عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 05-08-2022, 06:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,160
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة القصص - (3)
الحلقة (658)
تفسير سورة القصص مكية
المجلد الرابع (صـــــــ 62الى صــــ 68)

وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)
شرح الكلمات:
ولما توجه تلقاء مدين: أقبل بوجهه جهة مدين التي هي مدينة شعيب.
عسى ربي أن يهديني سواء السبيل: أرجو ربي أن يهديني وسط الطريق حتى لا أضل فأهلك فاستجاب الله له وهداه إلى سواء السبيل ووصل مدين.
ولما ورد ماء مدين: انتهى إلى بئر يسقى منها أهل مدين.
يسقون: أي مواشيهم من بقر وإبل وغنم.
تذودان: أي أغنامهما منعا لهما من الماء حتى تخلو الساحة لهما خوف الاختلاط بالرجال الأجانب لغير ضرورة.
حتى يصدر الرعاء: لا نسقي ماشيتنا حتى يصدر الرعاء ويبقى لنا الماء وحدنا.
ثم تولى إلى الظل: أي بعد أن سقى لهما رجع إلى ظل الشجرة التي كان جالساً تحتها.
لما أنزلت علي من خير فقير: أي من طعام (1) محتاج إليه لشدة جوعه عليه السلام.
تمشي على استحياء: أي واضعة كم درعها على وجهها حياء منه.
معنى الآيات:
ما زال السياق في شأن موسى عليه السلام بعد حادثة القتل والنصح له بمغادرة بلاد مصر إلى بلاد (2) مدين مدينة شعيب عليه السلام قال تعالى مخبرا عنه: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} أي ولما توجه موسى عملا بنصيحة مؤمن آل فرعون تلقاء مدين أي نحوها وجهتها ولم يكن له علم بالطريق الصحراوي والمسافة مسيرة ثمانية أيام قال: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي (3) سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي ترجَّى ربه سبحانه وتعالى أن يهديه الطريق السوي حتى لا يضل فيهلك، واستجاب الله له فهداه الطريق حتى وصل إلى بلاد مدين وقوله تعالى في الآية الثانية من هذا السياق (23) {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ يَسْقُونَ} أي وحين (4) ورد ماء مدين وهو بئر يسقي منها الناس مواشيهم {وَجَدَ عَلَيْهِ} أي على الماء {أُمَّةً مِنَ النَّاسِ} أي جماعة كبيرة يسقون أنعامهم ومواشيهم {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ} وهما بنتا شعيب عليه السلام {تَذُودَانِ} أي تمنعان ماشيتهما من الاختلاط بمواشي الناس. فسألهما لا تطفلاً وإنما حالهما دعاه إلى سؤالهما لأنه رأى الناس يسقون مواشيهم ويصدرون فوجاً بعد فوج والمرأتان قائمتان على ماشيتهما تذودانها عن الحوض حتى لا تختلط ولا تشرب فسألهما لذلك قائلاً: {مَا خَطْبُكُمَا} أي ما شأنكما فأجابتاه قائلتين: {لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} لضعفنا وعدم رغبتنا في الاختلاط بالرجال {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} لا يقوى على سقي هذه الماشية بنفسه فنحن نسقيها ولكن بعد ما يصدر الرعاء ويبقى في الحوض ماء نسقي به، فلما عذرهما سقى لهما ماشيتهما {ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقِيرٌ} الذي كان جالسا تحته وهو ظل شجرة وهو شجر صحراوي معروف يقال السمر، ولما تولى إلى الظل سأل ربه الطعام لشدة جوعه إذ خرج من مصر بلا زاد ولا دليل ولولا حسن (5) ظنه في ربه لما خرج هذا الخروج فقال: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ} أي (6) طعام {فَقِيرٌ} أي محتاج إليه شدة الاحتياج. وفي أقرب ساعة وصلت البنتان إلى والدهما فسألهما عن سبب عودتهما بسرعة فأخبرتاه، فقال لإحداهما اذهبي إليه وقولي له: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} وهو معنى قوله تعالى {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا} استجابة الله له {تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} واضعة كم درعها على وجهها حياء. وقد قال فيها عمر رضي الله عنه إنها ليست سلفعاً (7) من النساء خرّاجة ولاّجة، وبلغت الرسالة المختصرة وكأنها برقية ونصها ما أخبر الله تعالى به في قوله: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} !! وقد ورد أنها لما كانت تمشي أمامه تدله على الطريق هبت الريح فكشفت ساقيها قال لها موسى: امشي ورائي ودليني على الطريق بحصى ترميها نحو الطريق وهذا الذي دلها على أمانته لما وصفته لأبيها بأنه {قَوِيٌّ أَمِينٌ} كما سيأتي فيما بعد.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- وجوب حسن الظن بالله تعالى وقوة الرجاء فيه عز وجل والتوكل عليه.
2- بيان فضل الحياء وشرف المؤمنات اللائي يتعففن عن الاختلاط بالرجال.
3- بيان مروءة موسى في سقيه للمرأتين.
4- فضل الدعاء وسؤال الله تعالى ما العبد في حاجة إليه.
5- ستر الوجه عن الأجانب سنة المؤمنات من عهد قديم وليس كما يقول المبطلون هو عادة جاهلية، فبنتا
شعيب نشأتا في دار النبوة والطهر والعفاف وغطت إحداهما وجهها عن موسى حياءً وتقوى.
__________

1- من طعام تفسير لقوله من خير، ومحتاج تفسير لقوله: (فقير) .
2- لأن بها العبد الصالح شعيب، وقيل: لأجل النسب الذي بينه وبينهم لأن مدين من ولد إبراهيم، وموسى ومن ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
3- روي أن الله تعالى بعث إليه ملكاً راكباً فرسا فقال: اتبعني فاتبعه فهداه إلى الطريق وكان ملك مدين لغير فرعون.
4- أي: بلغها ووصل إليها ومنه قول زهير:
فلما وردن الماء زرقاً جمامه
وضعن عصي الحاضر المتخيّم
5- وتوكله على ربه عز وجل.
6- لفظ الخير يطلق عدة إطلاقات فقد أطلق على الطعام كما هنا وأطلق على العبادة كما في قوله: (فعل الخيرات) وعلى القوة في قوله (أهم خير أم قوم تبع) وعلى المال في قوله (وإنه لحبّ الخير لشديد) .
7- السلفع من النساء: الجريئة على الرجال.

*****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.39%)]