عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-07-2022, 05:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,777
الدولة : Egypt
افتراضي أحكام ذبح الأضحية وآداب عيد الأضحى

أحكام ذبح الأضحية وآداب عيد الأضحى
عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
الخطبة الأولى
إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مِنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمِنْ يُضَلِلْ اَللَّهُ فَلَا هَادِي لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَ رَسُولُه. نَحْمَدُكَ رَبَّنَا عَلَى مَا أَنْعَمَتَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعَمِكَ اَلْعَظِيمَةِ، وَآلَائِكَ اَلْجَسِيمَةِ حَيْثُ أَرْسَلَتَ إِلَيْنَا أَفْضَلَ رِسُلِكَ، وَأَنْزَلَتَ عَلَيْنَا خَيْرَ كُتُبِكَ وَشَرَعَتَ لَنَا أَفْضَلَ شَرَائِعِ دِينكَ.

فَاَللَّهُمَّ لَكَ اَلْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى، وَلَكَ اَلْحَمْدُ إِذَا رَضِيَتَ، وَلَكَ اَلْحَمْدُ بَعْدَ اَلرِّضَا.

أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُونَ:
عِيدُ اَلْأَضْحَى عَلَى اَلْأَبْوَابِ فَمًا أَحْكَامُ اَلذَّبْحِ؟ وَمَا آدَابُ اَلْعِيدِ؟ مَوْضُوعُ خُطْبَتِنَا اَلْيَوْمَ بِاخْتِصَارٍ.

عِبَادَ اَللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِصلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ"[1]، فَهُنَاكَ إذَنْ إِحْسَانٌ وَآدَابٌ فِي الذَّبحِ، فَمَا هِيَ اَلْأَحْكَامُ وَالْآدَابُ اَلَّتِي يَنْبَغِي مُرَاعَاتهَا عِنْدَ ذَبْحٍ اَلْأُضْحِيَّةِ؟


1 - اِعْلَمْ أَنَّ مَا تَقَدُّمُهُ لِلَّهِ؛ أَنْتَ مَنْ يَسْتَفِيدُ مِنْهُ:اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَنَا لِعِبَادَتِهِ، وَتَقْصِيرُنَا لَا يَضُرُّهُ فِي شَيْءٍ، وَالنَّفْعُ حَاصِلٌ لِلْعَبْدِ بِالدَّرَجَةِ اَلْأُولَى، وَتَأَمَّلُوا مَعِي قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج:37].

2 – لَا تُذْبَح إِلَّا فِي اَلْوَقْتِ:مَا هُوَ وَقْتُ اَلذَّبْحِ؟ وَقْتُ اَلذَّبْحِ بَعْدَ فَرَاغِ اَلْإِمَام مِنْ صَلَاةِ اَلْعِيدِ، لِقَوْلِهِصلى الله عليه وسلم:" مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فإنَّما ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، ومَن ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وأَصابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ"[2]، وَالنَّاسُ اَلَّذِينَ فِي اَلْجِبَالِ أَوْ قَلِيلُو العَدَدِ؛ بِحَيْثُ لَا إِمَامَ لَهُمْ، يُقَدِّرُونَ وَقْتَ اِنْتِهَاءِ أَقْرَبِ مُصَلًى لَهُمْ، هَذَا عَنْ وَقْتِ بِدَايَةِ اَلذَّبْحِ، فَمًا وَقْتُ نِهَايَتِهِ؟ اَلذَّبْحُ يَبْدَأُ مِنْ يَوْمِ اَلْعِيدِ، وَأَيَّامُ اَلتَّشْرِيقِ كُلِّهَا ذَبْحٌ، فَإِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لَكَ اَلذَّبْحُ فِي يَومِ اَلْعِيدِ، فَبِإِمْكَانِكَ اَلذَّبْحُ فِي اَلْيَوْمِ اَلْمُوَالِي وَهَكَذَا.

3 - اِحْتَرَمْ آدَابَ اَلذَّبْحِ:مَا هِيَ هَذِهِ اَلْآدَاب؟ مِنْهَا:
3-1- أَنْ يَكُونَ اَلذَّبْحُ بِالْيُمْنَى وَبِآلَةِ حَدِيدٍ حَادَّةٍ كَالسِّكِّينِ؛فَأَسَالِيبُ اَلذَّبْحِ عِنْدَ مِنْ يَدَّعِي اَلرِّفْقُ بِالْحَيَوَانِ، أَسَالِيبٌ بَشِعَةٌ، لَا تُقِرُّهَا شَرِيعَةٌ وَلَا خَلْقٌ وَلَا دِينٌ، كَالصَّعِقِ بِالْكَهْرَبَاءِ، وَالضَّرْبُ حَتَّى يَفْقِدَ اَلْحَيَوَانُ وَعْيَهُ، وَالذَّبْحُ مِنْ اَلْقَفَا فِي اِتِّجَاهِ اَلْحَلْقِ، وَغَيْرهَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي بِلَادِنَا لَا يُوجَدُ هَذَا- وَعَلَى جَالِيَتِنَا فِي اَلْغَرْبِ اَلْحِرْصُ عَلَى اَلذَّبْحِ وَفْقَ اَلشَّرِيعَةِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ. وَالْحِكْمَةُ مِنْ شَحْذِ اَلسِّكِّينِ – كَمَا فِي اَلْحَدِيثِ - هُوَ إِرَاحَةُ اَلذَّبِيحَةِ، بِسُرْعَةِ اَلْاَمْرَارِ عَلَيْهَا، فَتَمُوتُ سَرِيعَاً، وَهَذَا هُوَ جَانِبُ اَلرَّحْمَةِ بِالْحَيَوَانِ فِي شَرِيعَةِ اَلْإِسْلَامِ. وَجَانِبٌ آخَرَ مِنْ جَوَانِبِ اَلرَّحْمَةِ هُوَ:
3 - 2 - إِحْدَادُ اَلسِّكِّينِ بَعِيدًا عَنْ أَعْيُنِ اَلْبَهِيمَةِ: وفي الحديثِ الصَّحيحِ أنَّ رَجُلًا أضجَعَ شاةً وهوَ يُحدُّ شَفرتَهُ، فقالَ له النَّبيُّصلى الله عليه وسلم:" أتريدُ أن تُميتَها مَوتَاتٍ؟ هلَّا أحدَدْتَ شَفرتَكَ قبلَ أن تُضجِعَهَا؟"[3]، وَمِن جَوَانِبِ الرَّحمَة أيضَاً:
3 - 3 - أَنَّ تَسُوقَ اَلذَّبِيحَةَ إِلَى مَذْبَحِهَا بِرِفْقٍ؛ وَتَجَنُّبِ جَرِّهَا بِالْعُنْفِ، أَوْ اَلضَّرْبِ، وَالْعِلْمُ اَلْحَدِيثُ يُؤَكِّدُ أَنَّ تَوَتُّرَ اَلْحَيَوَانِ قَبْلَ ذَبْحِهِ يُؤَدِّي إِلَى اِنْخِفَاضِ ضَغْطِ دَمِهِ بِدَرَجَةٍ مَلْحُوظَةٍ، وَبِالتَّالِي بَقَاءُ اَلدَّمِ فِي عُرُوقِهَا مِمَّا يُؤَثِّرُ عَلَى جَوْدَةِ اَللَّحْمِ.

3 - 4 - أَنْ تَعَرِضَ عَلَيْهَا اَلْمَاءَ قَبْلَ اَلذَّبْحِ؛ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ عَطْشَانَةً فَتَشَرَبَ، وَذَكَرُوا عِلَّةً فِي ذَلِكَ فَقَالُوا: هَذَا أَعْوَنُ عَلَى سُهُولَةِ سَلْخِ جِلْدِهَا، فَعِنْدَمَا تَكُون شَارِبَةً لِلْمَاءِ تَنْتَفِخُ قَلِيلاً وَهَذَا يُسَاعِدُ عَلَى سُهُولَةِ سَلْخِ اَلْجِلْدِ. وَمِنْ مَظَاهِرِ اَلرَّحْمَةِ وَالْإِحْسَانِ:
3 - 5 - أَلَّا تَقْطَعَ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى تَبْرُدَ، وَتَزْهَقَ رُوحُهَا؛ لِحَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ - وَإِنَّ ضَعَّفَهُ أَهْلُ اَلْعِلَمِ- لَكِنَّ مَعْنَاهُ يُوَافِقُ مَقْصُودَ اَلشَّارِعِ، وَيُوَافِقُ اَلْحَدِيثَ اَلصَّحِيحَ اَلسَّابِقَ فِي اَلْإِحْسَانِ، قَالَ ابنُ عَبَّاس:" نهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الذَّبِيحَةِ أن تُفْرَسَ قَبلَ أن تَمُوتَ"[4]، وقَدْ صَرَّحَ المَالِكيَّةُ بِكَرَاهِيَةِ ذَلِكَ، فَأَيْنَ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ يَفْتَرِسُونَ اَلْحَيَوَانَاتِ قَبْلَ مَوْتِهَا، بِأَظْفَارِهِمْ؟!، وَأَيْنَ مَنْ يَتَسَلَّوْنَ بِالْعُجُولِ وَيَغْرِسُونَ فِيهَا اَلْآلَاتُ اَلْحَادَّةُ، أَمَامَ مَرْأَى اَلنَّاسِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ رِيَاضَةً!، فَاَللَّهُمَّ إِنَّا نَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ هَذِهِ اَلرِّيَاضَةِ.

3 - 6 - وَمِنْ اَلْآدَابِ إِضَجَاعهَا عَلَى شِقِّهَا اَلْأَيْمَنِ عِنْدَ اَلذَّبْحِ؛وَالْحِكْمَةُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى اَلذَّابِحِ فِي أَخْذِ اَلسِّكِّينِ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ.

3 - 7 - وَمِنْ اَلْآدَابِ تَوْجِيهُ اَلذَّبِيحَةِ ( أَيُّ مَكَانِ اَلذَّبْحِ ) لِجِهَةِ اَلْقُبْلَةِ؛وَالْحِكْمَةُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا جِهَةُ اَلرَّغْبَةِ إِلَى طَاعَةِ اَللَّهِ عَزَّ شَأْنُهُ، كَمَا نَفْعَلُ فِي اَلصَّلَاةِ، وَالذَّبِيحَةُ قُرْبَةً لِلَّهِ.

3-8- ومن الآداب الواجبة التَّسمِيَةُ؛ قَالَ تَعاَلَى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام:118]، وَقَالَ:﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ [الأنعام:118]، مَاذَا أَقُولُ؟ أَقُولُ: " بِسْمِ اَللَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ، هَذَا عَنِّي "، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ هُوَ اَلتَّسْمِيَةُ فَقَطْ، وَبَاقِي اَلْكَلَامِ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهَا مُسْتَحَبٌّ غَيرُ وَاجِبٍ. وَإِذَا وَكَلّكَ شَخْصٌ؛ فَقَلْ:" هَذَا عَنْ فُلَانٍ"، وَإِذَا لَمْ تَقُلْ فَإِنَّ اَلنِّيَّةَ تَكْفِي.

3 - 9 - وَمِنْ اَلْآدَابِ اَلْمُسْتَحَبَّةِ اَلَّتِي نَخْتِمُ بِهَا وِفَاقًا لِسُنَةِ اَلْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، أَنْ تَأْكُلَ مِنْهَا اَلثُّلْثَ، وَأَنْ تُهْدِيَ اَلثُّلْثَ لِلْأَغْنِيَاءِ، وَأَنْ تُعْطِيَ اَلْفُقَرَاءَ اَلثُّلْثُ؛وَأُخِذَ هَذَا اَلْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج:36]، فقوله: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا ﴾، أي: يأكل جزءاً منهَا، وقَولِه: ﴿ وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ ﴾ وَهُوَ اَلْمِسْكِينُ اَلسَّائِلُ، وَهَذَا جُزْءٌ ثَانٍ، وَقَولِهُ: ﴿ وَالْمُعْتَرَّ ﴾، أَيْ: اَلَّذِي لَمْ يَسْأَلْ فَتَهدِي إِلَيْهِ، فَجَعَلَهَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ كَانَ لَا تُشْتَرَطُ قِسْمَةٌ ثُلَاثِيَّةً بِالْعَدْلِ، فَقَدْ يَقِلُّ نَصِيبُكَ وَتَتَصَدَّقُ بِأَكْثَرَ، وَقَدْ يَكُونُ اَلْعَكْسُ. وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْأَمْرُ وَاسِعٌ فَبِإِمْكَانِكَ: أَنْ تَتَصَدَّقَ بِهَا كُلُّهَا، وَبِإِمْكَانِكَ أَنْ تَدَّخِرَ مِنْهَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى يُسْرِ اَلْإِسْلَامِ.

غَيْرَ أَنَّهُ نُنَبِّهُ خِتَامًا إِلَى عَدَمِ جَوَازِ إِعْطَاءِ اَلْجَازِرِ مِنْ اَلْأُضْحِيَّةِ، عَلَى أَسَاسِ ثَمَنِ اَلْخِدْمَةِ، وَلَا بَيْعَ جُلُودِ اَلْأَضَاحِيِّ، لِنَهْيِ اَلنَّبِيِّصلى الله عليه وسلم عَن ذَلِكَ، عَن عَلِي رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: " أَمَرَنِي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ علَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لا أُعْطِيَ الجَزَّارَ منها، قالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِن عِندِنَا"[5].

فَاَللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ اَلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَآخَرُ دَعْوَانَا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

اَلْخُطْبَةُ اَلثَّانِيَة
اَلْحَمْد لِلَّهِ وَكَفَى، وَصَلَّى اَللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِهِ اَلْمُصْطَفَى وَآلِهُ وَصَحْبِهِ، وَمِنْ اِقْتَفَى أُمًّا بَعْدُ: تَحَدَّثْنَا فِي اَلْخُطْبَةِ اَلْأُولَى عَنْ جُمْلَةٍ مِنْ آدَابِ اَلذَّبْحِ، وَنَخْتِمُ هَذِهِ اَلْخُطْبَةِ بِبَيَانِ بَعْضِ اَلْآدَابِ اَلَّتِي يَنْبَغِي اَلتَّحَلِّي بِهَا يَوْمَ عِيدِ اَلْأَضْحَى؛ وَمِنْ ذَلِكَ:
1 - اَلِاغْتِسَالُ وَالتَّطَيُّبُ:وَالتَّطَيُّبُ لِغَيْرِ اَلنِّسَاءِ، وَلُبْس اَلْجَدِيدِ، وَإِدْخَالُ اَلْفَرَحِ وَالسُّرُورِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى اَلْعِيَالِ.

2 - اَلذَّهَابُ إِلَى اَلْمُصَلَّى لِأَدَاءِ صَلَاةِ اَلْعِيدِ:وَاصْطِحَابُ اَلْأَبْنَاءِ، وَالْأُسْرَةِ، وَالزَّوْجَةِ، حَتَّى اَلْحُيَّضِ يَخْرُجْنَ وَيَعْتَزِلْنَ اَلْمُصَلَّى، وَالْحِكْمَةُ مِنْ هَذَا حُضُورُ اَلصَّلَاةِ، وَمُشَاهَدَةُ هَذَا اَلْمَشْهَدِ اَلَّذِي يُذَكِّرُ بِيَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، وَحُضُورُ دَعْوَةِ اَلْمُسْلِمِينَ. وَالْعَوْدَةُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم.

3- مُبَاشَرَةُ اَلذَّبْحِ بَعْدَ اَلرُّجُوعِ مِنْ اَلْمُصَلَّى: لِقَوْلِهِصلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا "[6].

4- وَمِنْ اَلسُّنَنِ اَلتَّكْبِيرُ: وَالتَّكْبِيرُ مُتَأَكِّدٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَيَتَأَكَّدَ أَكْثَرُ فِي عِيدِ اَلْأَضْحَى اِبْتِدَاءً مِنْ لَيْلَةِ اَلْعِيدِ وَيَوْمِهِ إِلَى نِهَايَةِ أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ، وَهُنَاكَ تَكْبِيرٌ مُقَيَّدٌ بِأَدْبَارِ اَلصَّلَوَاتِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة:203]، وقولُهصلى الله عليه وسلم: "أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ"[7]، وَأَمَّا اَلصِّيَغُ اَلْوَارِدَةُ فَالْأَمْرُ وَاسِعٌ، فَقَدْ تَقُولُ: اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهِ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ، أَوْ تَقُولُ: اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهِ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اَللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ اَلْحَمْدِ.

5 - عَدَمُ اَلْأَكْلِ إِلَّا بَعْدَ اَلْأَكْلِ مِنْ اَلْأُضْحِيَّةِ: فَقَدْ كَانَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ يَوْمَ اَلْفِطْرِ حَتَّى يُطْعِمَ، وَيَوْمَ اَلنَّحْرِ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلُ مِنْ نَسِيكَتِهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اَلْعَلَمِ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْمُضَحِّيِ، أَمَّا بَاقِي اَلْأُسْرَةِ فَلَا يُلْزِمُهُمْ ذَلِكَ، وَالْأَمْرُ عَلَى اَلِاسْتِحْبَابِ وَلَيْسَ اَلْوُجُوبُ.

6 - صِلَةُ اَلْأَرْحَامِ:وَمِنْ اَلْآدَابِ اَلْوَاجِبَةِ اِسْتِغْلَالُ فُرْصَةِ اَلْعِيدِ، وَفَرِحِ اَلْقُلُوبِ، لِصِلَةِ اَلْأَرْحَامِ وَزِيَارَتِهِمْ، وَالْإِهْدَاءُ لِلْأَغْنِيَاءِ مِنْهُمْ، وَالتَّصَدُّقُ بِاللَّحْمِ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، أَوْ صُنْعِ اَلطَّعَامِ لَهُمْ فِي اَلْمَنْزِلِ وَالْأَمْرُ وَاسِعٌ. وَالْقَصْدُ هُوَ اَلصِّلَةُ وَالِانْتِهَاءُ مِنْ اَلْقَطِيعَةِ.

7- وَمِنْ اَلْآدَابِ اَلتَّهْنِئَة:فَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اِلْتَقَوْا يَوْمَ اَلْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَقَبَّلَ اَللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ. فَأَسْأَلُ اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنِّي وَمِنْكُمْ صَالِحَ اَلْأَعْمَالِ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَنَا خَطَأَنَا وَعَمَدَنَا وَهَزَلَنَا وَجَدَّنَا وَكَّلُّ ذَلِكَ عِنْدَنَا، اَللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفْوٌ تُحِبُّ اَلْعَفْوَ فَأَعْفُو عَنَّا، آمِينَ.


(تَتِمَّةُ اَلدُّعَاءِ).

[1] رواه مسلم برقم:1955.

[2] رواه البخاري برقم:5546.

[3] رواه الحاكم في المستدرك برقم:7563، وقال:" هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ".

[4] السلسلة الضعيفة: 4717.

[5] رواه مسلم، برقم:1317.

[6] رواه البخاري، برقم:951.

[7] رواه مسلم، برقم:1141.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.31 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.17%)]