أَجْدلًا=صَيْدَ أَجَدَلَ، 318: يَحْمِي المعتصمَ من أَنْ يُذَمَّ أنَّ له حَزْم=حَزْمًا، 341: وأنت عالم بأن النقضَ والإِمرار للأمور... مآسي=مآسٍ، 341: والحقُّ مُشتفي لكم=مُشْتَفٍ، 417: أَعْطَى بِكِلْتَي يديه مذعنًا ذليلًا=بِكِلْتَا، 2/ 45: يقول: لما دبّرتَ أمرَ الغزوِ ونهضتَ قائدَ الجيش في فصول وأذيال لكثرته=أمر الغزو نهضتَ قائدًا الجيشَ، 157: قد كُنْتِ قبلَ هذا تَودّيني=تَوَدِّينني، 193: شبّه خَدَّيْهَا في رِقّتها وحُمْرَتها بِحُمْرَة مُزجت بماء درّ وعقيق=رِقّتِهِمَا وحُمْرَتِهما بِخَمْرةٍ، 319: حتّى قتَلْتَ أعدائك=أعداءَك، 352: يقول: لو أنّ سَحْبانًا حاولَ ذمَّ أخلاقكم لم يدرِ=سَحْبَانَ، 358: فلو وأنَّ لقمانًا بها على حكمته لكان غير حكيمٍ=فلو أنَّ لُقْمَانَ...

ولا ينبغي أن يُتصوّرَ أنّ هذه الأخطاء من الأعلم نفسِه، إنّما هي إمّا من الناسخ فكان يجب على (المحقّق) تصويبَها والتنبيهَ عليها بإثباتِ صورة الخطأ في الهامش، وإمّا من (المحقّق) وهو غيرُ معذورٍ فيها.

ومن أمثلة أخطائه في أبيات الشعر: 1/ 145: بالخذلة=بِالخَدلة، 149: وقلمها=وقلَّما، 150: للأولى=للأَلْوَى، 152: رأى=رَاءٍ، 154: مثنيهما=مَتْنَيْهِما، 175: السنين مَخْض=السنين لها مَخْضَ، 212: بروضته=برَوْضِهِ، 287: ذرعه=دِرْعه، 289: ضيغهم=ضَيْغَمٍ، 335: استطاع= اسطاع، 336: خفَّ الهوى وتَقَضَّت...=وتَقَضَّت الأَوْطَارُ [سقطت كلمة القافية (الأَوْطَارُ)]، 336: ولا النور=ولا النَّوار، 428: قِدمًا كان=كأَنَّ، 437: أخلفق السحاب=أَخلافُ، 438: الظم= الظُّلْم، 439: ودافعنهم=وَدَافَعْتُم. 439: رقائحي حرب=رَقَاحِيُّ، 442: وقد لاح بين بيض البيض ضاحك=بين البِيضِ والبِيضُ، 452: بطشتَ فقلنا=بَطَشْتَ به فقلنا، 467: ألا يكون فيها=إِلَّا يَكُنْ فيها، 468: مَنْ قاسيا=مَا قَاسَيَا، 504: على مَنْ بها مسلم=بِها مِنْ مُسْلمٍ، 511: بدر=بُدُّ، 517: المرء=المَرّ، 524: قَنَا الظهور الخَطّي=قَنَا الظّهور قَنَا الخَطِّيّ، 546: متوضّع=مُتواضع...

ومن أخطائه في الشعر كذلك تشطير اللفظة الواحدة شطرين في غير التدوير، أو عكسُه، وهو دَمْجُ لفظتين بحيثُ تَبدوانِ كلفظة واحدة، من صُورِ ذلك ما جاء في 1/ 339 بعر مرم=بِعَرَمْرَمٍ، 388: كها ما=كَهَامًا، 426: لنا بيه=لِنَابَيْهِ، 430: قد موسا=قُدْمُوسَا، 433: فيطيرفي=فيَطِيرُ في، 437: وحد وجهم=وَحُدُوجِهِمِ، 499: نضوا لعيش=نِضْوَ العَيش، 508: ذابث=ذا بَثٍّ، 532: فلوعا ينتَهم=فَلَوْ عَايَنْتَهُمْ، 536: أما نين=أَمَانَيْنِ، 541: كالأثا في=كَالأَثَافِي، 547: يبساله=يَبَسًا لَهُ، 549: قدرسا=قَدْ رَسَا...

ولا يخفى على القارئ قُبْحُ هذه الأخطاء في الشِّعر خاصّة، ومدى تأثيرها في إفساد الوزن والمعنى. وَيَحْسُن أَنْ أَخْتِمَ هذه التصحيفات والأخطاء في الشعر بعرض ثمانيةِ أبياتٍ مع شرحِها من أرجوزة لأبي تَمَّامٍ في وصف الربيع، كما وردت في شرح الأعلم، ثم أدلّل على الأخطاء التي وقعت في الأبيات من خلال ألفاظ شرح الأعلم نفسه.

جاء في شرح الأعلم (1/ 275)[15]:[الرَّجَز]
«1- إِنَّ الرَّبِيعَ أَنَار الزَّمَان لَوْ كَانَ ذَا رُوحٍ وَذَا جُثْمَانِ
2- مُصَوَّرًا فِي صُورَةِ الإِنْسَانِ لَكَانَ شَابًّا مِنَ الفِتْيَانِ





يقول: الربيع أحسنُ الزمانِ وأحقّه بالأَثَرَةِ والتَّفْضِيلِ فَلُو كَانَ مُصَوَّرًا في صورة رجل لكان فتىً مَتَهلّلًا شابًّا حسنًا.
3- بُورِكْتَ مِنْ وَقْتٍ وَمِنْ أَوَانِ فَالأَرْضُ نَشْوَى مِنْ ثَرًى نَشْوَانِ
4- تَخْتَالُ في مُفَوَّقِ الأَلْوَانِ فِي زَاهِرٍ كَالحَدَقِ الدَّوَانِ



يقول: لمّا رُويتِ الأرضُ صارت كأنّها نشوى؛ أي سَكرى؛ لاختيالها وتبخترها بما يبدو فيها من ألوانِ النبات والزَّهَر المفوّقة التي هي كالبُرْدِ المُفَوَّفِ في اختلافها وحُسْنِها. وشَبّة النَّوْرَ بالحَدَقِ النَّواظِر في حُسْنِها».

لو تأمّل (المحقّق) ألفاظ شرح الأعلم لهذه الأبيات لأمكنه تصحيحُ الأخطاء التي وقع فيها هو أو النَّاسخ، وهذه الأخطاء هي:
1- قوله: (أنار الزمان)، وصوابه: (أَثِــُرُ الزَّمَانِ)، بدليل قول الأعلم في الشرح: (أَحْسَنُ الزمانِ وأحقُّهُ بالأَثَرَة). جاء في تاج العروس (أثر): «والأَثُرُ..والأَثِرُ..: رَجُلٌ يَسْتَأَثِرُ على أصحابه في القَسْمِ؛ أي يختار لنفسه أشياء حسنة... والاسم الأَثَرَةَ، مُحرَّكة»، ورواية ( الموازنة) للآمدي (4/ 653): (أَثَرُ)، ويؤكّد الخطأ في (أنار) اختلال الوزن، ووجوبُ نصب (الزَّمان) مع أنَّ قافيةَ الأرجوزةِ بالنون المكسورة.

2- قوله: (شابًّا)، وصوابه: (بسَّامًا)، بدليل قول الأعلم في الشرح: (متهلّلًا)، أما قوله في الشرح: (شابًّا) فيدلّ عليه قول أبي تَمَّامٍ في البيت: (من الفتيان)، ويؤكّد خطأ لفظة (شابًّا) في البيت أنه لا يجتمع ساكنان في الشعر في حشو البيت[16]، فلا يأتي فيه نحو: (شابّ، دابّة، ضَالّ...).

3- قوله: (مفوّق...زاهر...الدَّوانِ)، وصوابه: (مُفَوَّف...زَهَرِ...الرَّوَاني)، بدليل قول الأعلم في شرحه: (كالبُرْد المُفَوَّف)؛ أي المخطَّط، ولا معنى لها بالقاف، فهي خطأ في متن البيت وفي الشرح، وبدليل قولِ الأعلم أيضًا: (والزَّهر)، وقولِه: (وشبَّه [بالهاء بلا نقطتين] النَّوْر بالحَدَقِ النواظر)؛ لأن (الرَّواني) تعني (النواظر)، قال الخياط في شرحه (427): «(الحَدَق): العيون. (الرَّواني): النواظر، من (رنا)، إذا نظر».

وينبغي أن يلاحظ أن (المحقق) أخطأ في ترقيم الأبيات، إذ عدَّها أربعة مع أنّها ثمانية أبيات؛ لأن كلَّ ما يقابل (شطرًا) في القصيدة من الشعر يُسمَّى في مصطلح الرَّجَز (بيتًا).

ومن أمثلة أخطائه في تصحيف ألفاظ شرح الأعلم وتحريفِها: 1/ 145: جارته=جارية، 146: خالصة=خاصة، 147: المادي=الماذي، 149: مجذوع=مجدوع، 152: رأى مقلوب راء=رَاءَ مَقْلوب رأى، 152: مرد=مَدَد، 158: تشبته=تشبّثه به، 235: عارف=عارق، 236: غضبة راضية=عِيشَةٌ راضيةٌ، 259: الحوادث=الجواذِب، 289: والناس إنّما هي تخلَّقٌ وتكسُّب=والأخلاق، 291: وقوله (أو ينأى) أراد إلاَّ أن ينأى=يُنَائي... يُنَائي، 291: وأصبحتُ أبا مُرْمِلًا=أَنَا، 293: يعني أنه أسخى من...بتقديم مَن لا يحب تقديمه عليه...وكراهته إذالة عرضي=استحيا...لا يَجِبُ... وكراهةُ، 294: للشر...الشر=للشِّرْك...الشِّرْك، 300: نتناول=نتأوَّل، 313: وخفّف همزه يعني ضرورة=هَمْزَة (يَهْنِي)...

وأرى أنه يَحْسُن أن أنهي هذه الملاحظات بعرض أمثلة من الأخطاء المزدوجة أو المركَّبة (المتعدّدة) الواردة في شرح بيت واحد، ومن خلالها يستطيع القارئ أن يتبيّن بسهولةٍ ويُسْرٍ عِظَم الاضطراب والتشويه والفساد الذي أصابَ شَرحَ الأعلم وتَغلغلَ في ألفاظِهِ وعباراتِهِ...من هذه الأخطاء:
(1/ 297): قال أبو تَمَّامٍ في قصيدة يمدح بها المعتصم ويذكر قَتْلَ بَابَكَ وفَتْحَ حِصنِهِ الخُرَّميّة:[الكامل]
لاَقَاهُ بِالكَاوِي العَنِيفِ بِدَائِهِ لَمَّا رَآهُ لَمْ يُفِقْ بِالطَّالِي


جاء في شرح الأعلم: «يقول: كان المعتصم يدافع شرَّ بَابَكَ، ودعا على المسلمين بالرفق والمداراة فلا يزدجر عن جوره وَظُلمه، فوجّه إليه الأَفْشِين فَظَهرَ عليه، وكفى المسلمين شَرّه...». وصواب ما تحته خط من خلال المفهومِ من ألفاظ هذا البيت والأبياتِ التي قبله:=(ودعا المسلمين إلى الرفق والمداراة فلم يزدجر...).

(1/ 312): قال أبو تَمَّامٍ يمدح المعتصم:[البسيط]
بِالقَائِمِ الثَّامِنِ المُسْتَخْلَفِ اطَّأَدَتْ قَوَاعِدُ المُلْكِ مُمْتَدًّا لَهَا الطِّوَلُ


جاء في شرح الأعلم: «(الثَّامن) هو المعتصِم؛ لأنّه ثامِنٌ من خَلفاء بني العبّاس، ومعنى (أطأدت): نبتت وتمكنت كثبوت الطود، وهو الجبل العظيم، وكان ينبغي أن يقول: (أطأدت) ولا يهمز؛ لأنها منقلبة من واو، ولكنه همزها ضرورة وتشبيبهًا بالألف الزائدة التي قد يَهمِزها بعض العرب، نحو: احمارَّ واصفارّ، فيقول: احمرّ واصفرّ، ويقول في دابّة: دأبة...». وصواب ما تحته خط مرتَّبًا:= ثَامِنُ خلفاء...(اطّأَدَتْ)...(اطَّادَتْ)...وتشبيهًا...فيق ول: احمَأرّ واصفأرّ.

(2/ 156): قال أبو تَمَّامٍ في آخر بيت من قصيدة مدح بها أحمد بن أبي دُوَاد:[الكامل]
فَالْمَجْدُ لاَ يَرْضَى بِأَنْ تَرْضَى بِأَنْ يَرْضَى امْرُؤٌ يَرْجُوكَ إِلاَّ بِالرِّضَا


جاء في شرح الأعلم: «قال: المجد عني راض منك بأن ترضي راجيك منك إلا بما يرضيه ويسره». نَصُّ الأعلمِ بهذه الصورة فيه اضطرابٌ كبير، يظهرُ صوابُه من خلال شرح التبريزي الذي نقل نصَّ الأعلم من دون تصريح بالنقلِ، جاء في شرح التبريزيّ (2/ 307): «يقول: المجدُ غيرُ راضٍ عنك بأنْ ترضَى أنْ يَرْضَى راجِيكَ مِنكَ إلاَّ بما يُرْضِيهِ وَيَسُرُّهُ». وبالمقَارنة بين النَّصّين يجلو أنّ في النّصِّ المثبت في شرح الأعلم تصحيفًا وتحريفًا ونقصًا، حيثُ جُعِلَ (غَيْر): (عني)، و(عَنْكَ): (منك)، و(تَرْضَى): (تَرضي)، ونَقَصَ (أَنْ يَرْضَى)، ولو أنّ هذا (المحقّق) أجال نظره في الشرحَينِ وقارنَ بين النّصين-وهما بين يديه- ما وقع في هذا الخطأ البيِّن!

(2/ 236): قال أبو تَمَّامٍ في ختام قصيدة مدح بها محمّدَ بنَ حسّان الضَّبِّيَّ:[الكامل]
لَمْ يَذْعَرِ الأَيَّامَ عَنْكَ كَمُرْتَدٍ بِالعَقْلِ يَفْهَمُ عَنْ أُخِيهِ وَيُفْهِمُ


جاء في شرح الأعلم: «قال: لا يفزغ الأيَّامَ عنك مثلُ رجلٍ مُرْتَدٍ بالعقل، وفهم عن صديقه أمره، وافهمه إذا خاطبه». ألفاظ البيت تدلّ على أن صواب ماتحتهُ خطٌّ هو: =(لا يُفْزِعُ...بالعقل، يَفْهَمُ...ويُفْهِمُهُ...).

(2/ 254): قال أبو تَمَّامٍ في قصيدة يمدح بها سُليمانَ بنَ وَهْب ويَشْفَع في رجل:[البسيط]
فِي دَهْرِيَ الأَوَّلِ المَذْمُومِ أَعْرِفُهُمْ فَالآنَ أُنْكِرُهُم فِي دَهْريَ الثَّانِي؟!


جاء في شرح الأعلم: «قال الحسن أن أكون صديقًا لهم عارفًا بهم في زمان الفقر والخمول، ثم أعتز لهم الآن إذا استغنيتُ لشهرتي وأتنكر لهم[؟!]».السِّيَاق وألفاظُ البيتِ يَدُلَّانِ على أن الصواب:=(أَيَحْسُنُ...أَعْتَزِلُهُم الآن إِذْ...؟!).

(2/ 329): قال أبو تَمَّامٍ يرثي هاشمَ بنَ عبدِ اللهِ بنِ مالك الخُزاعيّ:[الطويل]
وَمَا يَوْمُ زُرْتَ اللَّحْدَ يَوْمُكَ وَحْدَه عَلَيْنَا وَلكِنْ يَوْمُ عَمْرٍو وَحَاتِمِ


جاء في شرح الأعلم: «وأراد بعمرو حاتم بن عدي بن معدي كرب، وكان من أشجع الناس، وحاتم بن عبد الله الطائي الجواد المعروف». الصواب:=(وأراد بعَمرٍو وَحَاتِمٍ: عَمْرَو بن مَعْدِي كَرِب...).

وفي الختام أحسب أنّ القارئ بعد أن وقفَ على هذه النماذج الوافرة من الأغلاطِ عرف عِظَم التشويه الذي نال متن القسمِ المحقَّق من هذا الكتاب الأندلسيّ النفيس؛ لأنّه لم يَحظَ بعنايةٍ علميّة دقيقة، وأدرك خطورةَ العبثِ بتراثَ أمّتنا العلميّ والحضاريّ الذي يُعَدُّ مسؤوليّةً كبيرةً يجبُ استشعارُها، وأمانةً عظيمةً يَلزمُ أداؤها على أكمل وجهٍ... وأرى أنَّ هذا الكتاب يحتاج إلى تحقيقٍ جديد يُلتَزمُ فيه بالضوابط العلميّة والفنّيّة المعتَمدة، لذا أناشدُ العلماء المحقّقين الخبراء بالتراث العربيّ السَّعيَ إلى امتلاك نسخ مصوّرة من مخطوطات هذا الشرح المهِمّ، وإعادة تحقيقه في ضوء غيره من شروح ديوان أي تمّام القديمة.


ألا هل بلغت ؟! اللهمَّ فاشهد.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.09 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.71%)]