عرض مشاركة واحدة
  #675  
قديم 11-07-2022, 07:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

معنى أن الزكاة برهان والصبر ضياء

( والزكاة برهان ) هي برهان على إيمان صاحبها، وعلى صدق إيمانه، لماذا؟ لأن المال عزيز على النفوس، والنفوس جبلت على حب المال، فالإنسان الذي يؤدي الحق الذي فرض الله عليه طيبة به نفسه مع ما جبلت عليه النفوس على حب المال، فهذا دليل على إيمان صاحبها، وبرهان وعلامة واضحة على الإيمان؛ لأن الإيمان هو الذي دفعه إلى هذا، وضعف الإيمان هو الذي يجعله يبخل بالزكاة ويبخل بالمال، ولا يصرف المال فيما ينبغي أن يصرف فيه المال، وحرص النفوس على المال هذا أمر معلوم، ولهذا يأتي الإنفاق في سبيل الله عز وجل بالنفس والمال، ويقدم المال على النفس، كل المواضع التي جاءت في القرآن فيها تقديم المال على النفس، إلا في موضع واحد قدمت النفس على المال، في آية: ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )[التوبة:111]، يعني: قدم المال في الآيات الكثيرة على النفس، وذلك لما جبلت عليه النفوس من محبة المال، ولأن أيضاً الجهاد بالمال يحصل ممن عنده القدرة على الجهاد بالنفس وممن ليس عنده القدرة على الجهاد بالنفس، يعني: عنده مال، ولكن ما عنده قدرة على أن يجاهد بنفسه، ويكون عنده قدرة فيجمع بينهما، فجاء في القرآن كثيراً تقديم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس. ( والزكاة برهان، والصبر ضياء ).
والصبر ضياء، الصبر هو ثلاثة أقسام: صبر على طاعة الله، وصبر عن معاصي الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، صبر على النوائب والمصائب، الإنسان إذا وقعت به مصيبة لا يتسخط، بل يقول: قدر الله وما شاء فعل، إذا حصل له شيء يكرهه، وهو حريص على أن يحصل له ما يريد من الخير ولكن فاته وحصل له شيء لا يريده، فيقول: قدر الله وما شاء فعل، ولا يقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا، كما جاء في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)، فيصبر الإنسان على طاعة الله، ويصبر عن معاصي الله، ويصبر على أقدار الله المؤلمة التي فيها مصائب وفيها ابتلاء وامتحان، ويصبر على طاعة الله ولو شقت على النفوس؛ لأن العاقبة حميدة على الصبر، ويصبر عن المعاصي ولو مالت إليها النفوس؛ لأن العاقبة وخيمة؛ لأنها لذة ساعة وبعدها حسرة وندامة وعقوبة من الله عز وجل، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله في الحديث الصحيح: ( حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات )، أي: الطريق إلى الجنة يحتاج إلى صبر على الطاعة، وصبر على المعصية، صبر على الطاعات ولو شقت على النفوس، والإنسان من المعلوم أنه إذا كان نائماً في الليل لا سيما في وقت الشتاء وفي شدة البرد، والفراش وفير، وفي فراش دافئ، ثم سمع الأذان وسمع: الصلاة خير من النوم يهب من فراشه ونفسه تميل إلى النوم، وتشتهي النوم والفراش، يعني: هو مرتاح في الفراش، لكن ما يدعى إليه وهو الصلاة خير من هذا الذي هو متلذذ فيه، والذي هو مرتاح إليه ومطمئن إليه وهو النوم، الصلاة خير من النوم، فيقوم ويذهب في البرد، وقد يكون الإنسان أيضاً يتوضأ بماء بارد وما عنده شيء يسخن فيه، ففيه مشقة على النفوس، كذلك الصيام فيه مشقة، والزكاة فيها مشقة، لأن النفوس مجبولة على حب المال، ومع ذلك تجد الإنسان يصبر على الطاعة ولو شقت على النفوس، ويصبر على المعاصي ولو مالت إليها النفوس؛ لأن عاقبة الصبر على الطاعة حميدة، وعاقبة الانسياق وراء النفس الأمارة بالسوء أو الوقوع فيما تشتهيه النفوس مما لا يسوغ عاقبته وخيمة، وهذا هو معنى قوله عليه الصلاة والسلام: ( حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات )، فالصبر ضياء؛ لأن فيه الصبر على طاعة الله، والصبر عن معاصي الله، والصبر على أقدار الله، فهو ضياء يضيء للإنسان الطريق في الدنيا والآخرة، يضيء للإنسان الطريق في الدنيا؛ لأنه فيه صبر على الطاعة، وصبر على المعصية، وفي الآخرة حصول الثواب له بالنور والضياء والإشراق الذي يكون له بثبوته على طاعة الله وصبره عن معاصي الله عز وجل.
(والقرآن حجة لك أو عليك)، هو حجة لك إن قمت بما يجب عليك نحوه، يعني: عملت بما فيه، امتثلت الأوامر، وانتهيت عن النواهي، وصدقت الأخبار، وعبدت الله طبقاً لما جاء في القرآن والسنة، فإن القرآن يكون حجة للإنسان، حجة له ينفعه عند الله عز وجل، وحجة على الإنسان إذا كان بخلاف ذلك، يعني: كونه يعرف الحق، ولا يعمل به، فيكون حجة عليه لا له، والقرآن إما حجة الإنسان وإما حجة على الإنسان، فإن قام بما يجب عليه نحوه كان حجة له، وإن كان بخلاف ذلك كان حجة عليه.
والحديث في صحيح مسلم وفي النسائي وفي غيره، وقد جاء حديث آخر في صحيح مسلم هو بمعنى هذا الحديث، وهو عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، والحديث أخرجه مسلم، كان له أمير على مكة، فجاء الأمير، فسأله عمر: من أمرت على مكة، يعني: في حال غيبتك، أو من وليت على أهل مكة في حال غيبتك؟ فقال: ابن أبزى ، قال: ومن ابن أبزى ؟ قال: مولى من الموالي، قال: وليت عليهم مولى، قال: نعم يا أمير المؤمنين! إنه عالم بكتاب الله، عارف بالفرائض، هذه مسوغات للتعيين والاختيار، والترشيح للعمل، إنه عالم بكتاب الله، عارف بالفرائض، ماذا قال عمر رضي الله عنه وأرضاه؟ تذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: صدق نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين )، فقوله عليه الصلاة والسلام: ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع فيه آخرين )، مثل قوله: حجة لك أو عليك؛ لأن فيه من يرفع، وفيه من يوضع، فيه من يكون حجة له، ومن يكون حجة عليه، فيه من يكون القرآن شاهد له، ومنهم من يكون القرآن شاهد عليه؛ لأنه ما قام بما يجب عليه نحوه، ولهذا عمر رضي الله عنه وأرضاه لما أخبره بوجه الاختيار وأنه لعلمه بالكتاب، وبمعرفته للفرائض والأحكام، تذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال عند ذلك: صدق نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، يعني: فيه تنفيذ وتطبيق، أو مطابقة لما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول الإنسان: صدق الله، أو يقول: صدق رسول الله، مر بنا قريباً الحديث الذي فيه: إذا صام يوماً يكون عن عشرة أيام، ثم قال: صدق الله إذ يقول: ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا )[الأنعام:160]، الحديث مر بنا قريباً، أن الإنسان إذا صام يوماً يكون عن عشرة أيام، ثم قال لعله أبو هريرة أو كذا: صدق الله عز وجل إذ يقول: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)[الأنعام:160]، هنا لما قال له أن هذا الرجل اختاره على غيره وقدمه لأنه عالم بالكتاب، وعارف بالفرائض، تذكر الحديث وقال عنده: صدق نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ).

تراجم رجال إسناد حديث: (... والزكاة برهان ...)

قوله: [ أخبرنا عيسى بن مساور ].صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ حدثنا محمد بن شعيب بن شابور ].
صدوق، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[ عن معاوية بن سلام ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أخيه ].
هو زيد بن سلام، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم ، وأصحاب السنن الأربعة.
[ أنه أخبره جده أبي سلام ].
واسمه ممطور ، وهو ثقة، يرسل، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن، يعني: مثل حفيده زيد بن سلام.
[ عن عبد الرحمن بن غنم ].
قيل: إنه معدود في الصحابة، وقيل: إنه تابعي، ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[ أن أبا مالك ].
هو أبو مالك الأشعري، واختلف في اسمه، فقيل: إن اسمه الحارث ، وقيل: عبيد ، وقيل: كعب ، وقيل على ذلك أقوالاً كثيرة، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود وابن ماجه.


شرح حديث: (... ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب عن الليث حدثنا خالد عن ابن أبي هلال عن نعيم المجمر أبي عبد الله أنه قال: أخبرني صهيب أنه سمع من أبي هريرة ومن أبي سعيد يقولان: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: ( والذي نفسي بيده، ثلاث مرات، ثم أكب، فأكب كل رجل منا يبكي، لا ندري على ماذا حلف، ثم رفع رأسه في وجهه البشرى، فكانت أحب إلينا من حمر النعم، ثم قال: ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة، فقيل له: ادخل بسلام ) ]. ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله تعالى عنهما، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم، وحلف، ولم يذكر المحلوف، ثم أكب، فأكب الناس يبكون، ثم رفع رأسه وفي وجهه البشرى، ففرحوا، واعتبروا ذلك خيراً لهم من حمر النعم التي هي أنفس الأموال عندهم، وحمر النعم يأتي في الحديث ذكر الإشارة إليها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لعلي : ( والله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم )؛ لأنها أنفس الأموال عندهم، فكانت أحب إليهم ومن أنفس ما هو عندهم، يعني: أن هذا الذي حصل أحب إليهم مما هو أنفس شيء عندهم في الحياة الدنيا، وهو هذه النعم الحمر الذي هذا وصفها.
فقال عليه الصلاة والسلام: ( ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة فقيل له: أدخل بسلام ).
يعني: ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويؤدي الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة وقيل له: ادخل بسلام.
في الحديث ذكر الصلاة والمحافظة على الصلوات الخمس، وكذلك فيه ذكر الصيام وذكر الزكاة، والمقصود من إيراد الحديث هنا ذكر الزكاة، وكون الزكاة ذكرت، وكون الإنسان يؤدي الزكاة، ثم مع كونه يفعل هذه الأفعال يجتنب الكبائر السبع وهي الموبقات، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر السبع الموبقات وهي: الشرك بالله، والزنا، وقتل النفس التي حرم الله، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات، يعني: هذه وردت في حديث أبي هريرة في الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا الجزاء يكون على ترك وعلى فعل، على ترك المحرمات، وترك الكبائر والموبقات، وعلى أيضاً فعل، وهو الإتيان بالصلوات، والإتيان بالصيام، والإتيان بالزكاة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ...)


قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ].ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن شعيب ].
هو شعيب بن الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن الليث ].
هو الليث بن سعد، يعني: أبو شعيب، يعني: شعيب يروي عن أبيه الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا خالد ].
هو ابن يزيد الجمحي المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي هلال ].
هو سعيد بن أبي هلال المصري، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نعيم المجمر ].
هو نعيم بن عبد الله المجمر أبو عبد الله، هو أبوه عبد الله، وكنيته أبو عبد الله، فكنيته توافق اسم أبيه، فهو نعيم بن عبد الله المجمر، وقيل له: المجمر؛ لأنه كان يجمر المسجد، يعني: يأتي بالجمر ويضع عليه العود أو البخور الطيب ويبخر المسجد، فقيل له: المجمر، يعني: لقب بهذا، وقيل: إنه لقب لأبيه وأيضاً هو لقب به، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني صهيب ].
صهيب مولى العتواريين، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده كما في التهذيب.
[ أنه سمع من أبي هريرة وأبي سعيد ].
أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، أكثر الصحابة حديثاً، وأبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان، وهو من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والحديث ذكره الألباني وحكم عليه بالضعف، ولعل حكمه عليه بالضعف بسبب صهيب هذا الذي ذكر أنه مقبول، لعله هذا سبب التضعيف.
وفي التقريب، يقول: صهيب مولى العتواريين، وفي موضع يقول في الهامش في نسخة تهذيب الكمال: العتواري، تفرد نعيم المجمر بالرواية عنه، ووهم من قال غير ذلك، مقبول من الطبقة الرابعة.

شرح حديث: (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير حدثنا أبي عن شعيب عن الزهري قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ( من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة: يا عبد الله! هذا خير لك، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، قال أبو بكر رضي الله عنه: هل على من يدعى من تلك الأبواب من ضرورة؟ فهل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟! قال: نعم، وإني أرجو أن تكون منهم )، يعني: أبا بكر]. أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (من أنفق زوجين في سبيل الله دعي من أبواب الجنة، يقول: يا عبد الله! هذا خير لك، فإن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، وإن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، وإن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، وإن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، قال أبو بكر رضي الله عنه: هل على من دعي من هذه الأبواب من ضرورة؟) و(هل) هنا بمعنى النفي، يعني: ما على من دعي من هذه الأبواب من ضرورة، يعني: كون الإنسان يقال له: ادخل الجنة من أي باب، يعني: كاف، فهل يدعى أحد من الأبواب كلها؟ وهذا سؤال استفهام حقيقي، هل يدعى أحد؟ استفهام حقيقي، أما الأول بمعنى: النفي، مثل قوله: هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ [الرحمن:60]، يعني: ما جزاء الإحسان إلا الإحسان، هل على من دعي من هذه الأبواب من ضرورة، يعني: ما على من دعي من هذه الأبواب من ضرورة، يعني: كون الإنسان يدعى من باب من أبواب الجنة، هذا خير له، المهم أن يدخل الجنة، لكن هل يدعى أحد من الأبواب كلها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم، وأرجو أن تكون منهم)، يعني: لكونه يعمل هذه الأعمال رضي الله تعالى عنه وأرضاه، كونه يعمل هذه الأعمال التي لها هذه الأبواب للجنة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من أنفق زوجين في سبيل الله )، المراد بالزوجين قيل: الصنفان، الزوج هو: الصنف والنوع، يعني: والمراد من ذلك أنه يكرر، أو ينوع الصدقة ويكررها، ينفق نفقة معززة مشفوعة بغيرها، يعني: متكررة، هذا هو المراد بالزوجين، ( من أنفق زوجين في سبيل الله)، ثم إنه قيل له: هذا خير، ثم ذكر الصلاة والصيام والصدقة والجهاد، وفيها ما هو من الأعمال البدنية.
والحديث قيل: ( من أنفق زوجين في سبيل الله )، فقيل: أن المقصود من ذلك: أن كل أعمال البر هي إنفاق، وإن كانت بعض الأعمال ليست مالاً وليست إنفاقاً للمال، إلا أنها إنفاق للجهد وإنفاق للنفس وبذل النفس، ولهذا يقال: أنفق عمره في كذا وكذا، أو صرف عمره في كذا، يعني: فيما يتعلق بالأعمال، ولهذا جاء بعد ذلك إن كان من كذا، فمن أنفق زوجين في سبيل الله دعي، قيل: هذا خير، فيحتمل أن يكون المراد أن ذلك يرجع إلى الصدقة، ويحتمل أن يكون ذلك يرجع إلى الإنفاق العام الذي يشمل الصدقة المالية والصدقة غير المالية التي تكون ببذل النفع وبذل الخير، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تعديد الصدقات، وإطلاق الصدقات على أنواع كثيرة غير البذل، بذل المال، مثل: إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل هذه من أنواع الصدقات؛ لأنها صدقة من الإنسان على نفسه؛ إذ عمل أعمالاً تفيده، وأيضاً تصدق على غيره إذ أحسن إليه بهذه الأنواع، إماطة الأذى عن الطريق؛ لأنه تصدق على الناس إذ أزال الأذى عن طريقهم حتى لا يتعرضوا لأذى، وحتى لا يحصل لهم أذى، والأمر بالمعروف صدقة؛ لأنه دلهم على الخير، والنهي عن المنكر صدقة؛ لأنه حذرهم من الشر، والكلمة الطيبة صدقة؛ لأن الإنسان تكلم بكلام سر الإنسان وأفاده واستفاد منه.
فيكون المراد بالإنفاق: العموم، يعني: ما يشمل المال وغير المال، يعني: الجهد والمال، ثم في الحديث دليل على أن تلك الأعمال لها أبواب في الجنة، الصدقة لها باب يقال له: باب الصدقة، والجهاد باب الجهاد، والصلاة باب الصلاة، والصيام يقال: باب الريان، يعني: يختلف، ما قيل اسمه: باب الصيام، وإنما قيل له: الريان؛ لأنه يشعر بالري، وأن من دخله يشرب ويروى؛ لأنه عطش نفسه في الدنيا، فأخبر بأنه يدخل من هذا الباب الذي يشعر بالري.
ثم قال أبو بكر رضي الله عنه: (هل على من دخل من أي باب من هذه الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم).


تراجم رجال إسناد حديث: (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله...)


قوله: [ أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير ].هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
[ حدثنا أبي ].
وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
[ عن شعيب ].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه، من صغار التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني حميد بن عبد الرحمن ].
هو حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن أبا هريرة ].
عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
وهل بقية الأبواب في الجنة معروفة الأسماء؟
فالجواب: الله أعلم، ما ندري، ثم أيضاً لا يلزم أن يقال: إن الأبواب ثمانية بالنسبة لثمانية أعمال؛ لأن أبواب الجنة ثمانية كما هو معلوم، كما جاء ذلك في الأحاديث الكثيرة: ( فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء )، من قال: كذا، ومن فعل كذا، لا يقال: إن كل عمل من الأعمال له باب، فيمكن أن يكون هناك أبواب عامة، وأبواب خاصة داخلة ضمن تلك الأبواب، يعني: تستوعب أعمال الخير، لكن كونها تكون أعمال ثمانية من أعمال الخير لها أبواب والباقي ليس له أبواب هذا ليس بظاهر، فيمكن أن تكون هناك أبواب رئيسية تسمى بهذا، وهناك أبواب جزئية، يعني: الأبواب الرئيسية ثمانية كما جاء في الحديث، لكن هناك أبواب داخلة في هذه الأبواب، وذكر المعلق أن فيه أشياء، يعني: ذكر في الحاشية أن فيه أبواب كذا، وقال: أن هذه سبعة، ويمكن أن يكون الثامن كذا وكذا، وهذا لا يعني أن تكون الأبواب هي بعدد هذه الخصال، بل خصال الخير كثيرة، ويدخل الجنة أصحابها، فيمكن والله أعلم أن الجنة لها ثمانية أبواب كما جاء أبواب الجنة الثمانية، لكن الأبواب تحتها أبواب.
وأبو بكر الصديق هو لا شك منهم؛ لأنه فعل أفعالاً، وقد جاء في الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل قال: ( من أصبح منكم صائماً، من أصبح منكم عائداً مريضاً )، من فعل منكم كذا، وكلها اجتمعت في أبي بكر، وكلها يقول أبو بكر : أنا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمعت فيه إلا دخل الجنة، وهذا الرجل كما هو معلوم ما مشى على الأرض بعد الأنبياء والمرسلين أفضل منه، هو الصديق .


الأسئلة

الطواف بالرجل الاصطناعية

السؤال: ما حكم الطواف بالرجل الاصطناعية؟

الجواب: ما فيه بأس، الإنسان إذا كان رجله يعني: كذا، وصنعت له رجل يمشي عليها فيطوف بها.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.48 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.02%)]