
10-08-2022, 09:53 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,551
الدولة :
|
|
رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون (14) أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون (15) اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين (16) لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (17) يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون (18) استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون (19)
شرح الكلمات:
ألم تر إلى الذين تولوا: أي ألم تنظر إلى المنافقين الذين تولوا.
قوما غضب الله عليهم: أي اليهود.
ما هم منكم ولا منهم: أي ما هم منكم أيها المؤمنون ولا منهم أي من اليهود بل هم مذبذبون.
ويحلفون على الكذب وهم: أي يحلفون لكم أنهم مؤمنون وهم يعلمون أنهم غير مؤمنين.
يعلمون
إنهم ساء ما كانوا يعملون: أي قبح أشد القبح عملهم وهو النفاق والمعاصي.
اتخذوا أيمانهم جنة: أي سترا على أنفسهم وأموالهم فادعوا الإيمان كذبا وحلفوا أنهم مؤمنون وما هم بمؤمنين.
فصدوا عن سبيل الله: أي فصدوا بتلك الأيمان المؤمنين عن سبيل الله التي هي جهادهم وقتالهم.
فيحلفون له كما يحلفون لكم: أي يوم يبعثهم من قبورهم يوم القيامة يحلفون لله أنهم كانوا مؤمنين كما يحلفون اليوم لكم أنهم مؤمنون.
ويحسبون أنهم على شيء: أي يظنون في أيمانهم الكاذبة أنهم على شيء من الحق.
استحوذ عليهم الشيطان: أي غلب عليهم الشيطان.
فأنساهم ذكر الله: فلم يذكروه بألسنتهم إلا تقية ولا يذكرون وعده ولا وعيده.
أولئك حزب الشيطان: أي أولئك البعداء أتباع الشيطان وجنده.
ألا إن حزب الشيطان هم: أي إن أتباع الشيطان وجنده هم المغبونون الخاسرون في صفقة حياتهم.
الخاسرون
معنى الآيات:
في هذه الأيام التي نزلت فيها هذه السورة كان النفاق بالمدينة بالغا أشده، وكان اليهود كذلك كثيرين ومتحزبين ضد الإسلام والمسامين وذلك قبل إجلائهم من المدينة ففي هذه الآية يحذر الله تعالى رسوله والمؤمنين من العدوين معا ويكشف الستار عنهم ليظهرهم على حقيقتهم ليحذرهم المؤمنون فيقول تعالى {ألم تر1} أي تنظر يا رسولنا إلى الذين تولوا قوما غضب2 الله عليهم وهم اليهود تولاهم المنافقون ولاية نصرة وتحزب ضد الرسول والمؤمنين. يقول تعالى هؤلاء المنافقون ما هم منكم أيها المؤمنون ولا منهم من اليهود بل هم مذبذبون حيارى يترددون بينكم وبين اليهود معكم في الظاهر ومع اليهود في الباطن.
وقوله تعالى: {ويحلفون على الكذب وهم يعلمون3} أي أنهم كاذبون إذ كانوا يأتون رسول الله ويحلفون له أنهم مؤمنون به وبما جاء به وهم يعلمون أنهم كاذبون إذ هم غير مؤمنين به ولا مصدقين. فتوعدهم الله عز وجل بقوله: {أعد الله لهم عذابا شديدا} أي هيأ لهم وأحضره وذلك يوم القيامة، وندد بصنيعهم وقبح سلوكهم بقوله إنهم ساء ما كانوا يعملون ولذا أعد لهم العذاب
الشديد لسوء سلوكهم وقبح أعمالهم.
وقوله تعالى: {اتخذوا أيمانهم4 جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين} أي اتخذ هؤلاء المنافقون أيمانهم التي يحلفونها لكم بأنهم مؤمنون وما هم بمؤمنين اتخذوها ستارة ووقاية يقون بها أنفسهم من القتل وأموالهم من الأخذ فصدوا بتلك الأيمان الكاذبة المؤمنين عن سبيل الله التي هي قتالهم لأنهم كفار مشركون يجب قتالهم حتى يدخلوا في دين الله أو يهلكوا لأنهم ليسوا أهل كتاب فتقبل منهم الجزية.
وقوله تعالى {فلهم عذاب مهين} أي يوم القيامة يهانون ويذلون به.
وقوله تعالى {لن تغني 5عنهم} أي يوم القيامة أموالهم التي يجمعونها ويتمتعون بها اليوم كما لا تغني عنهم أولادهم الذين يعتزون بهم من الله شيئا من الإغناء فلا تقبل منهم فدية فيفتدون بأموالهم ولا يطلبون من أولادهم نصرة فينصرونهم. أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون لا يخرجون منها ولا يموتون فيها ولا يحيون.
وقوله تعالى {يوم يبعثهم الله جميعا} أي اذكر يا رسولنا يوم يبعثهم الله جميعا في عرصات القيامة فيحلفون6 له أنهم كانوا مؤمنين كما يحلفون لكم اليوم أنهم مؤمنون. ويحسبون اليوم أي يظنون أنهم على كل شيء من الصواب والحق ألا إنهم هم الكاذبون استحوذ7 عليهم الشيطان أي غلب عليهم فأنساهم ذكر الله فلا يذكرونه إلا قليلا كما أنساهم ذكر وعده ووعيده فلذا هم لا يرغبون في ما عنده ولا يرهبون مما لديه. أولئك حزب الشيطان أي أتباعه وجنده. ألا إن حزب8 الشيطان أي أتباعه وجنده هم الخاسرون أي المغبونون في صفقتهم في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- حرمة موالاة اليهود.
2- حرمة الحلف على الكذب وهي اليمين الغموس.
3- من علامات استحواذ الشيطان على الإنسان تركه لذكر الله بقلبه ولسانه ولوعده ووعيده بأعماله وأقواله.
__________
1 الاستفهام تعجبي ووجه التعجب من حالهم أنهم تولوا قوما من غير جنسهم وليسوا على دينهم وإنما حملهم الاشتراك في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
2 عرف اليهود بالقرآن بأنهم المغضوب عليهم وتكرر ذلك في القرآن الكريم.
3 روي عن عكرمة وابن عباس في سبب نزول هذه الآية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا في ظل شجرة قد كان الظل يتقلص عنه إذ قال يجيئكم الساعة رجل أزرق ينظر إليكم نظر شيطان فنحن على ذلك إذ أقبل رجل أزرق قد عاينه النبي صلى الله عليه وسلم فقال. علام تشتمني أنت وأصحابك؟ قال دعني أجيئك بهم فمر فجاء بهم فحلفوا جميعا أنه ما كان من ذلك شيء فأنزل الله تعالى: (يوم يبعثهم الله جميعا) .
4 (اتخذوا أيمانهم جنة) الجملة مستأنفة استأنافا بيانيا لأن سائلا قد يسأل: ما الذي حملهم على الحلف الكاذب؟ فالجواب اتخاذهم أيمانهم جنة والجنة الوقاية من جن إذا استتر أي: وقاية من شعور المسلمين ليتمكنوا من الصد عن الإسلام تحت شعاره.
5 في الآية إشارة إلى أن كبار المنافقين كانوا ذوي ثروة ومال وهذا من الأسباب الحاملة لهم على البقاء على الكفر حفاظا على أموالهم ومراكزهم في المجتمع في نظرهم، فأخبر تعالى أن مالهم الذي يحافظون عليه أولادهم الذين يعتزون بهم إذا نزل بهم عذاب الله لن يغني ذلك عنهم من الله شيئا.
6 صح الحديث بأن من مات على شيء يبعث عليه، ولما مات المنافقون على النفاق بعثوا عليه، فلذا يحلفون لله تعالى أنهم كانوا مؤمنين كما هم يحلفون في الدنيا بأنهم مؤمنون وهم كاذبون، وهذا كقوله تعالى: {وما كان فتنتهم إلا أن قالوا والله ما كنا مشركين} . وهذا في عرصات القيامة.
7 مجرد استحوذ: حاذ الشيء: إذا أحاطه وصرفه كيف يريد، يقال: حاذ العير: إذا جمعها وساقها غالبا لها فاشتقوا منه استفعل: للاستيلاء، والتدبير والمعالجة ولا يقال استحوذ إلا لمن كان عاقلا يحسن التدبير والتصريف.
8 جيء بحرف التنبيه والاستفتاح (ألا) تنبيها على أهمية ما دخلت عليه وأنه مما يحق أن ينتبه له. وضمير الفصل (هو) لإفادة القصر، وهو قصر إدعائي للمبالغة في مقدار خسرانهم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|