عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18-08-2022, 08:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الصورة الكلية عند الصحابي الشاعر حميد بن ثور الهلالي




وفي الأبيات الثمانية التالية للبيتين السابقين يتابع الشاعر حديثه عن تلك الفلاة، وحيواناتها من النعامة وولدها، والأمهات من الوحش، والظبية وولدها، والثور، والنوق، يلاحَظ الجمع بين الأم وولدها لما له من دور في قصة المرأة على ما سيأتي؛ حيث تدرك كل أمٍّ مخاطر هذه الفلاة الواسعة، فترشِد ولدها، أو ترعاه بما يَحفظ حياته، ثم ينتقل الشاعر إلى الحديث عن المرأة مستخدمًا ضمير الغائبة الذي يشير إلى إدراكه ومعرفته بكل صغير وكبير في حياة تلك المرأة[29]:





تَرَى رَبَّةُ الْبَهْمِ الْفِرَارَ عَشِيَّةً

إذَا مَا عَدَا فِي بَهْمِهَا وَهْوَ ضَائِعُ




تَلُومُ ولَوْ كَانَ ابْنَهَا قَنِعَتْ بِهِ

إِذَا هَبَّ أَرْوَاحُ الشِّتَاءِ الزَّعَازِعُ




فَقَامَتْ تَعُسُّ سَاعَةً مَا تُطِيقُهَا

مِنَ الدَّهْرِ نَامَتْهَا الْكِلابُ الظَّوَالِعُ









ويتبدى هذا الإدراك لدقائق أمور هذه المرأة لغويًّا في تقديمه جواب الشرط على الفعل والأداة في البيت الأول؛ إذ تهرع إلى فُرارها بضم الفاء[30]؛ هي أولاد الضأن الصغار وواحدها فرير حتى لا ينال الذئب الجائع منها شيئًا، وأخر الأداة وجملة الشرط إلى المِصراع الثاني ليكشف عن طبيعة هذه المرأة، وشدَّة حِرصها على بهمها الذي يفوق حرص الذئب على النَّيل منها، بل ربما لو كان ابنها لكان أهون عليها من فقدان شيء من الشياه، ولذلك لم تنم ليلتها، فقد ظلت ترعى بهمها؛ حفاظًا عليها، خاصة وأنها قد رأت الذئب الأطحل يربض بوضع قوائمه فوق بعضها، وهو يُراعي بهمها أنى تيمَّمت[31]:






يَظَلُّ يُرَاعِي الْخُنْسَ حَيْثُ يَمَّمَتْ

مِنَ الأَرْضِ مَا يَطْلُعْ لَهُ فَهْوَ طَالِعُ




رَأَتْهُ فَشَكَّتْ وَهْوَ أَطْحَلُ مَائِلُ إِلَى

الأرْضِ مَثْنِيٌّ إلَيهِ الأكَارِعُ












ثم يتناسى الشاعر أمر هذه المرأة الحذرة مثلما تناسى من قبل أمر المرأة الشمطاء ويركز حديثه على أوصاف الذئب الجائع البعِل الخائف، في صورة وصفية لجُوعه وخوفه وأطرافه التي تعسل، وجريه من مكان إلى آخر، ومكره وحيله ولونه فيقول[32]:





طَوِي الْبَطْنِ إلاَّ مِنْ مَصِيرٍ يَبُلُّهُ

دَمُ الْجَوْفِ أَوْ سُؤْرٌ مِنَ الْحَوْضِ نَاقِعُ




هُوَ الْبَعِلُ الدَّانِي مِنَ النَّاسِ كَالَّذِي

لهُ صُحْبَةٌ وهُوَ الْعَدُوُّ الْمُنَازِعُ




تَرَى طَرَفَيْهِ يَعْسِلانِ كِلاهُمَا

كَمَا اهْتَزَّ عُودُ السَّاسِمِ الْمُتَتَايِعُ




إذا خَافَ جَوْرًا مِنْ عَدُوٍّ رَمَتْ بِهِ

مَخَالِبُهُ وَالْجَانِبُ الْمُتَوَاسِعُ




وَإِنْ بَاتَ وَحْشًا لَيْلَةً لَمْ يَضِقْ بِهَا

ذِرَاعًا وَلَمْ يُصْبِحْ لَهَا وَهْوَ خَاضِعُ




وَيَسْرِي لِسَاعَاتٍ مِنَ الَّليْلِ قَرَّةٍ

يَهَابُ السُّرَى فيهَا الْمَخَاضُ النَّوَازِعُ




إِذَا احْتَلَّ حِضْنَيْ بَلْدَةٍ طُرَّ مِنْهُمَا

لأُخْرَى خَفِيُّ الشَّخْصِ لِلرِّيحِ تَابِعُ

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.29 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]