عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 08-08-2022, 02:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة يس - (2)
الحلقة (714)
تفسير سورة يس مكية
وآياتها ثلاث وثمانون آية
المجلد الرابع (صـــــــ 371الى صــــ 374)

وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)
شرح الكلمات:
وجاء رجل: أي حبيب بن النجار صاحب يس (1) .
من أقصى المدينة: أي من أقصا دور المدينة وهي أنطاكيا العاصمة.
يسعى: أي يشتد مسرعا لما بلغه أن أهل البلد عزموا على قتل رسل عيسى الثالثة.
قال يا قوم اتبعوا المرسلين: أي رسل عيسى عليه السلام.
اتبعوا من لا يسألكم أجراً: اتبعوا من لا يطلبكم أجراً على إبلاغ دعوة الحق.
وهم مهتدون: أي الرسل إنهم على هداية من ربهم ما هم بكذابين.
فطرني: أي خلقني.
إن يردن الرحمن بضر: أي بمرض ونحوه.
ولا ينقذون: أي مما أراد الله لي من ضر في جسمي وغيره.
إني إذا لفي ضلال مبين: أي إن إذا اتخذت من دون الله آلهة أعبدها لفي ضلال مبين.
إني آمنت بربكم فاسمعون: أي صارح قومه بهذا القوم وقتلوه.
قيل ادخل الجنة: قالت له الملائكة عند الموت ادخل الجنة.
يا ليت قومي يعلمون: قال هذا لما شاهد مقعده في الجنة.
بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين: وهو الإيمان والتوحيد والصبر على ذلك.
معنى الآيات:
ما زال السياق في مَثَلِ أصحاب القرية إنه بعد أن تعزز موقف الرسل الثلاثة وأعطاهم الله من الكرامات ما أبرأوا به المرضى بل وأحيوا الموتى بإذن الله وأصبح لهم أتباع مؤمنون غضب رؤساء البلاد وأرادوا أن يبطشوا بالرسل، وبلغ ذلك حبيب بن النجار وكان شيخا مؤمناً موحداً يسكن في طرف المدينة الأقصى فجاء يشتد سعيا على قدميه فأمر ونهى وصارح القوم بإيمانه وتوحيده فقتلوه رفساً بأرجلهم قال تعالى {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} - أنطاكية- {رَجُلٌ يَسْعَى (2) } أي يمشي بسرعة لما بلغه من أن أهل البلاد قد عزموا على قتل الرسل الثلاثة وما إن وصل إلى الجماهير الهائجة حتى قال بأعلى صوته: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (3) } وسأل الرسل هل طلبتم على إبلاغكم
دعوة عيسى أجراً قالوا لا. فقال {اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ} فاتبعوهم تهتدوا بهدايتهم. وقال له القوم وأنت تعبد الله مثلهم ولا تعبد آلهتنا؟ فقال: {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} أي وأيّ شيء يجعلني لا أعبده وهو خلقني {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي بعد موتكم فيحاسبكم ويجزيكم بعملكم. ثم اغتنم الفرصة ليدعوا إلى ربه فقال مستفهما {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} أي أصناماً وأوثاناً لا تسمع ولا تبصر {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً} (4) وإن قلّ ولا ينقذون مما أراده بي من ضر ونحوه {إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (5) } أي إني إذا أنا عبدت هذه الأصنام التي لا تنفع ولا تضر لفي ضلال مبين واضح لا يحتاج إلى دليل عليه. ورفع صوته مبلغاً {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ} أي بخالقكم ورازقكم ومالك أمركم دون هذه الأصنام والأوثان {فَاسْمَعُونِ} وهنا وثبوا عليه فقتلوه. ولما قيل له ادخل الجنة ورأى نعيمها ذكر قومه ناصحاً لهم فقال: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي (6) رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (7) } أي يعلمون بما غفر له وجعله من المكرمين وهو الإيمان والتوحيد حتى يؤمنوا ويوحدوا فنصح قومه حياً وميتاً وهذا شأن المسلم الحسن الإسلام والمؤمن الصادق الإيمان ينصح ولا يغش ويرشد ولا يضل ومهما قالوا له وفيه ومهما عاملوه به من شدة وقسوة حتى الموت قتلاً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان كرامة حبيب بن النجار الذي نصح قومه حياً وميتاً.
2- بيان ما يلاقي دعاة التوحيد والدين الحق في كل زمان ومكان من شدائد وأهوال.
3- وجوب إبلاغ دعوة الحق والتنديد بالشرك ومهما كان العذاب قاسياً.
4- بشرى المؤمن عند الموت لا سيما الشهيد فإنه يرى الجنة رأي العين.
__________

1 - ما جاء في التفسير من كون الرسل هم رسل عيسى عليه السلام، وأن القرية هي أنطاكية - هو ما عليه أكثر المفسرين مثل قتادة وابن جرير وغيرهما، إلا أن ابن كثير رحمه الله تعالى رجّح أن الرسل رسل من الله تعالى، وأن القرية ليست أنطاكية، وحجته فيما رآه أن الله تعالى لم يهلك أمة بعد نزول التوراة، وهذه القرية أهلك أهلها. وهذه غفلة منه رحمه الله تعالى إذ أهلك الله أهل قرية كانت حاضرة البحر، ومسخ أهلها قردة وخنازير على عهد داود بعد نزول التوراة بقرن وإنما رفع هلاك العامّة بعد بعثة النبي محمد نبي الرحمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2 - هذا الرجل هو حبيب بن النجار صاحب ياسين كما في الحديث والرجل كان مصاباً بالجذام سنين وشفاه الله تعالى على يد رسل عيسى وبذلك آمن وأسلم وبفي في أرض أنطاكيا يعبد الله تعالى حتى بلغه هَمُّ أهل المدينة بالبطش بالرسل جاء مسرعاً لينقذ دعوتهم ويدعوا إلى الله تعالى بما أخبر به تعالى في هذه الآيات.
3 - المراد بالمرسلين رسل عيسى الذين أرسلهم بالوصية إليهم إلى أنطاكيا من بينهم شمعون الذي عزز به الرسولين قبله.
4 - إن يردن ولا يغن ولا ينقذون، فاسمعون حذفت منها كلها ياء المتكلم مراعاة للتخفيف ولظهورها وعدم اللبس مع حذفها، وجملة إن يردن في محل نصب نعت.
5 - إن إذاً لفي ضلال مبين الجملة جواب للاستفهام الإنكاري في قوله أأتخذ من دونه آلهة أي إن اتخذت من دون الله آلهة إني في ضلال مبين.
6 - بما غفر: ما مصدرية تسبك بمصدر نحو بمغفرة ربي لي.
7 - من المكرمين الملائكة والأنبياء والشهداء والصالحين.

***************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.35 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.90%)]