عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 05-07-2022, 12:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ } 34 { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } 35 { وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ } 36 { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } 37 { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }38


شرح الكلمات:

الخلد: أي البقاء في الدنيا.

ذائقة الموت: أي مرارة مفارقة الجسد.

ونبلوكم: أي نختبركم.

بالشر والخير: فالشر كالفقر والمرض، والخير كالغنى والصحة.

فتنة: أي لأجل الفتنة لننظر أتصبرون وتشكرون أم تجزعون وتكفرون.

إن يتخذونك إلا هزواً: أي ما يتخذونك إلا هزواً أي مهزوءاً بك.

يذكر آلهتكم: أي يعيبها.

بذكر الرحمن هم كافرون: حيث أنكروا اسم الرحمن لله تعالى وقالوا: ما الرحمن؟

خلق الإنسان من عجل: حيث خلق الله آدم في آخر ساعة من يوم الجمعة على عجل، فورث بنوه طبع العجلة عنه.

سأوريكم آياتي: أي سأريكم ما حملته آياتي من وعيد لكم بالعذاب في الدنيا والآخرة.

معنى الآيات:

كأنَّ المشركين قالوا شامتين إن محمداً سيموت، وقالوا نتربص به ريب المنون فأخبر تعالى أنه لم يجعل لبشر من قبل نبيّه ولا من بعده الخلد حتى يخلد هو صلى الله عليه وسلم فكل نفس ذائقة الموت، ولكن إن مات رسوله فهل المشركون يخلدون والجواب لا، إذاً فلا وجه للشماتة بالموت لو كانوا يعقلون. هذا ما دلت عليه الآية الأولى [34] { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ 1ٱلْخَالِدُونَ } وقوله تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ 2} أي كل نفس منفوسة ذائقة مرارة الموت بمفارقة الروح للبدن، والحكمة في ذلك أن يتلقى العبد بعد الموت جزاء عمله خيراً كان أو شراً، دل عليه قوله بعد: { وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ } من غِنى وفقر ومرض وصحة وشدة ورخاء { فِتْنَةً } أي لأجل فتنتكم أي اختباركم ليرى الصابر الشاكر والجزع الكافر. وقوله تعالى: { وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } أي بعد الموت للحساب والجزاء على كسبكم خيره وشره.

وقوله تعالى: { وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً } يخبر تعالى رسوله بأن المشركين إذا رأوه ما يتخذونه إلا هزواً وذلك لجهلهم بمقامه وعدم معرفتهم فضله عليهم وهو حامل الهدى لهم، وبين وجه استهزائهم به صلى الله عليه وسلم بقوله: { أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ } أي بعيبها وانتقاصها، قال تعالى: { وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ 3هُمْ كَافِرُونَ } أي عجباً لهم يتألمون لذكر ألهتم بسوء وهي محط السوء فعلاً، ولا يتألمون لكفرهم بالرحمن ربهم إلا رحمن اليمامة.

وقوله تعالى: { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ4 مِنْ عَجَلٍ } قال تعالى هذا لما استعجل المشركون العذاب وقالوا للرسول والمؤمنين: { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فأخبر تعالى أن الاستعجال5 من طبع الإِنسان الذي خلق عليه، وأخبرهم أنه سيريهم آياته فيهم بإِنزال العذاب بهم وأراهم ذلك في بدر الكبرى وذلك في قوله { سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } أي فلا داعي إلى الاستعجال وقوله تعالى { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أخبر تعالى عن قيلهم للرسول والمؤمنين وهم يستعجلون العذاب: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين؟ وهذا عائد إلى ما فطر عليه الإِنسان من العجلة من جهة، وإلى جهلهم وكفرهم من جهة أخرى وإلا فالعاقل لا يطالب بالعذاب بل يطالب بالرحمة والخير، لا بالعذاب والشر.
هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- إبطال ما شاع من أن الخضر حيَّ مخلد لا يموت لنفيه تعالى ذلك عن كل البشر.

2- بيان العلة من وجود خير وشر في هذه الدنيا وهي الاختبار.

3- بيان ما كان عليه المشركون من الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم.

4- تقرير حقيقة أن الإِنسان مطبوع على العجلة فلذا من غير طبعه بالتربية فأصبح ذا أناة وتؤدة كان من أكمل الناس وأشرفهم.
___________________________

1 الاستفهام مقدّر أي: أفهم الخالدون؟ وهو للنفي والإنكار كقول الشاعر:
رفوني وقالوا يا خويلد لا تُرع
فقلت وأنكسرت الوجوه هم هم
أي: أهم؟ ومعنى رفوني سكّنوني يقال رفاه إذا سكنه.
2 يروى أن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قد استشهد بالبيتين الآتيين:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت
فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى
تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
3عجباً لجهلهم وسوء فهمهم يعيبون من جحد إلهية أصنامهم وهم يجحدون إلهية الرحمن إنّ هذا لغاية الجهل والغرور.
4 إنّ طبع الإنسان العجلة إنه يستعجل الأشياء وإن كان فيها مضرته، ولفظ الإنسان جائز أن لا يكون المراد به جنس الإنسان أو آدم عليه السلام قال سعيد بن جبير لما دخل الروح في عين آدم نظر في ثمار الجنة، فلما دخل جوفه اشتهى الطعام فوثب من قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة، فذلك قوله تعالى {خلق الإنسان من عجل}
5العجلة: السرعة، قيل: إن ضعف صفة الصبر في الإنسان من مقتضى التفكير في المحبة والكراهة، فإذ فكر في شيء محبوب استعجل حصوله، وإذا فكر في شيء مكروه استعجل إزالته، ومن هنا كان عجولا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.01 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.37%)]