
10-08-2022, 10:22 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,254
الدولة :
|
|
رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
سورة الجن
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
قل أوحي1 إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا (1) يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا (2) وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا (3) وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا (4) وأنا ظننا أن لن تقول الأنس والجن على الله كذبا (5) وأنه كان رجال من الأنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا (6) وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا (7)
شرح الكلمات:
أنه استمع: أي إلى قراءتي.
نفر من الجن: أي عدد من الجن ما بين الثلاثة والعشرة.
قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا: أي لبعضهم بعضا قرآنا عجبا أي يتعجب منه لفصاحته وغزارة معانيه.
يهدي إلى الرشد: أي الصواب في المعتقد والقول والعمل.
وأنه تعالى جد ربنا: أي تنزه جلال ربنا وعظمته عما نسب إليه.
ما اتخذ صاحبة ولا ولدا: أي لم صاحبة ولم يكن له ولد.
سفيهنا: أي جاهلنا.
شططا: أي غلوا في الكذب بوصفه الله تعالى بالصاحبة والولد.
على الله كذبا: حتى تبين لنا أنهم يكذبون على الله بنسبة الزوجة والولد إليه.
يعوذون: أي يستعيذون.
فزادوهم رهقا: أي إثما وطغيانا.
أن لن يبعث الله أحدا: أي لن يبعث رسولا إلى خلقه.
معنى الآيات:
قوله تعالى {قل أوحي2 إلي أنه استمع نفر 3من الجن} يأمر تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول معلنا
للناس مؤمنهم وكافرهم أنه قد أوحى الله تعالى إليه نبأ مفاده أن نفرا من الجن ما بين الثلاثة إلى العشرة قد استمعوا إلى قراءته القرآن وذلك ببطن نخلة والرسول يصلي بأصحابه صلاة الفجر وكان الرسول صلى الله عليه وسلم عامدا مع أصحابه إلى سوق عكاظ.
وكان يومئذ قد حيل بين الشياطين وخبر السماء حيث أرسلت عليهم الشهب فراجع الشياطين بعضهم بعضا فانتهوا إلى أن شيئا حدث لا محالة فانطلقوا يضربون في مشارق الأرض ومغاربها يتعرفون إلى هذا الحدث الجلل الذي منعت الشياطين بسببه من السماء فتوجه نفر منهم إلى تهامة فوجدوا الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح بأصحابه فاستمعوا إلى قراءته في4صلاته فرجعوا إلى قومهم من الجن فقالوا {إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا} فأنزل الله تعالى هذه السورة "سورة الجن" مفتتحة بقوله {قل أوحي إلي أنه استمع5 نفر من الجن} أي أعلن للناس يا رسولنا أن الله قد أوحى إليك خبرا مفاده أن نفرا من الجن قد استمعوا إلى قراءتك فرجعوا إلى قومهم وقالوا لهم {إنا سمعنا قرآنا عجبا} أي يتعجب من فصاحته وغزارة معانيه.
يهدي إلى الرشد6 والصواب في العقيدة والقول والعمل {فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا} وفي هذا تعريض بسخف البشر الذين عاش الرسول بينهم احدى عشرة سنة يقرأ عليهم القرآن بمكة وهو مكذبون به كارهون له مصرون على الشرك والجن بمجرد أن سمعوه آمنوا به وحملوا رسالته إلى قومهم وهاهم يدعون بدعاية الإسلام ويقولون {فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنه تعالى جد7 ربنا} أي وآمنا بأنه تعالى أمر ربنا وسلطانه ما اتخذ صاحبة ولا ولدا وحاشاه وإنما نسب إليه ذلك المفترون.
{وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا} هذا من قول الجن واصلوا حديثهم قائلين وأنه كان يقول جاهلونا على الله شططا أي غلوا في الكذب بوصفهم الله تعالى بالصاحبة والولد تقليدا للمشركين واليهود والنصارى {وأنا ظننا أن لن تقول الأنس والجن على الله كذبا} أي وقالوا لقومهم وإنا كنا نظن أن الإنس والجن لا يكذبون على الله ولا يقولون عليه إلا الصدق وقد علمنا الآن أنهم يكذبون على الله ويقولون عليه ما لم يقله وينسبون إليه ما هو منه براء.
وقالوا {وأنه كان 8رجال من الأنس يعوذون 9برجال من الجن فزادوهم رهقا} يخبرون بخبر عجيب وهو أنه كان رجال من الناس من العرب وغيرهم إذا نزلوا منزلا مخوفا في واد أو شعب يستعيذون برجال من الجن كأن يقول الرجل أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه فزاد الإنس الجن بهذا اللجأ إليهم والاحتماء بهم رهقا10 أي إثما وطغيانا. إذ ما كانوا يطمعون أن الإنس تعظمهم هذا التعظيم حتى تستجير بهم. وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا أي وقالوا مخبرين قومهم وأنهم أي الإنس ظنوا كما ظننتم أنتم أيها الجن أن لن يبعث الله أحدا رسولا ينذر الناس عذاب الله ويعلمهم ما يكملهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- تقرير النبوة المحمدية وأن محمدا رسول للثقلين الإنس والجن معا.
2- بيان علو شأن القرآن وكماله حيث شهدت الجن له بأنه عجب فوق مستوى كلام الخلق.
3- تقرير التوحيد والتنديد بالشرك.
4- تقرير أن الإنس كالجن قد يكذبون على الله وما كان لهم ذلك.
5- حرمة الاستعانة بالجن والاستعاذة بهم لأن ذلك كالعبادة لهم.
__________
1 قرأ نافع بكسر إن في كل ما ورد في سورة الجن ما عدا أنه استمع نفر من الجن وأن المساجد لله ففتح أن وفتحها حفص إلا بعد القول وفإن له نار جهنم.
2 أصل أوحي ووحي فقلبت الواو همزة كما قلبت في وإذا الرسل أقتت والأصل وقتت، وهو جائز في كل واو مضمومة نحو ورخ وأرخ.
3 يرى ابن إسحق أن هذا اللقاء بالجن كان عند عودة النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف، ولا مانع من حصول الخبرين مرة عند عودته من الطائف وتكون هذه الأولى، والثانية هي المذكورة في التفسير.
4 ما ذكر في التفسير من شأن استماع الجن قراءة الرسول وما أوحى الله تعالى به إلى رسوله في شأن هذه الحادثة هو في مسلم والترمذي.
5 جملة استمع خبر إن والاسم هو الضمير الشأن والجملة في محل نائب فاعل لأوحي.
6 الرشد بضم الراء وإسكان الشين والرشد بفتح الراء والشين معا هما الخير والصواب والهدى.
7 الجد بفتح الجيم: العظمة والجلال ومنه قول أنس كان الرجل إذا حفظ البقرة وآل عمران جد في عيوننا: أي عظم وجل وأنه تعالى: قرأ نافع بكسر الهمزة عطفا على قولهم إنا سمعنا قرآنا وقرأ حفص بفتح الهمزة على تقدير آمنا بأنه تعالى جد ربنا.
8 يجوز فتح أنه وكسرها فمن فتحها جعلها من كلام الجن رادا لها إلى قوله أنه استمع ومن كسرها جعلها مبتدأ في قول الله تعالى.
9 قال مقاتل أول من تعوذ بالجن قوم من اليمن من بني حنيفة ثم فشا في العرب فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم.
10 الرهق الخطيئة والإثم وغشيان المحارم، وباستعاذة الإنس بالجن يحصل الإثم والخطيئة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|