عرض مشاركة واحدة
  #1157  
قديم 05-07-2022, 12:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,181
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة طه - (10)
الحلقة (589)
تفسير سورة طه مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 386الى صــــ 393)

{ قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ } 123 { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ } 124 { قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } 125 { قَالَ كَذٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ } 126 { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ }127


شرح الكلمات:

قال اهبطا منها جميعا: أي آدم وحواء من الجنة وإبليس سبق أن أبلس وهبط.

بعضكم لبعض عدو: أي آدم وحواء وذريتهما عدو لإِبليس وذريته، وإبليس وذريته عدو لآدم وحواء وذريتهما.

فإما يأتينكم مني هدى: أي فإن يأتيكم مني هدى وهو كتاب ورسول.

فمن اتبع هداي: أي الذي أرسلت به رسولي وهو القرآن.

فلا يضل: أي في الدنيا.

ولا يشقى: في الآخرة.

ومن أعرض عن ذكري: أي عن القرآن فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه.

معيشة ضنكا: أي ضيّقة تضيق بها نفسه ولم يسعد بها ولو كانت واسعة.

أعمى: أي أعمى البصر لا يبصر.

وقد كنت بصيرا: أي ذا بصر في الدنيا وعند البعث.

قال كذلك: أي الأمر كذلك أتتك آياتنا فنسيتها فكما نسيتها تنسى في جهنم.

وكذلك نجزي من أسرف: أي وكذلك الجزاء الذي جازينا به من نسي آياتنا نجزي من أسرف في المعاصي ولم يقف عند حد، ولم يؤمن بآيات ربه سبحانه وتعالى.

أشد وأبقى: أي أشد من عذاب الدنيا وأدوم فلا ينقضي ولا ينتهي.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في قصة آدم إنه لما أكل آدم وحواء من الشجرة وبدت لهما سواءتهما وعاتبهما ربهما بقوله في آية غير هذه{ أَلَمْ أَنْهَكُمَا1 عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } [الأعراف: 22]. وأنزل على آدم كلمة2 التوبة فقالها مع زوجه فتاب الله عليهما لما تم كل ذلك قال { ٱهْبِطَا3 مِنْهَا } أي من الجنة { جَمِيعاً } إذ إبليس العدو قد اُبْلِس من قبل وطُرد من الجنة فهبطوا جميعاً. وقوله { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى } أي بيان عبادتي تحمله كتبي وتبينه رسلي، { فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ } فآمن به وعمل بما فيه { فَلاَ يَضِلُّ } في حياته { وَلاَ يَشْقَىٰ4 } في آخرته { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي } أي فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه { فَإِنَّ لَهُ } أي جزاءً منا له { مَعِيشَةً ضَنكاً5 } أي ضيقة تضيق بها نفسه فلم يشعر بالغبطة والسعادة وإن اتسع رزقه كما يضيق عليه قبره ويشقى فيه طيلة حياة البرزخ، ويحشر يوم القيامة أعمى لا حجة له ولا بصر يبصر به. وقد يعجب لحاله ويسأل ربه { لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ } في الدنيا وفي البعث { بَصِيراً } فيجيبه ربه تعالى: { كَذٰلِكَ } أي الأمر كذلك كنت بصيراً وأصبحت أعمى لأنك { أَتَتْكَ آيَاتُنَا } تحملها كتبنا وتبينها رسلنا { فَنَسِيتَهَا } أي تركتها ولم تلتفت إليها معرضا عنها فاليوم تترك في جهنم منسياً كذلك وقوله تعالى في الآية الآخرة [127] { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ } في معاصينا فلم يقف عند حد ولم يؤمن بآيات ربه فنجعل له معيشة ضنكاً في حياته الدنيا وفي البرزخ { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ }6 من عذاب الدنيا { وَأَبْقَىٰ } أي أدوم حيث لا ينقضي ولا ينتهي.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير عداوة الشيطان للإِنسان.

2- عِدَةُ الله تعالى لمن آمن بالقرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في حياته ولا يشقى في آخرته.

3- بيان جزاء من أعرض عن القرآن في الدنيا والآخرة.

4- التنديد بالإِسراف في الذنوب والمعاصي مع الكفر بآيات الله، وبيان جزاء ذلك.
___________________________

1 هي قوله تعالى: {قالا ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} من سورة الأعراف وأخبر تعالى عنها في سورة البقرة في قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} .
2 الآية من سورة الأعراف.
3 الخطاب لآدم وإبليس وحواء تابعة لزوجها بقرينة: {بعضكم لبعض عدو} .
4 قال ابن عباس رضي الله عنهما: ضمن الله تعالى لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألاّ يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة وتلا هذه الآية.
5 {ضنكا} أي: ضيّقا، يقال: منزل ضنك وعيش ضنك، يستوي في الواحد والجمع والمذكر والمؤنث قال عنترة.
إن يُلحقوا أكرر وإن يستلحموا
أشدد وإن يُلفوا بضنك أنزل
6 أي: من المعيشة الضنك.

*******************************

{ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } 128 { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } 129 { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } 130 { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } 131 { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ }132


شرح الكلمات:

أفلم يهد لهم: أي أفلم يُبيَّنْ لهم.

من القرون: أي من أهل القرون.

لآيات لأولي النهى: أي أصحاب العقول الراجحة إذ النهية العقل.

ولولا كلمة سبقت: أي بتأخير العذاب عنهم.

لكان لزاما: أي العذاب لازما لا يتأخر عنهم بحال.

ما يقولون: من كلمات الكفر، ومن مطالبتهم بالآيات.

ومن آناء الليل: أي ساعات الليل واحدها إنْيٌ أو إنْوٌ.

لعلك ترضى: أي رجاء أن تثاب الثواب الحسن الذي ترضى به.

إلى ما متعنا به أزواجاً1 منهم: أي رجالاً منهم من الكافرين.

زهرة الحياة الدنيا: أي زينة الحياة الدنيا وقيل فيها زهرة لأنها سرعان ما تذبل وتذوى.

لنفتنهم فيه: أي لنبتليهم في ذلك أيشكرون أم يكفرون.

والعاقبة للتقوى: العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة لأهل التقوى.

معنى الآيات:

بعد ذكر قصة آدم عليه السلام وما تضمنته من هداية الآيات قال تعالى { أَفَلَمْ يَهْدِ } لأهل مكة المكذبين المشركين أي أَغَفَلوا فلم يهد لهم أي يتبين { كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ } أي إهلاكنا للعديد من أهل القرون الذين هم يمشون في مساكنهم ذاهبين جائين كثمود وأصحاب مدين والمؤتفكات أهلكناهم بكفرهم ومعاصيهم فيؤمنوا ويوحدوا ويطيعوا فينجوا ويسعدوا. وقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ } المذكور من الإهلاك للقرون الأولى { لآيَاتٍ } أي دلائل واضحة على وجوب الإِيمان بالله ورسوله وطاعتهما، { لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } أي لأصحاب العقول أما الذين لا عقول لهم لأنهم عطلوها فلم يفكروا بها فلا يكون في ذلك آيات لهم. وقوله تعالى { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ2 سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } بأن لا تموت نفس حتى تستوفي أجلها، وأجل مسمىً عند الله في كتاب المقادير لا يتبدل ولا يتغير لكان عذابهم لازماً لهم لما هم عليه من الكفر والشرك والعصيان. وعليه { فَٱصْبِرْ } يا رسولنا { عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } من أنك ساحر وشاعر وكاذب وكاهن من كلمات الكفر، واستعن على ذلك بالصلاة ذات الذكر والتسبيح { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ } وهو صلاة الصبح { وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } وهو صلاة العصر { وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ } أي ساعات الليل وهما صلاتا المغرب والعشاء، { وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ } وهو صلاة الظهر لأنها تقع بين طرفي النهار أي نصفه الأول ونصفه الثاني3 وذلك عند زوال الشمس، لعلك بذلك ترضى بثواب الله تعالى لك.

وقوله تعالى { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } أي لا تتطلع ناظراً { إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } أشكالاً في عقائدهم وأخلاقهم وسلوكهم { زَهْرَةَ4 ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي من زينة الحياة الدنيا { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } أي لنختبرهم في ذلك الذي متعناهم به من زينة الحياة الدنيا وقوله تعالى: { وَرِزْقُ رَبِّكَ } أي ما لك عند الله من أجر ومثوبة { خَيْرٌ 5وَأَبْقَىٰ } خيراً في نوعه وأبقى في مدته، واختيار الباقي على الفاني مطلب العقلاء.
وقوله تعالى: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ6 بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا } أي من أزواجك وبناتك وأتباعك المؤمنين بالصلاة ففيها الملاذ وفيها الشفاء من آلام الحاجة والخصاصية واصطبر عليها واحمل نفسك على الصبر على إقامتها. وقوله { لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً } أي لا نكلفك مالاً تَعْطِيناه ولكن تكلف صلاة فأدها على أكمل وجوهها. { نَّحْنُ نَرْزُقُكَ } أي رزقك علينا، { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } أي العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة لأهل التقوى من عبادنا وهم الذين يخشوننا فيؤدون ما أوجبنا عليهم ويجتنبون ما حرمنا عليهم رهبة منا ورغبة فينا. هؤلاء لهم أحسن العواقب ينتهون إليها نصر في الدنيا وسعادة في الآخرة.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير مبدأ العاقل من اعتبر بغيره.

2- بيان فضيلة العقل وشرف صاحبه وانتفاعه به.

3- وجوب الصبر على دعوة الله والاستعانة على ذلك بالصلاة.

4- بيان أوقات الصلوات الخمس والحصول على رضى النفس بثوابها.

5- وجوب عدم تعلق النفس بما عند أهل الكفر من مال ومتاع لأنهم ممتحنون به.

6- وجوب الرضا بما قسم الله للعبد من رزق إنتظاراً لرزق الآخرة الخالد الباقي.

7- وجوب الأمر بالصلاة بين الأهل والأولاد والمسلمين والصبر على ذلك.

8- فضل التقوى وكرامة أصحابها وفوزهم بحسن العاقبة في الدنيا والآخرة.

9- إقام الصلاة بين أفراد الأسرة المسلمة ييسر الله تعالى به أسباب الرزق وتوسعته عليهم.
____________________________

1 أزواجاً: رجالاً ونساءً لأنّ الرجل زوج والمرأة زوج والتعبير بلفظ أزواج لأجل الدلالة على العائلات والبيوت أي: إلى ما متّعناهم به من مال وبنين.
2 فيه تقديم وتأخير، الأصل: ولولا كلمة سبقت وأجل مسبق لكان لزاماً. أي لكان العذاب لازماً لهم.
3 العتمة. واحد الأناء: أنيٌ وإنى وأنى.
4 قال مجاهد: الأغنياء منهم، وبهذا يشمل النساء والرجال إذ كل منهما زوج فرجح هذا أنّ أزواجاً: مفعول به، ولا يتنافى هذا مع ما في التفسير لأن قولنا: أشكالاً في عقولهم وأخلاقهم وسلوكهم يعني: منطقاً الرجال الأزواج.
5 {زهرة} منصوب على الحال من الموصول. والزهرة: واحدة الزهور وهو نور الشجر والمراد هنا: الزينة المعجبة المبهرة في النساء والبنين والأنعام والبساتين والجنان.
6 الخطاب للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجميع أمّته تابعة له في ذلك فكلّ مؤمن يجب عليه أن يقيم الصلاة وأن يأمر أهله بذلك ويصبر. روي أنه لما نزلت هذه الآية كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يذهب إلى بنته فاطمة كل صباح وقت الصلاة" وكان عمر رضي الله عنه يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي وهو يتمثل بالآية: وكان عروة بن الزبير إذا رأى شيئاً من أخبار السلاطين وأحوالهم بادر إلى منزله فدخله وهو يقرأ: {ولا تمدّن عينك..} الآية.

************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.10 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.58%)]