عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-08-2022, 08:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الصورة الكلية عند الصحابي الشاعر حميد بن ثور الهلالي





فَهَفَّ إِلَيْهَا الْخِلُّ واجْتَمَعَتْ لَهَا

عُيُونُ الْعُفَاةِ الطَّامِحِينَ إِلَى الْفَضْل







لقد انتصر للمرأة على الزمن والفقر والعزوبة والإهمال، وجعلها محطَّ أنظار الطامِحين إلى الفضل، ثم راح من جديد يَتناسى أمرها ليُدير الحوار حول ولدِها الذي تجاوَز مرحلة الطفولة إلى حيث الرجولة، ومن خلال أسلوب القطع والاستئناف، أو الحذف والقفز الزمني فوق التراتُب الزمني الذي يُجسِّد الرغبة في تسريع الحدث القصصي.. يَتناسى الشاعر ما بين فترة الميلاد والرجولة في حياة هذا الابن ليصلَ بالأحداث إلى لحظة التثوير التي تَعترِض حياة المرأة وحياة ولدها الذي صار رجلاً، وأصبح قائد قومِه بعدما أبدى من البطولة ما جعله جديرًا بالقيادة، فهذا فارسٌ غريب يغزو قومه، ويدعو فرسانهم إلى منازلته، فيجيبه هذا الولد/ الرجل ويهزمه ومن معه من الفرسان[16]:



إِذَا رَاكِبٌ تَهْوِي بِهِ شَمَّرِيَّةٌ

غَرِيبٌ سِوَاهُمْ مِنْ أُنَاسٍ وَمِنْ فَضْلِ




فَقَالَ لَهمْ كِيدُوا بِأَلْفَيْ مُقَنَّعٍ

عِظَامٍ طِوَالٍ لا ضِعَافٍ ولاَ عُزْلِ




فَشَكُّوا طَبِيقًا أَصْلَهُمْ ثُمَّ أَسْلَمُوا

بِكَفِّ ابْنِهَا أَمْرَ الْجَمَاعَةِ وَالْفِعْلِ








ثم يخطو الشاعر بالحدث القصصي خطوة أخرى في سبيل تنميتِه، والاقتراب به من منطقة الأزمة التي ستؤذن بالنهاية، فيرسم صورة لهذا الفارس القائد، وهو يَخرُج على رأس جيش من قومه ليُقاتل الأعداء، ويثبت بهم في معركة حامية الوطيس، تدور فيها الدائرة على جنده الذين يفرُّون فرار المُنهزِمين، في حين يُحاول هو أن يثبت؛ ليثبت جنده من خلال نبرة فخرية تنم عن شجاعة مستميتة في وقت باتَت الهزيمة فيه أمرًا محتومًا، نبرة تجعل من صوت الفتى الصوت الأوحد في مسرَح القتال، والجنود مُجرَّد مُستمعين لما قاله لهم من قبل حملتموني أمركم - وها هو يقول لهم في هذا المشهد العصيب ما يُثبِّت به أفئدتهم الوجلة، والنهار يطول من بين أعينهم ليَزيدهم وجلاً فوق وجل[17]:



فَلَمَّا الْتَقَى الصَّفَّانِ كَانَ تَطَارُدٌ

وَطَعْنٌ بِهِ أَفوَاهُ مَعْطُوفَةٍ نُجْلِ




نَهَارًا طَوِيلاً ثُمَّ دَارَتْ هَزِيمةٌ

بِأَصْحَابِهِ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ وَلاخَذْلِ




فَقَالَ لَهُمْ والْخَيْلُ مُدْبِرَةٌ بِهِمْ

وأَعْيُنُهُمْ مِمَّا يَخَافُونَ كَالْقُبْلِ




عَلَى رِسْلِكُمْ إِنِّي سَأحْمِي ذِمَارَكُمْ

وَهَلْ يَمْنَعُ الأَحْسَابَ إِلاَّ فَتًى مِثْلِي








ولكن الفتوَّة التي ارتبطت بها فكرة البطولة، وما تَستدعيه من شجاعة واعتداد بالنفس[18]لم تكن حائلاً يقف أمام مصرَع هذا الفارس المعتد بنفسه / فتىً مثلي؛ ففي اللحظة التي شُغل فيها بحماية جنده تأتيه طعنة نافذة يخرُّ على إثرها صريعًا في مشهد درامي بالغ الدلالة على مأساة تَنتظرِها أم غائبة عن مسرح الحدث بيد أنها حاضرة برُوحها المرفرفة حول ابنها، مشهد يظن فيه أتباعه لُقياه مصرعه، فيفرون إلى قومهم يندبونه ممتدحين شجاعته وشدة بأسه[19]:



فَبَيْنَاهُ يَحْمِيهُمْ وَيَعْطِفُ خَلْفَهُمْ

بَصِيرٌ بِعَوْرَاتِ الْفَوَارِسِ وَالرَّجْلِ




هَوَى ثَائِرٌ حَرَّانُ يَعْلَمُ أَنَّه

إِذَا مَا تَوَارَى الْقَوْمُ مُنْقَطِعُ النَّبْلِ




فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ نَفْسِه غَيْرَ طَعْنَةٍ

سُوًى فِي ضُلُوعِ الْجَوْفِ نَافِذَةِ الْوَغْلِ




فَخَرَّ وَكرَّتْ خَيْلُهُ يَندُبُونَهُ

وَيُثْنُونَ خَيْرًا فِي الأَبَاعِدِ وَالأَهْلِ









يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]