عرض مشاركة واحدة
  #1638  
قديم 10-08-2022, 09:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,583
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سورة الممتحنة1
مدنية وآياتها ثلاث عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم

ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل (1) إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون (2) لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير (3)

شرح الكلمات:
لا تتخذوا عدوي وعدوكم: أي الكفار والمشركين.
أولياء تلقون إليهم بالمودة: أي لا تتخذوهم أنصارا توادونهم.
وقد كفروا بما جاءكم من الحق: أي الإسلام عقيدة وشريعة.
يخرجون الرسول وإياكم: أي بالتضييق عليكم حتى خرجتم فارين بدينكم.
أن تؤمنوا بربكم: أي لأجل أن آمنتم بربكم.
إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي: فلا تتخذوهم أولياء ولا تبادلوهم المودة.
وابتغاء مرضاتي
تسرون إليهم بالمودة: أي توصلون إليهم خبر خروج الرسول لغزوهم بطريقة سرية.
ومن يفعله منكم: أي ومن يوادهم فينقل إليهم أسرار النبي في حروبه وغيرها.
فقد ضل سواء السبيل: أي أخطأ طريق الحق الجادة الموصلة إلى الإسعاد.
إن يثقفوكم: أي أن يظفروا بكم متمكنين منكم في مكان ما.
يكونوا لكم أعداء: أي لا يعترفون لكم بمودة.
ويبسطوا إليكم أيديهم: أي بالضرب والقتل.
وألسنتهم بالسوء: أي بالسب والشتم.
وودوا لو تكفرون: أي وأحبوا لو تكفرون بدينكم ونبيكم وتعودون إلى الشرك معهم.
لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم: أي إن توادوهم وتسروا إليهم بالأخبار الحربية تقربا إليهم من أجل أن يراعوا لكم أقرباءكم وأولادكم المشركين بينهم فاعلموا أنكم لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة.
يوم القيامة يفصل بينكم: أي فتكونون في الجنة ويكون المشركون من أولاد وأقرباء وغيرهم في النار.
معنى الآيات:
فاتحة هذه السورة {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي2 وعدوكم أولياء ... } الآيات. نزلت في شأن حاطب بن أبي بلتعة وكان من المهاجرين الذين شهدوا بدرا روى مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال ائتوا روضة خاخ (موضع بينه وبين المدينة اثنا عشر ميلا) فإن بها ظعينة (امرأة مسافرة) 3 معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا نهادى خيلنا أي نسرعها فإذا نحن بامرأة فقلنا أخرجي الكتاب، فقالت ما معي كتاب. فقلنا لتخرجن الكتاب، أو لتلقن الثياب4 (أي من عليك) فأخرجته من عقاصها أي من ظفائر شعر رأسها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا به من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب ما هذا؟ فقال لا تعجل علي يا رسول الله إني كنت امرءا ملصقا في قريش (أي كان حليفا لقريش ولم يكن قرشيا) وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي، ولم أفعله كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه وأن كتابي لا يغني عنهم من الله شيئا، وأن الله ناصرك عليهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق. فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه شهد بدرا، وما يدريك لعل الله أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا} أي يا من صدقتم الله ورسوله {لا تتخذوا عدوي وعدوكم} من الكفار والمشركين {أولياء} أي أنصارا {تلقون إليهم5 بالمودة} أي أسرار النبي صلى الله عليه وسلم الحربية ذات الخطر والشأن. والحال أنهم قد كفروا بما جاءكم من الحق الذي هو دين الإسلام بعقائده وشرائعه وكتابه ورسوله. يخرجون الرسول وإياكم من6 دياركم بالمضايقة لكم حتى هاجرتم فارين بدينكم، أن تؤمنوا7 بربكم أي من أجل أن آمنتم بربكم.، أمثل هؤلاء الكفرة الظلمة تتخذونهم أولياء تدلون إليهم بالمودة ... إنه لخطأ جسيم
ممن فعل هذا.
وقوله تعالى: {إن8 كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي} أي إن كنتم خرجتم من دياركم مجاهدين في سبيلي أي لنصرة ديني ورسولي وأوليائي المؤمنين وطلبا لرضاي فلا تتخذوا الكافرين أولياء من دوني تلقون إليهم بالمودة.
وقوله تعالى تسرون9 إليهم بالمودة أي تخفون المودة إليهم بنقل أخبار الرسول السرية والحال أني {أعلم} منكم ومن غيركم {بما أخفيتم وما أعلنتم} . وها قد أطلعت رسولي على رسالتكم المرفوعة إلى مشركي مكة والتي تتضمن فضح سر رسولي في عزمه على غزوهم مفاجأة لهم حتى يتمكن من فتح مكة بدون كثير إراقة دم وإزهاق أنفس.
وقوله تعالى: {ومن يفعله منكم} أي الولاء والمودة للمشركين فقد ضل سواء السبيل أي أخطأ وسط الطريق المأمون من الانحراف يريد جانب الإسلام الصحيح.
وقوله تعالى: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون} أي أنهم أعداؤكم حقا إن يثقفوكم أي يظفروا بكم متمكنين منكم يكونوا لكم أعداء ولا يبالون بمودتكم إياهم، ويبسطوا إليكم أيديهم بالضرب والقتل وألسنتهم بالسب والشتم وتمنوا كفركم لتعودوا إلى الشرك مثلهم.
وقوله تعالى: {لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم10} الذين واددتم الكفار من أجلهم من عذاب الله في الآخرة إذ حاطب كتب الكتاب من أجل قرابته وأولاده فبين تعالى خطأ حاطب في ذلك.
وقوله تعالى: {يوم القيامة يفصل بينكم} بأن تكونوا في الجنة أيها المؤمنون ويكون أقرباؤكم وأولادكم المشركون في النار. فما الفائدة إذا من المعصية من أجلهم؟! والله بما تعملون بصير فراقبوه واحذروه فلا تخرجوا عن طاعته وطاعة رسوله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- حرمة موالاة الكافرين بالنصرة والتأييد والمودة دون المسلمين.
2- الذي ينقل أسرار المسلمين الحربية إلى الكافرين على خطر عظيم وإن صام وصلى.
3- بيان أن الكافرين لا يرحمون المؤمنين متى تمكنوا منهم لأن قلوبهم عمياء لا يعرفون معروفا ولا منكرا بظلمة الكفر في نفوسهم وعدم مراقبة الله عز وجل لأنهم لا يعرفونه ولا يؤمنون بما عنده من نعيم وجحيم يوم القيامة.
4- فضل أهل بدر وكرامتهم على الله عز وجل.
5- قبول عذر الصادقين الصالحين ذوي السبق في الإسلام إذا عثر أحدهم اجتهادا منه.
6- عدم انتفاع المرء بقرابته يوم القيامة إذا كان مسلما وهم كافرون.
__________

1 قال القرطبي: المشهور في اسم هذه السورة أنه الممتحنة بكسر الحاء اسم فاعل, وه الذي جزم به السهلي, والمراد من الممتحنة الآية التي في هذه السورة إذ بها تمتحن المرأة التي تجيء مهاجرة من بلادها وتترك زوجها. والآية هي قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن} الخ ورجح الحافظ ابن حجر فتح الحاء باسم المفعول أي: المرأة الممتحنة.
2 العدو: ذو العداوة وهو فعول بمعنى فاعل من عدا يعدو وأصله مصدر على وزن فعول مثل قبول، ولما كان على وزن المصادر عومل معاملة المصدر فاستوى في الوصف به المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث.
3 تسمى سارة مولاة لأبي عمرو بن صغير بن هاشم بن عبد مناف وهي يومئذ مشركة.
4 في رواية، أو لتلقين الثياب أي: لنجردك من ثيابك..
5 جائز أن تكون جملة: (تلقون) في محل نصب على الحال من ضمير (لا تتخذوا) والإلقاء حقيقته: رمي ما في اليد على الأرض، واستعير لإلقاء الشيء بدون تدبر في موقعه أي: تصرفون إليهم مودتكم بدون تأمل في آثارها الضارة.
6 الجملة: حال من الضمير في كفروا وحكيت بالمضارع لاستحضار الصورة البشعة في الذهن.
7 أي: لأن تؤمنوا بالله ربكم علة وسبب إخراجهم إياكم من دياركم أي: هو اعتداء حملهم عليه أنكم آمنتم بالله ربكم.
8 هذه الجملة شرطية ذيل بها النهي: (لا تتخذوا عدوي) والغرض هو تأكيد الكلام السابق.
9 الجملة بيانية لسابقتها، والجملة: (وأنا أعلم) حالية فيها معنى التعجب بضميمة التي قبلها.
10 (لن تنفعكم..) الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا إذ الذي يسمع جملة: (ودوا لو تكفرون) بتطلع إلى ما يترتب على الكفر فيجاب بجملة: لن تنفعهم أرحامهم ولا أولادهم ولو في قوله: (ودوا لو تكفرون) مصدرية أي: ودوا كفركم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]