عرض مشاركة واحدة
  #1084  
قديم 04-07-2022, 11:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً } (40) { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } (41) { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } (42) { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } (43) { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }(44)


شرح الكلمات:

أفأصفاكم: الاستفهام للتوبيخ والتقريع ومعنى أصفاكم خصكم بالبنين واختارهم لكم.

ولقد صرفنا في هذا القرآن: أي بينا فيه من الوعد والوعيد والأمثال والعظات والأحكام والعبر.

ليذكروا: أي ليذكروا فيتعظوا فيؤمنوا ويطيعوا.

لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا: أي لَطَلَبوا طريقا إلى الله تعالى للتقرب إليه وطلب المنزلة عنده.

ومن فيهن: أي في السماوات من الملائكة والأرض من إنسان وجان وحيوان.

وإن من شيء إلا يسبح: أي وما من شيء إلا يسبح بحمده من سائر المخلوقات.

حليماً غفوراً: حيث لم يعاجلكم بالعقوبة على معصيتكم إياه وعدم طاعتكم له.

معنى الآيات:

يقول تعالى مقرعاً موبخاً للمشركين الذين يئدون البنات ويكرهونهنّ ثم هم يجعلون الملائكة إناثاً { أَفَأَصْفَاكُمْ 1رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ } أي أخصكم بالبنين { وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً } أيها المشركون إذ تجعلون لله ما تكرهون افترءً وكذباً على الله تعالى، وقوله تعالى: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا2 فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } أي من الحجج والبينات والأمثال والمواعظ الشيء الكثير من أجل أن يُذكروا فيذكروا ويتعظوا فيُبينوا إلى ربهم فيوحدونه وينزهونه عن الشريك والولد، ولكن ما يزيدهم القرآن وما فيه من البينات والهدى إلا نفوراً وبعداً عن الحق. وذلك لغلبة التقليد عليهم، والعناد والمكابرة والمجاحدة. وقوله تعالى: { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ } أي قل يا نبينا لهؤلاء المشركين المتخذين لله أنداداً يزعمون أنها آلهة مع الله قل لهم لو كان مع الله آلهة كما تقولون وإن كان الواقع يكذبكم إذ ليس هناك آلهة مع الله ولكن على فرض أنه لو كان مع الله آلهة { لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } أي لطلبوا طريقاً إلى ذي العرش سبحانه وتعالى يلتمسون فيها رضاه ويطلبون القرب منه والزلفى إليه لجلاله وكماله، وغناه وحاجتهم وافتقارهم 3إليه. ثم نزه سبحانه وتعالى نفسه أن يكون معه آلهة فقال { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً }. وقوله: { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ 4} فأخبر تعالى منزهاً نفسه مُقدّساً ذاته عن الشبيه والشريك والولد والعجز، فأخبر أنه لعظمته وكماله تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن بكلمة.. سبحان الله وبحمده { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } كما أخبر أنه ما من شيء من المخلوقات إلا ويسبح بحمده بلسان 5 قَالِهِ وحَالِه معاً فيقول سبحان الله وبحمده وقوله: { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ 6} لاختلاف الألسنة واللغات. وقوله إن كان أي الله { حَلِيماً }: أي لا يعاجل بالعقوبة من عصاه { غَفُوراً } يغفر ذنوب وزلات من تاب إليه وأناب طالباً مغفرته ورضاه.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- حرمة القول على الله تعالى بالباطل ونسبة النقص إليه تعالى كاتخاذه ولداً أو شريكاً.

2- مشروعية الاستدلال بالعقليات، على إحقاق الحق وإبطال الباطل.

3- فضيلة التسبيح وهو قول: سبحان الله وبحمده حتى إن من قالها مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت في الكثرة مثل زبد البحر.

4- كل المخلوقات في العوالم كلها تسبح الله تعالى أي تنزهه عن الشريك والولد والنقص والعجز ومشابهة الحوادث إذ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

5- حلم الله يتجلى في عدم تعجيل عقوبة من عصاه ولولا حلمه لعجل عقوبة مشركي مكة وأكابر مجرميها. ولكن الله أمهلهم حتى تاب أكثرهم.
_________________________

1 الجملة متفرعة عن جملة: {ولا تجعل مع الله إلهاً آخر} وهي متضمنة للإنكار على المشركين في تسميتهم الملائكة إناثاً ونسبتهم إلى الله تعالى إذ قالوا: الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك، كما هي متضمنة توييخ المشركين على سوء فهمهم وقبيح قولهم بدليل قوله: {انكم لتقولون قولاً عظيماً} .
2 من الجائز أن تكون (في) مزيدة، والقرآن: معمول لصرّفنا، إذ التصريف: صرف الشيء من جهة إلى جهة، والمراد به هنا: البيان والتكرير والانتقال من حكمة إلى حكمة ومن عبرة إلى موعظة.
3 روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "لطلبوا مع الله منازعة وقتالاً كما تفعل ملوك الدنيا بعضهم ببعض، وقال سعيد بن جبير المعنى: إذاً لطلبوا طريقاً إلى الوصول إليه ليزيلوا ملكه لأنهم شركاؤه، وما قاله ابن عباس كالذي قاله سعيد جائز لكن ما ذهبنا إليه في التفسير أولى وألصق بمعنى الآيات والسياق.
4 من الملائكة والجنّ والإنس.


5 المراد من لسان الحال: هو تسبيح الدلالة، إذ كل محدث شاهد على أن الله خالق قادر، ولا مانع من أن يسبّح كل شيء من إنسان وحيوانات ونبات وجماد والجن والملائكة إلا ذرية إبليس فإنهم لا يسبّحون بلسان القال ولكن بلسان الحال.
6 قوله: {لا تفقهون تسبيحهم} دليل على أن تسبيح كل شيء بلسان قاله ويؤيد هذا تسبيح الطعام، وسلام الحجر على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأدل من هذا قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يسمع صوت مؤذن من جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر ولا مدر ولا شيء إلاّ شهد له يوم القيامة".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]