عرض مشاركة واحدة
  #1649  
قديم 10-08-2022, 09:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المنافقون
الحلقة (833)

سورة المنافقون
مدنية وآياتها إحدى عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 352الى صــــ 358)

سورة المنافقون
مدنية وآياتها إحدى عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون (1)
اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون (2) ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون (3) وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون (4)

شرح الكلمات:
إذا جاءك المنافقون: أي حضر مجلسك المنافقون كعبد الله بن أبي وأصحابه.
قالوا نشهد إنك لرسول الله: أي قالوا بألسنتهم ذلك وقلوبهم على خلافه.
والله يشهد إن المنافقين لكاذبون: أي والله يعلم أن المنافقين لكاذبون أي بما أضمروه من أنك غير رسول الله.
اتخذوا أيمانهم جنة: أي سترة ستروا بها أموالهم وحقنوا بها دماءهم.
فصدوا عن سبيل الله: أي فصدوا بها عن سبيل الله أي الجهاد فيهم.
إنهم ساء ما كانوا يعملون: أي قبح ما كانوا يعملونه من النفاق.
ذلك: أي سوء عملهم.
بأنهم آمنوا ثم كفروا: أي آمنوا بألسنتهم، ثم كفروا بقلوبهم أي استمروا على ذلك.
فطبع على قلوبهم: أي ختم عليها بالكفر.
فهم لا يفقهون: أي الإيمان أي لا يعرفون معناه ولا صحته.
تعجبك أجسامهم: أي لجمالها إذ كان ابن أبي جسيما صحيحا وصبيحا ذلق اللسان.
وإن يقولوا تسمع لقولهم: أي لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم.
كأنهم خشب مسندة: أي كأنهم من عظم أجسامهم وترك التفهم وعدم الفهم خشب مسندة أي أشباح بلا أرواح، وأجسام بلا أحلام.
يحسبون كل صيحة عليهم: أي يظنون كل صوت عال يسمعونه كنداء في عسكر أو إنشاد ضالة عليهم وذلك لما في قلوبهم من الرعب أن ينزل فيهم ما يبيح دماءهم.
هم العدو فاحذرهم: أي العدو التام العداوة فاحذرهم أن يفشوا سرك أو يريدوك بسوء.
قاتلهم الله أنى يؤفكون: أي لعنهم الله كيف يصرفون عن الإيمان وهم يشاهدون أنواره وبراهينه.
معنى الآيات:
قوله تعالى {إذا جاءك المنافقون} لنزول هذه السورة سبب هو أن زيد1 بن أرقم رضي الله عنه قال كنت مع عمي فسمعت عبد الله بن أبي سلول يقول لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل, فذكرت ذلك لعمى فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل رسولا إلى ابن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني فأصابني هم لم يصبني مثله فجلت في بيتي فأنزل الله عز وجل إذا جاءك المنافقون إلى قوله الأعز منها الأذل فأرسل إلى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال إن الله قد صدقك.
قوله إذا جاءك المنافقون أي إذا حضر مجلسك المنافقون عبد الله بن أبي ورفاقه قالوا نشهد إنك لرسول الله وذلك بألسنتهم دون قلوبهم. قال تعالى: {والله يعلم2 إنك لرسوله} سواء شهد بذلك المنافقون أو لم يشهدوا. والله يشهد إن المنافقين لكاذبون في شهادتهم لعدم مطابقة قولهم لاعتقادهم. اتخذوا أيمانهم جنة أي جعلوا من أيمانهم الكاذبة جنة كجنة المقاتل يسترون
بها كما يستتر المحارب بجنته فوق رأسه، فهم بأيمانهم الكاذبة أنهم مؤمنون وقوا بها أنفسهم وأزواجهم وذرياتهم من القتل والسبي، وبذلك صدوا عن3 سبيل الله أنفسهم وصدوا غيرهم ممن يقتدون بهم وصدوا المؤمنين عن جهادهم بما أظهروه من إيمان صورى كاذب. قال تعالى: {إنهم4 ساء ما كانوا يعملون} يذم تعالى حالهم ويقبح سلوكهم ذلك وهو اتخاذ أيمانهم جنة وصدهم عن سبيل الله وقوله تعالى الآية رقم 5 {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع3 على قلوبهم} أي سوء عملهم وقبح سلوكهم ناتج عن كونهم أمنوا ثم شكوا أو ارتابوا فنافقوا وترتب على ذلك أيضا الطبع على قلوبهم فهم لذلك لا يفقهون معنى الإيمان ولا صحته من بطلانه وهذا شأن من توغل في الكفر أن يختم على قلبه فلا يجد الإيمان طريقا إلى قلب قد أقفل عليه بطابع الكفر وخاتم النفاق والشك والشرك.
وقوله تعالى في الآية (4) {وإذا رأيتهم6 تعجبك أجسامهم} أي وإذا رأيت يا رسولنا هؤلاء المنافقين ونظرت إليهم تعجبك أجسامهم لجمالها إذ كان ابن أبي جسيما صبيحا وإن يقولوا تسمع لقولهم وذلك لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم. وقوله تعالى: {كأنهم خشب مسندة} وهو تشبيه رائع: إنهم لطول أجسامهم وجمالها وعدم فهمهم وقلة الخير فيهم كأنهم خشب مسندة على جدار لا تشفع ولا تنفع كما يقال.
وقوله تعالى: {يحسبون كل صيحة عليهم} وذلك لخوفهم والرعب المتمكن من نفوسهم نتيجة ما يضمرون من كفر وعداء وبغض للإسلام وأهله فهم إذا سمعوا صيحة في معسكر أو صوت منشد ضاله يتوقعون أنهم معنيون بذلك شأن الخائن وأكثر ما يخافون أن ينزل القرآن بفضيحتهم وهتك أستارهم. قال تعالى هم7 العدو فاحذرهم يا رسولنا إن قلوبهم مع أعدائك فهم يتربصون بك الدوائر.
قال تعالى: {قاتلهم الله أنى يؤفكون} فسجل عليهم لعنة لا تفارقهم إلى يوم القيامة كيف يصرفون عن الحق وأنواره تغمرهم القرآن ينزل والرسول يعلم ويزكى وآثار ذلك في المؤمنين
ظاهرة في آرائهم وأخلاقهم. ولم يشاهدوا شيئا من ذلك والعياذ بالله من عمى القلوب وانطماس البصائر.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1-بيان أن الكذب ما خالف الاعتقاد وإن طابق الواقع.
2- التحذير من الاستمرار على المعصية فإنه يوجب الطبع على القلب ويحرم صاحبه الهداية.
3- التحذير من الاغترار بالمظاهر كحسن الهندام وفصاحة اللسان.
4- الكشف عن نفسية الخائن والظالم والمجرم وهو الخوف والتخوف من كل صوت أو كلمة خشية أن يكون ذلك بيانا لحالهم وكشفا لجرائمهم.
__________

1 رواه البخاري في صحيحه والترمذي وغيرهما كانت هذه الحادثة في غزوة بني المصطلق سنة خمس من الهجرة.
2 جملة معترضة بين الجملتين المتعاطفتين وفائدة هذا الاعتراض دفع ما قد يتوهمه من يسمع جملة: (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) أنه تكذيب لجملة (إنك لرسول الله) .
3 الفاء للتفريع فجملة (فصدوا عن سبيل الله) متفرعة عن جملة (اتخذوا أيمانهم جنة) .
4 الجملة تذييلية من أجل تفظيع حالهم، والتنديد بسوء سلوكهم.
5 الإشارة إلى قوله: (إنهم ساء ما كانوا يعملون) .
6 هذه الجملة معطوفة على سابقتها وهي (فهم لا يفقهون) وهي واقعة موقع الاحتراس والتتميم لدفع إيهام من يغره ظاهر صورهم وأشكالهم كما في قول حسان رضي الله عنه.:
لا بأس بالقوم من طول ومن غلظ
جسم البغال وأحلام العصافير
7 الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا إذ قوله تعالى: (يحسبون كل صيحة عليهم) يثير تساؤلات فأجيب السائل المتطلع بقوله تعالى: (هم العدو فاحذروهم) ونفسيتهم المريضة هي التي جعلتهم يحسبون كل صيحة عليهم كما قال المتنبي:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده من توهم

*******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.77%)]