عرض مشاركة واحدة
  #1575  
قديم 10-08-2022, 05:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,237
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة ق - (2)
الحلقة (796)

سورة ق
مكية
وآياتها خمس وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 143الى صــــ 148)

ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (16) إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد (17) ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (18) وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد (19) ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد (20) وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد (21) لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد (22)
شرح الكلمات:
ولقد خلقنا الإنسان: أي خلقناه بقدرتنا وعلمنا لحكمة1 اقتضت خلقه فلم نخلقه عبثا.
ونعلم ما توسوس به نفسه: أي ونعلم ما تحدث به نفسه أي نعلم ما في نفسه من خواطر وإرادات.
ونحن أقرب إليه من حبل الوريد: أي نحن بقدرتنا على الأخذ منه والعطاء والعلم بما يسر ويظهر أقرب إليه من حبل الوريد الذي هو في حلقه.
إذ يتلقى المتلقيان: أي نحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عمله فيكتبانه.
عن اليمين وعن الشمال قعيد2: أي أحدهما عن يمينه قعيد والثاني عن شماله قعيد أيضا.
ما يلفظ من قول: أي ما يقول من قول.
إلا لديه رقيب عتيد: أي إلا عنده ملك رقيب حافظ عتيد حاضر معد للكتابة.
وجاءت سكرة الموت بالحق: أي غمرة الموت وشدته بالحق من أمر الآخرة حتى يراه المنكر لها عيانا.
ذلك ما كنت منه تحيد: أي ذلك الموت الذي كنت تهرب منه وتفزع.
ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد: أي ونفخ إسرافيل في الصور الذي هو القرن ذلك يوم الوعيد للكفار بالعذاب.
معها سائق وشهيد: أي معها سائق يسوقها إلى المحشر وشهيد يشهد عليها.
لقد كنت في غفلة من هذا: أي من هذا العذاب النازل بك الآن.
فكشفنا عنك غطاءك: أي أزلنا عنك غفلتك بما تشاهده اليوم.
فبصرك اليوم حديد: أي حاد تدرك به ما كنت تنكره في الدنيا من البعث والجزاء.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء فقال تعالى {ولقد خلقنا الإنسان} حسب سنتنا في الخلق خلقناه بقدرتنا وعلمنا لحكمة3 اقتضت خلقه منا ولم نخلقه عبثا ونحن نعلم ما توسوس به نفسه أي ما تتحدث به نفسه من إرادات أو خواطر، ونحن أي رب العزة والجلال أقرب إليه من حبل الوريد4 فلو أردنا أن نأخذ منه أو نعطيه أو نسمع منه أو نعلم به لكنا على ذلك قادرين وقربنا في ذلك منه أقرب من حبل عنقه إلى نفسه وذلك في الوقت الذي يتلقى فيه الملكان المتلقيان سائر أقواله وأعماله يثبتانها ويحفظانها وقوله عن اليمين وعن الشمال قعيد أي أحد الملكين وهو المتلقيان عن يمينه قاعد والثاني عن شماله قاعد هذا يكتب الحسنات وذاك يكتب السيئات.
ولفظ قعيد معناه قاعد كجليس بمعنى مجالس أو جالس، وقوله تعالى {ما يلفظ من قول} أي ما يقول الإنسان إلا لديه رقيب عتيد أي إلا عنده ملك رقيب حافظ، وعتيد حاضر لا يفارقانه مدى الحياة إلا أنهما يتناوبان ملكان بالنهار وملكان بالليل ويجتمعون في صلاتي الصبح والعصر وقوله تعالى {وجاءت سكرة الموت5 بالحق} أي وإن طال العمر فلابد من الموت وها هي ذي قد جاءت سكرة الموت أي غمرته وشدته بالحق من أمر الآخرة حتى يراه المنكر للبعث والدار الآخرة المكذب به يراه عيانا. {ذلك ما كنت منه تحيد} أي قال له هذا الموت الذي كنت منه تحيد أي تهرب وتفزع. قوله تعالى {ونفخ في الصور} أي نفخ إسرافيل في الصور أي القرن الذي قد التقمه وجعله في فيه من يوم بعث النبي الخاتم نبي آخر الزمان محمد صلى الله عليه وسلم وهو ينتظر متى يؤمر فينفخ نفخة الفناء ذلك أي يوم ينفخ في الصور هو يوم الوعيد6 بالعذاب للكافرين، وفعلا نفخ في الصور نفخة البعث بعد نفخة الفناء {وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد} أي ملك يسوقها إلى
المحشر وملك شاهد يشهد عليها. ويقال لذلك الذي جاء به سائق يسوقه وشاهد يشهد عليه لقد كنت في غفلة من هذا أي كنت في الدنيا في غفلة عن الآخرة وما فيها وغفلتك من شهواتك ولذاتك وغرورك بالحياة الدنيا من هذا العذاب النازل بك الآن فكشفنا عنك غفلتك بما تشاهده اليوم عيانا بيانا من ألوان العذاب فبصرك اليوم حديد أي حاد تدرك به وتبصر ما كنت تكفر به في الدنيا وتنكره.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان قدرة الله وعلمه وأنه أقرب إلى الإنسان من حبل وريده ألا فليتق الله امرؤ.
2- تقرير عقيدة أن لكل إنسان مكلف ملكين يكتبان حسناته وسيئاته.
3- بيان أن للموت سكرات قطعا اللهم هون علينا سكرات الموت.
4- ساعة الاحتضار يؤمن كل إنسان بالدار الآخرة إذ يرى ما كان ينكره يراه بعينه.
5- تقرير عقيدة البعث والجزاء بعرض بعض أحوال وأهوال الآخرة.
__________

1 هذه الحكمة هي ذكره تعالى وشكره بأنواع العبادات بقوله تعالى {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} وسائر المخلوقات هي لأجل الناس فعاد الأمر إلى أن المخلوقات كلها مخلوقة لعلة العبادة.
2 القعيد معنى القاعد كالجليس بمعنى الجالس.
3 تقدم بيان الحكمة للخلق تحت رقم واحد من هذا السياق في شرح الكلمات.
4 الوريد: واحد الشرايين، وهو ثاني شريانين يخرجان من التجويف الأيسر من القلب وهما عرقان يكتنفان صفحتي العنق في مقدميهما متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه، والحبل: العرق والجمع عروق ويختلف اسمه باختلاف موضعه من الجسم.
5 السكرة: اسم لما يعتري الإنسان من ألم واختلال في المزاج يحد من إدراك العقل فيختل الإدراك ويعتري العقل غيبوبة وهو مشتق من السكر وهو الغلق لأنه يغلق العقل، ومنه جاء وصف السكران.
6 يوم وعيد للكافرين ويم وعد صادق للمؤمنين, ولما كان السياق في دعوة الكافرين إلى الإيمان ذكر الوعيد دون الوعد.

*****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.72%)]