عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 18-08-2022, 08:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,853
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الصورة الكلية عند الصحابي الشاعر حميد بن ثور الهلالي



ويترك الشاعر - إلى حين - هذا المشهد القصصي، ويفيء إلى مشهد وصفيٍّ يتعشقه؛ إذ يأخذ في وصف هذا الجمل أوصافًا شكلية تشير إلى بعض الصفات النفسية التي تبدَّت من قبل في الشعور بالعزة عند النوق جميعًا، وعند ذلك الجمل الذي انقاد مؤخرًا لزمام النسوة[49]:
وَقَرَّبْنَ مُقْوَرًّا كَأَنَّ وَضِينَهُ
بنِيقٍ إِذَا مَا رَامَهُ الْغُفْرُ أَحْجَمَا

صِلَخْدًا لَوَ انَّ الْجِنَّ تَعْزِفُ حَوْلَه
وَضَرْبَ الْمُغَنِّي دُفَّهُ مَا تَرَمْرَمَا

رَعَى الْقَسْوَرَ الْجَوْنِيَّ مِنْ حَوْلِ أَشْمُسٍ
وَمِنْ بَطْنِ سَقْمَانِ الدِّعَاعِ الْمُدَيَّمَا

تَرَاهُ إِذَا اسْتَدْبَرْتَهُ مُدْمَجَ الْقَرَا
وَفَعْمًا إِذَا أَقْبَلْتَهُ الْعَيْنَ سَلْجَمَا

بَعِيرُ حَيًا جَاءَتْ بِهِ أَرْحَبِيَّةٌ
أَطَالَ بِهِ عَامَ النِّتَاجِ وأَعْظَمَا

ضُبَارِمُ طَيِّ الْحَاجِبَيْنِ إِذَا غَدَا
عَلَى الأُكْمِ وَلاَّهَا حِذَاءً عَثَمْثَمَا




لقد نجَح الشاعر في سرد الصفات الشكلية التي تُعين على رسم صورة هذا الجمل الفتيِّ الذي تم اختياره ليكون مطية المرأة في رحلتها، فهو ضخم سمين كأنه الجبل، وقد ولد عام الخصب والنتاج لناقة أمٍّ تُنسب إلى بني الأرحب المشهورين بنجابة إبلهم؛ ولذا جاء الجمل طويل الظهر عظيمًا ممتلئ اللحم، وهذه القوة المتبدية في بنيان الجمل هي التي جعلت من الصعوبة بمكانٍ السيطرة عليه، إلا بالاحتيال الذي لجأت إليه الفتيات عندما وضعن في أنفه الزمام الذي يُشبه ثعبان الحماطة.

ويقص الشاعر في مشهد وصفيّ المعاناة التي لقيتها المرأة في ركوب هذا الجمل الضخم الفتيِّ، ولولا تدخُّل الفتيات ومساعدتهنَّ لها على الركوب ما استطاعت إليه سبيلاً، إذ يبدو أن الجمل كان من الضخامة بحيث لم تستطِع ارتقاءه وقد برك على الأرض، يقول الشاعر بعدما دعت الفتيات سيدتهنَّ لركوب الجمل مع مدِّ يد العون:
فَمَا رَكِبَتْ حَتَّى تَطَاوَلَ يَوْمُهَا
وَكَانَتْ لَهَا الأيْدِي إلَى الْخِدْرِ سُلَّمَا

وَمَا دَخَلَتْ في الْخِدْرِ حَتَّى تَنَقَّضَتْ
مَآسِرُ أَعْلَى قِدِّهِ فَتَحَطَّمَا

فَجَرْجَرَ لَمَّا صَارَ في الْخِدْرِ نِصْفُهَا
وَنِصْفٌ عَلَى دَأْيَاتِهِ مَا تَجَزَّمَا

سَرَاةَ الضُّحَى مَا رِمْنَ حَتَّى تَفَصَّدَتْ
جِبَاهُ الْعَذَارَى زَعْفَرَانًا وَعَنْدَمَا

وَمَا كَادَ لَمَّا أَنْ عَلَتْهُ يُقِلُّهَا
بِنَهْضَتهِ حَتَّى اكْلأزَّ وأَعْصَمَا

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.53%)]