
25-08-2022, 04:29 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,000
الدولة :
|
|
رد: الموافقات - أبو إسحاق الشاطبي -----متجدد إن شاء الله

الموافقات
أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي
الجزء الرابع
الحلقة (169)
صـ391 إلى صـ 400
والتاسع : أن الله تعالى ذكر البيع في الرقاب وأحله ، وذكر الإجارة في بعض الأشياء ; كالجعل المشار إليه في قوله تعالى : ولمن جاء به حمل بعير [ يوسف : 72 ] والإجارة على القيام بمال اليتيم في قوله : ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف [ النساء : 6 ] وفي العمال على الصدقة كقوله تعالى : والعاملين عليها [ التوبة : 60 ] وفي بعض منافع لا تأتي على سائرها ; فأطلقت السنة فيها القول بالنسبة إلى سائر منافع الرقاب من الناس والدواب والدور والأرضين فبين النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك كثيرا ووكل سائرها إلى أنظار المجتهدين ، وهذا هو المجال القياسي المعتبر في الشرع ، ولا علينا أقصد النبي عليه الصلاة والسلام القياس [ ص: 391 ] على الخصوص أم لا ; لأن جميع ذلك يرجع إلى قصده بيان ما أنزل الله إليه على أي وجه كان .
والعاشر : أن الله تعالى أخبر عن إبراهيم في شأن الرؤيا بما أخبر به من ذبح ولده وعن رؤيا يوسف ورؤيا الفتيين ، وكانت رؤيا صادقة ، ولم يدل ذلك على صدق كل رؤيا ; فبين النبي صلى الله عليه وسلم أحكام ذلك ، وأن الرؤيا الصالحة من الرجل الصالح جزء من أجزاء النبوة ، وأنها من المبشرات ، وأنها على [ ص: 392 ] أقسام إلى غير ذلك من أحكامها ، فتضمن إلحاق غير أولئك المذكورين بهم ، وهو المعنى الذي في القياس ، والأمثلة في هذا المعنى كثيرة .
ومنها : النظر إلى ما يتألف من أدلة القرآن المتفرقة من معان مجتمعة فإن الأدلة قد تأتي في معان مختلفة ولكن يشملها معنى واحد شبيه بالأمر في المصالح المرسلة والاستحسان ; فتأتي السنة بمقتضى ذلك المعنى الواحد فيعلم أو يظن أن ذلك المعنى مأخوذ من مجموع تلك الأفراد ، بناء على صحة الدليل الدال على أن السنة إنما جاءت مبينة للكتاب ، ومثال هذا الوجه ما تقدم في أول كتاب الأدلة الشرعية في طلب معنى قوله عليه الصلاة والسلام : [ ص: 393 ] لا ضرر ولا ضرار من الكتاب ويدخل فيه ما في معنى هذا الحديث من الأحاديث ; فلا معنى للإعادة .
ومنها : النظر إلى تفاصيل الأحاديث في تفاصيل القرآن ، وإن كان في السنة بيان زائد ، ولكن صاحب هذا المأخذ يتطلب أن يجد كل معنى في السنة مشارا إليه من حيث وضع اللغة لا من جهة أخرى أو منصوصا عليه في القرآن ، ولنمثله ثم ننظر في صحته أو عدم صحته [ ص: 394 ] [ ص: 395 ] وله أمثلة كثيرة : أحدها : حديث ابن عمر في تطليقه زوجه وهي حائض ; فقال عليه الصلاة والسلام لعمر : مره فليراجعها ، ثم ليتركها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس ; فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء يعني : أمره في قوله : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن [ الطلاق : 1 ] والثاني : حديث فاطمة بنت قيس في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها [ ص: 396 ] سكنى ولا نفقة ; إذ طلقها زوجها ألبتة وشأن المبتوتة أن لها السكنى ، وإن لم يكن لها نفقة ; لأنها بذت على أهلها بلسانها ; فكان ذلك تفسيرا لقوله : ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة [ الطلاق : 1 ] . والثالث : حديث سبيعة الأسلمية ; إذ ولدت بعد وفاة زوجها بنصف شهر ، فأخبرها عليه الصلاة والسلام أن قد حلت ; فبين الحديث أن قوله [ ص: 397 ] تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [ البقرة : 234 ] مخصوص في غير الحامل ، وأن قوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ الطلاق : 4 ] عام في المطلقات وغيرهن . والرابع : حديث أبي هريرة في قوله : فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم [ البقرة : 59 ] قال : قالوا حبة في شعرة يعني : عوض قوله : وقولوا حطة [ البقرة : 58 ] [ ص: 398 ] والخامس : حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة طاف بالبيت سبعا ; فقرأ : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [ البقرة : 125 ] ; فصلى خلف المقام ، ثم أتى الحجر فاستلمه ، ثم قال : نبدأ بما بدأ الله به ، وقرأ : إن الصفا والمروة من شعائر الله [ البقرة : 158 ] . والسادس : حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : وقال ربكم ادعونى أستجب لكم [ غافر : 60 ] قال : الدعاء هو العبادة ، وقرأ الآية إلى قوله : داخرين [ غافر : 60 ] . والسابع : حديث عدي بن حاتم قال لما نزلت : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [ البقرة : 187 ] قال لي النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 399 ] إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل . والثامن : حديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صلاة الوسطى صلاة العصر .
وقال يوم الأحزاب : اللهم املأ قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن صلاة [ ص: 400 ] الوسطى حتى غابت الشمس . والتاسع : حديث أبي هريرة : قال عليه الصلاة والسلام : إن موضع سوط في الجنة لخير من الدنيا وما فيها ، اقرءوا إن شئتم : فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور [ آل عمران : 185 ] .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|