عرض مشاركة واحدة
  #1082  
قديم 04-07-2022, 11:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً } (28) { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً } (29) { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } (30) { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً } (31) { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً } (32) { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }(33)

شرح الكلمات:

وإما تعرضن عنهم: أي عن المذكورين من ذي القربى والمساكين وابن السبيل فلم تعطهم شيئاً.

ابتغاء رحمة من ربك ترجوها: أي طلباً لرزق ترجوه من الله تعالى.

قولاً ميسوراً: أي ليناً سهلاً بأن تعدهم بالعطاء عند وجود الرزق.

مغلولة إلى عنقك: أي لا تمسك عن النفقة كأن يدك مربوطة إلى عنقك فلا تستطيع أن تعطي شيئاً.

ولا تبسطها كل البسط: أي ولا تنفق كل ما بيدك ولم تبق شيئاً.

فتقعد ملوماً: أي يلومك من حرمتهم من الإِنفاق.

محسوراً: أي منقطعاً عن سيرك في الحياة إذ لم تبق لك شيئاً.

يبسط الرزق ويقدر: أي يوسعه، ويقدر أي يضيقه امتحانا وابتلاء.

خشية إملاق: أي خوف الفقر وشدته.

خطئاً كبيراً: أي إثماً عظيماً.

فاحشة وساء سبيلاً: أي خصلة قبيحة شديدة القبح، وسبيلا بئس السبيل.

لوليه سلطان: أي لوارثه تسلطاً على القاتل.

فلا يسرف في القتل: أي لا يقتل غير القاتل.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في وصايا الرب تبارك وتعالى والتي هي حكم أوحاها الله تعالى إلى رسوله للاهتداء بها، والكمال والإِسعاد عليها. فقوله تعالى: { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً 1مَّيْسُوراً } أي إن أعرضت عن قرابتك أو عن مسكين سألك أو ابن سبيل احتاج اليك ولم تجد ما تعطيهم فأعرضت عنهم بوجهك أيها الرسول { فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً } أي سهلاً ليناً وهو العدة الحسنة كقولك إن رزقي الله سأعطيك أو عما قريب سيحصل لي كذا وأعطيك وما أشبه ذلك من الوعد الحسن، فيكون ذلك عطاء منك عاجلاً لهم يسرون به، ولا يحزنون. وقوله تعالى: { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ } أي لا تبخل بما آتاك الله فتمنع ذوي الحقوق حقوقهم كأن يدك مشدودة إلى عنقك فلا تستطيع أن تنفق، وقوله: { وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ } أي تفتح يديك بالعطاء فتخرج كل ما بجيبك أو خزانتك فلا تبق شيئاً لك ولأهلك. وقوله: { فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً } أي إن أنت أمسكت ولم تنفق لامك سائلوك إذ لم تعطهم، وإن أنت أنفقت كل شيء عندك انقطعت بك الحياة ولم تجد ما تواصل به سيرك في بقية عمرك فتكون كالبعير الذي أعياه السير فانقطع عنه وترك محسوراً في الطريق لا يستطيع صاحبه رده إلى أهله، ولا مواصلة السير عليه إلى وجهته. وقوله: { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ } أي يوسع على من يشاء امتحاناً له أيشكر أم يكفر ويقدر لمن يشاء أي يضيق على من يشاء ابتلاء له أيصبر أم يضجر ويسخط، { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } فلذا هو يوسع ويضيق بحسب علمه وحكمته، إذ من عباده من لا يصلحه إلا السعة، ومنهم من لا يصلحه إلا الضيق، وقوله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ } أي ومما حكم به وقضى ووصى { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ } أي أطفالكم2 { خَشْيَةَ إِمْلاقٍ } أي مخافة الفاقة والفقر، إذ كان العرب يئدون البنات خشية العار ويقتلون الأولاد الذكور كالإناث مخافة الفاقة فأوصى تعالى بمنع ذلك وقال متعهداً متكفلاً برزق الأولاد وآبائهم فقال: { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم } وأخبر تعالى أن قتل الأولاد { كَانَ خِطْئاً 3كَبِيراً } أي إثما عظيماً فكيف يقدم عليه المؤمن؟.

وقوله: { وَلاَ تَقْرَبُواْ 4ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً5 } أي ومن جملة ما حكم به ووصى أن لا تقربوا أيها المؤمنون الزنا مجرد قرب منه قبل فعله، لأن الزنا كان في حكم الله فاحشة أي خصلة قبيحة شديدة القبح ممجوجة طبعاً وعقلاً وشرعاً، وساء طريق هذه الفاحشة سبيلاً أي بئس الطريق الموصل إلى الزنا طريقاً للآثار السيئة والنتائج المدمرة التي تترتب عليه أولها أذية المؤمنين في أعراضهم وآخرها جهنم والاصطلاء بحرها والبقاء فيها أحقاباً طويلة. وقوله: { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ } أي ومما حكم تعالى به وأوصى أن لا تقتلوا أيها الؤمنون النفس التي حرم الله أي قتلها إلا بالحق، وقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحق الذي تقتل به نفس المؤمن وهو واحدة من ثلاث: القتل العمد العدوان، الزنا بعد الإحصان، الكفر بعد الإِيمان. وقوله { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً 6} أي من قتل له قتيل ظلماً وعدواناً أي غير خطأ فقد أعطاه تعالى سلطة كاملة على قاتل وليه إن شاء قتله وإن شاء أخذ دية منه، وإن شاء عفا عنه لوجه الله تعالى: وقوله: { فَلاَ يُسْرِف7 فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً 8} أي لا يحل لولي الدم أي لمن قتل له قتيل أن يسرف في القتل فيقتل بدل الواحد أكثر من واحد أو بدل المرأة رجلا. أو يقتل غير القاتل، وذلك أن الله تعالى أعطاه سلطة تمكنه من قتل قاتله فلا يجوز أن يقتل غير قاتله كما كانوا في الجاهلية يفعلون.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- العدة الحسنة تقوم مقام الصدقة لمن لم يجد ما يتصدق به على من سأله.

2- حرمة البخل، والإِسراف معاً وفضيلة الاعتدال والقصد.

3- تجلي حكمة الله تعالى في التوسعة على أناس، والتضيق على آخرين.

4- حرمة قتل الأولاد بعد الولادة أو إجهاضاً قبلها خوفاً من الفقر أو العار.

5- حرمة مقدمات الزنا كالنظر بشهوة والكلام مع الأجنبية ومسها وحرمة الزنا وهو أشد.

6- حرمة قتل النفس التي حرّم الله قتلها إلا بالحق والحق قتل عمد عدواناً، وزناً بعد إحصان، وكفر بعد إيمان.9

________________________
1 روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سئل وليس عنده ما يعطي سكت انتظاراً للرّزق يأتي من الله تعالى كراهة الردّ فنزلت هذه الآية. فكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا سئل وليس عنده ما يعطى قال: "يرزقنا الله وإياكم من فضله" فالرحمة في الآية: الرزق المنتظر ولقد أحسن مَنْ قال:
إلاّ تكن ورِق يوماً أجود بها
للسائلين فإني ليّن العودِ
لا يعدم السائلون الخير من خلقي
إمّا نوالي وإمّا حسن مردودي
2 الإملاق: الفقر، وعدم الملك، يقال: أملق الرجل: إذا لم يبق له إلا الملقات، وهي الحجارة العظام المُلس.
3 يقال: خطىء يخطأ خطئاً، وخطأ: إذا أذنب. وأخطأ يُخطىء: خطأً إذا سلك سبيل خطإٍ عمداً.
4 قالت العلماء: قول: {ولا تقربوا الزنى} : أبلغ من قول: ولا تزنوا، فإن معناه لا تدنوا من الزنى والزنى يمدّ ويقصر لغتان.
5 قبح سبيلا إي: طريقاً لأنه يؤدي إلى النار.
6 الولي: هو المستحق الدّم رجلاً كان أو امرأة، والسلطان معناه التسليط فهو إن شاء قتل وإن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية.
7 أي: فلا يقتل غير قاتله، ولا يمثّل بالقتيل، ولا يقتل بالواحد اثنين أو أكثر ولا بالعبد الحر.
8 جملة: إنه كان منصورا: تعليلية أي: علّة للنهي عن الإسراف في القتل.
9 لحديث الصحيحين: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والزاني المحصن والتارك لدينه المفارق للجماعة" وفي السنن: "لزوال الدنيا عند الله أهون من قتل مسلم".




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]