عرض مشاركة واحدة
  #1096  
قديم 04-07-2022, 11:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ وَكَانَ ٱلإنْسَانُ قَتُوراً } 100 { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَآءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً } 101 { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً } 102 { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً } 103 { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً }104


شرح الكلمات:

خزائن رحمة ربي: أي من المطر والأرزاق.

لأمسكتم: أي منعتم الانفاق.

خشية الإِنفاق: خوف النفاد.

قتوراً: أي كثير الاقتار أي البخل والمنع للمال.

تسع آيات بينات: أي معجزات بينات أي واضحات وهو اليد والعصا والطمس إلخ.

مسحوراً: أي مغلوياً على عقلك، مخدوعاً.

ما أنزل هؤلاء: أي الآيات التسع.

مثبوراً: هالكاً بانصرافك عن الحق والخير.

فأراد أن يستفزهم: أي يستخفهم ويخرجهم من ديار مصر.

اسكنوا الأرض: أي أرض القدس والشام.

الآخرة: أي الساعة.

لفيفاً: أي مختلطين من أحياء وقبائل شتى.

معنى الآيات:

يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، قل يا محمد لأولئك الذين يطالبون بتحويل جبل الصفا إلى ذهب، وتحويل المنطقة حول مكة إلى بساتين من نخيل وأعناب تجري الأنهار من خلالها، قل لهم، لو كنتم أنتم تملكون الخزائن رحمة ربي من الأموال والأرزاق لأمسكتم بخلابها ولم تنفقوها خوفاً من نفاذها إذ هذا طبعكم، وهو البخل، { وَكَانَ ٱلإنْسَانُ } قبل هدايته وإيمانه { قَتُوراً } أي كثير التقتير بخلاً وشحاً نفسياً ملازماً له حتى يعالج هذا الشح بما وضع الله تعالى من دواء نافع جاء بيانه في سورة المعارج 1من هذا الكتاب الكريم.

وقوله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ 2} أي، ولقد أعطينا موسى بن عمران نبي بني إسرائيل تسع آيات وهي: اليد، والعصا والدم3، وانفلاق البحر، والطمس على أموال آل فرعون، والطوفان والجراد والقمل والضفادع، فهل آمن عليها آل فرعون؟! لا، إذاً، فلو أعطيناك ما طالب به قومك المشركون من الآيات الست التي اقترحوها وتقدمت في هذه السياق الكريم مبينة، ما كانوا ليؤمنوا بها، ومن هنا فلا فائدة من إعطائك إياها.

وقوله تعالى: { فَسْئَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ } أي سل يا نبينا علماء بني إسرائيل كعبد الله بن سلام وغيره، إذ جاءهم موسى بطالب فرعون بإرسالهم معه ليخرج بهم إلى بلاد القدس، وأرى فرعون الآيات الدالة على صدق نبوته ورسالته وأحقية ما يطالب به فقال له فرعون: { إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً } أي ساحراً لإِظهارك ما أظهرت من هذه الخوارق، ومسحوراً بمعنى مخدوعاً مغلوباً على عقلك فتقول الذي تقول مما لا يقوله العقلاء فرد عليه موسى بقوله بما أخبر تعالى به في قوله { لَقَدْ عَلِمْتَ } أي فرعون ما أنزل هؤلاء الآيات البينات إلا رب السماوات أي خالقها ومالكها والمدبر لها { بَصَآئِرَ } أي آيات واضحات مضيئات هاديات لمن طلب الهداية، فعميت عنها وأنت تعلم صدقها { وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً 4}! أي من أجل هذا أظنك يا فرعون ملعوناً، من رحمة الله مبعداً مثبوراً هالكاً. فلما أعيته أي فرعون الحجج والبينات لجأ إلى القوة، { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ } أي يستخفهم من أرض مصر بالقتل الجماعي استئصالاً لهم، أو بالنفي والطرد والتشريد، فعامله الرب تعالى بنقيض، قصده فأغرقه الله تعالى هو وجنوده أجمعين، وهو معنى قوله تعالى: { فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ } أي من الجنود { جَمِيعاً } وقوله تعالى: { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ } أي من بعد هلاك فرعون وجنوده لبني إسرائيل على لسان موسى عليه السلام { ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ } أي أرض القدس والشام إلى نهاية آجالكم بالموت.
{ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ } أي يوم القيامة بعثناكم أحياء كغيركم، { جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } أي مختلطين من أحياء وقبائل وأجناس شتى لا ميزة لأحد على آخر، حفاة عراة لفصل القضاء ثم الحساب والجزاء.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- الشح من طبع الإِنسان إلا أن يعالجه بالإِيمان والتقوى فيقيه الله منه5.

2- الآيات وحدها لا تكفي لهداية الإِنسان بل لا بد من توفيق إلهي.

3- مظاهر قدرة الله تعالى وانتصاره لأوليائه وكبت أعدائه.

4- بيان كيفية حشر الناس يوم القيامة لفيفاً أخلاطاً من قبائل وأجناس شتى.
_______________________

1 هو قوله تعالى: {إنّ الإنسان خلق هلوعاً إذا مسّه الشر جزوعاً وإذا مسّه الخير منوعاً إلاّ المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون} إلى قوله: {والذين هم على صلاتهم يحافظون} .
2روى الترمذي وصححه والنسائي عن صفوان بن عسال المرادي: " أن يهوديين قال أحدهما لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي نسأله، فقال: لا تقل له نبي فإنه إن سمعنا كان له أربعة أعين، فأتيا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألاه عن قول الله تعالى: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بيّنات} فقال: لا تشركوا بالله شيئاً ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا تسرقوا ولا تسحروا ولا تمشوا ببريء إلى سلطان فيقتله، ولا تأكلوا الربا ولا تقذفوا محصنة ولا تفروا من الزحف، وعليكم يا معشر يهود خاصة ألاّ تعدوا في السبت فقبّلا يديه ورجليه وقالا: نشهد أنك نبي قال: ما يمنعكما أن تؤمنا؟ قالا: إن داود دعا الله ألاّ يزال في ذريته نبي وإنّا نخاف إن أسلمنا أن تقتلنا اليهود". وعليه فالمراد بالآيات: آيات التشريع في التوراة، وهذا وجه. ولا منافاة مع تفسير الآيات بالمعجزات التسع كما في التفسير.
3 لا خلاف في اليد والعصا والطوفان والجراد والقمّل والدم وإنما الخلاف في الثلاث الباقية وانفلاق البحر مجمع عليه وإنما في الطمس والحجر لأن الحجر كان في التيه بعد نجاة بني إسرائيل.
4 الظنّ هنا بمعنى التحقيق، وذكر لكلمة مثبور عدة معان كلها صحيحة منها: الهلاك والخسران والخبال والمنع من الخير، قال ابن الزّبعرى:
إذ أجاري الشيطان في سنن الغيِّ ومَنْ مال مَيْلَةُ مثبورُ
أي هالك وخاسر.
5 قال تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]