عرض مشاركة واحدة
  #1549  
قديم 10-08-2022, 03:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,114
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة محمد - (2)
الحلقة (784)
سورة محمد

مدنية
وآياتها ثمان وثلاثون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 76الى صــــ 79)


أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ (11) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (12) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ (13) أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)

شرح الكلمات:
أفلم يسيروا في الأرض: أي أغفل هؤلاء المشركون فلم يسيروا في البلاد.
فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم: أي كيف كانت نهاية الذين من قبلهم كعاد وثمود.
دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها: أي دمر عليهم مساكنهم فأهلكهم وأولادهم وأموالهم وللكافرين أمثال تلك العاقبة السيئة.
وأن الكافرين لا مولى لهم: أي لا ناصر لهم.
والذين كفروا يتمتعون ويأكلون: أي بمتع الدنيا من مطاعم ومشارب وملابس ويأكلون.
كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم: أي كأكل الأنعام بنهم وازدراد والنار مأواهم.
وكأين من قرية: أي وكثير من أهل قرية هي أشد قوة. هي أشد قوة
من قريتك التي أخرجتك: أي مكة إذ أخرج أهلها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أفمن كان على بينة من ربه: أي على حجة وبرهان من أمر دينه فهو يعبد الله على علم.
كمن زين له سوء عمله: أي كمن زين الشيطان له سوء عمله.
واتبعوا أهواءهم: أي واتبعوا أهواءهم في عبادة الأصنام والجواب ليسوا سواء ولا مماثلة بينهما أبدا.
معنى الآيات:
قوله تعالى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ1} يوبخ تعالى المشركين المصرين على الشرك والكفر على إصرارهم على الشرك والعناد فيقول أغفلوا {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ} كعاد وثمود وقوم لوط إذ دمر تعالى عليهم بلادهم فأهلكهم وأولادهم وأموالهم فيعتبروا بذلك، وقوله تعالى {وَلِلْكَافِرِين} أمثال تلك العاقبة المدمرة، وعيد لكفار مكة بأن ينزل عليهم عقوبة كعقوبة الأولين إن لم يتوبوا من شركهم وإصرارهم عليه، وعنادهم فيه. وقوله {ذَلِكَ2} أي نصر المؤمنين وقهر الكافرين بسبب أن الله مولى الذين آمنوا أي وليهم ومتولي أمرهم وناصرهم. وأن الكافرين لا مولى لهم لأن الله تعالى خاذلهم ومن يخذله الله فلا ناصر له. قوله تعالى {إِنَّ اللهَ3 يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} هذا وعد من الله تعالى لأهل الإيمان والعمل الصالح بأن يدخلهم يوم القيامة جنات أي بساتين تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار وقوله {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ} في الدنيا بملاذها وشهواتها، {وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ} إذ ليس لهم هم إلا بطونهم وفروجهم، ولذا هم لا يلتفتون إلى الآخرة. {وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ3} أي مقام ومنزل ومصير، وهذا وعيد شديد للكافرين. وهذا هو الترغيب والترهيب الذي هو سمة بارزة في أسلوب القرآن في الهداية البشرية وقوله تعالى {وَكَأَيِّنْ5 مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ6 أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ} هذه الآية نزلت ساعة خروج الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بيته إلى غار ثور مهاجراً فقد التفت إلى مكة وقال أنت أحب البلاد إلى الله وأحب بلاد الله إلي ولو أن المشركين لم يخرجونني لم أخرج منك. ومعنى الآية الكريمة وكثير من القرى أهلها أشد قوة من أهل قريتك "مكة" التي أخرجك أهلها حيث حكموا بإعدامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهلكناهم أي أهل تلك القرى فلا ناصر وجد لهم عند إهلاكنا لهم. فكانت هذه الآية تحمل تسلية لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأي تسلية!! وقوله تعالى {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} أي على علم وبرهان من صحة معتقده وعبادته لله تعالى راجياً ثوابه خائفا من عقابه وهؤلاء هم المؤمنون، كمن زين له سوء أي قبيح عمله من الشرك والكفر فهو يعبد الأصنام، واتبعوا أهواءهم هم في ذلك فلم يتبعوا وحياً إلهياً ولا عقلا إنسانيا فهل حالهم كحال من ذكروا قبلهم والجواب لا يتماثلان إذا بينهما من الفوارق كما بين الحياة والموت، والجنة والنار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير قاعدة: العاقل من اعتبر بغيره.
2- تقرير ولاية الله لأهل الإيمان والتقوى.
3- بيان الفرق بين الماديين وأهل الإيمان والاستقامة على منهج الإسلام.
4- تسلية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تخفيفا من آلامه التي يعانيها من إعراض المشركين وصوفهم عن الإسلام.
__________

1 الفاء للتفريع، تفريع هذه الجملة الكلامية على الجملة السابقة وهي: (والذين كفروا فتعساً لهم) والاستفهام للتقريرالتوبيخي.
2 جائز أن يكون اسم الإشارة منصرفا إلى مضمون قوله تعالى (وللكافرين أمثالها) فيفيد أن ما أصاب المشركين من الدمار والخزي والعار بسبب أن الله ناصر الذين آمنوا وما في التفسير في غاية الوضوح.
3 كلام مستأنف استئنافاً بيانياً، إذ هو بمثابة جواب لمن سأل عن حال المؤمنين في الآخرة وحال الكافرين في الدنيا، أما في الآخرة فالأمر معلوم وهو أنهم أصحاب النار هم فيها خالدون إذ بين تعالى حال المؤمنين في الآخرة، وحال الكافرين في الدنيا.
4- المثوى: مكان الثواء، الذي هو الاستقرار، وشاهده قول الشاعر:
آذنتنا ببينها أسماء
رب ثاوٍ يمل منه الثواء
5-(كأين) تدل بوضعها على كثرة العدد مثل كم والمراد بالقرية أهلها بدليل أهلكناهم إذ لم يقل: أهلكناها، والمراد بالقرية هنا: مكة أم القرى وأضيفت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشريفاً لها زيادة على شرفها إذ هي بلد الله الأمين.
6- أطلق الإخراج على ما عامل به المشركون الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الجفاء والأذى ومحاربة نشر الدعوة فكان ذلك سبب خروجه منها، فأطلق الإخراج على مسبباته، وإلا فالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج باختياره ولم يكرهه المشركون على الخروج بل كانوا يحاولون منعه من الخروج.

*************************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.50 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.53%)]