عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10-08-2022, 09:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون (26) ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون (27) ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم (28)
شرح الكلمات:
ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم: أي وتالله لقد أرسلنا نوحا هو الأب الثاني للبشر وإبراهيم هو أبو الأنبياء.
والكتاب: أي التوراة والزبور والإنجيل والفرقان.
فمنهم مهتد: أي من أولئك الذرية أي سالك سبيل الحق والرشاد.
وكثير منهم فاسقون: أي عن طاعة الله ورسله ضال في طريقه.
ثم قفينا على آثارهم برسلنا: أي أرسلنا رسولا بعد رسول حتى انتهينا إلى عيسى.
وقفينا بعيسى بن مريم: أي أتبعناهم بعيسى بن مريم لتأخره عنهم في الزمان.
وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه: أي على دينه وهم الحواريون وأتباعهم.
رأفة ورحمة: أي لينا وشفقة.
ورهبانية ابتدعوها: أي وابتدعوا رهبانية لم يكتبها الله عليهم. وهي اعتزال النساء والانقطاع في الأديرة والصوامع للتعبد.
إلا ابتغاء رضوان الله: أي إلا طلبا لرضوان الله عز وجل.
فما رعوها حق رعايتها: أي لم يلتزموا بما نذروه على أنفسهم من الطاعات.
فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم: أي فأعطينا الذين ثبتوا على إيمانهم وتقواهم أجرهم.
وكثير منهم فاسقون: لا أجر لهم ولا ثواب إلا العقاب.
معنى الآيات:
يخبر تعالى أنه كما أرسل رسله وأنزل معهم الكتاب والميزان أرسل كذلك نوحا وإبراهيم فنوح هو أبو البشر الثاني1 وإبراهيم هو أبو الأنبياء من بعده ذكرهما لمزيد شرفهما، ولما لهما من آثار طيبة فقال {ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة} أي في أولادهما النبوة والكتاب فهود وصالح وشعيب وإبراهيم ولوط من ذرية نوح وإسماعيل وإسحاق وباقي أنبياء من ذرية إبراهيم وقوله {فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون2} أي فمن أولئك الذرية المهدى وأكثرهم فاسقون وقوله {ثم قفينا على آثارهم3 برسلنا} أي رسولا بعد رسول عيسى بن مريم، وقفينا بعيسى بن مريم أي أتبعاتهم بعيسى
بن مريم كل ذلك لهداية العباد إلى ما يكملهم ويسعدهم وقوله {وآتيناه الإنجيل} أي آتينا عيسى بن مريم الإنجيل وجعلنا في4قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة والرأفة أشد الرحمة. وقوله تعالى {ورهبانية5 ابتدعوها} أي ابتدعها الذين اتبعوا عيسى {ما كتبناها عليهم6} أي لم يكتبها الله عليهم لما فيها من التشديد ولكن ما ابتدعوها إلا طلبا لرضوان الله ومرضاته فما رعوها حق رعايتها حيث لم يوفوا بما التزموا به من ترك الدنيا والإقبال على الآخرة حيث تركوا النساء ولبسوا الخشن من الثياب وأكلوا الخشن من الطعام ونزلوا الصوامع والأديرة.
ولهذه الرهبانية سبب مروى عن ابن عباس رضي الله عنهما نذكره باختصار للفظه ومعناه قال كان بعد عيسى ملوك بدلوا التوراة وحرفوا الإنجيل وألزموا العامة بذلك، وكان بينهم جماعة رفضوا ذلك التحريف للدين ولم يقبلوه ففروا بدينهم، والتحقوا بالجبال وانقطعوا عن الناس مخافة قتلهم أو تعذيبهم لمخالفتهم دين ملوكهم المحدث الجديد فهذا الانقطاع بداية الرهبانية، وهاش أولئك المؤمنون وماتوا وجاء جيل من أبناء الدين المحرف فذكروا سيرة الصالحين الأولين فأرادوا أن يفعلوا فعلهم فانقطعوا إلى الصوامع والأديرة، ولكنهم جهال وعلى دين محرف مبدل فاسد فما انتفعوا بالرهبانية المبتدعة وفسق أكثرهم عن طاعة الله ورسوله. وهو ما دل عليه قوا الله تعالى: {فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم} وهم الأولون المؤمنون الذين فروا من الكفر والتعذيب وعبدوا الله تعالى بما شرع، وقوله {وكثير منهم فاسقون} وهم الذين أتوا من بعدهم إلى يومنا هذا إذ هم يعبدون الله بدين محرف باطل ولم يلتزموا بالرهبنة الصادقة بالزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:

1- بيان منة الله على عباده بإرسال الرسل.
2- بيان سنة الله في الناس وهي أنه إذا أرسل الرسل لهداية الناس يهتدي بعض ويضل بعض فيفسق.
3- ثناء الله على عيسى بن مريم وأتباعه بحق الحواريين وغيرهم إلى أن غيرت الملوك دين المسيح وضل الناس وأصبحوا فاسقين عن دين الله تعالى.
4- تحريم البدع والابتداع ولا رهبانية في الإسلام ولكن يعبد الله بما شرع.
__________

1 هذا كلام معطوف على سابقه المراد منه تفصيل ما أجمل في قوله تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات..} الخ وهم من باب عطف الخاص على العام.
2 كأكثر قوم هود وقوم صالح وقوم شعيب، وقوم تبع وغيرهم والمراد بالفسق هنا: الخروج عن جادة الإيمان والتوحيد، والوقوع في مضلات الشرك والكفر.
3 التقفية: إتباع الرسول على أثر الآخر مشتق لفظها من القفا.
4 وذلك لأن عيسى عليه السلام بعث لتهذيب نفوس بني إسرائيل واقتلاع جذور القسوة من قلوبهم تلك القسوة التي أثمرها حب الدنيا والإقبال على الشهوات والملاذ الفانية.
5 الرهبانية: نسبة إلى الرهبنة والراهب هو الخائف من الله تعالى، والأصل أن يقال الراهبية، فزيدت فيها النون كما زيدت في شعراني ولحياني ورباني وكذا نصراني على غير قياس.
6 جملة: (ما كتبناها عليهم) مبنية لجملة (ابتدعوها) .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.50 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.46%)]