عرض مشاركة واحدة
  #1207  
قديم 03-08-2022, 04:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )






تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المؤمنون - (5)
الحلقة (613)
تفسير سورة المؤمنون مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 522الى صــــ 526)

{ يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } 51 { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } 52 { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } 53 { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ } 54 { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ } 55 { نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ }56


شرح الكلمات:

كلوا من الطيبات: أي من الحلال.

واعملوا صالحاًَ: أي بأداء الفرائض وكثير من النوافل.

وإن هذه أمتكم: أي ملتكم الإِسلامية.

فاتقون: أي بامتثال أمري واجتناب نهيي.

فتقطعوا أمرهم: أي اختلفوا في دينهم فأصبحوا طوائف هذه يهودية وتلك نصرانية.

في غمرتهم: أي في ضلالتهم.

نسارع لهم: أي نعجل.

بل لا يشعرون: أن ذلك استدراج منا لهم.

معنى الآيات:

بعد أن أكرم الله تعالى عيسى ووالدته بما أكرمهما به من إيوائهما إلى ربوة ذات قرار ومعين خاطب 1عيسى عبده ورسوله قائلاً: { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي الحلال فكان عيسى عليه السلام يأكل من غزل أمه إذا كانت تغزل الصوف بأجرة فكانا يأكلان من ذلك أكلا من الطيب كما أمرهما الله تعالى وقوله: { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } كلوا من الحلال واعملوا صالحاً بأداء الفرائض والإِكثار من النوافل، وقوله: { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } فيه وعد بأن الله تعالى سيثيبهم على ما يعلمون من الصالحات. وقوله: { وَإِنَّ2 هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } أعلمهم أن ملتهم وهي الدين الإِسلامي دين واحد فلا ينبغي الاختلاف فيه واعلمهم أيضاً أنه ربهم أي مالك أمرهم والحاكم عليهم فليبتغوه بفعل ما أمرهم به وترك ما نهاهم عنه، لينجوا من عذابه ويظفروا برحمته ودخول جنته.

وقوله تعالى: { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ3 } أي دينهم { زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } أي فرقوا دينهم فرقاً فذهبت كل فرقة بقطعة منه وقسموا الكتاب إلى كتب فهذه يهودية وهذه نصرانية واليهودية فرق والنصرانية فرق والإِنجيل أصبح أناجيل متعددة وصارت كل جماعة فرحة بما عندها مسرورة به لا ترى الحق إلاَّ فيه.. { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } وهنا أمر الله رسوله أن يتركهم في غمرة ضلالتهم إلى حين أن ينزل بهم ما قضى به الرب تعالى على أهل الاختلاف في دينه { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ } إذ قال له في سورة الأنعام{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } [الآية: 159] وفيه من التهديد ما فيه. وهذا الذي نعاه تعالى على تلك الأمم قد وقعت فيه أمة الإِسلام فاختلفوا في دينهم مذاهب وطرقاً عديدة، وياللأسف وقد حلت بهم المحن ونزل بهم البلاء نتيجة ذلك الخلاف. وقوله: { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ4 بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ } مع اختلافهم وانحرافهم مسارعة لهم منا في الخيرات 5لا بل ذلك استدراج لهم ليهلكوا ولكنهم لا يشعرون بذلك. لشدة غفلتهم واستيلاء غمرة الضلالة عليهم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- وجوب الأكل من الحلال، ووجوب الشكر بالطاعة لله ورسوله.

2- الإِسلام دين البشرية جمعاء ولا يحل الاختلاف فيه بل يجب التمسك به وترك ما سواه.

3- حرمة الاختلاف في الدين وأنه سبب الكوارث والفتن والمحن.

4- إذا انحرفت الأمة عن دين الله، ثم رزقت المال وسعة العيش كان ذلك استدراجاً لها، ولم يكن إكراماً من الله لها دالاً على رضى ربها عنها بل ما هو إلا فتنة ليس غير.
_______________________________

1 اختلف في هذا الخطاب هل هو لعيسى عليه السلام نظراً لسياق الحديث أو هو لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو هو عام لكل الرسل، أي: ما من رسول إلاّ وأمره بما في هذا السياق، وأمّة كل رسول تابعة له، وما دامت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب في مثل هذا فلا داعي إلى الترجيح وعدمه ويشهد للعموم قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيح: "يا أيها الناس إن الله طيّب لا يقل إلاّ طيبا، وإن الله أمر المرسلين بما أمر به المؤمنين فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك" والشاهد في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "بما أمر به المرسلين".
2 قرىء: {وانّ} بكسر إن على القطع أي: الابتداء وعلى تقدير قول أو قلنا لهم: {إن هذه} .. الخ وقرىء بفتحها، وهي قراءة الأكثرين على تقدير واعلموا {أن هذه أمتكم} .. الخ.
3 كأن هذه الآية تنظر إلى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألا إن أهل الكتاب قبلكم افترقوا على اثنتين وسبعين ملّة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة" الحديث أخرجه أبو داود ورواه الترمذي وزاد: "قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي" وقوله: {ملة} فيه دليل على أن الاختلاف في الفروع غير مقصود وإنما المقصود هو ما كان في أصول الدين وقواعده.
4 {إنما} : ما: موصولة بمعنى الذي أي: أيحبسبون يا رسولنا إن الذي نعطيهم في الدنيا من مال وولد هو ثواب لهم على شركهم وكفرهم إنما هو استدراج وإملاء ليس إسراعاً في الخيرات واختلف في خبر إنّ فقيل: إنه محذوف وتقدير الكلام: إنما نسارع لهم به في الخيرات، والاستفهام في أيحسبون: إنكاري.
5 الخيرات: جمع خير وهو من الجموع النادرة مثل: سرادقات جمع سرداق.

****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.64 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]