عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 03-08-2022, 04:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,114
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)
شرح الكلمات:
فلما جاء سليمان: أي رسول الملكة يحمل الهدية ومعه أتباعه.
فما آتاني الله خير مما آتاكم: إنه أعطاني النبوة والملك وذلك خير مما أعطاكم من المال فقط.
بهديتكم (1) تفرحون: لحبكم للدنيا ورغتبكم في زخارفها.
ارجع إليهم: أي بما أتيت به من الهدية.
بجنود لا قبل لهم بها: أي لا طاقة لهم بقتالها.
ولنخرجنهم منها: أي من مدينتهم سبأ المسماة باسم رجل يقال له سبأ.
أذلة وهم صاغرون: أي إن لم يأتوني مسلمين أي منقادين خاضعين.
قبل أن يأتوني مسلمين: فإنّ لي أخذه قبل مجيئهم مسلمين لا بعده.
قال عفريب من الجن: أي جني قوي إذ القوي الشديد من الجن يقال له عفريت.
قبل أن تقوم من مقامك: أي من مجلس قضائك وهو من الصبح إلى الظهر.
وإني عليه لقوي أمين: أي قوي على حمله أمين على ما فيه من الجواهر وغيرها.
وقال الذي عنده علم من الكتاب: أي سليمان عليه السلام.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم مع سليمان وملكة سبأ إنه لما بعثت بهديتها تختبر بها سليمان هل هو رجل دنيا يقبل المال أو رجل دين، لتتصرف على ضوء ما تعرف من اتجاه سليمان عليه السلام، فلما جاء سليمان، جاءه سفير الملكة ومعه رجال يحملون الهدية قال لهم ما أخبر تعالى به عنهم في قوله: {قَالَ أَتُمِدُّونَنِ (2) بِمَالٍ؟ فَمَا آتَانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ} آتاني النبوة والعلم والحكم والملك فهو خير مما آتاكم من المال {بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ (3) تَفْرَحُونَ} وذلك لحبكم الدنيا ورغبتكم في زخارفها. وقال لرسول الملكة {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} أي بما أتيت به من الهدية، وعلمهم أنهم إن لم يأتوا إلي مسلمين {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا (4) } أي لا قدرة لهم على قتالهم، {وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا} أي من مدينتهم سبأ {أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} أي خاضعون منقادون. ثم قال سليمان عليه السلام لأشراف دولته وأعيان بلاده {أَيُّهَا الْمَلأُ (5) أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} فإني لا آخذه إلا قبل مجيئهم مسلمين لا بعده. فنطق عفريت من الجن قائلاً بما أخبر تعالى عنه به {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} أي مجلس قضائك والذي ينتهي عادة بنصف النهار، {وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} أي قادر على حمله والإتيان به في هذا الوقت الذي حددت لكم وأمين على ما فيه من جواهر وذهب لا يضيع منه شيء. وهنا {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ (6) } وهو سليمان عليه السلام {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} فافتح عينيك وانظر فلا يعود إليك طرفك إلا والعرش بين يديك، وسأل ربه باسمه الأعظم الذي ما دعي به إلا أجاب وإذا العرش بين يديه {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً} بين يديه لهج قائلا {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} أي علي فلم يكن لي به يد أبدا {لِيَبْلُوَنِي} بذلك {أَأَشْكُرُ} نعمته علي {أَمْ أَكْفُرُها} {وَمَنْ شَكَرَ (7) } فلنفسه أي عائد الشكر يعود عليه بحفظ النعمة ونمائها {وَمَنْ كَفَرَ} أي النعمة {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} أي عن شكره وليس مفتقراً إليه، كريم قد يكرم الكافر للنعمة فلا يسلبها كلها منه أو يبقيها له على كفره.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- أهل الآخرة لا يفرحون بالدنيا، وأهل الدنيا لا يفرحون بالآخرة.
2- استعمال أسلوب الإرهاب والتخويف مع القدرة على إنفاذه مع العدو أليق.
3- تقرير أن سليمان كان يستخدم الجن وأنهم يخدمونه في أصعب الأمور.
4- استجابة الله تعالى لسليمان فأحضر له العرش من مسافة شهرين أي من اليمن إلى الشام قبل ارتداد طرف
الناظر إذا فتح عينه ينظر.
5- وجوب رد الفضل إلى أهله فسليمان قال {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} والجهال يقولون بثورتنا الخلاقة، وأبطالنا
البواسل.
6- وجوب الشكر، وعائدته تعود على الشاكر فقط، ولكرم الله تعالى قد لا يسلب النعمة فور عدم شكرها
وذلك لحلمه تعالى وكرمه.
__________

1- الهدية: منها ما هو حرام ومنها ما هو مكروه ومنها ما هو مباح أو مندوب، فالهدية الحرام: التي تُهدى للحكام والقضاة ليحكموا لصاحبها والهدية المكروهة: هدية الكافر والهدية المباحة أو المندوب إليها: هدية المؤمن لأخيه المؤمن للمودة والحب، لحديث مالك وفيه: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء" الشحناء العدواة والبغضاء.
2- أي: أتزيدونني إلى ما تشاهدونه من أموالي، والاستفهام للإنكار وقرأ الجمهور: {أتمدونني} بنونين. وقرأ بعضٌ بنون واحدة مشددة.
3- (بل) للاضراب الانتقالي من الإنكار عليهم إلى ردّ هديتهم إليهم.
4- الضمير في (بها) عائد على الجنود والضمير في (منها) عائد إلى مدينتهم وهي مأرب أو سبأ على مراحل قليلة من صنعاء.
5- هذا استئناف ابتدائي أي: كلام غير مرتبط بما سبقه بنوع من الارتباط قريب.
6- قال القرطبي: "جمهور المفسرين: أن الذي عنده علم من الكتاب هو آصف بن بريخا وقيل: هو سليمان عليه السلام، بقرينة قوله: هذا من فضل ربي، قال ابن عطية وقالت فرقة وهو سليمان عليه السلام. والمخاطبة في هذا التأويل للعفريب لما قال أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك، وكأن سليمان استبطأ ذلك فقال له على وجه التحقير أنا آتيك به ... الخ. قيل: يا حي يا قيوم: هو الاسم الأعظم.
7- الشكر: قيد النعمة الموجودة وبه تنال النعمة المفقودة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.00 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.37%)]