عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 03-08-2022, 04:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الحج - (5)
الحلقة (604)
تفسير سورة الحج مكية ومدنية
المجلد الثالث (صـــــــ 473الى صــــ 481)

{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } 34 { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلَٰوةِ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ } 35 { وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } 36 { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ }37


شرح الكلمات:

منسكاً: أي ذبائح من بهيمة الأنعام يتقربون بها إلى الله تعالى، ومكان الذبح يقال له منسك.

فله أسلموا: أي انقادوا ظاهراً وباطناً لأمره ونهيه.

وبشر المخبتين: أي المطيعين المتواضعين الخاشعين.

وجلت قلوبهم: أي خافت من الله تعالى أن تكون قصَّرتْ في طاعته.

والبدن : جمع بدنة وهي ما يساق للحرم من إبل وبقر ليذبح تقرباً إلى الله تعالى.

من شعائر الله: أي من أعلام دينه، ومظاهر عبادته.

صوآف: جمع صافَّة وهي القائمة على ثلاث معقولة اليد اليسرى.

فإذا وجبت جنوبها: أي بعد أن تسقط على جنوبها على الأرض لا روح فيها.

القانع والمعتر: القانع 1السائل والمعتر الذي يتعرض للرجل ولا يسأله حياء وعفة.

كذلك سخرناها: أي مثل هذا التسخير سخرناها لكم لتركبوا عليها وتحملوا وتحلبوا.

لعلكم تشكرون: أي لأجل أن تشكروا الله تعالى بحمده وطاعته.

لن ينال الله لحومها: أي لا يرفع إلى الله لحم ولا دم، ولكن تقواه بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه.

لتكبروا الله على ما هداكم: أي تقولون الله أكبر بعد الصلوات الخمس أيام التشريق شكراً له على هدايته إياكم.

وبشر المحسنين: أي الذين يريدون بالعبادة وجه الله تعالى وحده ويؤدونها على الوجه المشروع.

معنى الآيات:

ما زال السياق في توجيه المؤمنين وإرشادهم إلى ما يكملهم ويسعدهم في الدارين فقوله تعالى: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً } أي ولكل أمة من الأمم السابقة من أهل الإِيمان والإِسلام جعلنا لهم مكان نسك يتعبدوننا فيه ومنسكاً2 أي ذبح قربان ليتقربوا به إلينا، وقوله: { لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } أي شرعنا لهم عبادة ذبح القربان لحكمة: وهو أن يذكروا اسمنا على ذبح ما يذبحون ونحر ما ينحرون بأن يقولوا بسم الله والله أكبر. وقوله تعالى: { فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } أي فمعبودكم أيها الناس معبود واحد { فَلَهُ أَسْلِمُواْ } وجوهكم وخصوه بعبادتكم ثم قال لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم { وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } برضواننا ودخول دار كرامتنا ووصف المخبتين معرفاً بهم الذين تنالهم البشرى على لسان رسول الله فقال { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ } لهم أو بينهم { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } أي خافت شعوراً بالتقصير في طاعته وعدم أداء شكره والغفلة عن ذكره { وَٱلصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ } من البلاء فلا يجزعون ولا يتسخطون ولكن يقولون إنا لله وإنا إليه راجعون، { وَٱلْمُقِيمِي } الصلاة 3أي بأدائها في أوقاتها في بيوت الله مع عباده المؤمنين ومع كامل شرائطها وأركانها وسننها { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } مما قل أو كثر ينفقون في مرضاة ربهم شكراً لله على ما آتاهم وتسليماً بما شرع لهم وفرض عليهم.

وقوله تعالى: { وَٱلْبُدْنَ 4جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ } أي الإِبل والبقر مما يُهدى إلى الحرم جعلنا ذلكم من شعائر ديننا ومظاهر عبادتنا، { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } عظيم وأجر كبير عند ربكم يوم تلقوه إذ ما تقرب متقرب يوم عيد الأضحى بأفضل من دم يهرقه في سبيل الله وعليه { فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } اي قولوا بسم الله والله أكبر عند نحرها، وقوله: { صَوَآفَّ 5} أي قائمة على ثلاثة معقولة اليد اليسرى، فإذا نحرتموها ووجبت أي سقطت على جنوبها فوق الأرض ميتة { فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ 6} الذي يسألكم { وَٱلْمُعْتَرَّ } الذي يتعرض لكم ولا يسألكم حياءاً، وقوله تعالى: { سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ } أي مثل ذلك التسخير الذي سخرناهم لكم فتركبوا وتحلبوا وتذبحوا وتأكلوا سخرناهم لكم من أجل أن تشكرونا بالطاعة والذكر.
وقوله تعالى في آخر آية في هذا السياق وهي [37] قوله: { لَن7 يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا } أي لن يرفع إليه لحم ولا دم ولن يبلغ الرضا منه، ولكن التقوى بالإِخلاص وفعل الواجب والمندوب وترك الحرام والمكروه هذا الذي يرفع إليه ويبلغ مبلغ الرضا منه.

وقوله تعالى: { كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ } أي كذلك التسخير الذي سخرها لكم لعلَّة أن تكبروا الله على ما هداكم إليه من الإِيمان والإِسلام فتكبروا الله عند نحر البدن وذبح الذبائح وعند أداء المناسك وعقب الصلوات الخمس أيام التشريق. وقوله تعالى: { وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ } أمر الله تعالى رسوله والمبلغ عنه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يبشر باسمه المحسنين الذين أحسنوا الإِيمان والإِسلام فوحدوا الله وعبدوه بما شرع وعلى نحو ما شرع متبعين في ذلك هدى رسوله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

هداية الآيات

من هداية الآيات


1- ذبح القربان مشروع في سائر الأديان الإِلهية وهو دليل على أنه لا إله إلا الله إذ وحدة التشريع تدل على وحدة المشرع.

وسر مشروعية ذبح القربان هو أن يذكر الله تعالى، ولذا وجب ذكر اسم الله عند ذبح ما يذبح ونحر ما ينحر بلفظ بسم الله والله أكبر.

2- تعريف المخبتين أهل البشارة السارة برضوان الله وجواره الكريم.

3- وجوب ذكر اسم الله على بهيمة الأنعام.

4- بيان كيفية نحر البدن، وحرمة الأخذ منها قبل موتها وخروج روحها.

5- الندب إلى الأكل من الهدايا ووجوب إطعام الفقراء والمساكين منها.

6- وجوب شكر الله على كل إنعام.

7- مشروعية التكبير عند أداء المناسك كرمي الجمار وذبح ما يذبح وبعد الصلوات الخمس أيام التشريق.

8- فضيلة الإِحسان وفوز المحسنين ببشرى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
______________________________

1 القانع: من الأضداد يطلق على ذي القناعة وعلى من لا قناعة له فهو يسأل، إلاّ أن الفعل الماضي لذي القناعة مكسور العين فعل كعلم، وفعل: من لا قناعة له فهو يسأل فعل: بفتح العين كنصح ينصح.
2 يقال: نسك ينسك نُسكاً: إذا ذبح ذبح تقرّب لله تعالى، والذبيحة تسمى نسيكة وجمعها: نسك، ومنها قوله تعالى: {أو صدقة أو نسك} والنسك: الطاعة لله، وهي عبادته، ومن ذلك قولهم: تنسّك فلان: أي تعبد فهو ناسك ومتنسك، والمنسك بفتح السين وكسرها موضع العبادة، ومنه مناسك الحج وهي الأماكن التي تؤدى فيها الشعائر كعرفات ومزدلفة ومنى ومكة.
3 قرأ الجمهور بكسر التاء من الصلاة على الإضافة، وقرأ أبو عمرو: (الصلاة) بفتحها على توهم النون، وأنّ حذفها كان للتخفيف لطول الاسم. وأنشد سيبويه:
الحافظو عورة العشيرة لا
يأتيهم من ورائنا نَطف
النطف: التلطخ بالعيب والاتهام بريبة أو فجور.
4 البدن: بضم الباء والدال، والبُدن: بضم الباء وإسكان الدال لغة فصيحة وقرأ الجمهور: (والبدن) بإسكان الدال واحدها بدنة كثمرة وثمر، وخشبة وخشب وسميت بدنة لأنها تبدن، والبدانة: السمن، وتطلق على البقر على الصحيح فمن نذرها أجزأته البقرة، وهي كالبعير تجزىء عن سبعة في هدي التمتع والقرآن.
5 أصل هذا اللفظ مأخوذ من صفن الفرس إذا وقف على ثلاثة أرجل، ورفع الرابعة ومنها: تنحر الإبل بعد أن توقف على ثلاثة وتعقد اليد اليسرى منها، وقرىء (صوافي) و (صوافٍ) من الصفاء الذي هو الخلوص لله تعالى أي: خالصة له عزّ وجلّ.
6 القانع: اسم فاعل من قنع يقنع فهو قانع: إذا سأل وتذلل في السؤال: أما القانع بمعنى: ذي القناعة ففعله قنع بكسر النون قناعة: إذا اكتفى بما عنده ولم يسأل قال مالك: أحسن ما سمعت أن القانع: الفقير، والمعتر، الزائر وهو موافق في المعنى لما تقدم، ويؤيد هذا قراءة الحسن: (والمعتري) وهو الذي يتعرض لك ويأتك بدون علم منك.
7 قال ابن عباس رضي الله عنهما: لن يصعد إليه. أي اللحم والدم، ولكن الذي يصل إليه التقوى منكم وما أريد به وجهه.

******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.83%)]