عرض مشاركة واحدة
  #1193  
قديم 03-08-2022, 04:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )






تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الحج - (7)
الحلقة (606)
تفسير سورة الحج مكية ومدنية
المجلد الثالث (صـــــــ 486الى صــــ 492)

{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَانُ فِيۤ أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } 52 { لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } 53 { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُواْ بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } 54 { وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } 55 { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } 56 { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيٰتِنَا فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ }57


شرح الكلمات:

من رسول ولا نبي: الرسول ذكر من بني آدم أوحي إليه بشرع وأمر بابلاغه والنبي مقرر لشرع من قبله.

تمنى في أمنيته: أي قرأ في أمنيته، أي في قراءته.

ثم يُحكم الله آياته: أي بعد إزالة ما ألقاه الشيطان في القراءة بحُكم الله آياته أي يثبتها.

فتنة للذين في قلوبهم مرض: أي اختباراً للذين في قلوبهم مرض الشرك والشك.

والقاسية قلوبهم: هم المشركون.

فتخبت له قلوبهم: أي تتطامن وتخشع له قلوبهم.

في مرية منه: أي في شك منه وريب من القرآن.

عذاب يوم عقيم: هو عذاب يوم بدر إذ كان يوماً عقيماً لا خير فيه.

في جنات النعيم: أي جنات ذات نعيم لا يبلغ الوصف مداه.

فلهم عذاب مهين: أي يهان فيه صاحبه فهو عذاب جثماني نفساني.

معنى الآيات:

بعد التسلية الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم التي تضمنها قوله تعالى:{ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ.. } [الحج: 42] الخ ذكر تعالى تسلية ثانية وهي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ حول الكعبة في صلاته سورة النجم والمشركون حول الكعبة يسمعون فلما بلغ قوله تعالى:{ أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ ، وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } [النجم: 19-20] ألقى الشيطان في مسامع المشركين الكلمات التالية: " تلك الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى " ففرح المشركون بما سمعوا ظناً منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها وأن الله أنزلها فلما سجد في آخر السورة سجدوا معه إلا رجلاً1 كبيراً لم يقدر على السجود فأخذ حثية من تراب وسجد عليها وشاع أن محمداً قد اصطلح مع قومه حتى رجع المهاجرون من الحبشة فكرب لذلك رسول الله وحزن فأنزل الله تعالى هذه الآية تسلية له فقال: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ 2} ذي رسالة يبلغها ولا نبيّ مقرر لرسالة نبي قلبه { إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ } أي قرأ { أَلْقَى ٱلشَّيْطَانُ فِيۤ أُمْنِيَّتِهِ 3} أي في قراءته { فَيَنسَخُ ٱللَّهُ } أي يزيل ويبطل { مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ } 4من كلمات في قلوب الكافرين أوليائه { ثُمَّ يُحْكِمُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ } بعد إزالة ما قاله الشيطان فيثبتها فلا تقبل زيادة ولا نقصانا، والله عليم بخلقه وأحوالهم وأعمالهم لا يخفى عليه شيء من ذلك حكيم في تدبيره وشرعه هذه سنته تعالى في رسله وأنبيائه، فلا تأس يا رسول الله ولا تحزن ثم بين تعالى الحكمة في هذه السنة فقال: { لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ } أي من كلمات في قراءة النبي أو الرسول { فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } الشك والنفاق { وَٱلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ } وهم المشركون ومعنى فتنة هنا محنة يزدادون بها ضلالاً على ضلالهم وبُعداً عن الحق فوق بعدهم إذ ما يلقى الشيطان في قلوب أوليائه إلا للفتنة أي زيادة في الكفر والضلال.
وقوله تعالى: { وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } هو إخبار منه تعالى عن حال المشركين بأنهم في خلاف لله ورسوله، بعيدون فيما يعتقدونه وما يعملونه وما يقولونه، وما يتصورونه مخالف تمام المخالفة لما يأمر تعالى به ويدعوهم إليه من الاعتقاد والقول والعمل والتصور والإِدراك. وقوله تعالى: { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُواْ بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } هذا جزء العلة التي تضمنتها سنة الله في إلقاء الشيطان في قراءة الرسول أو النبي فالجزء الأول تضمنه قوله تعالى: { لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ } وهذا هو الجزء الثاني أي { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } بالله وآياته وتدبيره { أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } أي ذلك الإِلقاء والنسخ وإحكام الآيات بعده 5{ فَيُؤْمِنُواْ بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } أي تطمئن وتسكن عنده وتخشع فيزدادون هدى. وقوله تعالى: { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ6 آمَنُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } هذا إخبار منه تعالى عن فعله مع أوليائه المؤمنين به المتقين له وأنه هاديهم في حياتهم وفي كل أحوالهم إلى صراط مستقيم يفضي بهم إلى رضاه وجنته، وذلك بحمايتهم من الشيطان وتوفيقهم وإعانتهم على طاعة الرحمن سبحانه وتعالى. وقوله تعالى: { وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ 7} أي من القرآن هل هو كلام الله هل هو حق هل اتباعه نافع وتستمر هذه المرية والشك بأولئك القساة القلوب أصحاب الشقاق البعيد { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً } أي فجأة وهي القيامة { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ 8} أي لا خير فيه لهم وهو يوم بدر وقد تم لهم ذلك وعندها زالت ريبتهم وعلموا أنه الحق حيث لا ينفع العلم.

وقوله تعالى: { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ 9} أي يوم تأتي الساعة يتمحض الملك لله وحده فلا يملك معه أحد فهو الحاكم العدل الحق يحكم بين عباده بما ذكر في الآية وهو أن الذين آمنوا به وبرسوله وبما جاء به وعملوا الصالحات من فرائض ونوافل بعد تخليهم عن الشرك والمعاصي يدخلهم جنات النعيم، والذين كفروا به وبرسوله وبما جاء به، وكذبوا بآيات الله المتضمنة شرائعه وبيان طاعاته فلم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات وعملوا العكس وهو السيئات فأولئك البعداء في الحطة والخسة لهم عذاب مهين يكسر أنوفهم ذلة لهم ومهانة لأنفسهم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- بيان سنة الله في إلقاء الشيطان في قراءة الرسول أو النبي للفتنة.

2- بيان أن الفتنة يهلك فيها مرضى القلوب وقساتها، ويخرج منها المؤمنون أكثر يقيناً وأعظم هدىً.

3- بيان حكم الله تعالى بين عباده يوم القيامة بإكرام أهل الإِيمان والتقوى وإهانة أهل الشرك والمعاصي.

4- ظهور مصداق ما أخبر به تعالى عن مجرمي قريش فقد استمروا على ريبهم حتى هلكوا في بدر.
________________________________
1 هذا الرجل، روى البخاري أنه أمية بن خلف، وقيل هو أبو أحيحة سعيد بن العاص وقيل: هو الوليد بن المغيرة. والله أعلم بأيهم كان.
2 في هذه الآية دليل على أن هناك فرقاً بين النبي والرسول لذكر الرسول في الآية ثم النبي: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} والذي عليه جمهور أهل السنة والجماعة: أن كل رسول نبي إذ لا يرسل حتى يوحى إليه وينبّأ وليس كل نبي رسولاً إذ ينبئه الله تعالى بما شاء ولا يرسله، وجاء في حديث أبي ذر "إنّ عدد الرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر رسولاً أولهم آدم وآخرهم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأن عدد الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي جمّ غفير"
3 قال سليمان بن حرب إنّ (في) هنا هي بمعنى عند أي: ألقى الشيطان عند قراءته ألقى في قلوب المشركين. ولـ (في) بمعنى عند نظير هو قوله تعالى {ولبثت فينا من عمرك سنين} أي: عندنا.
4 ما روي من خبر في قصة الغرانيق كله ضعيف ولم يثبت فيها حديث صحيح قط، والذي ثبت في الصحيح هو قراءة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لسورة النجم وسجوده وسجود المشركين معه والذي عصم منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو المعصوم أن ينطق بكلمة: تلك الغرانيق العلا.. الخ وإنما نطق بها الشيطان وأسمعها المشركين للفتنة كما في التفسير المثبت فيه رأي ابن جرير إمام المفسّرين رحمه الله تعالى.
5 قوله تعالى: {وليعلم الذين أوتوا العلم} جائز أن يكونوا من المؤمنين ومن أهل الكتاب.
6 ومثبتهم على الهداية.
7 ومن الدين ومن كل ما جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
8 وعذاب يوم القيامة عذاب عظيم باعتبار أنه يوم لا ليلة له فهذا وجه العقم لأنّ العقيم هو الذي لا يخلّف ولداً، ولما ذكر عذاب يوم القيامة تعيّن أن يكون هو يوم بدر ومعنى عقمه: أنه لا خير فيه للمشركين ولم يحصلوا منه على فائدة.
9 قالوا: الملك هو اتساع المقدور لمن له تدبير الأمور، وقيل في الآية إشارة إلى يوم بدر وهو بعيد ولا داعي إليه، ودلالة الآية تنفيه.

**************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.79%)]