عرض مشاركة واحدة
  #1392  
قديم 08-08-2022, 02:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,390
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)

شرح الكلمات:
إلا قال مترفوها: أي رؤساؤها المنعمون فيها من أهل المال والجاه.
نحن أكثر أموالاً وأولاداً: أي من المؤمنين.
يبسط الرزق لمن يشاء: امتحاناً أيشكر العبد أم يكفر.
ويقدر: أي يضيق ابتلاء أيصبر المرء أم يسخط.
ولكن أكثر الناس لا يعلمون: أي الحكمة في التوسعة على البعض والتضييق على البعض.
تقربكم عندنا زلفى: أي قربى بمعنى تقريباً.
إلا من آمن وعمل صالحاً: أي لكن من آمن وعمل صالحاً هو الذي تقربه تقريباً.
وهم في الغرفات آمنون: أي من المرض والموت وكل مكروه.
والذين سعوا في آياتنا: أي عملوا على إبطال القرآن والإيمان به وتحكيمه.
معاجزين: أي مقدرين عجزنا وأنهم يفوتوننا فلم نعاقبهم.
وما أنفقتم من شيء: أي من مال في الخير.
وهو خير الرازقين: أي المعطين الزرق. أما خلق الرزق فهو لله تعالى وحده.
معنى الآيات:
قوله تعالى: {وما أرسلنا في قرية من نذير} هذا شروع في تسلية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببيان حال من سبق من الأمم وما واجهت به رسلها فقال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ} أي مدينة من المدن {مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا (1) } أي أهل المال والثروة المتنعمون بألوان المطاعم والمشارب والملابس والمراكب. قالوا لرسل الله {إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} فردوا بذلك دعوتهم. {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً} فاعتزوا بقوتهم، {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} كذبوا بالبعث والجزاء كما أن كلامهم مشعر بأنهم مغترون بأن ما أعطاهم الله من مال وولد كان لرضاه عنهم وعدم سخطه عليهم. وقوله تعالى {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ (2) الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} أي قل يا نبينا لأولئك المغترين بأن ما لديهم من مال وولد ناجم عن رضا الله عنهم قل لهم إن ربي جل جلاله يبسط الرزق لمن يشاء امتحاناً له لا لرضى عنه ولا لبغض له، كما أنه يضيق الرزق على من يشاء ابتلاء له لا لبغضه ولا لمحبته، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (3) } ومن بينهم مشركو قريش لا يعلمون أن بسط الرزق كتضييقه عائد إلى تربية الناس بالسراء والضراء امتحاناً وابتلاء. وقوله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} يخبر تعالى المشركين المغترين بالمال والولد يقول لهم وما أموالكم ولا أولادكم بالحال التي تقربكم منا وتجعلنا نرضى عنكم وندنيكم منا زلفى أي قربى. {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} أي لكن من فعلوا الوجبات والمندوبات {فَأُولَئِكَ} أي المذكورون لهم جزاء الضعف (4) ، أي جزاء تضاعف لهم حسناتهم فيه، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة، وذلك بسبب عملهم الصالحات {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ} أي غرفات الجنة آمنون من الموت ومن كل مكروه ومنغص لسعادتهم.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} يخبر تعالى أن الذين يعملون بجد وحرص في إبطال آياتنا وإطفاء نور هدايتنا في كتابنا وقلوب عبادنا المؤمنين ويظنون أنهم معجزون لنا أي فائتون لا ندركهم ولا نعاقبهم هؤلاء المغرورون في العذاب محضرون أي كأنك بهم وهم محضرون في جهنم يعذبون فيها أبدا.
فقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي} أي قل يا رسولنا مرة أخرى تقريراً لهذه الحقيقة العلمية التي خفيت على الناس وجهلها قومك وهي أن الله يبسط الرزق لمن يشاء امتحاناً لا حباً فيه ولا بغضاً له. وإنما امتحاناً له هل يشكر أو يكفر فإن شكر زدناه وأكرمناه وإن كفر سلبناه ما أعطيناه وعذبناه، {وَيَقْدِرُ لَهُ} أي لمن يشاء من عباده ابتلاءً له لا بغضاً له ولا حباً فيه. وإنما لننظر هل يصبر على الابتلاء أو يسخط ويضجر فنزيد في بلائه وشقائه.. وقوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ (5) مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} في هذا دعوة إلى الإنفاق في سبيل الله وتشجيع عليه بإعلام الناس أن الإنفاق لا ينقص المال والبخل به لا يزيده فإن التوسعة كالتضييق لحكمة فلا البخل يزيد في المال ولا الإنفاق في سبيل الله ينقص منه. وختم هذا بوعده الصادق وهو أن من أنفق في سبيل الله شيئاً أخلفه الله عليه وهو تعالى خير من قيل إنه يرزق ووصف به.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان سنة الله في الأمم والشعوب وأنهم ما أتاهم من رسول إلا كفر به الأغنياء والكبراء.
2- بيان اغترار المترفين بما آتاهم الله من مال وولد ظانين أن ذلك من رضا الله تعالى عليهم.
3- بيان الحكمة في التوسعة على بعض والتضييق على بعض، وأنها الامتحان والابتلاء فلا تدل على حبّ الله ولا
على بغضه للعبد.
4- بيان ما يقرب إلى الله ويدني منه وهو الإيمان والعمل الصالح ومن ذلك الإنفاق في سبيل الله لا كثرة المال
والولد كما يظن المغرورون المفتنون بالمال والولد.
5- بيان حكم الله فيمن يحارب الإسلام ويريد إبطاله وأنه محضر في جهنم لا محالة.
6- بيان وعد الله تعالى بالخلف لكل من أنفق في سبيله مالاً.
__________

1 - المترفون الذين أعطاهم الله الترف وهو النعيم وسعة العيش في الدنيا وفي بناء المترفون للمجهول تعريض وتذكير لهم بالمنعم تعالى علهم يذكرون فيشكرون.
2 - بسط الرزق تيسيره وتكثيره مأخوذ من بسط الثوب وهو نشره ليتسع لصاحبه وتقدير الرزق معناه إعطاؤه مقدّراً، ويقابله ما يعطى بغير حساب.
3 - مفعول لا يعلمون محذوف وقد ذكر في التفسير وهو أنهم لا يعلمون الحكمة في بسط الرزق وتضييقه.
4 - الضعف بمعنى المضاعف المكرر مرة وأكثر حتى يبلغ أضعافاً مضاعفة إلى سبعمائة ضعف هي سنة الإنفاق في الجهاد.
5 - من في قوله "من شيء" بيانية وجملة فهو يخلفه جواب الشرط وجملة وهو خير الرازقين تذييل للكلام يحمل معنى الترغيب في الإنفاق في سبيل الله وفي الحديث الصحيح " يا ابن آدم أنفق أُنفق عليك"، و"ما من يوم تطلع فيه الشمس إلا وملكان ينزلان يقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفاً " في الصحيح".

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.18 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]