عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 03-08-2022, 04:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,160
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } 112 { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ } 113 { قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } 114 { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } 115 { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } 116 { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } 117 { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ }118


شرح الكلمات:

كم لبثتم في الأرض: أي كم سنة لبثتموها في الأرض أحياء وأمواتاً في قبوركم؟.

فاسأل العادين: يريدون الملائكة التي كانت تعد، وهم الكرام الكاتبون أو من يعد أما نحن فلم نعرف.

خلقناكم عبثاً: أي لا لحكمة بل لمجرد العيش واللعب كلا.

فتعالى الله الملك الحق: أي تنزه الله عن العبث.

لا برهان له: الجملة صفة لـ " إلهاً آخر " لا مفهوم لها إذ لا يوجد برهان ولا حجة على صحة عبادة غير الله تعالى إذ الخلق كله مربوب لله مملوك له.

حسابه عند ربه: أي مجازاته عند ربه هو الذي يجازيه بشركه به ودعاء غيره.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم مع أهل النار المنكرين للبعث والتوحيد بقوله تعالى: { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ }؟ هذا سؤال طرح عليهم أي سألهم ربهم وهو أعلم بلبثهم كم لبثتم من سنة في الدنيا مدة حياتكم فيها ومدة لبثكم أمواتاً في قبوركم؟ فأجابوا قائلين { لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ1 يَوْمٍ فَسْئَلِ 2ٱلْعَآدِّينَ } أي من كان يعد من الملائكة أو من غيرهم، وهذا الإِضطراب منهم عائد إلى نكرانهم للبعث وكفرهم في الدنيا به أولاً وثانياً أهوال الموقف وصعوبة الحال وآلام العذاب جعلتهم لا يعرفون أما أهل الإِيمان فقد جاء في سورة الروم أنهم يجيبون إجابة صحيحة إذ قال تعالى:{ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [الروم: 55-56] وقوله تعالى: { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ 3} هذا بالنظر إلى ما تقدم من عمر الدنيا، فمدة حياتهم وموتهم إلى بعثهم ما هي إلا قليل وقوله تعالى: { أَفَحَسِبْتُمْ4 أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ 5عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } ، هذا منه تعالى توبيخ لهم وتأنيب على إنكارهم للبعث أنكر تعالى عليهم حسبانهم وظنهم أنهم لم يخلقوا للعبادة وإنما خلقوا للأكل والشرب والنكاح كما هو ظن كل الكافرين وأنهم لا يبعثون ولا يحاسبون ولا يجزون بأعمالهم. وقوله تعالى: { فَتَعَالَى 6ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } أي عن العبث وعن كل ما لا يليق بجلاله وكماله وقوله: { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } أي لا معبود بحق إلا هو { رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } أي مالك العرش الكريم ووصف العرش بالكرم سائغ كوصفه بالعظيم والعرش سرير الملك وهو كريم لما فيه من الخير وعظيم إذ هو أعظم من الكرسي والكرسي وسع السماوات والأرض، ولم لا يكون العرش كريماً وعظيماً ومالكه جل جلاله هو مصدر كل كرم وخير وعظمة.

وقوله تعالى: { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ } أي ومن يعبد مع الله إلهاً آخر بالدعاء أو الخوف أو الرجاء أو النذر والذبح، وقوله: لا برهان له أي لا حجة له ولا سلطان على جواز عبادة ما عبده، ومن أين يكون له الحجة والبرهان على عبادة غير الله والله رب كل شيء ومليكه وقوله تعالى: { فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ } أي الله تعالى ربه يتولى حسابه ويجزيه بحسب عمله وسيخسر خسرانا مبينا لأنه كافر والكافرون لا يفلحون أبداً فلا نجاة من النار ولا دخول للجنة بل حسبهم جهنم وبئس المهاد.
وقوله تعالى: { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ 7} أي أمر الله تعالى رسوله أن يدعو بهذا الدعاء: رب اغفر لي وارحمني واغفر لسائر المؤمنين وارحمهم أجمعين فأنت خير الغافرين والراحمين.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- عظم هول يوم القيامة وشدة الفزع فيه فليتق ذلك بالإِيمان وصالح الأعمال.

2- تنزه الله تعالى عن العبث واللهو واللعب.

3- تقرير عقيدة البعث والجزاء.

4- كفر وشرك من يدعو مع الله إلهاً آخر.

5- الحكم بخسران الكافرين وعدم فلاحهم.

6- استحباب الدعاء بالمغفرة والرحمة للمؤمنين والمؤمنات.
_________________________

1 هذا السؤال موجه للمشركين في عرصات القيامة، والسؤال عن ليثهم في قبورهم وجائز أن يكون عن مدة حياتهم في الدنيا.
2 قيل: أنساهم شدة العذاب مدة مكثهم في قبورهم، وقيل: استقصروا مدة لبثهم في الدنيا وفي القبور ورأوه يسيرا بالنسبة إلى ما هم بصدده.
3 هذا بالنظر إلى الدار الآخرة لا يعتبر شيئاً يذكر.
4 روي بضعف أن ابن مسعود مرّ بمصاب مبتلى فقرأ في أذنه: {أفحسبتم} الآية إلى {رحيم} فبرأ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ماذا قرأت في أذنه؟ فأخبره فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقنا قرأها على جبل لزال".
5 أي: مهملين كما خلق البهائم لا ثواب لها ولا عقاب عليها كقوله تعالى {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} .
6 {فتعالى الله} : أي تنزه وتقدس الله الملك الحق عن الأولاد والشركاء والأنداد، وعن أن يخلق شيئاً عبثاً أو سفهاً.
7نظرت إلى حذف المفعول في: اغفر وارحم فانقدح في نفسي أن لجذفه سراً وهو: أن يكون عاماً في المؤمنين والمؤمنات لقوله تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]