عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 20-08-2022, 05:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,393
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أزمة الثقافة في قصيدة هذيان بائع الدموع

هذه قصة "قلندول"، البلدة الآمنة التي أحالتها يد "السلطة" إلى دماء وقتل وتخريبٍ وسطو! وفي هذه الأبيات من "عدودة الخروج" تتجلى حقيقة الصراع التي تتبدى فيها القوة (السلطة) في أوج غطرستها وعجرفتها، ثم في أبيات المقطع الأخيرة من "عدودة الخروج" نجدُ ظلال تلك الأبيات من "هذيان بائع الدموع" حيث يقول الشاعر:
الممرّاتُ أعينٌ تمتطيني
والكُوى مُخبرٌ وأشلاءُ رجعةْ


والأماسي التي أراها ملاذي
مثلُ أحزانِ شاعرٍ يومَ "جمعةْ"

لي مع "السوط" موعدٌ سوف يأتي

وأراني أحسُّ خلفيَ لسعهْ

ونلمح من خلال تلك المقابلة بين أبيات القصيدتين "التوافق" أو "الوحدة" بين الشعور في بلدته حينما كان فيها، والشعور في "المنفى". في بلدته كان الصراع بين "المتن والهامش" على صعيده المادي، أما في المنفى فهو صراع على صعيد آخر، هو صعيد "الفكر" و"الثقافة" و"الاغتراب"، ولكن رغم هذا التباين فهما صراعان متداخلان لا يمكن فصل أولهما عن آخرهما، ذلك أنّ الآخر كان نتيجة للأول.

ويكمل الشاعر في "عدودة الخروج" في العزف على ذات الأوتار التي حدّدت معالمها قصيدة "هذيان بائع الدموع"، فكلامُهُ لغوٌ كلّه، والمحافل الثقافية الطاغية كلّها "غاوية" وضالة، ومعاركه الثقافية التي ربّما خاضها في منفاه قد تعرّضه للمتاعب الجسيمة فخفض الصوت قد يكون هو الذي يعصمه من تلك المتاعب، والمنفى هو الذل، والشعر هو البلوى:
يا صديق الدجى لمن أنت تشدو
كلُّ أذنٍ ترى كلامك لغوا

كلّ رأسٍ تراه حولكَ غاوٍ
والذي لا تراه يقبل أغوى

لا تُرَجّي من فاقد الحسّ حسًّا
الزنازينُ تحتسي الحسّ حسوا

والقيودُ التي تخافُ لظاها
تسمع الصرخة الجريحة شدوا

أخفض الصوت ذلك السوط يرنو
لا أنا صابر ولا أنت تقوى

أنت مثلي تُريد ما ليسَ يأتي
(من تعاوي وكلّهم منكَ أعوى)

المنافي تزيد عينيكَ ذلاًّ

والقوافي تزيد بلواكَ بلوى

يا ابن وهج الحروف ماذا تبقّى
أو هذا الركامُ تدعوهُ مأوى



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.53%)]