عرض مشاركة واحدة
  #1378  
قديم 05-08-2022, 07:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,243
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51) لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)
شرح الكلمات:
ترجي من تشاء منهن: أي تؤخر من نسائك.
وتؤوي إليك من تشاء: أي وتضم إليك من نسائك من تشاء فتأتيها.
ومن ابتغيت: أي طلبت.
ممن عزلت: أي من القسمة.
فلا جناح عليك: أي لا حرج عليك في طلبها وضمها إليك خيّره ربه في ذلك بعد أن كان القسم واجباً عليه.
ذلك أدنى أن تقر أعينهن: أي ذلك التخيير لك في إيواء من تشاء وترك من تشاء أقرب إلى أن تقر أعينهن ولا يحزن.
ويرضين بما آتيتهن: أي مما أنت مخير فيه من القسم وتركه، والعزل والإيواء.
والله يعلم ما في قلوبكم: أي من حب النساء - أيها الفحول - والميل إلى بعض دون بعض وإنما خير الله تعالى رسوله تيسيراً عليه لعظم مهامه.
وكان الله عليماً حليماً: أي عليماً بضعف خلقه حليماًً عليهم لا يعاجل بالعقوبة ويقبل التوبة.
لا يحل لك النساء من بعد: أي لا يجوز لك أن تتزوج بعد هؤلاء التسعة اللاتي اخترنك إكراماً لهن وتخفيفاً عنك.
ولا أن تبدل بهن من أزواج: أي بأن تطلق منهن وتتزوج أخرى بدل المطلقة لا. لا.
ولو أعجبك حسنهن: ما ينبغي أن تطلق من هؤلاء التسع وتتزوج من أعجبك حسنها.
إلا ما ملكت يمينك: أي فالأمر في ذلك واسع فلا حرج عليك في التسري بالمملوكة، وقد تسرى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمارية المهداة إليه من قبل ملك مصر وولدت له إبراهيم ومات في سن الرضاعة عليه السلام.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في شأن التيسير على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتخفيف فقد تقدم أنه أحل له النساء يتزوج من شاء مما ذكر له وخصه بالواهبة نفسها يتزوجها بدون مهر ولا ولي وفي هذه الآية الكريمة (51) {تُرْجِي (1) مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} الآية وسع الله تعالى عليه بأن أذن له في أن يعتزل وطء من يشاء، وأن يرجئ من يشاء، وأن يؤوي إليه ويضم من يشاء وأن يطلب من اعتزلها إن شاء فلا حرج عليه في كل ذلك، ومع هذا فكان يقسم بين نسائه، ويقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك اللهم إلا ما كان من سودة رضي الله عنها فإنها وهبت ليلتها لعائشة رضي الله عنها. هذا ما دلت عليه قوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ (2) } وقوله ذلك أدنى أي ذلك التخيير لك في شأن نسائك أقرب أن تقر أعينهن أي يفرحن بك، ولا يحزن عليك، ويرضين بما تتفضل به عليهن من إيواء ومباشرة.
وقوله تعالى {وَاللهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} أي أيها الناس من الرغبة في المخالطة، وميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض، وإنما خير الله رسوله هذا التخيير تيسيراً عليه وتخفيفاً لما له من مهام لا يطمع فيها عظماء الرجال ولو كان في القوة والتحمل كالجبال أو الجمال.
وقوله تعالى {وَكَانَ اللهُ عَلِيماً} أي بخلقه وحاجاتهم. حليماً عليهم لا يعاجل العقوبة ويقبل ممن تاب التوبة.
وقوله تعالى في الآية (52) {لا يَحِلُّ لَكَ (3) النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} أي لا يحل لك يا رسولنا النساء بعد هؤلاء التسع اللائي خيرتهن فاخترن الله واخترنك وأنت رسوله واخترن الدار الآخرة فاعترافاً بمقامهن قصرك الله عليهن بعد الآن فلا تطلب امرأة أخرى ببدل أو بغير بدل، ومعنى ببدل: أن يطلق منهن واحدة أو أكثر ويتزوج بدلها. وهو معنى قوله تعالى {وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} وقوله {إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} أي فلا بأس بأن تتسرى بالجارية تملكها وقد تسرى بمارية القبطية التي أهداها له المقوقس ملك مصر مع بغلة بيضاء تسمى الدُّلدُل وهي أول بغلة تدخل الحجاز، وقد أنجبت مارية إبراهيم ولد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتوفي في أيام إرضاعه عليه وعلى والده ألف ألف سلام.
وقوله تعالى: {وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً} أي حفيظاً عليماً فخافوه وراقبوه ولا تطلبوا رضا غيره برضاه فإنه إلهكم الذي لا إله لكم سواه به حياتكم وإليه مرجعكم بعد مماتكم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان إكرام الله تعالى لرسوله بالتيسير والتسهيل عليه لكثرة مهامه.
2- ما خير الله فيه رسوله لا يصح لأحد من المسلمين اللهم إلا أن يقول الرجل للمرأة كبيرة السن أو المريضة أي فلانة إني أريد أن أتزوج أحصّن نفسي وأنت كما تعلمين عاجزة فإن شئت طلقتك، وإن شئت تنازلت عن ليلتك فإن اختارت البقاء مع التنازل عن حقها في الفراش فلا بأس بذلك.
3- في تدبير الله لرسوله وزوجاته من الفوائد والمصالح ما لا يقادر قدره.
4- تقرير مبدأ (ما ترك أحد شيئا لله إلا عوضه الله خيراً منه) تجلّى هذا في اختيار نساء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لله ورسوله والدار الآخرة.
5- وجوب مراقبة الله تعالى وعدم التفكير في الخروج عن طاعته بحال من الأحوال.
[تنبيه هام]
إذْنُ الله تعالى لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالزواج بأكثر من أربع كان لحكم عالية، وكيف والمشرع هو الله العليم الحكيم من تلك الحكم العالية ما يلي:
(1) اقتضاء التشريع الخاص بالنساء ومنه ما لا يطلع عليه إلا الزوجان تعدُّد الزوجات ليروين الأحكام الخاصة
بالنساء، ولصحة الرواية وقبولها في الأمة تعدد الطرق وكثرة الروايات.
(2) تطلُّب الدعوة الإسلامية في أيامها الأولى مناصرين لها أقوياء ولا أفضل من أصهار الرجل الداعي فإنهم بحكم
العرف يقفون إلى جنب صهرهم محقاً أو مبطلاً كان.
(3) أن المؤمنين لا أحب إليهم من مصاهرة نبي الله ليظفروا بالدخول عليه في بيته والخلوة به وما أعزها. فأي
المؤمنين من لا يرغب أن تكون أمه أو أخته أو بنته أماً لكل المؤمنين إني والله لا أحب إليّ من أن أكون أنا وزوجتي وسائر أولادي خدماً في بيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلذا وسع الله على رسوله ليتسع على الأقل للأرامل وربات الشرف حتى لا يدنس شرفهن.
(4) قد يحتاج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكافأة بعض من أحسن إليه ولم يجد ما يكافئه به ويراه راغباً في مصاهرته فيجيبه لذلك ومن هذا زواجه بكل من عائشة بنت الصديق وحفصة بنت الفاروق رضي الله عنهم أجمعين.
(5) قد زوجه ربه بزينب وهو كاره لذلك يتهرب منه خشية قالة الناس وما كانوا يعدونه منكراً وهو التزوج
بامرأة الدعي المتبنى بعد طلاقها أو موت زوجها هذه بعض الحكم التي اقتضت الإذن لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التزوج أكثر من أربع مع عامل آخر مهم وهو قدرة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على العدل والكفاية الأمر الذي لن يكون لغيره أبدا.
__________

1 - ترجي بدون همزة وترجئ مهموز لغتان فصيحتان من أرجى وأرجأ الأمر إذا أخره والآية تحمل التوسعة والتخفيف عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسقط عنه واجب القسم بين أزواجه ومع هذا فكان يقسم. لأن الآية تفيد التخيير والإذن لا غير.
2 - الجناح الميل يقال جنحت السفينة إذا مالت إلى الأرض أي لا ميل عليك بلوم أو توبيخ أو عتاب. في الآية وجوب القسمة بين الزوجات والعدل بينهن فيعطي لكل زوجة يوماً وليلة فيقيم عندها في يومها ولو كانت مريضة أو نفساء أو حائضا وإن مرض هو فكذلك إلا أن يأذن له بالتمريض عند إحداهن كما استأذن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها فأذن له في ذلك.
3 - اختلف في أحكام هذه الآية ونسخها بالكتاب أو السنة والراجح أنها منسوخة بآية ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ورجح بعضهم نسخها بالسنة إذ قالت عائشة: ما مات رسول الله صلى الله عليه حتى أحل له النساء.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.15 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.02%)]