عرض مشاركة واحدة
  #1628  
قديم 10-08-2022, 09:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

****************************
ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير (8) ياأيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون (9) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون (10)

شرح الكلمات:
ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى: أي المسارة الكلامية والمنهيون هم اليهود والمنافقون.
ثم يعودون لما نهوا: أي من التناجي تعمدا لأذية المؤمنين بالمدينة.
ويتناجون بالإثم والعدوان: أي بما هو إثم في نفسه, وعداوة الرسول والمؤمنين.
ومعصية الرسول: أي يتناجون فيوصي بعضهم بعضا بمعصية الرسول وعدم طاعته.
وإذا جاءوك حيوك: أي جاءوك أيها النبي حيوك بقولهم السام عليك.
بما لم يحبك به الله: أي حيوك بلفظ السام عليك, وهذا لم يحيي الله به رسوله بل حياه بلفظ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
ويقولون في أنفسهم: أي سرا فيما بينهم.
لولا يعذبنا الله بما نقول: أي هلا يعذبنا الله بما نقول له, فلو كان نبيا لعاجلنا الله بالعقوبة.
حسبهم جهنم يصلونها: أي يكفيهم عذاب جهنم يصلونها فبئس المصير لهم.
فلا تتناجوا بالإثم والعدوان: أي فلا يناج بعضكم بما هو إثم ولا بما هو عدوان وظلم ولا بما هو معصية للرسول.
وتناجوا بالبر والتقوى: أي وتناجوا إن أردتم ذلك بالبر أي الخير والتقوى وهي طاعة الله والرسول.
إنما النجوى من الشيطان: أي إنما النجوى بالإثم والعدوان من الشيطان أي بتغريره.
ليحزن الذين آمنوا: أي ليوهمهم إنها بسبب شيء وقع مما يؤذيهم.
وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله: أي وليس التناجي بضار المؤمنين شيئا إلا بإرادة الله تعالى.
وعلى الله فليتوكل المؤمنون: أي وعلى الله لا على غيره يجب أن يتوكل المؤمنون.
معنى الآيات:
قوله تعالى ألم تر الآية.. هذه نزلت في يهود المدينة والمنافقين فيها. إذ كانوا يتناجون أي يتحدثون سرا على مرأى من المؤمنين, والوقت وقت حرب فيوهمون المؤمنين إن عدوا قد عزم على غزوهم, أو أن سرية هزمت أو أن مؤامرة تحاك ضدهم فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التناجي, وقال لا يتناج اثنان1 دون ثالث وأبوا أن يتناجوا فأنزل الله تعالى هذه الآية يعجب رسوله منهم ويوعدهم بعد فضحهم وكشف الستار عن كيدهم للمؤمنين ومكرهم بهم فقال تعالى لرسوله ألم تر الذين2 نهوا عن النجوى وهي التناجي المحادثة السرية أمام الناس, ثم يعودون لما نهوا عنه عصيانا وتمردا عن الرسول صلى الله عليه وسلم, ويتناجون لا بالبر والتقوى, ولكن بالإثم والعدوان ومعصيت3 الرسول أي بما هو إثم في نفسه كالغيبة والبذاء في القول, وبالعدوان وهو الاعتداء على المؤمنين وظلمهم, وبمعصية الرسول فيوصي بعضهم بعضا بعصيان الرسول وعدم طاعته في أمره ونهيه.
هذا وشر منهم أنهم إذا جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيوه بما لم يحيه به الله فلم يقولوا السلام عليكم ولكن يقولون السام عليكم والسام الموت يلوون بها ألسنتهم, ويأتونا الرسول واحدا واحدا ليحيوه بهذه التحية الخبيثة ليدعوا عليهم بالموت لعنة الله عليه مما أكثر أذاهم وما أشد مكرهم وما أنتن خبثهم ويقولون في أنفسهم أي فيما بينهم لو كان محمد صلى الله عليه وسلم نبيا لآخذنا الله بما نقول له من الدعاء عليه بالموت وهذا معنى قوله تعالى عنهم: {ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول} أي هلا عذبنا الله بما نقول لمحمد صلى الله عليه وسلم لو كان نبيا.4 قال تعالى حسبهم5 عذابا جهنم يصلونها يحترقون بحرها ولظاها يوم القيامة فبئس المصير الذي يصيرون إليه في الدار الآخرة جهنم وزقومها وحميمها وضريعها وغسلينها ويحمومها وفوق ذلك غضب الله ولعنته عليهم.
وقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم} هذه الآية والتي بعدها نزلت في تربية المؤمنين روحيا وتهذيبهم أخلاقيا فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا أي صدقوا الله ورسوله إذا تناجيتم لأمر استدعى ذلك منكم فلا6 تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول فتكون حالكم كحال اليهود والمنافقين ولكن {تناجوا بالبر والتقوى} أي بما هو خير في نفسه لا إثم في هو بطاعة الله ورسوله إذ هما التقوى, واتقوا الله الذي إليه تحشرون يوم القيامة لمحاسبتكم ومجازاتكم فاتقوه بطاعته وطاعة رسوله.
وقوله تعالى {إنما النجوى من الشيطان} أي هو الدافع إليها والحامل عليها وذلك لعلة وهي أن يوقع المؤمنين في غم وحزن, وليس التناجي ولا الشيطان بضار المؤمنين شيئا إلا بإرادة الله تعالى لحكم عالية يعلمها الله, ولذا فلا تحزنوا ولا تغتموا لما ترون من تناجي أعدائكم من اليهود والمنافقين, وتوكلوا على الله في أموركم كلها. وعلى الله تعالى لا على غيره فليتوكل المؤمنون في كل زمان ومكان. فإن الله تعالى كاف من يتوكل عليه كافيه كل ما يهمه والله على ذلك قدير.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان مكر اليهود والمنافقين وكيدهم للمؤمنين في كل زمان ومكان.
2- إذا حيا الكافر المؤمن ورد عليه المؤمن رد عليه بقوله وعليكم لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه ناس من اليهود فقالوا السام عليك يا أبا القاسم فقال صلى الله عليه وسلم وعليكم. فقالت عائشة رضي الله عنها عليكم السام ولعنكم7 الله وغضب عليكم. فقال لها عليه الصلاة والسلام يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش فقالت ألا تسمعهم يقولون السام؟ فقال لها أو ما سمعت ما أقول: وعليكم. فأنزل الله هذه الآية رواه الشيخان.
3- إذا سلم الذمي وكان سلامه بلفظ السلام عليكم لا بأس أن يرد عليه بلفظه.
4- حرمة التناجي بغير البر والتقوى وقوله تعالى إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس الآية من سورة النساء.8
5- لا يجوز أن يتناجى اثنان دون الثالث لما يوقع ذلك في نفس الثالث من حزن لا سيما إن كان ذلك في سفر أو في حرب وما إلى ذلك.
6- وجوب التوكل على الله وترك الأوهام والوساوس فإنها من الشيطان.
__________

1 الحديث ثابت في الصحيح وفي الموطأ قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد" وفي الحديث دليل على التحريم ونظيره: أن يتكلم اثنان بلغة غير لغة الثالث فإنه كنجوى اثنين دون ثالث.
2 الاستفهام للتعجب والمراد به توبيخ اليهود الذين نزلت الآية فيهم مع إخوانهم المنافقين.
3 كتبت (معصيت) بالتاء المفتوحة دون المربوطة التي يوقف عليها بالهاء في موضعين من هذه السورة, ويوقف عليها بالهاء ويجوز بالتاء أمل في الوصل فلا بد من التاء.
4 قال ابن العربي: جهل هؤلاء اليهود أن الله تعالى حليم لا يعاجل بالعقوبة من سبه فقد قال صلى الله عليه وسلم "لا أحد أصبر على الأذى من الله يدعون له الصاحبة والولد وهو يعافيهم ويرزقهم".
5 روى الترمذي وصححه عن أنس "أن يهوديا أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه فقال: السام عليكم. فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال أتدرون ما قال هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال كذا ردوه علي فردوه فقال: قلت السام عليكم؟ قال: نعم فقال النبي عند ذلك إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: عليك ما قلت, فأنزل الله تعالى (وإذا جاؤوك) الآية.
6 الجمهور أن حرمة تناجي الاثنين دون الثالث والثلاثة دون الرابع وهكذا هو باق على تحريمه وليس مخصوصا بحالة الحرب كما في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ألفاظ الحديث عامة. منها حديث الصحيح عن ابن عمر: "إذا كان ثلاثة فلا ينتاجى اثنان دون الواحد". وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن يحزنه".
7 اختلف في جواز ومنع السلام على أهل الكتاب والذي عليه الجمهور جوازه للسنة الصحيحة في ذلك ويرى بعضهم وجوب الرد لعموم الآية: {فحيوا بأحسن منها أو ردوها} .
8 هي قوله تعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما}


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]