
10-08-2022, 05:02 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة :
|
|
رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
وقال قرينه هذا ما لدي عتيد (23) ألقيا في جهنم كل كفار عنيد (24) مناع للخير معتد مريب (25) الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد (26) قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد (27) قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد (28) ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد (29) 1يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد (30)
شرح الكلمات:
وقال قرينه: أي الملك الموكل به.
هذا ما لدي عتيد: أي هذا عمله حاضر لدي.
كل كفار عنيد: أي كثير الكفر والجحود لتوحيد الله وللقائه ولرسوله معاند كثير العناد.
مناع للخير معتد مريب: أي مناع للحقوق والواجبات من مال وغيره.
الذي جعل مع الله إلها آخر: أي أشرك بالله فجعل معه آلهة أخرى يعبدها.
ربنا ما أطغيته: أي يقول قرينه من الشياطين يا ربنا ما أطغيته أي ما حملته على الطغيان.
ولكن كان في ضلال بعيد: أي ولكن الرجل كان في ضلال بعيد عن كل هدى متوغلا في الشرك والشر.
وقد قدمت إليكم بالوعيد: أي قدمت إليكم وعيدي بالعذاب في كتبي وعلى لسان رسلي.
ما يبدل القول لدي: أي ما يغير القول عندي وهو قوله لأملأن جهنم منكم أجمعين.
يوم نقول لجهنم هل امتلأت: أي وما الله بظلام للعبيد يوم يقول لجهنم هل امتلأت.
وتقول هل من مزيد: أي لم أمتليء هل من زيادة فيضع الجبار عليها قدمه فتقول قط قط.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر مشاهد القيامة وأحوال الناس فيها فقال تعالى {وقال قرينه2} أي قال قرين3 ذلك الكافر الذي جيئ به إلى ساحة فصل القضاء ومعه سائق يسوقه وشهيد يشهد عليه. قال قرينه وهو الملك الموكل به هذا ما لدي أي من أعمال هذا الرجل الذي وكلت بحفظ أعماله وكتابتها عتيد أي حاضر. وهنا يقال لمن استحق النار {ألقيا في جهنم} وهو الخطاب لمن4 جاءا به وهما السائق والشهيد {كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب} فهذه خمس صفات قد اجتمعت في شخص واحد فأوبقته الأولى {كفار} أي كثير الكفر الذي هو الجحود لما يجب الإيمان به والتصديق من سائر أركان الإيمان الستة، والثانية عنيد والعنيد التارك لكل ما يوجب عليه المعاند في الحق المعاكس في المعروف وهي شر صفة، الثالثة مناع للخير أي كثير المنع للخير مالا كان أو غيره لا يبذل معروفا قط؛ الرابعة معتد أي على حدود
الشرع معتد على الناس ظالم لهم بأكل حقوقهم وأذيتهم في أعراضهم وأموالهم وأبدانهم الخامسة مريب أي شاك لا يعرف التصديق بشيء من أمور الدين فهو جامع لكل أنواع الكفر وقوله {الذي جعل مع الله إلها} وهذا وصف سادس وهو أسوأ تلك الصفات وهو اتخاذه إلها آخر يعبده دون الله تعالى وقوله تعالى {فألقياه في العذاب الشديد} هذا أمر آخر أكد به الأمر الأول وهو ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. وقوله تعالى {قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد} قال هذا القول القرين لما قال المشرك معتذرا رب إن قريني من الشياطين أطغاني فرد عليه القرين بما أخبر تعالى به عنه في قوله قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد فقال الرب تعالى {لا تختصموا5 لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد} فرد الله حجة كل من الكافر والقرين من الشياطين وأعلمهما أنه قد قدم إليهما بالوعيد في كتبه وعلى ألسن رسله من كفر بالله وأشرك به وعصى رسله فإن له نار جهنم خالدا فيها أبدا.
وقوله تعالى {ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد} أخبر6 تعالى أن حكمه نافذ فيمن كفر به وعصى رسله إذ سبق قوله لإبليس عندما أخرج آدم من الجنة بوسواسه وهو لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين. فهذا القول الإلهي لا يبدل ولا يقدر أحد على تبديله وتغيريه وقوله {وما أنا بظلام للعبيد} نفى تعالى الظلم عن نفسه والظلم هو أن يعذب مطيعا، أو يدخل الجنة كافرا عاصيا. وقوله تعالى {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} أي اذكر يا نبينا لقومك المنهمكين في الشرك والمعاصي ما ينتظر أمثالهم من عذاب جهنم اذكر لهم يوم نقول لجهنم هل امتلأت فتقول هل من مزيد بعدما يدخل فيها كل كافر وكافرة من الإنس والجن وتقول طالبة الزيادة هل من مزيد؟ ولما لم يبق أحد يستحق عذاب النار يضع الجبار فيها قدمه فينزوي بعضها في بعض وتقول قط قط والحديث معناه في الصحيحين وغيرهما.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- التحذير من الصفات الست التي جاءت في الآية وهي الكفر والعناد ومنع الخير والاعتداء والشك والشرك.
3- بيان خصومة أهل النار من إنسان وشيطان.
4- نفي الظلم عن الله تعالى وهو كذلك فلا يظلم الله أحدا من خلقه.
5- إثبات7 صفة القدم للرب تعالى كما يليق هذا الوصف بذاته التي لا تشبه الذوات سبحانه وتعالى عن صفات المحدثين من خلقه.
__________
1 قرأ نافع: (يوم يقول) بالياء, وقرأ حفص (نقول) بالنون.
2 الواو واو الحال، والجملة حالية، وصاحب الحال تاء الخطاب في قوله تعالى {لقد كنت في غفلة من هذا} والقرين، بمعنى مقرون وهو مأخوذ من القرن بفتح القاف والراء وهو الحبل إذ كانوا يقرنون البعير بمثله بحبل سموه القرن.
3 اختلف في تحديد القرين على ثلاثة أقوال وما ذكر في التفسير هو أرجحها.
4 وجائز أن يكون خطابا لواحد بصيغة التثنية على حد قول الشاعر: قفا بنك من ذكرى حبيب ومنزل.
5 النهي عن المخاصمة دال على أن النفوس الكافرة ادعت أن قرناءها أطغوها، وأن القرناء تنصلوا من ذلك، وأن النفوس أعادت القول فكانت بذلك خصومة فأسكتهم الحق عز وجل بقوله: {لا تختصموا لدي} .
6 المبالغة في وصف (ظلام) راجعة إلى تأكيد النفي المطلق إذ المراد لا أظلم شيئا من الظلم، وليس المعنى ما أنا بكثير الظلم أو شديده إذ الأمر في أمثلة المبالغة أن يقصد بها المبالغة في النفي. قال طرفة:
ولست بحلال التلاع مخافة
ولكن متى يسترفد القوم أرفد
إذ لم يرد نفي كثرة حلوله التلاع وإنما أراد كثرة النفي إذ هو لم يحل في تلعة بالمرة جبنا وخوفا.
7 أخرج مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول قط قط بعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشء الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة " نزع هنا بعض أهل العلم كالقرطبي إلى تأويل القدم ففسرها بما يقدم للنار من أقوام وأولوا كذلك لفظ الرجل في حديث "حتى يضع الله عليها رجله" وقال الرجل بمعنى العدد الكثير من الناس كالرجل من الجراد، ولا داعي لهذا التأويل الذي لم يؤوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث به أصحابه فالأسلم للمؤمن أن يؤمن بصفات الله ويمرها كما جاءت فالقدم، والرجل كاليد والعين صفات ذات لله يؤمن العبد بها وهو يعتقد أنها لا تشبه صفات العباد وهي كذلك والحمد لله.
(غير بعيد) نعت لمحذوف تقديره مكانا غير بعيد من المتقين والإزلاف للتقريب.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|